لبنان: استقالة سلام «معلقة» بعد جلسة غاب عنها وزراء عون وحزب الله

عون باتجاه اللحاق بالتحركات الشعبية.. وحملة «طلعت ريحتكم»: غير مرحب بأحزاب السلطة بيننا

رئيس الحكومة اللبناني تمام سلام يترأس اجتماع مجلس الوزراء أمس بغياب وزراء حزب الله ومعظم وزراء فريق {8 اذار} (رويترز)
رئيس الحكومة اللبناني تمام سلام يترأس اجتماع مجلس الوزراء أمس بغياب وزراء حزب الله ومعظم وزراء فريق {8 اذار} (رويترز)
TT

لبنان: استقالة سلام «معلقة» بعد جلسة غاب عنها وزراء عون وحزب الله

رئيس الحكومة اللبناني تمام سلام يترأس اجتماع مجلس الوزراء أمس بغياب وزراء حزب الله ومعظم وزراء فريق {8 اذار} (رويترز)
رئيس الحكومة اللبناني تمام سلام يترأس اجتماع مجلس الوزراء أمس بغياب وزراء حزب الله ومعظم وزراء فريق {8 اذار} (رويترز)

مرّت جلسة مجلس الوزراء يوم أمس بـ«هدوء حذر» رغم مقاطعة معظم وزراء فريق «8 آذار» وتحديدا من حزب الله و«التيار الوطني الحر» و«تيار المردة» و«الطاشناق»، بما بدا وكأنّه اتفاق ضمني بتمرير الجلسة و«تعليق» استقالة رئيسها الذي كان قدّ هدّد باتخاذ القرار المناسب إذا لم تكن منتجة.
ونجحت الحكومة في اتخاذ قرارات «للصالح العام لا يمكن أن يعترض عليها أحد» وفق ما أشارت مصادر سلام، فيما أجمعت المواقف على استمرار الاتصالات لعودة كل الوزراء إلى الحكومة. وتمنّى رئيس مجلس النواب نبيه بري على سلام التريّث في الدعوة إلى عقد الجلسات إفساحا في المجال أمام المشاورات بغية التوصّل إلى حلول تضمن حضور الأطراف كافة، وفق ما ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام. وأبرز القرارات التي اتخذتها الحكومة كانت تلك المتعلقة بفتح اعتمادات لرواتب موظفي القطاع العام كما تم البحث في أفكار جديدة لمعالجة النفايات تتماشى مع مطالب المجتمع المدني، ولا سيما منها التعاون مع البلديات.
وتعليقا على غياب وزراء «8 آذار» باستثناء، وزراء بري، عن جلسة أمس، قالت مصادر سلام لـ«الشرق الأوسط» «لا نعرف ماذا حصل. بعدما كانت الأجواء تشير إلى أنهم سيحضرون الجلسة، عاد وزير الخارجية جبران باسيل واتصل صباحا بالرئيس سلام لإبلاغه العكس»، معتبرة في الوقت عينه أن «غيابهم ليس قطيعة إنما قد يكون إفساحا في المجال أمام المزيد من المباحثات لا سيما أنّ التواصل لا يزال مستمرا». وأكّدت المصادر أنّ القرارات الذي اتخذت هي غير استفزازية لأنها لصالح الناس واصفة الجلسة بـ«المنتجة»، وهو الأمر الذي كان يسعى إليه رئيس الحكومة، وأكّدت في الوقت عينه «أن سلام غير راض ومنزعج مما يحصل لكن عليه تحمل المسؤولية».
في المقابل، اكتفى وزير التربية الياس بو صعب، المحسوب على عون، بالقول: «ما حصل دليل على أنّه لا يمكن لعمل مجلس الوزراء أن يستمر في غياب أي فريق». وفيما وصف في حديثه لـ«الشرق الأوسط» الاتفاق على سحب المراسيم السبعين التي وقعتها الحكومة وكانت في طريقها إلى النشر في الجريدة الرسمية، بـ«الخطوة الإيجابية»، أمل أن تؤدي المباحثات المستمرة بين الأطراف السياسية إلى نتائج إيجابية، مضيفا: «التواصل ثم التواصل، لا حلّ إلا بالتوصل إلى تفاهمات تخرج الوضع السياسي من المأزق».
وكان وزراء فريق 8 آذار قد انسحبوا من جلسة الثلاثاء الماضي معترضين على ما وصفوه بـ«عدم المشاركة في القرار» وتجاوزهم في توقيع 70 مرسوما باعتماد صيغة الأكثرية بدل الإجماع، رغم الاتفاق المسبق على آلية عمل تتطلب توقيع كل الوزراء.
بدورها قالت مصادر في «8 آذار» أنّ قرار عدم مشاركة وزراء هذا الفريق هو رسالة إلى سلام بأنّ ما حصل في الجلسة الماضية لا يمكن أن يتم تمريره، مشيرة في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّه وبعدما جمّدت المراسيم السبعين التي اتخذت، عادت الآن المباحثات إلى المربع الأوّل وتحديدا إلى ضرورة تطبيق «مبدأ الشراكة» الذي تم التوافق عليه لسير عمل الحكومة وعدم تجاهل أي مكون رئيسي، مؤكدة أنه لا يمكن اتخاذ القرارات إلا بالإجماع وبتوقيع الـ24 وزيرا.
أما فيما يتعلّق بالتحركات الشعبية التي لوّح بها «التيار الوطني الحر» قالت المصادر، من المبكر التكلّم في هذا الأمر الآن، لكن هذا لا يعني أن القرار مستبعد وحزب الله سيكون مع عون ضمن توجّه واحد، مذكّرة بما سبق لأمين عام حزب الله حسن نصر الله أن أعلنه، بالقول: «هل لديكم ضمانات بأننا لن ننزل إلى الشارع؟». ونفت المصادر المعلومات التي أشارت إلى إمكانية انضمام حزب الله إلى مظاهرات «حراك طلعت ريحتكم»، موضحة «سبق لنا أن أيدنا المطالب المحقة التي يطالب بها الشعب، لكن قرار النزول إلى الشارع سيكون بناء على مطالب سياسية».
وكانت معلومات ترددت أنّ عون سيتخّذ قرارا بالعودة إلى التحركات الشعبية وقد ينضم إلى مظاهرات «طلعت ريحتكم» ولا سيما إلى المظاهرة الكبرى يوم غد، وهو ما لمح إليه عضو التكتّل، وزير العمل السابق سليم جريصاتي بالقول: «لا يمكن لحملة (طلعت ريحتكم) أن تربح المعركة، إن لم تتبنها تيارات سياسية لا غبار على مسيرتها النضالية، علما بأن شعاراتنا واحدة».
لكن «حراك طلعت ريحتكم» أعلن رفضه مشاركة الأحزاب في تحركاته، وقال في بيان له «إلى كافة الأحزاب السياسية اللبنانية التي دعت في السر والعلن إلى مظاهرة السبت في محاولة وقحة لسرقة صوت الناس والإيحاء أن مظاهرتنا تتخذ طرفًا، ونطمئنهم أن مشاركتهم غير مرحب بها طالما أنهم جزء من السلطة، كما ندعو الأصدقاء إلى النزول بأعداد كبيرة جدًا لحماية المظاهرة وتحركنا وصوتنا من أي استغلال». وهو ما أكّد عليه الصحافي والناشط في الحراك حسان الزين، قائلا في حديثه لـ«الشرق الأوسط» «لا مكان بيننا للأحزاب ولا سيما تلك الموجودة في السلطة، تحركنا مستقل وسيبقى كذلك».
وحدد عضو «تكتل التغيير والإصلاح» الوزير السابق فادي عبود لـ«المركزية» شروط العودة إلى مجلس الوزراء بإلغاء كل المراسيم الجمهورية وأن تكون المشاركة في الحكم حقيقية، والاتفاق على آلية عمل داخل مجلس الوزراء. وقال: «يفترض التوصل إلى حلحلة، فرئيس مجلس النواب طرح حلولاً عدة، أما الفريق الآخر فمتشبث بموقفه، ونحن ماضون في موقفنا، وإذا استمر هذا الوضع فنحن متجهون حتمًا إلى التصعيد بعدما أفسحنا المجال للتوصل إلى حلحلة وتجنّب الصدامات وعدم الرجوع إلى نقطة الصفر».
كذلك، قال وزير الثقافة روني عريجي المحسوب على «تيار المردة» لـ«المركزية» «لسنا مستقيلين ولا معتكفين، لكننا لم نحضر هذه الجلسة تفاديا لمزيد من الاحتقان ولعلّ المجلس ينجح في اتخاذ بعض القرارات، وبعدها سنرى ما يحصل»، مشيرا إلى «إننا كـ(مردة) وكفريق 8 آذار ومعنا أيضا وزراء آخرون، نقول إن المراسيم العادية تحتاج 24 توقيعا، وإذا تساهلنا في بعضها، فذلك من باب حسن النية فقط»، مشيرا إلى أن «المراسيم موضع الأشكال التي أقرت، جُمدت، ويبحث عن حل لها حاليا، أما آلية العمل فما زالت قيد النقاش».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.