سيكون موضوع تعزيز الحضور العسكري الروسي الحالي في سوريا والمخاوف التي يثيرها في المعسكر الغربي ولدى مجموعة الدول الداعمة للمعارضة بمن فيها الدول العربية مطروحًا اليوم خلال اللقاء الذي سيجمع وزيري خارجية فرنسا وروسيا في برلين على هامش اجتماع مخصص لتطورات الوضع في أوكرانيا.
وكما في واشنطن ولندن وعواصم عالمية أخرى، أعربت باريس، بشخص الوزير فابيوس، عن «قلقها» من الخطوات العسكرية الروسية الذي قال بمناسبة حديثين صحافيين، إن قلق فرنسا مصدره أن الخطوة الروسية من شأنها أن «تؤجج الحرب». وفي السياق عينه، شددت مصادر دبلوماسية فرنسية على أن الخطوة الروسية «ستساهم في إطالة عمر النظام السوري وبالتالي تفاقم الأزمة»، مضيفة أنه حري بالطرف الروسي أن يعمل على «المساعدة على تحقيق عملية الانتقال السياسي» في سوريا و«ليس تعزيز الوضع العسكري لنظام الأسد». وترجع المصادر السياسية الفرنسية خطوة موسكو في الوقت الحاضر «لما تراه من تضعضع قوى الأسد وتدهور وضعه الميداني والتالي فإنها تسعى إلى إعادة إيقافه على قدميه»، لا بل إنها ربما «تخشى انهياره السريع». وبكلام آخر، فإن مسارعة موسكو إلى توفير السلاح والعتاد والدعم البشري «لا يمكن فصلها عما سيجري» في وقت من الأوقات لجهة العودة إلى طاولة المفاوضات وحاجة روسيا لأن يكون النظام قادرًا على التفاوض من موقع «مقبول» بحيث تحافظ موسكو على مصالحها الأساسية في سوريا.
بيد أن باريس، بانتظار أن تحصل على معلومات أكثر تفصيلاً عبر اللقاء المقرر اليوم بين فابيوس ولافروف، لا تريد أن تعطي هذه المسألة طابعًا دراماتيكيًا. فقد أشار الوزير الفرنسي إلى أنه إذا كانت روسيا تقدم سلاحًا لنظام الأسد، فإنها فعلت ذلك دائمًا, إذا كان غرضها «الدفاع» عن قاعدة طرطوس البحرية، فإنه «أمر مفهوم». لكنه تساءل: «إذا كان الغرض القيام بعمليات هجومية، فالسؤال هو: ضد من؟».
تقول المصادر الفرنسية، إن باريس «تملك معلومات» عن تعزيز روسيا لوجودها العسكري الأمر، كما أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري قال لفابيوس خلال محادثة هاتفية، إن «لديه معلومات» تؤكد هذا الأمر. وكانت الإدارة الأميركية سربت أخبارًا بهذا المعنى نشرتها صحف أميركية وأجنبية. وكان الوزير سيرغي لافروف «اعترف» في تصريحات أول من أمس وأمس أن السفن والطائرات الروسية تنقل معدات عسكرية وليس فقط مساعدات إنسانية، كما كان يقول سابقًا.
لكن الأوساط الفرنسية تتساءل عن «حجم» تدفق العتاد والسلاح وربما الرجال الروسيين وعن غايته «مساعدة النظام عسكريًا وتمكينه من المحافظة على مواقعه، أو تسديد ضربات عسكرية ضد مواقع (داعش) وغيرها من السيناريوهات المحتملة». وقال فابيوس أمس في حديث صباحي للقناة الإخبارية الفرنسية (بي إف إم): «لنمتنع عن محاكمة الروس على النيات» بمعنى لنتتظر الأفعال. بيد أن باريس، مهما كان السيناريو الأقرب إلى الواقع، ترى في خطوة موسكو «تهديدًا بدفع الحرب إلى مراتب أعلى وعاملاً إضافيًا لإطالة أمدها». ولذا، فإن الخارجية الفرنسية دعت الجانب الروسي إلى التخلي عن هذه النزعة وإلى تكريس الجهود من أجل لإيجاد صيغة مقبولة تعيد الأطراف إلى طاولة المفاوضات وتساعد على الوصول إلى المرحلة الانتقالية السياسية التي تعني، بحسب بيان جنيف لصيف عام 2012 تشكيل سلطة تنفيذية من المعارضة والنظام والمحافظة على بنى الدولة السورية وعدم تسليم سوريا لداعش وأخواتها.
وفي أي حال، تتساءل المصادر الفرنسية عن «التوقيت» الروسي وعن المفارقة بين سعي موسكو، من جهة، لتحريك الوضع سياسيًا ودبلوماسيًا من خلال التواصل مع المعارضة والنظام ومحاولتها دفع المعارضة «غير داعش والنصرة» إلى بلورة قاعدة سياسية مشتركة تمهيدًا للمفاوضات مع النظام وانفتاحها على السعودية والإمارات والأردن فضلاً عن تواصلها مع تركيا وإيران وفي الوقت عينه لجوئها إلى تعزيز الحضور العسكري الذي من شأنه أن يعيق جهودها الدبلوماسية ويثير الشكوك إزاء صدق أغراضها. كذلك تتساءل هذه المصادر عن «الجدوى» في التصعيد، بينما تظهر الدول الأوروبية المعنية بالنزاع «ليونة» في المواقف إزاء مصير الأسد. وأبرز ما جرى في هذا السياق كلام وزير الخارجية البريطاني هاموند الذي رأى أن بلاده «لا ترى مانعًا» في أن يلعب الأسد دورًا في الفترة الانتقالية «القصيرة»، فيما قال الرئيس هولاند في مؤتمره الصحافي الأخير إنه ينبغي على الأسد أن يترك المسرح السياسي «في مرحلة من مراحل» عملية الانتقال السياسي ما يعني أن باريس ولندن «يضاف إليهما إسبانيا والنمسا» لم تعد تطالب برحيل الأسد كشرط مسبق للسير بالعملية السياسية.
يوم الثلاثاء الماضي، قامت الطائرات الفرنسية بناء على أوامر من رئيس الجمهورية بأول طلعاتها الاستطلاعية فوق الأراضي السورية تمهيدًا للقيام بضربات جوية ضد «داعش». بموازاة ذلك، أعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أنه يخطط للقيام بعمل مشابه في حال موافقة مجلس العموم. وثمة معلومات عن رغبة روسية في التدخل الجوي في سوريا ضد «داعش» كذلك. وإذا تحققت كل هذه المبادرات، فإن أربعًا من الدول النووية دائمة العضوية في مجلس الأمن تكون ضالعة في عمليات جوية «وربما برية» في سوريا. والتخوف هو أن الدول الأربع التي تتفق على محاربة «داعش» تختلف بشأن النظام ومصير رئيسه وتدعم طرفين يتحاربان ميدانيًا. ولذا، فإن سوء التصرف أو سوء تفسير تصرف ما من شأنهما أن يجرا ربما إلى مواجهات يمكن أن يعرف كيف تبدأ ولا أحد يعرف كيف يمكن أن تنتهي. وهنا مكمن خطر آخر لا يريد أحد، من الناحية المبدئية، وقوعه.
باريس «قلقة» من الحضور العسكري الروسي في سوريا.. ووزير خارجيتها يحاول تنفيس الاحتقان
الوزيران فابيوس ولافروف يبحثان اليوم في برلين التعزيزات العسكرية الروسية في سوريا
باريس «قلقة» من الحضور العسكري الروسي في سوريا.. ووزير خارجيتها يحاول تنفيس الاحتقان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة