سوريا: تهدئة في السويداء.. والنظام يتهم درزياً باغتيال «البلعوس»

مصدر في المعارضة: المتهم «أبو ترابة» لا يمت لـ«النصرة» بصلة

مقاتل في الجيش السوري الحر يتحدث إلى أحد سكان منطقة مدمرة بفعل القصف في حلب القديمة شمال سوريا (رويترز)
مقاتل في الجيش السوري الحر يتحدث إلى أحد سكان منطقة مدمرة بفعل القصف في حلب القديمة شمال سوريا (رويترز)
TT
20

سوريا: تهدئة في السويداء.. والنظام يتهم درزياً باغتيال «البلعوس»

مقاتل في الجيش السوري الحر يتحدث إلى أحد سكان منطقة مدمرة بفعل القصف في حلب القديمة شمال سوريا (رويترز)
مقاتل في الجيش السوري الحر يتحدث إلى أحد سكان منطقة مدمرة بفعل القصف في حلب القديمة شمال سوريا (رويترز)

تصدى نظام بشار الأسد لتداعيات اغتيال الشيخ الدرزي المعارض وحيد البلعوس قبل أيام، عبر إعلانه، أمس، عن إلقاء القبض على عنصر من «جبهة النصرة»، معلنًا أنه اعترف بتنفيذ تفجيري السويداء (جنوب) وبالمشاركة في الحوادث التي تلتهما، وسط تشكيك من قبل المعارضة بهذا الإعلان، معتبرة أن الحديث عن اعترافات «يهدف إلى تهدئة الاحتقان في المنطقة»، كما قال مصدر درزي سوري معارض لـ«الشرق الأوسط».
وتزامنت الاعترافات مع رغبة من فعاليات السويداء ومشايخها بالتهدئة، وسط «رغبة عامة لدى مشايخ الدروز بعدم الاصطدام بين أبناء الطائفة، وخصوصًا بين معارضي النظام وعناصر قوات الدفاع الوطني وكتائب البعث»، بحسب المصدر «فضلاً عن أنهم يحضرون لتشييع الشيخ البلعوس» من غير تحديد توقيت لتشييعه في السويداء.
وأفادت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) أمس، بـ«إلقاء الجهات المختصة في السويداء اليوم (أمس) القبض على الإرهابي الوافد أبو ترابة الذي اعترف بالمسؤولية عن التفجيرين الإرهابيين اللذين وقعا يوم الجمعة الماضي». وقال التلفزيون الرسمي السوري، بدوره، إن أبو ترابة ينتمي إلى «جبهة النصرة»، فرع تنظيم «القاعدة» في سوريا.
ونقلت الوكالة عن رئيس اللجنة الأمنية في محافظة السويداء، أن «الإرهابي اعترف بالمشاركة في الاعتداء على فرع الشرطة العسكرية والأمن الجنائي ومحاولة الاعتداء على مبنى المحافظة، إضافة إلى أعمال التخريب والسرقة للممتلكات الخاصة في مدينة السويداء».
غير أن معارضين للنظام، شككوا بمضمونها. فبالإضافة لانتفاء المصلحة، قال مصدر درزي معارض في السويداء لـ«الشرق الأوسط»، إن تنفيذ التفجيرين «يتخطى قدرة المتهم، إذ يحتاج تنفيذهما إلى إمكانيات وقدرات مالية ولوجيستية كبيرة، أهمها الحصول على معلومات استخبارية حول تحركات الشيخ البلعوس، وقدرة أمنية للوصول إلى المشفى الوطني الذي يتمتع بحراسة أمنية مشددة، تمنع وصول سيارة مفخخة إليه».
وتعليقًا على توقيف السلطات السورية عنصرًا من جبهة النصرة اعترف بتنفيذ تفجيري السويداء، غرّد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط عبر حسابه على موقع «تويتر»: «إن حبل الكذب قصير. أبو ترابة هو أبو عدس الدرزي»، في إشارة إلى الشريط المنسوب إلى أحمد أبو عدس الذي اعترف باغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الراحل رفيق الحريري عام 2005.
وأبو ترابة، اسم خرج إلى الضوء في مطلع عام 2013، كعضو في مجموعة القيادي الدرزي المعارض خلدون زين الدين الذي تمت مداهمته في ظهر الجبل، ما أدى إلى مقتله. وقال المصدر الدرزي في السويداء لـ«الشرق الأوسط»، إن أبو ترابة «كان مقربًا من خلدون، واضطر للخروج من السويداء بعد مقتل زين الدين، والتحق بكتيبة سلطان باشا الأطرش في درعا».
لكن الكتيبة اضطرت لترك درعا «بسبب تضييق جبهة النصرة على أفرادها الناشطين الدروز، وتلقي أعضاء، وبينهم أبو ترابة تهديدات من أطراف فيها». وعلى ضوء «العداء بين أبو ترابة والنصرة»، قال المصدر إن الناشط المعارض «خرج من سوريا، ولم يُحك عن عودته إلى السويداء إلا في هذا الوقت!». وأشار المصدر إلى أن أبو ترابة «يستحيل أن يكون قد انضم للنصرة، لأنه مرفوض وملاحق من قبلهم، كونه درزيًا، ولم يبقَ أحد من الكتيبة الدرزية في درعا للسبب نفسه»، لافتًا إلى أن الرجل المتهم بالتفجيرين «كان يعمل حدادًا للسيارات، وكان عضوًا في المجلس المحلي للمحافظة» قبل اندلاع الأزمة السورية.
وفيما يرجح معارضون أن يكون النظام «يحاول تنفيس الاحتقان في السويداء من خلال بث اعترافات للمدعو أبو ترابة»، ذكرت «سانا» نقلاً عن رئيس اللجنة الأمنية في السويداء، أن اعترافات أبو ترابة (مواليد 1969) «تمت أمام عدد من مشايخ عقل طائفة المسلمين الموحدين» الدروز.
ونقلت تفاصيل حصول العملية عن مصدر في قيادة شرطة السويداء وفيها أن أبو ترابة «اعترف بإقدامه يوم الخميس الماضي على استئجار سيارة بيك أب» وقتل صاحبها، قبل أن يفخخها «بكميات كبيرة من المتفجرات ومن ثم ركنها يوم الجمعة في موقع عين المرج على طريق ضهر الجبل».
وتابعت أنه أقر «بأنه لدى مرور موكب الشيخ وحيد البلعوس المؤلف من عدة سيارات قام ومجموعته بتفجير السيارة المفخخة»، قبل أن يقدم بعد نحو الساعتين على تفجير سيارة ثانية أمام المشفى الوطني».
يذكر أنها المرة الأولى التي يأتي فيها الإعلام الرسمي على ذكر البلعوس منذ وقوع التفجيرين.
وكان البلعوس يتزعم مجموعة «مشايخ الكرامة» التي تضم رجال دين آخرين وأعيانًا ومقاتلين، وعرف بمواقفه الرافضة لقيام الدروز بالخدمة العسكرية الإلزامية خارج مناطقهم.
وأعلن «رجال الكرامة» أمس في بيان نشروه في صفحتهم في «فيسبوك»، حمل عنوان «البيان رقم 2»، أن النظام «يرمي إلى إنهاء الاحتجاجات الشعبية الواسعة في الجبل، المطالبة بالحقوق وإنهاء الفساد»، و«الإجهاز على ظاهرة الكرامة ورجالها وشيخها بجبل العرب»، و«الانسحاب التكتيكي فعلاً من مواقع الاصطدام، لتمرير المرحلة»، و«ترك بعض المواجهات الانفعالية دون تصعيد ومواجهة مباشرة، ومن ثم يعود لتصيد النشطاء باعتقالهم أو تصفيتهم»، و«الدفع لميليشيات النظام بملء فراغ السلطة المؤقت، كميليشيا يعرب زهر الدين وغيرها»، و«السيطرة التامة على طريق الشام والتلويح بخنق المحافظة وقطع وسائل الاتصال والتواصل»، و«محاولة منع التأبين الجماعي للشهداء وتمرير الجريمة بلا نتيجة تذكر، وكأن المغدورين مخطئون تلقوا جزاءهم على موقفهم الرافض المتمرد»، إضافة إلى «التخلص من النشطاء، كالشيخ وافد أبو ترابة الذي يشاع بإلقاء القبض عليه وانتزاع اعترافات ملفقة منه ولصق تهمة التفجيرات به زورًا، لإثارة البلبلة بين أهل الجبل والتصيّد والإيقاع بهم».
وانفجرت سيارتان مفخختان الجمعة في منطقة السويداء مما أسفر عن مقتل 31 شخصًا، بينهم رجل الدين الدرزي البارز وحيد البلعوس المعارض للنظام وللمتطرفين على حد سواء. وفور انتشار خبر مقتل البلعوس الذي يتمتع بشعبية كبيرة بين الدروز، خرج عشرات المواطنين في مظاهرات احتجاجية أمام مقار حكومية وأحرقوا سيارات وحطموا زجاجًا.
كما هاجم مسلحون فرع الأمن العسكري في المدينة، ما تسبب بمقتل ستة عناصر أمنية، بحسب المرصد، وحطموا تمثال الرئيس السابق حافظ الأسد، متهمين النظام بالوقوف وراء مقتل البلعوس.



الحوثيون يتعهدون بـ«تصعيد خطوات المواجهة» بعد الضربات الإسرائيلية على غزة

رجل يحمل جثة طفل قُتل في غارة إسرائيلية على مستشفى المعمداني في مدينة غزة في 18 مارس 2025 (أ.ف.ب)
رجل يحمل جثة طفل قُتل في غارة إسرائيلية على مستشفى المعمداني في مدينة غزة في 18 مارس 2025 (أ.ف.ب)
TT
20

الحوثيون يتعهدون بـ«تصعيد خطوات المواجهة» بعد الضربات الإسرائيلية على غزة

رجل يحمل جثة طفل قُتل في غارة إسرائيلية على مستشفى المعمداني في مدينة غزة في 18 مارس 2025 (أ.ف.ب)
رجل يحمل جثة طفل قُتل في غارة إسرائيلية على مستشفى المعمداني في مدينة غزة في 18 مارس 2025 (أ.ف.ب)

ندد الحوثيون، اليوم (الثلاثاء)، بالضربات الإسرائيلية العنيفة خلال الليل على قطاع غزة متعهدين «بتصعيد خطوات المواجهة»، بعدما هددوا باستئناف عملياتهم ضد السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر وقبالة ساحل اليمن.

وقال المجلس السياسي الأعلى للحوثيين في بيان إنه «يحمّل العدو الصهيوني والأميركي المسؤولية الكاملة عن نقض اتفاق وقف إطلاق النار وإفشال كل الجهود للانتقال للمرحلة الثانية، وكذا إعادة عسكرة البحار وتوتير الأجواء في المنطقة»، محذراً من أن «عليهم تحمل تداعيات وتبعات ذلك مهما كان حجمها».

وأعلن الجيش الإسرائيلي، فجر اليوم، أنه يشن غارات مكثفة على أهداف تابعة لحركة «حماس» في غزة، بينما أفاد تلفزيون الأقصى الفلسطيني بارتفاع عدد قتلى الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة منذ فجر اليوم إلى 330 قتيلاً.

وقال قيادي في «حماس» لوكالة «رويترز» إن إسرائيل تنهي اتفاق وقف إطلاق النار من جانب واحد.

ولم يقدم الجيش مزيداً من التفاصيل عن الغارات، لكن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أصدر بياناً يفيد بأن الجيش تلقى تعليمات «باتخاذ إجراءات حازمة ضد منظمة (حماس) الإرهابية». وأضاف في البيان: «يأتي هذا في أعقاب رفض (حماس) المتكرر إطلاق سراح رهائننا، ورفضها جميع المقترحات التي تلقتها من المبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف والوسطاء». وختم: «ستتحرك إسرائيل، من الآن فصاعداً، ضد (حماس) بقوة عسكرية متزايدة».

جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (رويترز)
جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (رويترز)

وبدأت الولايات المتحدة السبت شن غارات جوية ضد الحوثيين في اليمن، وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب توجيه ضربات «حاسمة وقوية» بعد تهديداتهم للتجارة البحرية، وأسفرت الضربات الأميركية إلى الآن عن مقتل 53 شخصا على الأقل وفق وزارة الصحة التابعة للحوثيين.

وأعلن الحوثيون مسؤوليتهم عن ثلاث هجمات في البحر الأحمر ضد حاملة طائرات أميركية خلال 48 ساعة.

وشن الحوثيون عشرات الهجمات على أهداف إسرائيلية وسفن شحن في البحر الأحمر خلال الحرب بين إسرائيل و«حماس» مؤكدين أنها تأتي «تضامنا» مع الفلسطينيين، لكنهم أوقفوا عملياتهم مع دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2025.