تركيا تطلق برنامج مكافآت للإبلاغ عن الإرهابيين على غرار البرنامج الأميركي

توقيف صحافيين بريطانيين في ديار بكر بتهمة الإرهاب

تركيا تطلق برنامج مكافآت للإبلاغ عن الإرهابيين على غرار البرنامج الأميركي
TT

تركيا تطلق برنامج مكافآت للإبلاغ عن الإرهابيين على غرار البرنامج الأميركي

تركيا تطلق برنامج مكافآت للإبلاغ عن الإرهابيين على غرار البرنامج الأميركي

احتجزت الشرطة التركية صحافيين بريطانيين في ديار بكر يعملان لحساب شركة «فايس نيوز» الإعلامية أثناء تغطيتهما للاضطرابات في المناطق الجنوبية الشرقية التي تسكنها غالبية كردية، بحسب ما أفادت الشركة أمس. وصرح متحدث باسم الشركة لوكالة الصحافة الفرنسية أن «الشرطة المحلية أوقفت الليلة الماضية صحافيا ومصورا تلفزيونيا ووسيطا يعملون لشركة فايس نيوز في ديار بكر بتركيا بينما كانوا يعملون في تلك المنطقة». وأضاف أن «فايس نيوز تعمل بشكل وثيق مع السلطات المعنية لضمان الإفراج الفوري عنهم».
وذكرت مصادر أمنية اتصلت بها وكالة الصحافة الفرنسية في ديار بكر أن «شرطة مكافحة الإرهاب» اعتقلت الصحافيين البريطانيين والوسيط التركي، إلا أنها رفضت الكشف عن سبب اعتقالهم «لأسباب أمنية». يأتي توقيف الصحافيين في وقت يتصاعد فيه العنف في جنوب شرقي البلاد بين القوات التركية والمسلحين الأكراد الذين أنهوا هدنة أبرمت في 2013. ويشنّ حزب العمال الكردستاني هجمات يومية على القوات التركية، فيما يشن الجيش التركي غارات جوية وعمليات ضد معاقل المتمردين في جنوب شرقي تركيا وشمال العراق. وفي وقت باتت تركيا تشهد فيه تخبطا وتهديدات أمنية، وفي ذروة تصعيد العنف في جنوب شرقي البلاد بين قوات الأمن التركية وحزب العمال الكردستاني الذي انتهك بدوره وقفا لإطلاق النار كان مطبقا مع أنقرة منذ 2013. رصدت الشرطة التركية بموجب قانون جديد نشرته الجريدة الرسمية أمس، مبلغا يناهز أربعة ملايين ليرة تركية (1.23 مليون يورو) مكافأة لمن يساهم في التصدي «للإرهابيين».
ويؤكد المشروع الحكومي أن المكافأة التي ستقدم إلى المخبرين ستأخذ في الاعتبار «قيمة المعلومة التي تساهم في تدارك جرائم إرهابية واعتقال مشتبه بهم»، كما جاء في البيان. والذين سيقدمون معلومات حول هوية «إرهابي مفترض» أو مكان وجوده، سيحصلون على 200 ألف ليرة تركية (61 ألف يورو) شرط ألا يكونوا أنفسهم متورطين في «الأعمال الإرهابية» التي يعطون معلومات عنها. وستزداد المكافأة 20 مرة وتبلغ أربعة ملايين ليرة إذا كان المشبوه به زعيم «منظمة إرهابية» وإذا كان العمل الإجرامي الذي يكشف عنه خطيرا بحيث يتسبب في «اضطرابات». وليس من الضروري أن يكون المخبر حاملا للجنسية التركية للحصول على المكافأة، كما جاء في البيان. ويأتي هذا المشروع الحكومي التركي كمبادرة مماثلة لبرنامج أميركي تحت اسم «مكافآت من أجل العدالة» التابع لوزارة الخارجية الأميركية؛ ففي مايو (أيار) الماضي، سارعت واشنطن إلى إعلان مجموعة من المكافآت تبلغ قيمتها 20 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات استخباراتية عن أربعة قيادات بارزة في تنظيم داعش المتطرف؛ وذلك بعدما أعلن التنظيم الإرهابي مسؤوليته عن الهجوم على مدينة دالاس بولاية تكساس. وكانت تلك المرة الأولى التي يزعم فيها التنظيم مسؤوليته عن هجوم في الولايات المتحدة. وتأتي هذه المكافآت المعلن عنها في إطار البرنامج المذكور أعلاه، حيث يعرض مكافآت قد تصل قيمتها إلى 25 مليون دولار مقابل معلومات تؤدي إلى تقديم المسؤولين عن هذه الهجمات إلى العدالة. وبعد أكثر من ثلاثة عقود على إطلاقه، لا يزال برنامج «المكافآت من أجل العدالة» إحدى أهم الأدوات التي تستخدمها حكومة الولايات المتحدة في معركتها ضد الإرهاب الدولي. ويذكر أن أميركا قامت منذ إطلاق البرنامج عام 1984. بدفع مبالغ تزيد قيمتها على 125 مليون دولار؛ وذلك لأكثر من 80 شخصا ممن قدموا معلومات كافية لاتخاذ إجراءات قانونية أدت إلى وضع إرهابيين في السجن أو أدت إلى منع أعمال إرهاب دولي في شتى أرجاء العالم. وقد ساعد البرنامج على تقديم معلومات ساهمت في منع هجمات إرهابية وحلّ قضايا مهمة. ويرى مراقبون أن الإعلان عن برنامج مكافآت مماثل في تركيا محاولة لتشديد القبضة الأمنية في البلاد. وكانت تركيا شنت في 24 يوليو (تموز) الماضي سلسلة غارات بعد اعتداء انتحاري وقع في سوروتش (جنوب تركيا) وقتل فيه 33 من أنصار القضية الكردية.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».