مصر تقرر رسميًا وقف التعامل مع السفير الليبي بسبب «علاقاته الإخوانية»

برلمان طرابلس يربك مفاوضات جنيف بتغيير وفده الرسمي

المبعوث الأممي إلى ليبيا برناردينو ليون في مؤتمر صحافي حول محادثات السلام اليبية (أ.ب)
المبعوث الأممي إلى ليبيا برناردينو ليون في مؤتمر صحافي حول محادثات السلام اليبية (أ.ب)
TT

مصر تقرر رسميًا وقف التعامل مع السفير الليبي بسبب «علاقاته الإخوانية»

المبعوث الأممي إلى ليبيا برناردينو ليون في مؤتمر صحافي حول محادثات السلام اليبية (أ.ب)
المبعوث الأممي إلى ليبيا برناردينو ليون في مؤتمر صحافي حول محادثات السلام اليبية (أ.ب)

بتغيير شامل على وفده الرسمي، استبق المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته، في ليبيا، جولة محادثات السلام التي كان مقررا استئنافها مساء أمس بمدينة جنيف السويسرية برعاية بعثة الأمم المتحدة. وأعلن البرلمان السابق الذي يدير الأمور بدعم من ميليشيات «فجر ليبيا» المتطرفة في العاصمة طرابلس، عقب جلسة عقدها بمقره في طرابلس، عن تكليف نائب رئيسه عوض عبد الصادق برئاسة فريقه إلى مفاوضات جنيف، التي تستهدف إنهاء الصراع المحتدم منذ العام الماضي على الشرعية في البلاد عبر تشكيل حكومة وفاق وطني.
وعدّ عبد الصادق عودة وفد برلمان طرابلس إلى الحوار كان «الخيار الاستراتيجي وخيار كل أعضاء المؤتمر الوطني بوصفه حلا للأزمة السياسية في ليبيا»، مشيرا إلى أن فريق الحوار يعود بتشكيل جديد في هذه الجولة.
وقال في بيان ألقاه قبل مغادرة الوفد إلى جنيف وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إن «عودة الوفد جاءت بعد اتصالات حثيثة وطويلة طيلة الأسبوع الماضي مع بعثة الأمم المتحدة، وكذلك مع كثير من المسؤولين والسفراء في الدول العربية وبعض الدول الصديقة».
وقال: «عقب زيارة فريق من المؤتمر الوطني إلى إسطنبول للقاء البعثة الأممية ولقاء سفراء الدول، خلص (المؤتمر) لمتابعة الحوار السياسي بناء على وعود من البعثة ومن السفراء بأن كل التعديلات التي طرحها (المؤتمر) في الجولات السابقة ستضمن بطريقة حقيقية وصحيحة، الحل المتوازن الذي يقبل التطبيق من أجل حل هذه الأزمة سياسيًا».
وكشف عن شروط لم يفصح عنها، مقابل عودة الوفد إلى جنيف، حيث تابع قائلا: «لا شك أننا نطمئن الجميع بأننا ذاهبون بهذه التعديلات التي تمثلت في النقاط التسع وأن ثوابت ومبادئ وقع عليها غالبية أعضاء المؤتمر، وتتمثل معظمها في عدم التنازل عن مبادئ وأهداف ثورة 17 فبراير (شباط)؛ احترام القانون، واحترام الأحكام القضائية الصادرة».
وجاء تعيين عبد الصادق، نائب رئيس برلمان طرابلس لرئاسة وفده إلى جنيف، بعد استقالة سلفه صالح المخزوم الذي ما زال يمارس عمله نائبا لرئيس البرلمان أيضا.
ونقلت وكالة الأنباء الموالية للسلطات غير المعترف بها دوليا في طرابلس عن رئيس البرلمان السابق نوري أبو سهمين، أنه جدد رغبة البرلمان في إنجاح الحوار بوصفه مطلبا وطنيا، مؤكدا على ضرورة تضمين التعديلات المقدمة من المؤتمر لإدراجها في مشروع الاتفاق الذي تم توقيعه بالأحرف الأولى من طرف واحد.
ومن المقرر أن يشارك في هذه الجولة ممثلون أيضا عن مجلس النواب الشرعي الذي يتخذ من مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي مقرا مؤقتا له، بالإضافة لعدد من رؤساء المجالس البلدية، ووفد عن مصراتة، وأعضاء مجلس النواب المقاطعين لجلساته.
وكانت الأطراف السياسية المشاركة في الحوار الليبي، قد وقعت بالأحرف الأولى في 12 يوليو (تموز) الماضي على مسودة الاتفاق السياسي، دون مشاركة برلمان طرابلس الذي رفض التوقيع قبل إجراء تغييرات على المسودة وصفها بـ«الجوهرية».
ونجح المبعوث الأممي برناردينو ليون، في إقناع برلمان طرابلس باستئناف مشاركته في الحوار، وبحث إمكانية إضافة ملاحق بملاحظات المؤتمر، تضاف إلى المسودة لإنهاء الانقسام السياسي في ليبيا.
لكن في المقابل يطالب البرلمان السابق بصلاحيات تشريعية أكبر، من خلال مجلس الدولة الذي تنص عليه مسودة الاتفاق السياسي، بجانب مطالبته بضرورة إقالة الفريق خليفة حفتر من منصبه بوصفه قائدا عاما للجيش الليبي قبل التوقيع على أي اتفاق.
إلى ذلك، أبلغت وزارة الخارجية المصرية سفارة ليبيا في القاهرة، بأنها قررت اعتبارا من أمس وقف التعامل بشكل رسمي مع السفير الليبي في القاهرة فايز جبريل، الذي أقالته حكومة بلاده من منصبه بسبب علاقاته المريبة مع تنظيم الإخوان المسلمين.
وقالت وزارة الخارجية المصرية في رسالة وجهتها إلى السفارة الليبية في القاهرة، إنها «تلقت خطابا رسميا من صالح عقيلة، رئيس مجلس النواب الليبي، يعلن فيه إعفاء جبريل من منصبه وتكليف صالح الدرسي كقائم بأعمال السفارة».
وكشفت الرسالة النقاب عن أن الخارجية المصرية قررت وقف التعامل مع جبريل لانتهاء مدته، وطلبت الوزارة أن تكون كل مراسلات السفارة الليبية لها ممهورة بتوقيع القائم بالأعمال الجديد.
وشددت الخارجية المصرية على ضرورة «إعادة جبريل بطاقة تحقيق الشخصية الدبلوماسية وتصريح المطار، السابق للوزارة إصدارهما له، وكذلك كل المستندات التي تم منحها له تبعا لمنصبه»، وهددت بأنه «لن يتم تسيير أي أعمال للبعثة الدبلوماسية الليبية قبل إعادة هذه المستندات المطلوبة إلى الوزارة».
وكانت الحكومة الشرعية في ليبيا التي يترأسها عبد الله الثني قد استدعت سفيرها المقال جبريل إلى مقرها المؤقت بمدينة البيضاء في شرق البلاد للتشاور بناء على طلب الثني، ومنحته قبل أسبوعين مهلة ثلاثة أيام لتنفيذ الاستدعاء.
لكن جبريل تجاهل هذا الاستدعاء رغم انقضاء هذه المهلة، في تحد علني لحكومة بلاده، واستمر حتى أمس في التوجه إلى مقر السفارة الليبية، وفقا لما أبلغه مصدر في السفارة لـ«الشرق الأوسط».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.