مشكلة الألغام وذخائر الأسلحة والقنابل غير المتفجرة، في المحافظات المحررة من ميليشيات الحوثي وقوات الرئيس صالح، تعد واحدة من القضايا المؤرقة للسكان، في المحافظات الجنوبية التي غادرتها الميليشيات، تاركة خلفها آلاف الألغام والمقذوفات الحربية، القابلة للانفجار في أي لحظة، محيلة فرحة الانتصار إلى مأتم وحزن عميق، على أطفال ونساء ورجال، أخذتهم غيلة ألغام وذخائر وقنابل، زرعتها عنوة ميليشيات همجية بربرية، في طرقهم ومساكنهم ومزارعهم ومدنهم وقراهم.
وقال العميد فضل عبد الله الحريري، المتخصص في الهندسة العسكرية الميدانية، لـ«الشرق الأوسط»، إن الحصيلة الأولية لرفع الألغام والقذائف وغيرها من مخلفات الحرب التي تركتها ميليشيات الحوثي وصالح الإجرامية، وفق تعبيره، في محافظتي عدن ولحج، جنوب اليمن، للفترة من 3 أغسطس (آب) إلى 17 أغسطس فقط، بلغت على النحو الآتي: ألغام مضادة للدبابات «703 ألغام».. ألغام مضادة للأفراد «102 لغم».. ألغام صناعة محلية حوثية منوعة «252 لغما».. قذائف مدفعية منوعة «295 قذيفة».. صواعق وفيوزات وطلقات رشاشات مختلفة «402».. قنابل يدوية منوعة «16 قنبلة».. قنابل يدوية محلية حوثية مبتكرة «6 قنابل».. صواريخ منوعة «15 صاروخا».. عبوات ناسفة «31 عبوة».. حشوات دافعة «حشوتان».
وأضاف الحريري أن إجمالي ما تم كشفه ونزعه وإبطاله 1820 جسما متفجرا، مشيرا في هذا السياق إلى أن العمل ما زال مستمرا لإزالة هذه الألغام والمتفجرات، لافتا إلى أن هناك فرقا هندسية تعمل في محافظتي أبين والضالع.
وأشار إلى أن هذه الكمية الأولية تم إبطالها واستخراجها، جزء منها تم تحت نيران الميليشيات، والبعض الآخر بعد انسحابها، وما زالت الفرق الهندسية تؤدي واجبها الوطني والإنساني، حتى اللحظة الراهنة التي تقوم فيها فرق سلاح الهندسة بمهمتها النبيلة.
وأوضح الدكتور الخضر لصور، مدير عام الصحة والسكان، لـ«الشرق الأوسط»، إن ضحايا الألغام في محافظة عدن 98 قتيلا و313 جريحا، مشيرا إلى أن معظم الضحايا كانوا في مناطق أطراف عدن. وأكد مختصون بكشف ونزع الألغام أن المناطق الملغومة في عدن هي البساتين، ورأس عمران، وفقم، ودار سعد، وبئر فضل، وجعولة، والمصعبين، والممدارة، وحي الفيروز، والمحاريق، ومحيط مطار عدن الدولي.
وأشاروا إلى أن ميليشيات الحوثي، وقبل انسحابها من مناطق في محافظات الضالع ولحج وعدن وأبين، جنوب اليمن، عمدت لزرع الآلاف من الألغام في هذه المناطق. ولفتوا إلى أن الميليشيات الحوثية لم تسلم الفرق الهندسية خرائط بهذه الألغام المزروعة، وهو ما انعكس سلبا على عملية كشفها ونزعها بسرعة وأمان. وكانت الأمطار والسيول، كشفت عن وجود عشرات الألغام في محافظات أبين ومأرب وإب وتعز والضالع، وهي الألغام التي ﺯرعتها ميليشيات الحوثي وقوات الرئيس السابق صالح.
وقال سكان محليون في مدن زنجبار وشقرة والكود، لـ«الشرق الأوسط»، إن الميليشيات وقوات صالح وقبل إخراجها من محافظة أبين قامت بزرع الألغام في الطرقات الترابية والأراضي وملاعب الأطفال وساحات المدارس. وأضافوا أنهم صدموا حين رؤيتهم لتلك الألغام وهي بادية للعيان عقب هطول الأمطار ﻭﺍﻟﺴيوﻝ.
ولم تقتصر هذه الألغام على محافظات الجنوب، بل حيثما وجدت هذه الميليشيات، ففي محافظات الشمال قتل وجرح العشرات من الضحايا، جراء هذه الألغام والمخلفات التي تركتها الميليشيات في المواقع المنسحبة منها، فخلال الفترة القليلة الماضية سجلت حالات وفاة وإصابة في محافظات تعز ومأرب وإب والبيضاء.
وبحسب إفادات السكان في محافظة مأرب، شرق اليمن، لـ«الشرق الأوسط»، فإنهم أوضحوا أن ميليشيات الحوثي زرعت الألغام في المواقع المنسحبة منها وفي المزارع، الخاصة بالأهالي في مناطق صرواح والجدعان، غرب وشمال محافظة مأرب. وأشاروا إلى أن ما حدث في محافظة أبين حدث أيضا في محافظتهم، إذ كانت مياه السيول قد جرفت الكثير من الألغام الفردية المحظورة دوليا في مناطق الجدعان، بعد أن قام الحوثيون بزراعتها في الأودية والطرقات. وفي محافظة تعز، جنوب غربي اليمن، زرعت ميليشيات وقوات الرئيس المخلوع الألغام في الطرقات، وفي الأماكن المهمة التي يسيطرون عليها.
وكشف مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا»، في تقرير حديث، عن 260 حالة تشوه لأطفال و199 صبيا و61 فتاة، لافتا إلى أن عدد الأطفال الذين قتلوا وصل إلى 135 طفلا (105 فتيان و30 فتاة).
وكان طيران التحالف استهدف في مايو (أيار) الماضي مصنعا محليا للألغام في محافظة صعدة، معقل الميليشيات الحوثية، شمال غربي اليمن. وقالت لجنة الإغاثة والمتابعة لضحايا الحرب في محافظات الجنوب، والمكلفة من الحكومة اليمنية، إن الألغام الأرضية التي زرعها الحوثيون في عدد من محافظات الجنوب حصدت ما لا يقل عن 100 قتيل، و225 جريحا، خلال شهر يوليو (تموز) المنصرم فقط.
وأشارت اللجنة، من مكتبها المؤقت في العاصمة الأردنية عمّان، إلى أن هذه الألغام والذخائر تم زرعها في الطرق العامة وبعض الشوارع داخل المدن، ونتيجة لذلك كان تضرر المدنيين يفوق بشكل كبير تضرر أفراد الجيش ورجال المقاومة. وأوضحت اللجنة أن بعض التقارير الميدانية أشارت إلى أن ميليشيات الحوثي قامت بزرع الألغام في بعض المناطق السكنية والقرى الريفية على امتداد المحافظات الجنوبية الأربع - عدن وأبين والضالع ولحج - التي تم تحريرها من هذه الميليشيات. وذكر التقرير الحكومي أن مشكلة الألغام لم تقتصر على المحافظات الأربع المذكورة فقط، بل طالت محافظات وسط اليمن أيضا، حيث ظهرت حوادث الألغام الأرضية في كل من تعز والبيضاء ومأرب وشبوة.
وكانت منظمة «هيومان رايتس ووتش» حملت جماعة الحوثي مسؤولية زرع ألغام محظورة مضادة للأفراد، في مدينة عدن الساحلية قبل أن تنسحب. وقال ستيف غوس، مدير شؤون الأسلحة في المنظمة، إن اليمن يحظر مثل معظم الدول الأخرى استخدام الألغام المضادة للأفراد، لذلك فإن استخدام هذه الأسلحة العشوائية في الجنوب يبعث على القلق الشديد، مطالبا جماعة الحوثي بالتوقف فورا عن استخدام الألغام المضادة للأفراد، واحترام التزامات اليمن كطرف في معاهدة حظر الألغام.
وكشف مسؤولون عن نزع الألغام في اليمن، لـ«هيومان رايتس ووتش»، أنهم شرعوا في عملية طارئة لإزالة الألغام الأرضية والمتفجرات، التي خلفتها الحرب في عدد من الأحياء السكنية، التي كانت تحت سيطرة الحوثيين في عدن، ومنها خور مكسر، والمدينة الخضراء في مدين دار سعد، وبير أحمد، وعمران، شمال غربي عدن.
وأضاف المسؤولون أن فرع نزع الألغام في عمران نزع في اليوم الأول أكثر من 140 لغما بحلول 12 أغسطس، وقامت الفرق بإزالة 91 لغما مضادا للأفراد، تنقسم إلى نوعين في عدن، و666 لغما مضادا للعربات و316 عبوة ناسفة بدائية الصنع، وعدد من القنابل اليدوية والقذائف والصواعق. كما قال المسؤولون إن عربات ومعدات الحماية وأغراضا أخرى تابعة لهم نهبت أثناء المعارك الأخيرة.
وأكدت «هيومان رايتس ووتش» أنه منذ انسحاب مسلحي الحوثي من عدن لم تتوافر أي أدلة تبرز أن مقاتلين جنوبيين أو أعضاء عناصر في التحالف الذي تقوده السعودية استخدموا ألغاما، مبينة أنه توجد حاجة ماسة إلى مساعدة دولية عاجلة، لتجهيز موظفي نزع الألغام ومساعدتهم على مسح الألغام والمتفجرات التي خلفتها الحرب، وإزالتها من عدن والمناطق اليمنية الأخرى التي شهدت قتالا مع تقديم تعويضات كافية ومساعدات ودعم للذين أصيبوا أو قتلوا في انفجار ألغام وعائلاتهم، وجميع ضحايا الألغام الأرضية الآخرين في اليمن.
وفي محافظة الضالع، جنوب اليمن، قام فريق هندسي مكون من الضباط السابقين بتطهير الأرض من الألغام التي زرعتها الميليشيات قبل انسحابها.
مئات القتلى والجرحى ضحايا الألغام خلال 30 يومًا
«هيومان رايتس» تحمل ميليشيات الحوثي مسؤولية زرع ألغام محظورة في محافظات الجنوب

ألغام وقذائف من مخلفات الحرب التي تركتها ميليشيات الحوثي وصالح في عدن («الشرق الأوسط»)
مئات القتلى والجرحى ضحايا الألغام خلال 30 يومًا

ألغام وقذائف من مخلفات الحرب التي تركتها ميليشيات الحوثي وصالح في عدن («الشرق الأوسط»)
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة