امتحانات في كنف حرب.. وميليشيات وخزينة خالية

3 محافظات تؤجل امتحانات الشهادتين الأساسية والثانوية.. قرابة ألف مدرسة طالها الدمار و300 يقطنها النازحون

طفل من النازحين اليمنيين الذين فروا من محافظة صعدة بسبب القتال الدائر بين الحوثيين والقوات الموالية للرئيس هادي يلعب في مدرسة تحولت إلى ملجأ في العاصمة صنعاء (أ.ف.ب)
طفل من النازحين اليمنيين الذين فروا من محافظة صعدة بسبب القتال الدائر بين الحوثيين والقوات الموالية للرئيس هادي يلعب في مدرسة تحولت إلى ملجأ في العاصمة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

امتحانات في كنف حرب.. وميليشيات وخزينة خالية

طفل من النازحين اليمنيين الذين فروا من محافظة صعدة بسبب القتال الدائر بين الحوثيين والقوات الموالية للرئيس هادي يلعب في مدرسة تحولت إلى ملجأ في العاصمة صنعاء (أ.ف.ب)
طفل من النازحين اليمنيين الذين فروا من محافظة صعدة بسبب القتال الدائر بين الحوثيين والقوات الموالية للرئيس هادي يلعب في مدرسة تحولت إلى ملجأ في العاصمة صنعاء (أ.ف.ب)

أعلنت النقابات التعليمية، ومجلس تنسيق النقابات «متين»، ومجلس تنسيق المقاومة، والمجلس العسكري، في محافظة تعز، جنوب العاصمة صنعاء، تأجيل امتحانات الأساسية والثانوية، إلى ما بعد عيد الأضحى.
وجاء هذا الإعلان في مؤتمر صحافي عقده رئيس المجلس العسكري وقادة تربويون في تعز أول من أمس (الأربعاء)، الذين اعتبروا قرار التأجيل حرصا منهم على سلامة طلبة الشهادة الأساسية والثانوية، في ظل القصف المستمر للمدينة من قبل المتمردين.
وقال بيان صادر عن النقابات إن هذا القرار «لتجنيب أبنائنا الطلاب الخطر والتعرض للموت، وحرصا منهم على نفسيات الطلبة في أجواء الامتحانات فقد تم تأجيل الامتحانات إلى ما بعد عيد الأضحى المبارك».
هذا الإعلان بدوره سيضع امتحانات إنهاء الشهادتين الثانوية والأساسية، في كل البلاد في مهب الريح، حيث محافظة بحجم تعز، الأكثر كثافة سكانية وطلابية، وقبلها محافظتا عدن ولحج استثنيت من المشاركة في الامتحانات المزمعة في جميع محافظات الجمهورية وأمانة العاصمة، بسبب ما سمته بالأوضاع التي تعيشها هاتان المحافظتان، جراء الحرب.
وأعلنت وزارة التربية والتعليم التي تسيطر عليها الميليشيات الحوثية، الامتحانات النهائية للمرحلتين الثانوية والأساسية، وللمرة الثانية، بعد أن اضطرت إلى تأجيلها في وقت سابق.
ومع اقتراب موعد هذه الامتحانات المقرر أن تبدأ يوم 29 أغسطس (آب) – بعد أن كان مقررًا إجراؤها السبت 22 أغسطس - ما زالت مكاتب التربية والتعليم في معظم محافظات اليمن الـ23 تعيش أوضاعًا صعبة لا تؤهلها لخوض معترك الامتحانات، كما أن إطالة مدى الحرب جعلت الغالبية من سكان اليمن لا يكترثون بإعلان الوزارة، باعتبارها هنا كيانا منشقا لا يحمل أي صفة قانونية أو شرعية.
ورأى آخرون في امتحانات مثل هذه التي سيجري تنظيمها من جهة ميليشيات انقلابية، وفي ظل حرب شعواء، وحصار خانق، وأزمة اقتصاد وسيولة نقدية تكاد معدومة، وانفلات أمني خطير، بمثابة مهزلة عبثية مسيئة لليمنيين وللتعليم وللامتحانات، المفترض أن تكون في أجواء مستقرة وآمنة.
وأعرب عدد من أولياء أمور الطلاب المتقدمين للامتحانات لـ«الشرق الأوسط» عن خشيتهم من أن تصير هذه الامتحانات محنة إضافية. وتساءل هؤلاء عن وزارة التعليم في حكومة المهندس بحاح، ولماذا توارت بعيدة تاركة المجال للميليشيات الانقلابية كي تنظم عملية بهذا الحجم والمستوى وفي ظرفية ما زالت فيها أصوات الرصاص ودانات المدافع وغارات الطيران مهيمنة.
وشكك مسؤولون في التربية والتعليم بقدرة الميليشيات على إتمام عملية الامتحانات، التي يستلزمها إنفاق كبير على لجانها المشرفة والمراقبة والحماية وغيرها. وأكد هؤلاء أن الامتحانات ستؤجل، شاءت الميليشيات أم أبت، وأشاروا إلى جملة من الأسباب التي تجعلهم يوقنون بتأجيل الامتحانات، منها ما يتعلق بالمال، ومنها ما له صلة بالحرب، وما أحدثته من انقسام وشرخ موغل في أعماق اليمنيين.
وحذر عدد ممن التقينا بهم من مغبة دفع الطلاب إلى امتحانات تنظمها ميليشيات انقلابية عاثت في البلاد والعباد قتلا وتدميرا وسفكا وخرابا.
وتساءل أحدهم قائلا: «كيف لميليشيات غازية ومعتدية وقاتلة لليمنيين أن تنظم امتحانات؟ وكيف لوزارة غير شرعية ويصف قادتها مساندة دول التحالف العربي لليمنيين بالعدوان أن تؤتمن على امتحان أكثر من ربع مليون طالب؟ وماذا لو أن أسئلة الامتحان جاءت على غرار مغاير ومؤيد للانقلاب وللميليشيات وضد السلطة الشرعية والمقاومة والتحالف؟».
وقال محمد القاضي مدير إدارة الامتحانات في محافظة الضالع، جنوب اليمن، التي عاشت هي الأخرى حربا، دمرت المباني وهجّرت السكان لـ«الشرق الأوسط» إن اجتماعا عُقد برئاسة المحافظ ومدير عام مكتب التربية والتعليم، وأقر بالمشاركة في الامتحانات، وبسرعة إرسال وثائق الطلاب إلى العاصمة صنعاء، أسوة بمحافظتي أبين وشبوة جنوب اليمن، اللتين سلمتا وثائق الطلاب. وأضاف القاضي أنه وخشية على ضياع عام دراسي، ارتأوا ألا يتخلفوا عن الوقت المحدد في إعلان الوزارة.
وقال رائد علي مدير مكتب التربية والتعليم في مديرية جحاف بمحافظة الضالع جنوب اليمن لـ«الشرق الأوسط» إن مكتبه سبق له تسليم كل الوثائق الامتحانية في مطلع مارس، إلى مكتب التربية في المحافظة، وقبل أن تتطور الأزمة إلى حرب.
وأوضح المسؤول التعليمي أن ما يسري على طلاب المديرية يسري على بقية طلاب المديريات التسع، منوها في هذا السياق باجتماع ضم مدراء المكاتب بالمديريات بمدير عام مكتب المحافظة، قبل ثلاثة أيام، وأقر بالمشاركة حتى لا يفقد الطلاب عامًا دراسيًا، لافتا إلى أن القرار الأول والأخير هو لقيادة مكتب التعليم بالمحافظة، فما يقرره، سيتم الالتزام به.
وأصدرت جماعة الحوثي قرارًا يقضي بخصم قسط من مرتبات موظفي الدولة، لمواجهة نفقات امتحانات الشهادة العامة (أساسي - ثانوي) للعام الدراسي الحالي 2014 – 2015.
وقضى القرار الذي صدر باسم مجلس الوزراء وبتوقيع القائم بأعمال أمين عام المجلس محمد علي سوار المعين من قِبل الحوثيين «بخصم قسطين من مرتبات موظفي الوظائف العليا في الدولة، وفقا لما هو محدد في قانون الوظائف والأجور والمرتبات النافذ».
كما قضى القرار بخصم قسط من مرتبات موظفي الجهاز الإداري للدولة، ويستثنى من تطبيق القرار «منتسبو القوات المسلحة والأمن».
ونصت المادة الثانية من القرار على إيداع المبلغ لحساب خاص في البنك المركزي باسم امتحانات الشهادة العامة أساسي وثانوي للعام الدراسي الحالي.
وقال مراقبون إن القرار يؤكد هشاشة الوضع المالي جراء السياسات الخاطئة للحوثيين وعبثهم ونهبهم للخزينة العامة تحت عدة أسماء، أبرزها المجهود الحربي حتى أصبحت عاجزة عن تحمل أي نفقات، كما هو الحال مع نفقات الامتحانات.
يشار إلى أن عدد المتقدمين لامتحانات الثانوية بقسميها العلمي والأدبي بلغ 241 ألفا و861 طالبا وطالبة موزعين على ألف و543 مركزا امتحانيا، منها 217 ألفا و613 طالبا وطالبة في القسم العلمي، و24 ألفا و248 طالبا وطالبة في القسم الأدبي.
وأفادت مصادر في وزارة التربية والتعليم لـ«الشرق الأوسط» بأن امتحانات إنهاء الشهادتين الإعدادية والثانوية في عموم المحافظات اليمنية، تحتاج أكثر من مليار ريال، تكاليف اللجان الامتحانية وطباعة الاختبارات وأرقام الجلوس وأيضًا أجور المراقبين وغيرها من النفقات التشغيلية المطلوبة لعملية الامتحانات.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.