المشهد

النجاح حلو..

المشهد
TT

المشهد

المشهد

* فيلمان حققا نجاحا في «شباك التذاكر» الأميركي هذا الأسبوع، بينما لم تحقق باقي الأفلام نجاحا مأمولا. الفيلم الأول هو «مباشرة خارج كومبتون» (Straight Outta Compton) للمخرج الأفرو-أميركي ف. غاري غراي، وإنتاج الممثل (الأفرو-أميركي أيضًا) آيس كيوب.

* عندما احتل هذا الفيلم المركز الأول في العروض الأميركية قبل أسبوعين كان نجاحه مفاجئًا، إذ سجل نحو 60 مليون دولار غير متوقعة. المفاجأة الثانية هي أنه بقي صامدًا في الأسبوع الثاني أمام أفلام جديدة مثل «الرجل من أونكل» و«الهدية». المفاجأة الثالثة التي سجلها هذا الأسبوع هي أنه ما زال يستحوذ على القمة على الرغم من إرسال «العميل 47» و«شرير 2» و«أميركان ألترا» ضده. مجموع ما أنجزه هذا الفيلم حتى الآن 115 مليون دولار (علمًا بأن كلفته لم تتجاوز 30 مليون دولار).

* الفيلم الثاني هو «المهمّة مستحيلة 5» الذي بدأ عرضه قبل أربعة أسابيع سجّل خلالها 160 مليون دولار داخل أميركا الشمالية وضعفي ذلك عالميًا، واحتل المرتبة الأولى إلى أن انتزعها منه «مباشرة خارج كومبتون». لكنه لم يتأثر بذلك كثيرًا فبقي في المركز الثاني، بينما تهاوت أفلام منافسة بسرعة صاروخية منها «الرجل - النملة» و«فانتاستيك فور».

* هذان الفوزان لهما أسباب عدّة. بالنسبة لـ«مباشرة خارج كومبتون» هناك مسألة الوضع الذي يعيشه الأفرو-أميركيون في الظرف الحالي، إذ تكاثرت الأحداث العنيفة التي راح ضحيتها سود على أيدي رجال شرطة بيض. الفيلم يتطرّق إلى أوضاع اجتماعية حقيقية على نحو واقعي، ومن بينها تصوير الصدام المتعسف الذي يتعرض له السود الأبرياء منهم والمذنبون. هو أيضًا فيلم موسيقي، والموسيقى تعبير آخر عن أوضاع المجتمع كما الحال في كل مجتمعات العالم. وهو فوق هذا وذاك يتناول قصّة حياة تستند إلى شخصيات حقيقية.

* بالنسبة لفيلم توم كروز الذي يقع على بعد سنوات ضوئية من كل ما سبق، فإن الاسم الرنان للسلسلة ما زال الباعث الأول لكن بفارق قصير عن باعث ثان: ذلك التريلر الذي يصوّر توم كروز وهو ينادي على صديقه طالبًا منه التدخل لإنقاذه. لقد تعلّق كروز بجناح الطائرة على أمل أن يستطيع صديقه (سايمون بَغ) إيقاف الطائرة، لكن الصديق لم يستطع إصدار الأمر، فارتفعت الطائرة وتوم كروز ما زال فوق جناحها. الفيلم، بمهارة، يورد هذا المشهد في البداية والناس أقبلوا ليعرفوا كيف سينجو كروز من هذا المأزق، وبقوا ليعرفوا كيف سينجو كروز من مآزق أخرى في الفيلم.

* جمهور «المهمة مستحيلة 5» معروف: جمهور خليط من الذين واكبوا سابقًا مغامرات هذه السلسلة (جيل قديم) ومن الذين يتعرّفون عليها لأول مرّة (جيل جديد) وفريق من هواة سينما النوع أو أفلام توم كروز. لكن جمهور الفيلم الآخر («كومبتون») هو الأصعب على الفرز: غالبية المشاهدين هم أفرو-أميركيون، لكن هؤلاء لا يشكلون في العادة نسبة كبيرة من الروّاد. كونهم الغالبية هنا يجعل المشاهدين البيض قلّة، لكن هناك نسبة مختلطة كبيرة من هواة موسيقى الراب والثقافة الأفرو-أميركية هي التي صنعت هذا النجاح.

* أخيرا، هذا الفيلم من توزيع «يونيفرسال» التي أعلنت صباح أمس الخميس أنها أنجزت أعلى نجاح حققته مؤسسة سينمائية في التاريخ: 5 مليارات و530 مليون دولار خلال عام 2015 والعداد ما زال جاريًا.



8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.