تحسنت تقارير التوظيف بشكل كبير مؤخرا، غير أن ذلك لا يشكل مفاجأة في الحقيقة، إذ إن أعداد الوظائف مستمرة في الازدياد منذ العام الماضي على أقل تقدير.
إذن ما هو الجديد في هذا التقرير عن الوظائف الذي يجعله مختلفا عن أي تقارير سابقة؟ بالطبع، يرجع السبب إلى أن التقرير استند إلى أحدث قراءة لحالة السوق قبل اجتماع مصرف الاحتياطي الفيدرالي يومي 16 و17 سبتمبر (أيلول) الحالي، وليقرر ما إذا كان الوقت قد حان لتطبيق أول زيادة خلال العشر سنوات الماضية على نسبة الفائدة على الودائع المصرفية.
لم يشتمل تقرير الوظائف على ما يمكن أن يرجح إلى أن كفة الميزان تميل لصالح مصرف الاحتياطي الفيدرالي بطريقة أو بأخرى. فمعدلات البطالة تدنت لتصل إلى 5.1 في المائة، وهو أدنى معدل منذ فترة «الكساد العظيم» عام 2008. وجاءت قائمة الرواتب التي أضيفت في أغسطس (آب) الماضي والتي شملت 173 ألف وظيفة دون مستوى توقعات المحللين بقليل، غير أن المراجعة التي جرت للشهور السابقة كانت إيجابية، إذ إن معدلات ساعات العمل زادت بنسبة 0.3 في المائة.
ودأب مصرف الاتحاد الفيدرالي خلال العامين الماضيين على تأكيد اعتماد البنك على البيانات، وهو الرد أو الدفاع المناسب الذي يلجأ إليه مسؤولو المصرف في حال أرادوا التهرب من سؤال غير مرغوب فيه. (مثال لسؤال: متى سترفعون سعر الفائدة على الودائع؟ عندما تساعد البيانات على اتخاذ هذا الإجراء).
لكن البيانات، بما فيها تلك الصادرة الجمعة الماضية، لم تشكل مفاجأة تجعل كفة الميزان تميل ناحية قرار ما هنا أو هناك. وفي حال وجود دليل ما على أن الوظائف والأجور تتجه للارتفاع، فسوف يسهم ذلك في الدفع باتجاه رفع نسبة الفائدة. إلا أن ذلك لم يحدث، وبدلا من ذلك فإننا نسمع نفس القصة المكررة عن الاقتصاد التي اعتدنا سماعها على مدى شهور.
ويعني ذلك أن الاعتماد على البيانات لم يعد ذا تأثير، فنحن الآن في مرحلة أصبحت فيها اليد العليا للبيانات التحليلية التي تقدمها جانيت يالين، مدير المصرف الاحتياطي الفيدرالي، وزملاؤها. وهنا يبرز تساءلان في حاجة إلى إجابة قبل اتخاذ قرارات:
السؤال الأول: هل سوق العمل الآن مزدحمة للدرجة التي نتوقع بعدها حدوث التضخم، حتى وإن بدت مؤشرات ذلك في الوقت الحالي ضئيلة؟
- معدل البطالة البالغ 5.1 في المائة الآن في مرحلة يعتبرها مصرف الاحتياطي الفيدرالي مرحلة البطالة المستدامة طويلة الأمد. ويعني ذلك أنه بهذا الشكل سوف تبدأ الأجور في الارتفاع قريبا. لكن في العام الأخير، زادت عدد ساعات العمل للعاملين في القطاع الخاص بواقع 2.2 في المائة، وهو ما يرقى بالكاد لمستوى الزيادة المأمولة.
يجادل المشككون في ارتفاع نسبة الفائدة في أن معدلات البطالة المنخفضة يخفي خلفه الملايين من العمال الراغبين في العودة مجددا لسوق العمل. هل تقتنع بمثل هذا الجدل، أم تعتقد أن الأجور المرتفعة صحيحة كما يتوقع النموذج؟
السؤال الثاني: إلى أي مدي تؤثر التوترات الجديدة في السوق المالية وفى الاقتصاد العالمي على السياسة المالية الأميركية؟
من المؤكد أن حركة البيع الكبيرة في الأسواق المالية العالمية خاصة في الأسابيع الثلاثة الأخيرة، وفى ظل الأزمة الاقتصادية في الصين، سوف تؤثر على الاقتصاد الأميركي. ويعنى تباطؤ السوق المالية أن الأميركان أقل ثراء، وبناء عليه سوف ينفقون بمعدلات أقل. ويعنى بيع سندات الشركات أن تكاليف الاقتراض الآن باتت أعلى بالنسبة للكثير من الشركات الأميركية مقارنه بالشهر الماضي.
بمعنى آخر، إذا كان مصرف الاحتياطي الفيدرالي يسعى للتشديد في اشتراطاته النقدية عن طريق زيادة نسبة الفائدة، فمعنى ذلك أنه بمقدور الأسواق العالمية أن تفعل ذلك نيابة عنه.
من المهم ألا ينقاد مصرف الاحتياطي الفيدرالي عن طريق تقلبات السوق الراهنة في سوق الأوراق المالية، وعليه أن يتخذ قراراته بناء على ما يحدث في الاقتصاد الحقيقي، لا على ما يحدث في وول ستريت. غير أن ما يحدث في وول سترير يؤثر على الاقتصاد الحقيقي، ولذا لا يستطيع المصرف تجاهل الأسواق تماما. اللحظة الحالية تعتبر مهمة للسيدة ألين ولزملائها لكي يقرروا أيا من هذه الحقائق تعتبر الأكثر أهمية.
بالنسبة لمصرف الاحتياطي الفيدرالي، عادة ما يكون السؤال كالتالي: «كيف يسير الاقتصاد؟» نعلم الإجابة على هذا السؤال، وعدد الوظائف الجديدة فقط يؤكد ذلك. وفى خلال الأسبوعين الماضيين، تعلمنا من السيدة «أيلين» ومن زملائها الإجابة على مثل تلك الأسئلة المعقدة إلى حد ما.
*خدمة «نيويورك تايمز»
تقرير الوظائف الأميركية الإيجابي يحرج البنك المركزي
البيانات لا ترجح كفة رفع سعر الفائدة أو الإبقاء عليها
تقرير الوظائف الأميركية الإيجابي يحرج البنك المركزي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة