ألمانيا تعلق العمل باتفاقية «دبلن» في محاولة لنزع فتيل أزمة اللاجئين

بروكسيل تشيد بالقرار وبرلين تعمل لتفادي انفلات زمام الأمور بعد أعمال شغب أحدثتها جماعات يمينية

ألمانيا تعلق العمل باتفاقية «دبلن» في محاولة لنزع فتيل أزمة اللاجئين
TT

ألمانيا تعلق العمل باتفاقية «دبلن» في محاولة لنزع فتيل أزمة اللاجئين

ألمانيا تعلق العمل باتفاقية «دبلن» في محاولة لنزع فتيل أزمة اللاجئين

في سابقة تاريخية في دول الاتحاد الأوروبي، أصدر المكتب الاتحادي الألماني للهجرة واللاجئين (BAMF) تعليمات داخلية، بتعليق إجراء «دبلن»، التي تنص على توحيد إجراءات طالبي اللجوء، والمرتبطة باتفاقية عام 1951 الأممية الخاصة بوضع اللاجئين، في محاولة منها للحد من تدفق اللاجئين السوريين.
وينص القرار على عدم إعادة طالبي اللجوء السوريين إلى الدول التي دخلوا منها في أراضي الاتحاد الأوروبي، مثل اليونان وإيطاليا، وهو ما كانت تنص عليه اتفاقية «دبلن». وعلقت «ناتاشا بيرتو»، الناطقة باسم المفوضية الأوروبية في بروكسل بالقول: «نرحب بخطوة التضامن الأوروبية هذه. بالنسبة إلى المفوضية هذا يشكل اعترافًا بأنه لا يمكن ترك الدول الأعضاء الواقعة على الحدود الخارجية تواجه وحدها هذا العدد الكبير من طالبي اللجوء الساعين إلى الوصول إلى أوروبا».
وتنص اتفاقية «دبلن» التي تضم 27 دولة، إعادة طالبي اللجوء إلى الدولة (العضو في الاتفاقية) التي جاءوا منها. وتضم الاتفاقية دول ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والسويد وإسبانيا وهولندا وبلجيكا وبلغاريا والدنمارك واسكوتلندا وفنلندا اليونان وآيرلندا وإيطاليا ولاتفيا وقبرص وليتوانيا ولوكسمبورغ ومالطا وبولونيا والبرتغال ورومانيا وسلوفاكيا وسلوفينيا والتشيك وهنغاريا والنمسا.
وألمانيا هي الدولة الوحيدة التي تستقبل السوريين على أرضها، حتى لو جاءوا من دولة أخرى في المجموعة الأوروبية ويتم منحهم اللجوء. ويرتبط هذا القرار بحاملي تأشيرة الشنغن من السوريين، أي أن أي طالب لجوء عندما يتقدم لأي دولة من دول الاتحاد الأوروبي، تقوم السلطات بأخذ بصماته ويتم إدراجها في بنك معلومات مشترك بين دول المجموعة، ومن خلال ذلك يمكن تحديد إذا ما كان تقدم بطلب لجوء في دولة أوروبية أخرى.
يذكر أن اتفاقية دبلن خضعت إلى عدد من التعديلات، آخرها في شهر يناير (كانون الثاني) 2014، عرفت باسم «دبلن3»، وقد سجلت ألمانيا بين يناير ويوليو (تموز) 2015 ما يقارب 44 ألفا و417 طلب لجوء من مواطنين يحملون الجنسية السورية، وتتوقع الحكومة الألمانية أن يصل عدد المتقدمين لهذا العام بطلبات لجوء بما لا يقل عن 800 ألف ملف للاجئين السوريين.
ويقوم متطرفون وجماعات ألمانية من اليمين المتطرف بأعمال شغب متواصلة في المدن التي تستقبل اللاجئين، مثل مدينة هايدناو بولاية سكسونيا شرق ألمانيا، وزارت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الأربعاء الماضي المدينة، التي شهدت أعمال شغب وقتها. والتقت ميركل مع لاجئين ومتطوعين يعملون على مساعدة اللاجئين وعناصر من قوات الأمن، للتعرف على قضياهم. وكان نائب ميركل، زيغمار غابريل، قد زار نزل اللاجئين الذي تعرض لأعمال شغب في هايدناو في وقت سابق من الشهر الحالي. كما أجرت ميركل نقاشًا مع ما يتراوح بين 50 و60 ممثلاً عن المجتمع المدني، لبحث تفاصيل الأحداث.
وتعمل الحكومة الألمانية بشكل جاد لتفادي انفلات زمام الأمور على أراضيها من احتمالات اندلاع فوضى وأعمال شغب تقوم بها الجماعات اليمينية المتطرفة، منها إحراق دور اللاجئين. وتعتبر الخطوات التي تتخذها المستشارة ألمانية وشركائها في الحكومة، سياسة استباقية لسحب البساط أيضًا من الجماعات الدينية المتطرفة، التي تحاول توظيف الأوضاع، لكسب مزيد من الأنصار الجدد ومقاتلين للالتحاق بالتنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق تحت يافطة ثقافة الكراهية.



روسيا تهاجم وسط كييف «رداً» على هجمات بصواريخ أميركية وتعترف باستهداف مستودع وقود جنوب موسكو

سيارة مدمرة تظهر بينما يعمل رجال الإطفاء في موقع مبنى متضرر بعد هجوم صاروخي روسي على كييف (أ.ب)
سيارة مدمرة تظهر بينما يعمل رجال الإطفاء في موقع مبنى متضرر بعد هجوم صاروخي روسي على كييف (أ.ب)
TT

روسيا تهاجم وسط كييف «رداً» على هجمات بصواريخ أميركية وتعترف باستهداف مستودع وقود جنوب موسكو

سيارة مدمرة تظهر بينما يعمل رجال الإطفاء في موقع مبنى متضرر بعد هجوم صاروخي روسي على كييف (أ.ب)
سيارة مدمرة تظهر بينما يعمل رجال الإطفاء في موقع مبنى متضرر بعد هجوم صاروخي روسي على كييف (أ.ب)

هاجمت القوات الروسية وسط العاصمة الأوكرانية بأسراب من الطائرات دون طيار ووابل من الصواريخ في وقت مبكر من صباح السبت، مما أسفر عن مقتل 4 أشخاص على الأقل. وبدورها شنت القوات الأوكرانية سلسلة من الهجمات على مناطق متفرقة داخل روسيا وتسببت في حريق اندلع بمستودع للوقود في منطقة تولا جنوب موسكو.

دمار يظهر بعد هجوم صاروخي روسي على كييف (أ.ب)

ذكرت وزارة الدفاع الروسية أن هجوماً صاروخياً أسفر عن مقتل 4 أشخاص في كييف، خلال الليل، جاء رداً على هجوم أوكراني في وقت سابق من الأسبوع باستخدام صواريخ «أتاكمز» التكتيكية الأميركية الصنع وصواريخ «ستورم شدو» البريطانية.

وتسبب الهجوم الروسي، السبت، في إغلاق محطة مترو لوكيانيفسكا، بالقرب من وسط المدينة، بسبب حجم الأضرار، كما ذكرت وكالة «أسوشييتد برس».

وعلى عكس الهجمات السابقة على كييف، صدر تحذير بوقوع الغارة الجوية فقط بعد وقوع انفجارات متعددة وليس قبل شن الغارة.

وذكرت تقارير رسمية أنه تم استخدام صواريخ باليستية في الهجوم. وتقع محطة المترو المتضررة بجوار مصنع للأسلحة، تم استهدافه عدة مرات بضربات صاروخية روسية، كما أعلنت موسكو.

رجال الإطفاء يظهرون في موقع تعرض لهجوم صاروخي روسي على كييف (أ.ب)

وطبقاً لبيان صادر عن سلاح الجو الأوكراني، أطلقت روسيا 39 طائرة دون طيار، من طراز «شاهد» وطائرات دون طيار أخرى و4 صواريخ باليستية. وأسقطت قوات الدفاع الجوي الأوكرانية صاروخين و24 طائرة دون طيار.

وقال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي إن 4 أشخاص على الأقل قتلوا وأصيب 3 آخرون في هجوم بصاروخ باليستي في وسط كييف، في ساعة مبكرة من صباح السبت.

دونالد ترمب يتحدث إلى جانب فلاديمير بوتين خلال لقاء جمعهما في اليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

وقال تيمور تكاتشينكو، رئيس الإدارة العسكرية في العاصمة الأوكرانية كييف، إن انفجارات دوت في سماء المنطقة قبيل الفجر بينما كانت الدفاعات الجوية تصد الهجوم. وأضاف أن 4 أشخاص لقوا حتفهم بينما أعلنت الشرطة مقتل 3. وقال رئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو إن أضراراً لحقت بمحطة مترو أنفاق وخط مياه. وواصل عمال الإنقاذ البحث وسط الحطام في شارع غمرته المياه.

وتعهدت وزارة الدفاع الروسية، الجمعة، بالرد، بعد أن ذكرت أن القوات الأوكرانية أطلقت 6 قذائف على «منشآت» غير محددة، في منطقة بيلغورود، بالقرب من الحدود بين البلدين. ولم تؤكد أوكرانيا استخدام الأسلحة، حسب وكالة «بلومبرغ» للأنباء، السبت.

جندي أوكراني يطلق طائرة مسيّرة متوسطة المدى للتحليق فوق مواقع القوات الروسية في خاركيف (رويترز)

وأظهرت صور متداولة على مواقع وسائل التواصل الاجتماعي سيارات لحقت بها أضرار ومياه غزيرة ناجمة عن انفجار أنبوب مياه في المحطة. وفي أجزاء من كييف، التي يبلغ عدد سكانها 3 ملايين نسمة، انقطعت إمدادات المياه بشكل مؤقت.

كما قصفت روسيا مدينة زابوريجيا في جنوب شرق البلاد، حيث قال حاكم المنطقة إن 10 أشخاص أصيبوا ولحقت أضرار بمكاتب منشأة صناعية. وذكر مسؤولون، الجمعة، أن هجوماً صاروخياً شنته روسيا على مدينة كريفي ريه، مسقط رأس الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أسفر عن مقتل 4 وتدمير أجزاء من منشأة تعليمية.

بدورها اعترضت منظومات الدفاع الجوي الروسية ودمرت 46 طائرة مسيّرة أوكرانية فوق أراضي مقاطعات عدة، خلال الليلة الماضية. وجاء في بيان لوزارة الدفاع الروسية نقلته، السبت، وكالة «سبوتنيك»: «تم تدمير 18 طائرة مسيّرة فوق أراضي مقاطعة بريانسك، و11 مسيّرة فوق أراضي مقاطعة كورسك، و7 مسيّرات فوق أراضي مقاطعة كالوجا، و5 مسيّرات فوق أراضي مقاطعة تولا، و3 مسيّرات فوق أراضي مقاطعة بيلجورود، وطائرتين مسيّرتين فوق أراضي مقاطعة فورونيج».

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يوقعان اتفاقاً تاريخياً (أ.ب)

كانت السلطات الروسية قد ذكرت في وقت مبكر، السبت، أن حريقاً اندلع في مستودع للوقود في منطقة تولا جنوب موسكو بعد أن شنت أوكرانيا هجوماً بطائرات مسيّرة.

وكتب حاكم المنطقة دميتري ميلييف على تطبيق «تلغرام» أن الهجوم على المنشأة لم يسفر عن وقوع إصابات. وقال ميلييف إنه تم تدمير 5 مسيّرات. يذكر أنه لا يمكن التحقق من هذه المعلومات بشكل مستقل.

وقالت السلطات المحلية إن تولا، الواقعة على بعد 160 كيلومتراً جنوب موسكو، تعرضت للاستهداف بعد ساعات فقط من هجوم مماثل بطائرات مسيّرة في منطقة كالوجا، جنوب غربي العاصمة، تسبب أيضاً في نشوب حريق في منشأة لتخزين الوقود.

وصباح الخميس، كان رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يقوم بزيارة في كييف لإبرام شراكة أمنية تمتدّ على 100 عام مع أوكرانيا.

جنود روس في مكان غير معلن في أوكرانيا (أ.ب)

من جانب آخر اتهم الحزب الاشتراكي الديمقراطي منافسيه في الانتخابات العامة المقبلة بتضليل الناخبين في ألمانيا عمداً في النزاع حول منح مساعدات إضافية بمليارات اليوروات لأوكرانيا. وقال زعيم الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي الديمقراطي، رولف موتسنيش،

في تصريحات لصحف مجموعة «فونكه» الألمانية الإعلامية: «يتصرف (التحالف المسيحي) و(الحزب الديمقراطي الحر)، ولسوء الحظ (حزب الخضر) أيضاً، بشكل غير مسؤول، ويخدعون الجمهور فيما يتعلق بمسألة ما إذا كان من الممكن توفير أموال إضافية لأوكرانيا».

وذكر موتسنيش أن هناك فجوة في الميزانية العامة الحالية تصل إلى عشرات المليارات من اليوروات، وقال: «إذا كان من المقرر زيادة مساعدات الأسلحة بأموال إضافية قدرها 3 مليارات يورو، فيجب توفير هذه التكاليف من مكان آخر».

صورة من مقطع فيديو وزعته دائرة الصحافة التابعة لوزارة الدفاع الروسية 16 يناير 2025 تُظهر قاذف الصواريخ الثقيل «TOS-1A Solntsepyok» يُطلِق النار باتجاه مواقع أوكرانية (أ.ب)

وأشار إلى أن الأحزاب الأخرى لم تقدم أي إجابة في هذا الشأن، وقال: «من يتصرف بهذه الطريقة المشكوك فيها وغير المسؤولة فيما يتعلق بالسياسة المالية لا يمكن أن يكون جاداً حقاً في المطالبة بدعم إضافي لأوكرانيا، ولكنه يحاول فقط إثارة الانتباه في الحملة الانتخابية».

أعربت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل عن اعتقادها بأنه لا يمكن لأوكرانيا أن تظل دولة مستقلة في ظل الهجوم الروسي عليها دون دعم الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو). ورأت ميركل أن الشراكة عبر الأطلسي أصبحت اليوم لا يمكن الاستغناء عنها بصورة أكبر من أي وقت مضى.

زيلينسكي ورئيس الوزراء البولندي دونالد توسك (إ.ب.أ)

جاء ذلك خلال كلمة ألقتها المستشارة الألمانية السابقة كضيفة شرف في حفل استقبال العام الجديد، نظمه «الحزب المسيحي الديمقراطي» بولاية شمال الراين-ويستفاليا في مدينة دوسلدورف (عاصمة الولاية)، وذلك قبل مراسم تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، الاثنين. وصرحت ميركل، التي تنتمي لـ«الحزب المسيحي»، بأن الهجوم الذي شنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أوكرانيا أدى إلى تعطيل المبدأ الأساسي لنظام ما بعد الحرب في أوروبا، والخاص بحرمة الأراضي السيادية للدول. وقالت ميركل إن من غير الممكن «منع بوتين من الانتصار في الحرب والحفاظ على أوكرانيا كدولة مستقلة» إلا بدعم الولايات المتحدة والعمل ضمن إطار حلف «الناتو».