سوريا: تهدئة في السويداء.. والنظام يتهم درزياً باغتيال «البلعوس»

مصدر في المعارضة: المتهم «أبو ترابة» لا يمت لـ«النصرة» بصلة

مقاتل في الجيش السوري الحر يتحدث إلى أحد سكان منطقة مدمرة بفعل القصف في حلب القديمة شمال سوريا (رويترز)
مقاتل في الجيش السوري الحر يتحدث إلى أحد سكان منطقة مدمرة بفعل القصف في حلب القديمة شمال سوريا (رويترز)
TT

سوريا: تهدئة في السويداء.. والنظام يتهم درزياً باغتيال «البلعوس»

مقاتل في الجيش السوري الحر يتحدث إلى أحد سكان منطقة مدمرة بفعل القصف في حلب القديمة شمال سوريا (رويترز)
مقاتل في الجيش السوري الحر يتحدث إلى أحد سكان منطقة مدمرة بفعل القصف في حلب القديمة شمال سوريا (رويترز)

تصدى نظام بشار الأسد لتداعيات اغتيال الشيخ الدرزي المعارض وحيد البلعوس قبل أيام، عبر إعلانه، أمس، عن إلقاء القبض على عنصر من «جبهة النصرة»، معلنًا أنه اعترف بتنفيذ تفجيري السويداء (جنوب) وبالمشاركة في الحوادث التي تلتهما، وسط تشكيك من قبل المعارضة بهذا الإعلان، معتبرة أن الحديث عن اعترافات «يهدف إلى تهدئة الاحتقان في المنطقة»، كما قال مصدر درزي سوري معارض لـ«الشرق الأوسط».
وتزامنت الاعترافات مع رغبة من فعاليات السويداء ومشايخها بالتهدئة، وسط «رغبة عامة لدى مشايخ الدروز بعدم الاصطدام بين أبناء الطائفة، وخصوصًا بين معارضي النظام وعناصر قوات الدفاع الوطني وكتائب البعث»، بحسب المصدر «فضلاً عن أنهم يحضرون لتشييع الشيخ البلعوس» من غير تحديد توقيت لتشييعه في السويداء.
وأفادت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) أمس، بـ«إلقاء الجهات المختصة في السويداء اليوم (أمس) القبض على الإرهابي الوافد أبو ترابة الذي اعترف بالمسؤولية عن التفجيرين الإرهابيين اللذين وقعا يوم الجمعة الماضي». وقال التلفزيون الرسمي السوري، بدوره، إن أبو ترابة ينتمي إلى «جبهة النصرة»، فرع تنظيم «القاعدة» في سوريا.
ونقلت الوكالة عن رئيس اللجنة الأمنية في محافظة السويداء، أن «الإرهابي اعترف بالمشاركة في الاعتداء على فرع الشرطة العسكرية والأمن الجنائي ومحاولة الاعتداء على مبنى المحافظة، إضافة إلى أعمال التخريب والسرقة للممتلكات الخاصة في مدينة السويداء».
غير أن معارضين للنظام، شككوا بمضمونها. فبالإضافة لانتفاء المصلحة، قال مصدر درزي معارض في السويداء لـ«الشرق الأوسط»، إن تنفيذ التفجيرين «يتخطى قدرة المتهم، إذ يحتاج تنفيذهما إلى إمكانيات وقدرات مالية ولوجيستية كبيرة، أهمها الحصول على معلومات استخبارية حول تحركات الشيخ البلعوس، وقدرة أمنية للوصول إلى المشفى الوطني الذي يتمتع بحراسة أمنية مشددة، تمنع وصول سيارة مفخخة إليه».
وتعليقًا على توقيف السلطات السورية عنصرًا من جبهة النصرة اعترف بتنفيذ تفجيري السويداء، غرّد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط عبر حسابه على موقع «تويتر»: «إن حبل الكذب قصير. أبو ترابة هو أبو عدس الدرزي»، في إشارة إلى الشريط المنسوب إلى أحمد أبو عدس الذي اعترف باغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الراحل رفيق الحريري عام 2005.
وأبو ترابة، اسم خرج إلى الضوء في مطلع عام 2013، كعضو في مجموعة القيادي الدرزي المعارض خلدون زين الدين الذي تمت مداهمته في ظهر الجبل، ما أدى إلى مقتله. وقال المصدر الدرزي في السويداء لـ«الشرق الأوسط»، إن أبو ترابة «كان مقربًا من خلدون، واضطر للخروج من السويداء بعد مقتل زين الدين، والتحق بكتيبة سلطان باشا الأطرش في درعا».
لكن الكتيبة اضطرت لترك درعا «بسبب تضييق جبهة النصرة على أفرادها الناشطين الدروز، وتلقي أعضاء، وبينهم أبو ترابة تهديدات من أطراف فيها». وعلى ضوء «العداء بين أبو ترابة والنصرة»، قال المصدر إن الناشط المعارض «خرج من سوريا، ولم يُحك عن عودته إلى السويداء إلا في هذا الوقت!». وأشار المصدر إلى أن أبو ترابة «يستحيل أن يكون قد انضم للنصرة، لأنه مرفوض وملاحق من قبلهم، كونه درزيًا، ولم يبقَ أحد من الكتيبة الدرزية في درعا للسبب نفسه»، لافتًا إلى أن الرجل المتهم بالتفجيرين «كان يعمل حدادًا للسيارات، وكان عضوًا في المجلس المحلي للمحافظة» قبل اندلاع الأزمة السورية.
وفيما يرجح معارضون أن يكون النظام «يحاول تنفيس الاحتقان في السويداء من خلال بث اعترافات للمدعو أبو ترابة»، ذكرت «سانا» نقلاً عن رئيس اللجنة الأمنية في السويداء، أن اعترافات أبو ترابة (مواليد 1969) «تمت أمام عدد من مشايخ عقل طائفة المسلمين الموحدين» الدروز.
ونقلت تفاصيل حصول العملية عن مصدر في قيادة شرطة السويداء وفيها أن أبو ترابة «اعترف بإقدامه يوم الخميس الماضي على استئجار سيارة بيك أب» وقتل صاحبها، قبل أن يفخخها «بكميات كبيرة من المتفجرات ومن ثم ركنها يوم الجمعة في موقع عين المرج على طريق ضهر الجبل».
وتابعت أنه أقر «بأنه لدى مرور موكب الشيخ وحيد البلعوس المؤلف من عدة سيارات قام ومجموعته بتفجير السيارة المفخخة»، قبل أن يقدم بعد نحو الساعتين على تفجير سيارة ثانية أمام المشفى الوطني».
يذكر أنها المرة الأولى التي يأتي فيها الإعلام الرسمي على ذكر البلعوس منذ وقوع التفجيرين.
وكان البلعوس يتزعم مجموعة «مشايخ الكرامة» التي تضم رجال دين آخرين وأعيانًا ومقاتلين، وعرف بمواقفه الرافضة لقيام الدروز بالخدمة العسكرية الإلزامية خارج مناطقهم.
وأعلن «رجال الكرامة» أمس في بيان نشروه في صفحتهم في «فيسبوك»، حمل عنوان «البيان رقم 2»، أن النظام «يرمي إلى إنهاء الاحتجاجات الشعبية الواسعة في الجبل، المطالبة بالحقوق وإنهاء الفساد»، و«الإجهاز على ظاهرة الكرامة ورجالها وشيخها بجبل العرب»، و«الانسحاب التكتيكي فعلاً من مواقع الاصطدام، لتمرير المرحلة»، و«ترك بعض المواجهات الانفعالية دون تصعيد ومواجهة مباشرة، ومن ثم يعود لتصيد النشطاء باعتقالهم أو تصفيتهم»، و«الدفع لميليشيات النظام بملء فراغ السلطة المؤقت، كميليشيا يعرب زهر الدين وغيرها»، و«السيطرة التامة على طريق الشام والتلويح بخنق المحافظة وقطع وسائل الاتصال والتواصل»، و«محاولة منع التأبين الجماعي للشهداء وتمرير الجريمة بلا نتيجة تذكر، وكأن المغدورين مخطئون تلقوا جزاءهم على موقفهم الرافض المتمرد»، إضافة إلى «التخلص من النشطاء، كالشيخ وافد أبو ترابة الذي يشاع بإلقاء القبض عليه وانتزاع اعترافات ملفقة منه ولصق تهمة التفجيرات به زورًا، لإثارة البلبلة بين أهل الجبل والتصيّد والإيقاع بهم».
وانفجرت سيارتان مفخختان الجمعة في منطقة السويداء مما أسفر عن مقتل 31 شخصًا، بينهم رجل الدين الدرزي البارز وحيد البلعوس المعارض للنظام وللمتطرفين على حد سواء. وفور انتشار خبر مقتل البلعوس الذي يتمتع بشعبية كبيرة بين الدروز، خرج عشرات المواطنين في مظاهرات احتجاجية أمام مقار حكومية وأحرقوا سيارات وحطموا زجاجًا.
كما هاجم مسلحون فرع الأمن العسكري في المدينة، ما تسبب بمقتل ستة عناصر أمنية، بحسب المرصد، وحطموا تمثال الرئيس السابق حافظ الأسد، متهمين النظام بالوقوف وراء مقتل البلعوس.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.