مقاتلات إيزيديات يواجهن «داعش» تدفعهن تجاربهن المروعة

إحداهن: عائلة موصلية أنقذتني بشرائي من التنظيم المتطرف

فتيات إيزيديات التحقن بكتائب قتالية لمواجهة «داعش» ({الشرق الأوسط})
فتيات إيزيديات التحقن بكتائب قتالية لمواجهة «داعش» ({الشرق الأوسط})
TT

مقاتلات إيزيديات يواجهن «داعش» تدفعهن تجاربهن المروعة

فتيات إيزيديات التحقن بكتائب قتالية لمواجهة «داعش» ({الشرق الأوسط})
فتيات إيزيديات التحقن بكتائب قتالية لمواجهة «داعش» ({الشرق الأوسط})

بعد ما عاناه أبناء الطائفة الإيزيدية في العراق من مجازر ارتكبها بحقهم مسلحو تنظيم داعش الذي سيطر على مناطقهم وقراهم أثناء سيطرته على مدينة الموصل شمال العراق في العام الماضي، بما في ذلك قتل أكثر من ألفي إيزيدي وسبي آلاف من النساء والفتيات، انتفضت العديد من الفتيات الإيزيديات والتحقن بكتائب قتالية تدربت على السلاح من أجل مقاتلة التنظيم المتطرف بداعي أخذ الثأر والانتقام وتحرير الأرض.
وكانت أولى تلك الكتائب كتيبة «شنكال بيشا» التي ضمت نحو 150 مقاتلة إيزيدية تراوحت أعمارهن بين 17 و30 عاما. وتحولت تلك الكتائب أخيرا إلى فوج قتالي يضم 450 فتاة.
جين فارس (17 عاما) هي إحدى المقاتلات الإيزيديات، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «أنا هنا في هذه الكتيبة من أجل المشاركة في قتل المجرمين الذين قتلوا أفراد أسرتي، وسوف أقاتل (داعش) الإرهابي بكل ما أستطيع، وسأثبت ذلك في المعارك».
وتحدثت مقاتلة أخرى عن كيف تمكنّت من الهروب من قبضة «داعش»، وروت حكايات مروعة عن الاغتصاب والمعاملة الوحشية.
وقالت، مفضلة عدم نشر اسمها، إن «الوحشية التي رأيتها في قبضة مسلحي (داعش) الإرهابي لا توصف، فلقد كانوا يتداولون الفتيات الإيزيديات وكأنهن سلعة تباع وتشترى، وكان المجرمون يتبادلون الفتيات الأسيرات فيما بينهم، وأحيانا تباع الواحدة بسعر 50 دولارا، ومنهن من تباع إلى بعض العائلات في مدينة الموصل أو المدن السورية بمبلغ 400 دولار، ثم يقوم صاحب العائلة بتهريب تلك الأسيرة المباعة بعد أن يجري اتصالا مع أهلها». وتابعت: «هذا الأمر حصل معي، فقد اشتراني أحد الخيرين من أهل الموصل وبعد مضي أسبوعين قام بالاتصال بأهلي الذين تسلموني بعد عملية هروب خطرة، وهذا الأمر عكف عليه أهالي مدينة الموصل الكرام، حيث تم تحرير الكثير من الفتيات الإيزيديات بتلك الطريقة، وهناك فتيات أخريات تم بيعهن إلى بعض العائلات في مدن سورية بمبلغ 500 دولار و400 دولار حسب عمر الفتاة، وقد قام البعض بشراء فتيات بهذا المبلغ ثم بيعهن لذويهن أو لخيرين عراقيين بعشرة أضعاف المبلغ في عملية متاجرة بأرواحنا. اليوم نحن في هذه الكتيبة وكتائب أخرى شكلت من أجل أخذ الثأر من مجرمي (داعش) الإرهابي».
وقالت نازك شنكالي، إحدى الناشطات الإيزيديات ورئيسة منظمة رعاية الأسرة والأيتام، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «وحدات عسكرية مقاتلة شكلت من أجل محاربة تنظيم داعش الإرهابي، حيث تأسست وحدات مقاومة شنكال (بيشا) في منتصف شهر أغسطس (آب) من عام 2014، أي بعد الإبادة التي تعرض لها الإيزيديون في قضاء سنجار».
النائبة في البرلمان العراقي فيان دخيل قالت في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «الأقليات في العراق تواجه أوضاعا صعبة بعد اجتياح العصابات الإرهابية المتطرفة لمناطق كثيرة يقطنون فيها منذ آلاف السنين، وما جرى بحق المختطفات الإيزيديات جريمة بحق الإنسانية، وعلى المجتمع الدولي التكاتف من أجل مساعدتهن. وأفرزت تلك الجرائم البشعة بحق شعبنا هذه اللحمة خاصة مع الطائفة الإيزيدية التي كانت منغلقة على نفسها وتمنع الفتاة الإيزيدية من ممارسة أمور كثيرة بسبب البيئة القروية والدينية المتحفظة، وبعد المأساة أفتى شيوخ الطائفة بوجوب وقوف الجميع لمقاتلة هذا التنظيم المجرم، فوجدت المرأة الإيزيدية الفرصة المناسبة لها لمشاركة الرجل والأخذ بثأر الشهداء الأبرياء، والفتيات اللواتي تم انتهاك شرفهن على يد مجرمي التنظيم، فتشكلت على الفور كتائب من المقاتلات الإيزيديات، واليوم نحن نتحدث عن فوج كامل تعداده 450 مقاتلة يشارك في العمليات العسكرية بجانب قوات البيشمركة».
وأضافت دخيل «لقد التقيت بريت ماكغورك، مساعد مبعوث الرئيس الأميركي الخاص للتحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي، وحملناه رسالة إلى الرئيس الأميركي شرحنا فيها وضع الأقليات العراقية ومعاناتها جراء اجتياح عصابات (داعش) الإرهابية لمناطقهم قبل أكثر من عام مؤلم، وأوضاع النازحين المأساوية، وضرورة توفير الاحتياجات الضرورية لهم في ظل الظروف الصعبة التي يعانون منها والتي ازدادت صعوبة بسبب الأزمة الاقتصادية التي يمر بها العراق حاليا بسبب الانخفاض الحاد لأسعار النفط».
وأكدت النائبة الإيزيدية عن التحالف الكردستاني «بحثنا بشكل معمق أوضاع المختطفات الإيزيديات والناجيات منهن على وجه الخصوص، وأبدى المبعوث بريت ماكغورك تعاطفه الكامل مع الإيزيديين في محنتهم خصوصا المختطفات لدى تنظيم داعش الإرهابي، واستعداد بلاده لبذل أي جهد في مساعدة المختطفات على التخلص من محنتهن ومساعدة الناجيات من معتقلات تنظيم داعش في العراق وسوريا».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».