استأنفت الكوريتان الشمالية والجنوبية أمس المحادثات التي بدأت تجنبا لنزاع مسلح، لكن سيول اتهمت بيونغ يانغ بالنفاق وتقويض المفاوضات بنشرها أسلحة بحرية وبرية جديدة.
وأعلن ناطق باسم وزارة الدفاع الكورية الجنوبية أن «70 في المائة من أسطول الغواصات الكورية الشمالية، والبالغة نحو 50 غواصة، اختفت من شاشات الرادار الكورية الجنوبية»، وأضاف أن «تحرك هذا العدد الكبير من الغواصات غير مسبوق»، مشيرا إلى أن «العدد أكبر بعشر مرات من المستوى الطبيعي... وننظر إلى هذا الوضع بجدية كبيرة».
وأكد المتحدث باسم الجيش أن «كوريا الشمالية ضاعفت أيضًا عدد وحدات المدفعية التي نشرتها على الحدود»، معتبرا أن «الشمال يتبنى مواقف منافقة بينما المفاوضات متواصلة، وفي ذات السياق أشارت وكالة الأنباء الكورية الجنوبية «يونهاب» نقلا عن مسؤولين عسكريين أن «عملية نشر الغواصات تعتبر الأكبر منذ انتهاء الحرب بين الكوريتين التي وقعت بين 1950 - 1953».
إلى ذلك، قال أحد المسؤولين الكوريين الجنوبيين: «لا أحد يعرف ما إذا كان الشمال سيهاجم سفننا الحربية أو التجارية... ونقوم بحشد كل وسائل المراقبة لرصد مواقع الغواصات التي تملك كوريا الشمالية سبعين منها في أسطولها الذي يعد الأكبر في العالم، مقابل عشر غواصات تملكها كوريا الجنوبية».
واستؤنفت المفاوضات بعد ظهر أمس في بلدة بانمونجوم الحدودية، إذ وقع وقف إطلاق النار في نهاية الحرب بين الكوريتين، وكانت المحادثات التي لم تسفر عن نتيجة استمرت أول من أمس لنحو 10 ساعات. ويرى محللون أن استمرار المفاوضات مؤشر إيجابي، وقالت الرئاسة الكورية الجنوبية إن الجانبين «سيواصلان تضييق فجوة الخلافات بينهما».
ولكن تقريب وجهات النظر يبدو مهمة شاقة في ظل حالة التأهب القصوى لجيشي البلدين ونشرهما قوات على الحدود التي شهدت تبادلا للقصف المدفعي من قبل، وكان اللقاء بدأ أول من أمس قبيل انتهاء مهلة الإنذار الذي وجهه الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ - أون مهددا الجنوب بـ«حرب شاملة» في حال لم توقف بث رسائل دعائية بمكبرات الصوت على الحدود. ورفضت سيول إسكات مكبرات الصوت قبل أن تعتذر بيونغ يانغ عن انفجار ألغام مضادة للأفراد أدى إلى بتر أطراف جنديين كوريين جنوبيين خلال دورية على الحدود مطلع أغسطس (آب) الحالي.
وقررت كوريا الجنوبية بعد هذا الحادث إعادة تشغيل مكبرات الصوت الدعائية التي توقفت في 2004 في إطار اتفاق مشترك بين الجانبين، وأثارت هذه الخطوة غضب بيونغ يانغ التي تنفي أي تورط لها في انفجار الألغام، وتصاعد التوتر إلى درجة تبادل للقصف المدفعي يوم الخميس الماضي على الحدود بين البلدين.
وأكد المحلل في المعهد الكوري للتوحيد الوطني في سيول جونغ يونغ - تاي لوكالة الصحافة الفرنسية أن «الجانبين يمكن أن يصدرا إعلانا يعبران فيه عن الأسف دون ذكر الشمال على أنه الجهة المسؤولة»، وأضاف: «لكنني لا أعتقد أن بيانا مبهما بهذا الشكل سيكون مجديا هذه المرة»، مشيرا إلى أن بتر أطراف الجنديين أدى إلى تجييش العواطف في الجنوب.
وتابع المحلل: «لذلك أعتقد أن النتيجة المثلى لهذا اللقاء ستكون اتفاقا على اجتماع رفيع المستوى في المستقبل على مستوى وزارة الدفاع»، وأعادت كوريا الشمالية تموضع وحدات للمدفعية بينما قامت مقاتلات كورية جنوبية وأميركية بتدريبات على عمليات قصف وهمية.
وفي إجراء وقائي، تم إجلاء مئات المدنيين الكوريين الجنوبيين المقيمين قرب الحدود أو من وحدات للحملة الدعائية العسكرية، من منازلهم إلى ملاجئ تحت الأرض.
ويترأس المفاوضات في بانمونجوم مستشار شؤون الأمن القومي في كوريا الجنوبية كيم كوان - جيم ونظيره الكوري الشمالي هوانغ بيونغ - سو الذي يعتبر الرجل الثاني في النظام واحد أقرب مساعدي كيم جونغ أون. وقال الناطق باسم الرئاسة الكورية الجنوبية أول من أمس إن «الجانبين أجريا مناقشات معمقة حول وسائل تسوية الوضع الذي تطور مؤخرا وتحسين العلاقات بين الكوريتين في المستقبل». ومع ذلك رحب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بقرار استئناف المفاوضات ودعا البلدين إلى «مضاعفة» الجهود، وقال في بيان إنه «يشجع الجانبين على العمل من أجل أن يمهد استئناف المحادثات الطريق أمام خفض التوتر».
ويذكر أن الكوريتين في حالة حرب تقنية منذ 65 عاما، إذ إن الحرب بينهما انتهت بوقف لإطلاق النار ولم يوقع اتفاق سلام رسمي، وتراقب الأسرة الدولية عن كثب التطورات في شبه الجزيرة الكورية. ودعت الصين الدولة الرئيسية الداعمة لكوريا الشمالية، إلى الهدوء وضبط النفس. وترغب بكين في تجنب أي تصعيد بينما تحاول جذب قادة العالم لحضور الاحتفالات بذكرى هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية في سبتمبر (أيلول) المقبل. كما دعت الولايات المتحدة، التي تنشر نحو ثلاثين ألف عسكري في كوريا الجنوبية، الشمال إلى ضبط النفس.
الكوريتان تستأنفان محادثاتهما والتوتر سيد الموقف
إجلاء السكان من الحدود والأمم المتحدة تدعو لتعزيز العلاقات
الكوريتان تستأنفان محادثاتهما والتوتر سيد الموقف
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة