ائتلاف المالكي يهرب من تفاهمات سرية مع قطر.. ويتراجع عن جمع توقيعات إقالة الجبوري

بعد الكشف عن إيفاد العبادي اثنين من قياديي حزب الدعوة إلى الدوحة قبل مؤتمر المعارضة بيومين

سليم الجبوري
سليم الجبوري
TT

ائتلاف المالكي يهرب من تفاهمات سرية مع قطر.. ويتراجع عن جمع توقيعات إقالة الجبوري

سليم الجبوري
سليم الجبوري

لا يبدو على رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري أي اهتمام بالضجة التي يثيرها ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء السابق ونائب رئيس الجمهورية المقال نوري المالكي منذ أيام على خلفية زيارته إلى دولة قطر بالتزامن مع عقد مؤتمر لمعارضين سياسيين عراقيين.
أطراف من ائتلاف دولة القانون انهمكت طوال الأيام الماضية بجمع توقيعات من أجل إقالة الجبوري.. الأمر الذي فسره القيادي في تحالف القوى العراقية عصام العبيدي في حديث لـ«الشرق الأوسط» بأنه «يهدف إلى إعادة إنتاج منظومة الفشل السياسي التي كانت تقوم طوال حكم المالكي الذي استمر 8 أعوام على التخوين وعمليات الشد والجذب والمناكفات السياسية بهدف صرف الأنظار عن المشكلات والأزمات الحقيقية التي تمر بها البلاد».
لكن المفاجأة التي لم يكن يتوقعها المالكي نفسه وعدد من أقطاب حزب الدعوة الذين هم ما زلوا مؤيدين له تتمثل فيما تم الكشف عنه عن إيفاد رئيس الوزراء حيدر العبادي اثنين من القياديين في الحزب، الذي ينتمي إليه هو أيضا، وهما طارق نجم (مدير مكتب المالكي السابق) وصادق الركابي (عضو البرلمان الذي كان عمل سفيرا للعراق لدى قطر) إلى الدوحة قبل يومين من انعقاد مؤتمر المعارضة. وقال مصدر مطلع في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك عددا من أقطاب حزب الدعوة مكلفون أصلا بالاتصال مع الجهات المعارضة ومن بينهم طارق نجم وصادق الركابي بالإضافة إلى القيادي البارز الآخر في الحزب عبد الحليم الزهيري، فضلا عن النائب السابق في ائتلاف دولة القانون من خارج قيادات الدعوة عزت الشابندر»، مشيرًا إلى أن «هؤلاء يملكون علاقات مع أطراف معارضة لكنهم وباتفاق مع المالكي أيام حكمه لا يتحركون في الغالب بصفة رسمية، وهو ما يعني أنه في حال فشلهم في التوصل إلى شيء لا يحسب ذلك على المالكي وفي حال حققوا نتائج إيجابية تحسب له».
وردًا على سؤال بشأن التناقض حول وجود تفاهمات سرية مع قطر من قبل أطراف في الحكومة العراقية وبين التصعيد ضد رئيس البرلمان وشكوى العبادي نفسه من أن المؤتمر الذي عقد في الدوحة لم يجر بتنسيق مع العراق، قال المصدر إن «المشكلة التي يعاني منها حزب الدعوة إنه يعمل على طريقة (أنا وأخي على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب)، فهم ليسوا موحدين كحزب واحد بعد ترشيح العبادي لمنصب رئيس الوزراء بدلا من المالكي، حيث إن موقف حزب الدعوة هنا انقسم بين مؤيد للعبادي بوصفه من نفس الحزب وبالتالي بقاء السلطة التنفيذية بيد الدعوة بصرف النظر عن الأشخاص، وبين مؤيد للمالكي من قبل أطراف بالدعوة لجهة أن العبادي يمكن أن يذهب بعيدا في التفاهمات مع الآخرين بما يفقد الحزب سلطته في مرحلة لاحقة قد لا تستمر طويلاً حيث هناك بين قيادات ائتلاف دولة القانون من راهن على فشل العبادي في الإصلاحات رغم أن هذا الفشل فيما لو حصل لا يعني عودة المالكي إلى السلطة ثانية».
ويضيف المصدر المطلع أن «تسريب اسمي طارق نجم وصادق الركابي اللذين كانا من أقرب المقربين إلى المالكي كونهما ذهبا إلى قطر بتكليف من العبادي دون معرفة الدعوة وائتلاف دولة القانون أحبط الاستمرار في عملية جمع التواقيع لسحب الثقة من الجبوري مع الاستمرار في إثارة الضجة حول زيارة الجبوري من أجل التغطية على زيارة نجم والركابي وتأثيرها على مستقبل الدعوة كحزب موحد».
القيادي في تحالف القوى العراقية عصام العبيدي يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «كل ما يجري الآن هو محاولة لكنها فاشلة لصرف الأنظار عن الغليان الداخلي الذي يجري التعبير عنه بالتظاهرات والاحتجاجات الجماهيرية والتي ترفع شعارات مكافحة الفساد وإحالة كبار الفاسدين إلى القضاء». ويضيف العبيدي أن «إعادة عقارب الساعة إلى الوراء محاولة لن يكتب لها النجاح علمًا أن هذه الأطراف كانت تبحث عن ذريعة لكي تعلن مشروعها القاضي بإفشال التظاهرات الجماهيرية وذلك بإثارة زوبعة هم يعرفون قبل غيرهم أنها سوف تكون زوبعة في فنجان»، مؤكدًا أن «تحالف القوى العراقية لديه موقف موحد من هذا الأمر، علما أنه سبق أن عقدت مؤتمرات كثيرة في عدة دول لم تثر حولها هذه الضجة».
من جهته، أبدى رئيس البرلمان استعداده للإجابة عن أسئلة تخص زيارته الأخيرة إلى دولة قطر. كما أعلن عن تخويل لجنتي العلاقات الخارجية والمصالحة في البرلمان بتشكيل لجنة لتقصي حقائق العلاقات مع الدول العربية.
مع ذلك، فإن ائتلاف المالكي لا يزال يعلن موقفا معارضا من الزيارة. وقال النائب عن ائتلاف دولة القانون خالد الأسدي خلال مؤتمر صحافي عقده في مبنى البرلمان أمس إنه «في الوقت الذي تخوض القوات المسلحة والحشد الشعبي والبيشمركة والعشائر حربا ضد عصابات (داعش) دفاعا عن العراق، طالعتنا دولة قطر بتجميع عناصر بعثية طائفية ووجهت الدعوة إلى عدد من السياسيين العراقيين في طليعتهم رئيس مجلس النواب وعدد من أعضاء المجلس»، عادًا هذا المؤتمر «تدخلا سافرًا في شؤون العراق».
وأضاف الأسدي، أن «زيارة رئيس مجلس النواب وعدد من أعضاء المجلس إلى قطر في نفس يوم المؤتمر هو خرق لوثيقة الاتفاق السياسي»، مؤكدًا على «رئيس مجلس النواب سليم الجبوري تقديم تفسير بهذا الشأن».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.