القضاء الإداري في مصر يربك الجدول الزمني للانتخابات البرلمانية المتعثرة

بعد حكم أبطل قرارًا بتعديل دوائر.. وآخر رفض الاعتداد بنتائج فحوص طبية قديمة

مرشحون مصريون يقدمون أوراق ترشحهم للانتخابات البرلمانية في العاصمة القاهرة (أ.ف.ب)
مرشحون مصريون يقدمون أوراق ترشحهم للانتخابات البرلمانية في العاصمة القاهرة (أ.ف.ب)
TT

القضاء الإداري في مصر يربك الجدول الزمني للانتخابات البرلمانية المتعثرة

مرشحون مصريون يقدمون أوراق ترشحهم للانتخابات البرلمانية في العاصمة القاهرة (أ.ف.ب)
مرشحون مصريون يقدمون أوراق ترشحهم للانتخابات البرلمانية في العاصمة القاهرة (أ.ف.ب)

أربك حكمان للقضاء الإداري في مصر الجدول الزمني المقرر للانتخابات البرلمانية المتعثرة منذ أكثر من عام. وبينما تفاعلت اللجنة العليا للانتخابات سريعًا مع حكم بطلان قرارها بالاعتداد بنتائج فحص طبي أجراه المرشحون قبل شهور، بتخصيص ثلاثة أيام إضافية لتقديم نتائج فحوص جديدة، لا يزال من غير المعروف كيف ستتعامل مع حكم آخر ببطلان قرار من مجلس الوزراء بتعديل دوائر انتخابية في القاهرة والصعيد.
وقال مصدر قضائي إن اللجنة العليا للانتخابات، المشكَّلة من قضاة، قررت تمديد فترة تقديم أوراق الترشح في الانتخابات ثلاثة أيام. وكان مزمعًا إغلاق باب الترشح يوم 12 من الشهر الحالي.
وأوضح المصدر أن اللجنة وجهت رؤساء لجان الفحص وتلقي طلبات الترشح إلى سرعة الاتصال بطالبي الترشح المتقدمين بطلبات الترشح لتقديم كشوف طبية حديثة حتى تستكمل المستندات اللازمة للمرشحين، لافتا إلى أن أيام التمديد تقتصر فقط على تلقي التقارير الطبية.
وأعلن عن فتح باب الترشح في الانتخابات البرلمانية في مصر مطلع العام الحالي، وقبلت اللجنة العليا للانتخابات أوراق المرشحين، بعد أن تقدموا بنتائج فحص طبي لازم القبول، لكن المحكمة الدستورية العليا قضت في مارس (آذار) ببطلان قانون تقسيم الدوائر أدى إلى إرجاء الانتخابات.
واستجابت اللجنة العليا لمطالب المرشحين بالاعتداد بنتائج الفحوص الطبية التي سبق أن تقدموا بها للجنة، لكن حكم يوم أمس أبطل قرار اللجنة، مما يعني أنه سيكون على المرشحين التقدم بنتائج فحوص طبية جديدة.
ودعت اللجنة العليا للانتخابات المصريين للاقتراع في الانتخابات البرلمانية على مرحلتين، وتشمل المرحلة الأولى 14 محافظة، وينطلق الاقتراع فيها يومي 17 و18 أكتوبر (تشرين الأول) بالنسبة للمصريين في الخارج، وبالداخل يومي 18 و19 من الشهر نفسه، فيما تنطلق مرحلتها الثانية التي تشمل 13 محافظة بالخارج يومي 21 و22 نوفمبر (تشرين الثاني)، وبالداخل 22 و23 من الشهر نفسه.
وتعد الانتخابات النيابية المقبلة آخر استحقاقات خارطة المستقبل التي أقرها قادة الجيش بالتوافق مع قوى سياسية ورموز دينية عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، على خلفية مظاهرات حاشدة ضد حكمه. وتعيش مصر بلا برلمان منذ عام 2012.
وبينما عالجت اللجنة العليا للانتخابات آثار الحكم الأول، لم يتضح بعد تأثير الحكم الثاني والقاضي ببطلان قرار مجلس الوزراء تعديل دوائر انتخابية في محافظتي القاهرة وقنا (صعيد البلاد).
وأقر الرئيس عبد الفتاح السيسي تعديل قانون تقسيم الدوائر الانتخابية في يوليو (تموز) الماضي، ونشر في الجريدة الرسمية، وهو إجراء ملزم، لكن مجلس الوزراء نشر استدراك على القانون.
ويحق لمجلس الوزراء أو الوزير المختص استدراك القوانين المنشورة لتعديل أخطاء لغوية، دون إدخال تعديلات جوهرية على مواد القانون.
وشكا وزير العمل السابق كمال أبو عيطة لـ«الشرق الأوسط» من إسراف الحكومة الحالية في إدخال تعديلات على القانون تحت اسم «الاستدراك»، واصفا الإجراء بـ«الافتئات على سلطة المشرع».
وقال اللواء رفعت قمصان مستشار رئيس الوزراء لشؤون الانتخابات لـ«الشرق الأوسط» إن ما نُشر من استدراك كان تصحيحا لخطأ مادي، ورفض قمصان التعليق على الحكم موضحا أنه لم يطلع بعد على حيثياته.
وأوضحت المحكمة في حيثيات حكمها أن «قرار رئيس الجمهورية تضمن تحديد الدائرة السابعة لمحافظة القاهرة، وهي دائرة مدن شرق القاهرة، ومقرها قسم أول القاهرة الجديدة، ومكوناتها الإدارية أقسام أول وثاني وثالث القاهرة الجديدة ومدينة الشروق ومدينة بدر وعدد مقاعدها 2، أما محافظة قنا الدائرة الأولى دائرة مركز ومدينة قنا فمكوناتها الإدارية مركز قنا وقسم قنا وعدد مقاعدها 3، والدائرة الثانية بقنا دائرة قوص وقفط ومقرها مركز قوص، ومكوناتها الإدارية مراكز قوص وقفط وعدد مقاعدها 3».
وتابعت: «فيما تضمن قرار رئيس الوزراء المنشور في الجريدة الرسمية، تحت اسم استدراك بشأن تعديل تقسيم دوائر انتخابات مجلس النواب، ووقوع خطأ مادي تمثل في أن الدائرة السابعة بمحافظة القاهرة تضمنت مقعدا واحدا فقط، والدائرة الأولى بقنا حصدت 4 مقاعد، والثانية بقنا مقعدين، بما يخالف قرار رئيس الجمهورية»، قالت المحكمة في أسباب حكمها إن «الدستور لم يسند للحكومة مجتمعة ولا لرئيسها أو أحد أعضائها وفقا للتحديد الوارد بالمادة 163، سلطة تشريع القوانين، فلا يملك مجلس الوزراء ولا رئيسه أو نوابه أو الوزراء أو نوابهم أو أي من العاملين بالسلطة التنفيذية سلطة التشريع، فليس لهم الحق في إصدار قوانين أو قرارات بقوانين أو تعديل القوانين أو القرارات بالقوانين السارية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».