«أحرار الشام» تعدّ نفسها لتنسجم مع شروط المنطقة الآمنة.. و«إخوان سوريا» يطلب ودها

قيادي معارض لـ«الشرق الأوسط»: الحركة تسعى لتنقية صفوفها من الاختراقات

صورة مأخوذة من شريط فيديو بثه تنظيم داعش عن تفجير معبد بعل شامين في مدينة تدمر الأثرية شرق سوريا أول من أمس (أ.ف.ب)
صورة مأخوذة من شريط فيديو بثه تنظيم داعش عن تفجير معبد بعل شامين في مدينة تدمر الأثرية شرق سوريا أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

«أحرار الشام» تعدّ نفسها لتنسجم مع شروط المنطقة الآمنة.. و«إخوان سوريا» يطلب ودها

صورة مأخوذة من شريط فيديو بثه تنظيم داعش عن تفجير معبد بعل شامين في مدينة تدمر الأثرية شرق سوريا أول من أمس (أ.ف.ب)
صورة مأخوذة من شريط فيديو بثه تنظيم داعش عن تفجير معبد بعل شامين في مدينة تدمر الأثرية شرق سوريا أول من أمس (أ.ف.ب)

دخل تنظيم «الإخوان المسلمين» على خط التأييد لحركة «أحرار الشام»، بإعلان المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا محمد حكمت وليد عن وجود «قواسم مشتركة» و«أرض خصبة» للتعاون بين الإخوان وحركة «أحرار الشام» المسلحة المعارضة للنظام، تتلخص في «وجود إمكانية التكامل السياسي والعسكري بين الجانبين».
وسرعان ما صدر نفي عن «الإخوان» أنفسهم، موضحا أن الأنباء التي تواردت هي جزء مقتضب من حوار مع المراقب العام للجماعة. وفي بيان للمكتب الإعلامي للجماعة أوضح عدم وجود نية لديها بالتكامل مع حركة أحرار الشام، معتبرة أن التصريحات التي انتشرت اقتطعت من حوار جرى مع المراقب العام «بصورة مخلة». وأوضح بيان الجماعة أن النص المقتطع يدل على التكامل ما بين السياسي والعسكري بشكل عام، دون تخصيص فصيل من الفصائل.
إلى ذلك، حدد الائتلاف الوطني السوري المتطلبات الأساسية للفصائل العسكرية السورية المعارضة للعمل داخل المنطقة الآمنة المزمع إنشاؤها على الحدود التركية، أهمها أن تكون «أولويتها وأجندتها سورية، ولا تتبع أي طرف خارجي وخصوصًا تنظيم القاعدة»، بحسب ما قال أحمد رمضان، عضو الائتلاف الوطني لـ«الشرق الأوسط».
ويأتي الكشف عن تلك المتطلبات، بالتزامن مع إعلان حركة «أحرار الشام»، انخراطها في عملية هيكلة جناحها العسكري، وتشكيل نواة جيش سوري وطني، بعد نفي جناحها السياسي أي علاقة لها بتنظيم القاعدة، من غير أن تربط تلك الخطوات بإنشاء المنطقة الآمنة، على الرغم من أن توقيت إعلان التغييرات في بنيتها العسكرية، و«تنقية الجسم العسكري من الاختراقات»، يؤشر إلى دور مستقبلي للتنظيم في المنطقة الآمنة.
وقال رمضان لـ«الشرق الأوسط» إن الائتلاف يعتبر أنه «من المهم لأي فصيل عسكري سوري أن تكون أولوياته وأجنداته سورية وتخص الثورة والتغيير، ولا يرتبط بأي جهة خارجية، وخصوصا (القاعدة)»، مشيرًا إلى «أننا نحثّ دائما أي طرف أن ينأى بنفسه عن التدخلات الخارجية والتعاون مع قوى وأهداف لا تتصل بالثورة السورية».
وإذ نفى معرفته بأي معلومة متّصلة بدور مفترض للأحرار في المنطقة الآمنة، قال إن «هناك حوارًا موسعًا داخل (الأحرار) حول ضرورة إعادة الهيكلة»، مشيرًا إلى «أننا نعتبرها تنظيمًا سوريًا، وربما لديها بعض العناصر سبق أن قاتلت في صفوف المتشددين، لكن التنظيم يتجه لهيكلة نفسه بما يتوافق مع الوضع الداخلي».
وأكد أن المنطقة الآمنة «ستخضع لأولوية سورية، وكل المقاتلين سيرتبطون بالائتلاف والحكومة المؤقتة ويعملون على إنجاح التجربة السورية الصرفة»، لافتًا إلى القوى العسكرية التي ستعمل في المنطقة الآمنة «ستحصل على مظلة تنفيذية من الحكومة المؤقتة، وسياسية من الائتلاف، وعسكرية من نواة الجيش النظامي السوري الجديد».
وكان المكتب السياسي لحركة «أحرار الشام» أعلن في بيان أن الحركة «تسعى من خلال عملها العسكري والسياسي لتمكين الشعب السوري من مصيره، بما ينسجم مع تاريخه وهويته الإسلامية ونسيجه الاجتماعي من خلال عملية سياسية شفافة تحقق أهداف الثورة».
وأكدت الحركة «اعتمادها على السوريين بشكل صرف، دون أن يكون لها أي علاقات تنظيمية مع تنظيم القاعدة أو أي جهات خارجية»، حسب وصفها.
ويقول المستشار القانوني لـ«الجيش السوري الحر» أسامة أبو زيد، إن «أحرار الشام» أطلقت «عملية ترتيب للبيت الداخلي، بعد اغتيال قادتها» في تفجير أسفر عن مقتل 50 قياديًا من الصف الأول والثاني خلال اجتماع لهم العام الماضي. وأشار في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن القادة الذين تعرضوا للاغتيال «كانوا أطلقوا عملية ترتيب صفوفهم، وهناك مؤشرات على أنهم تعرضوا للاغتيال بسبب تلك الجهود»، لافتًا إلى «القيادي أبو يزن الشامي كان بدأ مشوار الإصلاح، ولم يكن على علاقة طيبة بجبهة النصرة وآخرين».
وبعد ساعات على نفي علاقتها بـ«النصرة»، أعلن القائد العام للحركة هاشم الشيخ، إعادة هيكلة الجناح العسكري في الحركة، بهدف تكوين «جيش نظامي»، وبدء تشكيل القوة المركزية الجديدة تحت اسم «كتائب صقور الشام».
ويشير أبو زيد إلى أن القيادة الجديدة «يعاد تشكيلها لتنقية الحركة من اختراقات»، لافتًا إلى أن «(داعش) اخترقت تنظيمات كثيرة، و(الأحرار) من ضمنهم، وهو ما دفعها لإعادة تنظيم بيتها الداخلي». وذكّر بفصل الشرعي أبو شعيب مساء أول من أمس، الذي «كان يكتب تغريدات مضادة للتحالف مع دول صديقة للشعب السوري». ويضيف: «(الأحرار) تسير في طريق التغيير عبر خطوات هادفة لإزالة المواقف المسبقة عنها والتصنيفات غير الصحيحة، مثل القول إن الموقف العدائي من أميركا مبني على سوء تفاهم»، موضحًا أن الهيكيلية الجديدة «تتضمن إعلانا لا لبس فيه بأنها لا تتبع لحلفاء الأحرار، مثل جيش الفتح أو النصرة التي كانت تربطها بها علاقة متينة».
وتتخذ إجراءات «أحرار الشام» أبعادًا أخرى، مع اقتراب موعد العملية الجوية الشاملة لكل من واشنطن وأنقرة ضد «داعش» في الشمال السوري والتي تهدف إلى طرد التنظيم من المناطق الحدودية مع تركيا وتسليمها لقوات المعارضة السورية المعتدلة، حسب تصريحات وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، الاثنين.
ولا ينفي أبو زيد أن تكون «أحرار الشام» تتطلع إلى شراكة في المنطقة الآمنة التي يُحكى عنها، مثل فصائل معتدلة أخرى، رغم أن المنطقة الآمنة ستكون في ريف حلب الشمالي، بينما تتمتع «أحرار الشام» بنفوذ قوي في ريف إدلب، وليس في حلب، لكنه يشير إلى أن «هناك استحقاقات أخرى على الطاولة، بينها خطة دي ميستورا الجديدة، والمنطقة الآمنة وقرارات منتظرة عن مجلس الأمن الدولي»، مشيرًا إلى أن التنظيم «يسعى لأن يكون شريكًا في الاستحقاقات، على ضوء نفوذه العسكري القوي في إدلب».
ويرفض أبو زيد القول إن الأحرار يسعى لخطب ود الغرب، مشيرًا إلى أنهم «انخرطوا في عملية تصحيح للمسار، ويعتبرون أنفسهم ظلموا لجهة التصنيف الذي قارب بينهم و(النصرة) أو تنظيمات متشددة أخرى»، لافتًا إلى أن تحالفهم من «النصرة» دفع البعض إلى «اتخاذ مواقف متصلبة منهم، علما بأنهم بدأوا مسار التصحيح منذ تغيير الشعار إلى (ثورة شعب)».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.