المعارضة ترفض طرح روسيا إجراء انتخابات نيابية مبكرة وتتمسكّ بـ«وثيقة جنيف»

في ردّها على إعلان بوتين عن استعداد الأسد خوضها وقبوله بتقاسم السلطة

المعارضة ترفض طرح روسيا إجراء انتخابات نيابية مبكرة وتتمسكّ بـ«وثيقة جنيف»
TT

المعارضة ترفض طرح روسيا إجراء انتخابات نيابية مبكرة وتتمسكّ بـ«وثيقة جنيف»

المعارضة ترفض طرح روسيا إجراء انتخابات نيابية مبكرة وتتمسكّ بـ«وثيقة جنيف»

لا يجد «الائتلاف الوطني السوري» أنّ ما طرحه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لجهة إجراء انتخابات تشريعية مبكرة في سوريا طرح منطقي. وأوضح الدكتور نجيب الغضبان، سفير «الائتلاف» في الولايات المتحدة الأميركية، أن بين الأسباب الكثيرة «أنّ أكثر من نصف الشعب السوري بات نازحًا في الداخل أو لاجئًا في دول العالم، وأنّ النظام السوري لم يعد يسيطر على أكثر من سدس البلد». وهذا الرأي تؤكّد عليه أيضًا المعارضة العسكرية، مع أنها رأت فيه تراجعًا في موقف النظام السوري سياسيًا وعسكريًا بعدما كان يرفض اقتسام السلطة بأي شكل من الأشكال، بحسب رامي الدالاتي، رئيس المكتب السياسي في «جيش التوحيد».
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان قد أعلن يوم أمس أن رئيس النظام السوري بشار الأسد «مستعد لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة ولاقتسام السلطة مع معارضة بناءة»، ودعا إلى إنشاء «ائتلاف دولي للتصدي للتطرف»، مشيرًا إلى أنه تحدث مع الرئيس الأميركي باراك أوباما حول هذه المبادرة.
من جهته، قال الدالاتي في حديث لـ«الشرق الأوسط» «أن هذا الموقف الذي أتى على لسان الرئيس الروسي يحمل في طياته دلالات عدّة، أهمها، ثبات المعارضة وضعف موقف النظام الذي يبدو واضحًا أنه يخضع لضغوط سياسية من روسيا وعسكرية من إيران»، ثم تساءل: «أين هو النظام اليوم بعدما باتت روسيا تتكلّم باسمه سياسيًا وإيران تتفاوض عنه عسكريًا في الزبداني وغيرها؟. وأضاف: «لكن رغم ذلك لن نقبل بالتغيير إلا وفق ما نص عليه مؤتمر جنيف بعملية انتقال سياسية للسلطة لا يكون للأسد دور فيها»، متابعًا: «أنّ هذا التراجع قد يتبعه تراجعا آخر في المرحلة المقبلة».
أما الغضبان، الذي حاورته «الشرق الأوسط» أيضًا فقال: «إنّ المعارضة تنظر بإيجابية لأي حلّ سياسي من شأنه أن ينهي معاناة الشعب السوري... ولكن ليس أي حل»، متسائلاً: «كيف يمكن أن تحصل انتخابات في ظل الأوضاع الإنسانية المأساوية على وقع القصف المستمر والبراميل المتفجرة التي تستهدف المدنيين؟»
وشدّد الغضبان على أنّ «وثيقة جنيف تبقى لغاية الآن هي الحلّ الأفضل لتشكيل هيئة حكم تشرف على المرحلة الانتقالية»، مذكرا بما سبق للائتلاف أن أعلنه عن أنه «قد يكون الأسد جزءًا من المفاوضات التي تؤدي إلى هذا الحلّ، لكنه لن يكون له أي دور في المرحلة التالية». ثم أشار الغضبان إلى ما بات يعرف بـ«خطة المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، فقال موضحًا: «الخطة الأولى التي اطلع عليها الائتلاف كان قد وضع ملاحظاته بشأنها وقدمها إلى دي ميستورا، لكن الخطة الثانية المسرّبة يبدو أنّها تتضمّن بنودا مقبولة وقد تؤسس لحل ما» وفق ما قال.
كذلك قال الغضبان «أنّ الخطة المسرّبة التي يبدو أنها صحيحة تتضمن بندا ينص على حلّ الأجهزة الأمنية، وآخر يؤكد على ضرورة أن تستثنى المرحلة الانتقالية من 120 شخصية لارتكابهم جرائم حرب... هذا معيار مهم لاختيار الشخصيات السورية التي سيكون لها دور في مستقبل سوريا ومن الطبيعي إبعاد الأسد الذي يعتبر رأس الحربة في هذه الجرائم». يذكر أن بوتين طرح مقترحه على هامش «المنتدى الاقتصادي الشرقي» في مدينة فلاديفوستوك بأقصى الشرق الروسي يوم أمس، ومما قاله إن «إجراء تغييرات سياسية أمر ضروري ونقوم بعمل مع شركائنا في سوريا نفسها». ثم أردف أن «الجميع متفقون على أنه بموازاة الجهود التي يجب علينا القيام بها معا لمكافحة الإرهاب.. ويجب تشجيع العملية السياسية في سوريا. نحن نعمل مع شركائنا في سوريا. وبشكل عام هناك تفاهم بأن توحيد الجهود في محاربة الإرهاب يجب أن يسير بالتوازي مع نوع من العملية السياسية في سوريا نفسها». وتابع بوتين أن «الرئيس السوري شخصيا موافق على ذلك وموافق على تنظيم انتخابات تشريعية مبكرة مع فكرة التحدث مع المعارضة التي توصف بالمسموح بها مع فكرة جذبهم إلى هذه العملية».
هذا ولم يتحدث الأسد علنا من قبل عن تنظيم انتخابات تشريعية مبكرة. وكانت آخر انتخابات جرت في السابع من مايو (أيار) 2012 بعد تأجيلها لعام واحد بسبب بدء الحركة الاحتجاجية في 2011. وقاطعت المعارضة هذا الاقتراع ووصفته بـ«المهزلة». ومن جانب آخر، تعتبر تصريحات بوتين أوضح تصريحات منذ أسابيع عن الطريقة التي قد تجدها موسكو مقبولة للتعامل مع الأسد. وفي هذا السياق نقل الرئيس الروسي «أنّ الرئيس السوري يتفق مع هذا الطرح وصولاً إلى إجراء انتخابات مبكرة، لنقل إنها برلمانية، وإجراء اتصالات مع ما يسمى المعارضة الصحية، وإشراكهم في الحكومة». ولفت إلى أن رؤساء هيئات أركان القوات المسلحة للدول القريبة من الصراع قاموا بزيارة موسكو أخيرًا لمناقشة هذا الأمر. كذلك قال بوتين أمام الصحافيين أنه يجري أيضا محادثات بشأن مثل هذا التحالف مع زعماء تركيا والمملكة العربية السعودية والأردن وآخرين.
الواضح أن موسكو تريد الآن أن يقوم التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة وينفذ ضربات جوية ضد مواقع تنظيم داعش، أن ينسق عملياته مع الجيشين النظاميين السوري والعراقي ومع جماعات المعارضة السورية «المعتدلة» على الأرض، وأيضا مع الميليشيات الكردية. غير أن المعارضة السورية ترفض التعاون مع نظام دمشق خوفًا من أن يضفي ذلك شرعية عليه، وهي التي تصر على أنه جزء من المشكلة لا الحل وعليه الرحيل.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.