أصداء «طلعت ريحتكم» اللبنانية تصل إلى شوارع مصر

الحكومة تكثف من تحركاتها للنظافة تجنبًا لمزيد من الأزمات

أصداء «طلعت ريحتكم» اللبنانية تصل إلى شوارع مصر
TT

أصداء «طلعت ريحتكم» اللبنانية تصل إلى شوارع مصر

أصداء «طلعت ريحتكم» اللبنانية تصل إلى شوارع مصر

بدأت أصداء حملة «طلعت ريحتكم» اللبنانية تصل إلى شوارع مصر وسلطاتها التنفيذية، التي تلقفت الرسالة سريعا، وبدأت في إطلاق مبادرات وحملات قومية للقضاء على أزمة القمامة، المتفاقمة منذ سنوات، على أمل إيجاد حلول لها، تجنبا لمزيد من الأزمات مع المواطنين، الذين لا يكفون عن الشكوى من غلاء الأسعار وتدني الخدمات على جميع المستويات.
وبدا أن السلطات المصرية تحاول تجنب تكرار ما حدث من عدوى فيما عرف بـ«الربيع العربي»، بعد أن فشلت مقولة «مصر ليست تونس» التي تبناها نظام مبارك قبل سقوطه في ثورة 25 يناير 2011. فأدركت الحكومة الحالية أن مصر ليست بعيدة عن لبنان، ومن ثم أطلقت الوزارات والأجهزة المعنية بالبيئة، مدعومة بوسائل إعلامية مناصرة لها، حملات واسعة للقضاء على أزمة القمامة، تحت مسميات متعددة منها «مصر جميلة، ومصر نظيفة».
ويقول الإعلامي خيري رمضان، صاحب مبادرة «مصر بتنضف»: «محتاجين مصر بتنضف عشان منوصلش لطلعت ريحتكم».
ويقدر حجم القمامة اليومية في مصر بـ47 ألف طن، يبلغ نصيب القاهرة الكبرى بمفردها منها 19 ألف طن يوميا، وفقا لتقرير صادر عن وزاره البيئة مؤخرا. وسبق أن قام عدد من الشباب باحتجاجات «إلكترونية» اعتراضا على أكوام القمامة المنتشرة في الشوارع، على مدار الأعوام الماضية، منها حملة لرمي القمامة أمام المجالس المحلية لحث المسؤولين على رفعها من الشوارع، لكنها لم تجد أي صدى حكومي قبل ذلك.
النشاط الحكومي المفاجئ لحل الأزمة، بدأ بعقد رئيس الوزراء إبراهيم محلب اجتماعًا الخميس الماضي لمنظومة النظافة، بحضور وزراء التنمية المحلية والتخطيط والتطوير الحضاري والصحة والبيئة، ومحافظي القاهرة والجيزة والقليوبية والبحيرة والإسكندرية، وعدد من رؤساء شركات النظافة، شدد خلاله محلب على ضرورة وضع حل جذري لمشكلة القمامة، قائلا: «الشوارع لازم تنضف من القمامة.. وهذا كلام نهائي، هذا أمن قومي للبلد». وكلف محلب خلال الاجتماع الوزراء المعنيين بتقديم تقرير أسبوعي عن مستوى النظافة في جميع المحافظات.
وقال الدكتور خالد زكريا العادلي، محافظ الجيزة، لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «هناك توجها جديا لدى الحكومة حاليا للقضاء على المشكلة»، مشيرا إلى أن الحكومة تدرك أبعادها جيدا وحجم ما وصلت إليه وتعمل جاهدة على حلها. وأضاف المحافظ: «رئيس الوزراء أمهل المسؤولين شهرين لحل الأزمة، وأن يشعر المواطن بتقدم ملحوظ في مستوى الخدمة»، لكنه أضاف: «الأمر صعب جدا يحتاج لوقت أكبر وإمكانيات كبيرة، في ظل عجز شديد في الموارد المادية والبشرية التي تمتلكها كل محافظة». وتابع العادلي: «لدينا حاليا - بالتعاون مع الوزارة - منظومة متكاملة لحل المشكلة وبدأنا في تطبيقها بشكل تدريجي، تنقصنا فقط الإمكانيات». وأشار المحافظ إلى صعوبة التحدي، موضحا أنه «في مصر ينتج المواطن متوسط 3 أضاعف القمامة التي ينتجها الفرد على مستوى العالم»، وتابع متعجبا: «ربما يدل هذا على غنى وليس فقرا».
ونوه إلى أنه في مناطق بالولايات المتحدة يتم رفع الزبالة مرة في الأسبوع، بينما في مصر «يحتاج الأمر إلى رفعها من منطقة واحدة 3 و4 مرات يوميا».
في السياق ذاته، قالت الدكتورة ليلى إسكندر، وزيرة الدولة للتطوير الحضاري والعشوائيات، إن المنظومة القومية للنظافة التي نسعى لتطبيقها تقوم على عودة الجمع السكني للقمامة من أمام باب الشقة، وأن مجلس الوزراء وافق خلال اجتماعه الأخير على منح السلطة لجميع المحافظين بالتعاقد بالأمر المباشر مع أي شركة لتدوير مخلفات القمامة مشيرة إلى أن رئيس مجلس الوزراء أصدر توجيهًا واضحًا بتوقيع الغرامة على المخالفين.
وتابعت الوزيرة، أن التوجيه كان من محلب لكافة المحافظين بأن الغرامة توقع بعد ثلاثة أمور، الأول هو تقديم خدمة النظافة للمواطنين بمستوى جيد، والثاني هو توفير المعدات اللازمة لعمل شركات جمع القمامة وتذليل العقبات التي تواجهها ثم عودة جمع القمامة من المنزل، وبعد التطبيق توقع الغرامة على المخالفين.
من جهتها، قررت وزارة الأوقاف إطلاق حملة موسعة تبدأ يوم (الأربعاء) المقبل، من جميع مساجد الجمهورية عقب صلاة الظهر، تجمع بين الدعوة إلى تأكيد أهمية النظافة، والمشاركة الفعلية والعملية فيها بنظافة المساجد ومحيطها، بالتنسيق مع الجهات المعنية. وقال الشيخ محمد عبد الرازق عمر، رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف، إن إطلاق الحملة يأتي بعد الأثر الإيجابي الكبير، والصدى المجتمعي الطيب، لتخصيص خطبة الجمعة للحديث عن النظافة، وأثرها في حياة الفرد والمجتمع.
وأضاف عبد الرازق أنه سيتاح للمتطوعين من أهالي كل منطقة المشاركة في الحملة، من خلال التنسيق مع إمام المسجد الذي يقع سكنهم في محيطه.
وكانت وزارة الأوقاف قد خصصت خطبة يوم الجمعة الماضي للحديث عن النظافة. فيما قررت جامعة الأزهر الاستجابة لحملة «مصر نظيفة»، وأطلقت بدورها حملة (أنا أُنظف مدينتي) بمشاركة 1500 طالب.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.