لم يعد مستثمرو العقار في لندن يأبهون بالتقسيم القديم للأحياء الأرستقراطية في مناطق محدودة مثل نايتسبردج وساوث كنسنغتون ومايفير، حيث امتدت جاذبية العقار والمناطق الساخنة الجديدة إلى معظم أحياء لندن. وساهم في ذلك تطور شبكة المواصلات في المدينة وتنفيذ كثير من المشروعات الجديدة وتجديد عدد من أحياء المناطق الشعبية السابقة في جنوب وشرق لندن.
ويقول توم بيل من شركة «نايت فرانك» إن «المشترين لم تعد لديهم حساسية من أي مناطق في لندن ما دام السعر مناسبا فيها». وهو يرى أن كثيرا من المناطق تطورت «تحت الرادار» وأصبحت فجأة ذات جاذبية خاصة. من هذه المواقع منطقة بيزووتر وكوينزواي القريبة من حديقة «هايدبارك».
وتضم هذه المنطقة مشروع «لانكستر» الفاخر الذي تعرض فيه شركة «نايت فرانك» شقة من غرفتين بسعر 3.3 مليون جنيه إسترليني (خمسة ملايين دولار). ولكن معظم المواقع الجديدة تقع في جنوب وشرق لندن.
من ناحيتها، تقول ناتالي هول، مديرة المبيعات والتسويق في شركة «لندن نيوكاسل العقارية» إن «منطقة شرق لندن اشتهرت حاليا بين الشباب، ويفضلها خليط كبير من المشترين يضم صغار المحترفين وكثيرا من الفئات الاجتماعية».
وتؤكد ناتالي لـ«الشرق الأوسط» أن المنطقة ارتقت في شعبيتها خلال العقد الأخير؛ نظرا للمشروعات الجديدة التي نفذت فيها، وشبكة المواصلات الجديدة، والفنون المعمارية المنتشرة في أحيائها. وهي منطقة تتمتع بقربها من مناطق خضراء مفتوحة ومن أسواق المال في حي الـ«سيتي».
وهي تختلف عن منطقة غرب لندن في أن شوارعها حديثة ومغايرة في التصميم، مما يجعلها منطقة جذابة للمعيشة، كما أنها خليط من المشروعات الجديدة والمنازل العتيقة والمخازن، مما يكسبها طبيعة خاصة بها إيحاءات من لندن التاريخية.
وتضيف ناتالي إنه «على الرغم من أن هذه المناطق لم تعد توفر العقارات الرخيصة كما كان الوضع في السابق، فإن هناك كثيرا من الفرص الاستثمارية المتاحة تقل فيها أسعار العقار بنسب تصل إلى 20 في المائة عن المناطق المجاورة». وهي تشير إلى مناطق مثل هاكني ويك، التي يتم تطويرها حاليا، والمناطق المجاورة التي سوف تستفيد من مشروع القطارات السريعة، مثل مناطق وايت تشابل، التي زادت أسعارها في الآونة الأخيرة بالفعل. وهي مناطق بها هوامش نمو قوية نظرا لمواقعها الجيدة.
وفي حين يرى البعض المنطقة موقعا استثماريا جيدا لعقارات التأجير، فإن ناتالي ترى أنها جيدة أيضا للمعيشة فيها؛ فهي منطقة تستضيف بعض أفضل أسواق لندن؛ مثل سوق «كولومبيا رود» للزهور، و«سبيتافيلدز» للأنتيكات، و«برودواي» للمواد الغذائية، و«أكسموث» لأطعمة الشارع، و«سميث فيلدز» للحوم. وتوفر المنطقة كثيرا من الحدائق العامة والمطاعم وقاعات الفنون والتصميم والمدارس المتميزة. وهي تعدد مزيدا من الأحياء الجاذبة لمعيشة العائلات في شرق لندن، تشمل كلا من أولد ستريت، وبيثنال غرين، وبوبلار، وباو، وهاكني، وكلابهام.
وتضيف غريس ليزلي من قسم التسويق في شركة «لندن نيوكاسل»: «من المناطق التي تظهر بقوة الآن في سوق العقار اللندنية منطقة بيكام، التي تقع بين اثنتين من أعرق الجامعات الفنية في بريطانيا، هما جامعتا (كامبرويل كوليدج) للفنون، و(غولدسميث)». وتجذب المنطقة على وجه الخصوص الشباب الذين يقبلون على الدراسة في الجامعتين أو الاطلاع على أحدث مكتبة في المنطقة ضمن مشروع لتطوير منطقة بيكام قيمته 265 مليون جنيه إسترليني (397 مليون دولار). وتعكس المكتبة الطابع المعماري الفني الذي يسود المنطقة حاليا.
وينتشر في المنطقة كثير من المطاعم الجديدة والكافيتريات التي حولت المنطقة من منطقة شعبية إلى منطقة شبه أرستقراطية. ويقبل الشباب حاليا على الشراء في منطقة بيكام، التي يعدونها معقولة الأسعار على الرغم من ارتفاعات الأسعار في الأشهر الأخيرة.
وسوف يدخل على المنطقة مزيد من التحسينات، خصوصا عند محطة بيكام راي، التي سوف تضم ميدانا عاما بحديقة. وهناك اقتراحات بمد خط مترو الأنفاق إلى المنطقة. وتعتقد ليزلي أن المنطقة لها مستقبل واعد مع كل هذه الجهود لتطويرها.
ويشارك ليزلي في الرأي ماثيو كوب من شركة «هاتون العقارية» الذي يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «شرق لندن يوفر فرص استثمار جيدة لمبلغ مليون جنيه إسترليني (1.5 مليون دولار)، حيث يمكن به شراء شقة من غرفة واحدة في منطقة (إي سي 1) أو شقة من غرفتين في منطقة (إي سي 2)».
أما الانتقال إلى منطقة «آي 1» فهو يفتح آفاق شراء شقة من ثلاث غرف بمليون جنيه إسترليني، وهي منطقة تتطور باستمرار ولها مستقبل واعد. وكلما كان التوجه شرقا إلى مناطق «آي 2» و«إي 3»، زادت مساحة العقار الذي يمكن شراؤه بهذا المبلغ. ويمكن بهذا المبلغ أيضا التوجه إلى شمال لندن وإلى غربها، ولكن فرص الحصول على شقة بها أكثر من غرفة نوم واحدة بمبلغ مليون جنيه إسترليني تبدو ضئيلة.
ويعتقد كوب أن كل هذه المناطق سوف تنمو سعريا في المستقبل بفضل مشاريع التنمية والتطوير التي تجرى فيها حاليا. وهو يخص منطقة أولد ستريت التي تجرى فيها مشروعات سكنية قيمتها مليار جنيه إسترليني (1.5 مليار دولار)، حيث يعدها منطقة ناشئة جديدة في لندن. كما يعتقد كوب أن أولد ستريت سوف تنافس مناطق مستقرة في لندن، مثل سوهو وكوفنت غاردن، حيث يريد المشترون الاستقرار والمعيشة فيها.
ويقول سايمون دين، من شركة «آستون تشيس العقارية»: «هناك عدة مشاريع سكنية واعدة في منطقة كوينز بارك بليس القريبة من السوق في المنطقة، وينتهي أحد مشروعات المنطقة في ربيع عام 2016، وتبدأ الأسعار فيه من 535 ألف إسترليني (800 ألف دولار».
ويعتقد دين أن نجاح هذا المشروع يعكس بوجه عام نجاح المنطقة. ويقبل على كوينز بارك مشترون من مناطق أخرى في لندن، مثل نوتينغ هيل، وليتل فينيس، وبريمروز هيل. وهم في أغلبهم ينتقلون من مرحلة التأجير إلى مرحلة الشراء، أو يسعون لشراء عقارات أكبر حجما تناسب توسع عائلاتهم. ويجد هؤلاء ضالتهم في كوينز بارك التي توفر لهم سوقا أسبوعية للمنتجات الغذائية.
وعن مشروع كوينز بارك، تقول غريس ليزلي: «90 في المائة من المشروع قد تم بيعه بالفعل، وكان الطلب من المشترين الراغبين في السكن في عقارات المشروع أو من المستثمرين الذين يعرضون العقارات للتأجير».
وتشتهر المنطقة بأنها مناسبة للعائلات وبها شبكات مواصلات جيدة ومجموعة مطاعم ومحلات عامة، بالإضافة إلى الحديقة العامة. وتبلغ نسبة المشترين لأغراض استثمارية في المشروع نحو 35 في المائة، منها نسبة 19 في المائة لأولياء أمور يشترون عقارات لأبنائهم.
أما جيمس روبنسون، مدير عام شركة «لوروت براند» فله رأي مغاير، حيث يقول لـ«الشرق الأوسط»: «عندما يسألني المستثمرون عن النقاط العقارية الساخنة الجديدة أو أفضل المناطق الواعدة التي يتعين الشراء فيها، فإن إجابتي لا تتغير وهي التوجه للشراء في أقرب المناطق إلى وسط لندن».
وفي ما يتعلق بضواحي لندن يقول: «بعض المناطق تصلح للاستثمار في المدى القصير ويجب الخروج منها قبل تطور الدورة العقارية؛ لأن العقارات في هذه المناطق من الصعب بيعها في سوق تعاني من الكساد».
أما الشراء على المدى الطويل، فالنصيحة منه هي الشراء في أحياء كنسنغتون وتشيلسي أو ويستمنستر، فهذه الأحياء سوف تستمر في النمو بنسب أعلى من الأحياء المجاورة ولن يتغير هذا الوضع في المستقبل. وهو يعترف أن المستثمرين في هذه المناطق يشكون من ضعف العائد الإيجاري بالمقارنة مع الثمن، ولكنه يستطرد بأن نمو قيمة العقار نفسه يعوض ضعف الإيجارات في المنطقة. وهو ينصح بالاستشارة الضريبية في كل الأحوال قبل شراء العقار في بريطانيا.
من الأحياء الأخرى التي ينصح بها الخبراء:
- كرويدون: ارتفعت الأسعار في هذا الحي بنسبة 13 في المائة في العام الأخير؛ وفقا لإحصاءات موقع «زوبلا العقاري»، مما يؤهله لكي ينضم إلى فئة النقاط العقارية الساخنة. وتم افتتاح موقعين للتسوق ومدينة تكنولوجيا في المنطقة، ويمكن رؤية عدد كبير من الرافعات في المنطقة وحول محطة القطار وذلك دليل على سرعة النمو العقاري في المنطقة. ويصل متوسط سعر العقار في كرويدون إلى 310 آلاف جنيه إسترليني (465 ألف دولار).
- إيلنغ برودواي: تتمتع المنطقة بكثير من المساحات الخضراء والمدارس، مما يجعلها مثالية للعائلات. ويجري العمل حاليا على عدد من المشروعات العقارية في المنطقة، مثل مشروع «ديكنز يارد» ومشروع «سينما سكوير»، والأول به 700 شقة، بينما يتكلف الثاني مائة مليون جنيه إسترليني (150 مليون دولار). وهي منطقة ما زالت تحتفظ بمعدلات متوسطة من الأسعار بالمقارنة مع المناطق المجاورة مثل هامرسميث. ويتم الآن تطوير الواجهة التجارية لمنطقة برودواي، لكي تضم كثيرا من الأسماء المشهورة لمحلات تجارية، بالإضافة إلى متاجر صغيرة مستقلة. ويصل متوسط سعر العقار في المنطقة إلى 700 ألف جنيه إسترليني (مليون و50 ألف دولار).
- كامبرويل: هي منطقة متوازنة بين النشاط التجاري والإسكاني بقدر متعادل، وتتخلى المنطقة عن سمعتها السلبية في الماضي وتستقبل مزيدا من الباحثين عن عقارات بأسعار معقولة بعيدا عن مناطق لندن باهظة الثمن. وهي منطقة تجذب الطلبة من جامعة غولدسميث، كما أنها تجذب العائلات بفضل مدارس ابتدائية جيدة فيها. ويقام في المنطقة حاليا كثير من المشروعات السكنية، مثل «كامبرويل فيلدز» الذي يوفر 120 شقة سكنية و41 منزلا على مرحلتين. وهناك اقتراحات لمد خط مترو الأنفاق إلى كامبرويل، مما ينعكس إيجابيا على أسعار العقار في المنطقة. ويبلغ متوسط سعر العقار في كامبرويل نحو 450 ألف جنيه إسترليني (675 ألف دولار).
- ناين إيلمز: تقع بالقرب من مشروع محطة كهرباء باترسي، وتعد من أشهر مناطق التطوير في جنوب لندن، خصوصا بعد انتقال السفارة الأميركية إليها في مبنى جديد يفتتح في عام 2017. وتمتد المنطقة إلى 20 مشروع تطوير يوفر 16 ألف شقة جديدة، منها ثلاثة آلاف شقة لمحدودي الدخل. وسوف تضم المنطقة سوقا جديدة، بالإضافة إلى محطة أنفاق جديدة. ويصل متوسط سعر العقار في المنطقة الآن إلى نحو 658 ألف جنيه إسترليني (987 ألف دولار).
معظم أحياء لندن تتحول إلى نقاط عقار ساخنة
خبراء عقار لـ«الشرق الأوسط»: تطوير البنية التحتية في أنحاء المدينة جعلها أكثر جاذبية
معظم أحياء لندن تتحول إلى نقاط عقار ساخنة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة