أكد مجلس جامعة الدول العربية خلال اجتماع على مستوى المندوبين أمس مجددا على ضرورة الالتزام باحترام وحدة وسيادة ليبيا وصيانة أراضيها، والحفاظ على استقلالها السياسي والالتزام بالحوار السياسي الليبي، مصدرا قرارا بـ«الإجماع» بدعم ليبيا سياسيا وعسكريا.
وخيمت أجواء إيجابية أبرزت أهمية تقديم الدعم الذي طالبت به ليبيا خلال الاجتماع، وصدر قرار الدعم سياسيا وعسكريا بـ«الإجماع»، مع تفهم موقف الجزائر بأن الحل السياسي يجب الاستفادة منه باعتباره الأنجع للتعامل مع الوضع الخطير في ليبيا، إلا أن الوزير الليبي محمد الدايري تقدم بتقرير تفصيلي حول عدم قدرة الحكومة الليبية على صد الخطر الذي تتعرض له البلاد، واختصره في قوله إن «لدى ليبيا طائرتين، واحدة في سرت والثانية في درنة»، للتأكيد على أهمية رفع حظر السلاح عن الجيش، وكذلك لدعوة القوة العربية المشتركة للتدخل السريع، والحاجة إلى تدخل أسرع عبر دول عربية تشارك في التحالف العربي للحرب على «داعش»، هي الأردن ومصر والسعودية والإمارات، لإنقاذ الوضع الخطير في ليبيا، بدلا من التدخلات العسكرية التي قد تقوم بها دول أوروبية مع نهاية الشهر على مواقع لتنظيم داعش في مدينتي درنة وسرت.
ومن جانبه، قال وزير الخارجية الليبي إنه توجه إلى كل الدول العربية منفردة أو مجتمعة للتمكين من صد هجمات إرهابية محتملة ضد تنظيم داعش. وكان مجلس الجامعة قد أكد في ختام اجتماعه أمس مجددا على ضرورة الالتزام باحترام وحدة وسيادة ليبيا وصيانة أراضيها والحفاظ على استقلالها السياسي، والالتزام بالحوار السياسي الليبي ونبذ العنف ودعم العملية السياسية الجارية في مدينة الصخيرات تحت رعاية الأمين العام للأمم المتحدة، والإشادة بالانتصار الذي تحقق إثر انتفاضة مدينة درنة وثوارها بدعم من السلاح الجوي للجيش الليبي ضد تنظيم داعش الإرهابي. وأبدي المجلس ارتياحه لمواصلة عقد جولات الحوار الوطني الليبي بمدينة جنيف، في إطار مبادرة الأمم المتحدة تحت رعاية مبعوثها إلى ليبيا برناردينو ليون، وناشد الأطراف الليبية التحلي بالمرونة وإعلاء مصلحة ليبيا العليا وسرعة تشكيل حكومة وفاق وطني. كما حث الدول العربية، مجتمعة أو فرادى، على ضرورة تطبيق قرارات مجلس الأمن، وخصوصا 2214 وبالذات الفقرات 3 و7 و8 التي تطلب من الأعضاء في الأمم المتحدة دعم دولة ليبيا في حربها ضد الإرهاب، ومساعدتها بالوسائل اللازمة على دعم استتباب الأمن.
وأكد المجلس أن «الحاجة أصبحت مُلحّة في هذه الظروف العصيبة إلى التعجيل بوضع استراتيجية عربية تضمن مساعدة ليبيا عسكريا في مواجهة إرهاب (داعش) وتمدده على أراضيها». كما دعا «المجتمع الدولي إلى دعم الحكومة الليبية في مواجهة الانتهاكات والمجازر التي يرتكبها تنظيم داعش الإرهابي في حق الأبرياء بمدينة سرت الليبية»، مطالبا إياه بوضع «خطة شاملة تكفل محاربة الإرهاب الأسود، دون الاقتصار في ذلك على بلدان أو مناطق أو منظمات بعينها».
وكان الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي قد أكد كل ما تقدم به وزير الخارجية الليبي من طلب المساعدة الفورية لحكومة ليبيا، وكذلك سرعة إنشاء القوة العربية المشتركة وتفعيل معاهدة الدفاع العربي المشترك. كما أدان الجرائم التي يرتكبها تنظيم داعش الإرهابي بحق المدنيين الأبرياء، وما نتج عنها من أوضاع إنسانية مأساوية تمس دولا كثيرة وليس فقط ليبيا، نتيجة لسيطرة هذا التنظيم على هذه المدينة وغيرها من المناطق في دولة ليبيا الشقيقة. وذكر العربي بقرار مجلس الجامعة على المستوى الوزاري الصادر في 7 سبتمبر (أيلول) 2014، الذي نص في فقرته السابعة على «تأكيد العزم على مواصلة الجهود لتعزيز الأطر القانونية والمؤسسية لجامعة الدول العربية في مجال تعزيز الأمن القومي العربي ومكافحة الإرهاب، واتخاذ جميع الإجراءات الضرورية سياسيًا وأمنيًا وقضائيًا وفكريًا لمواجهة مخاطر الإرهاب وما يفرضه من تحديات». وأكد القرار على أهمية التزام الدول العربية باتخاذ جميع التدابير اللازمة لرد الاعتداء ولإعادة الأمن والسلام إلى نصابهما، وذلك استنادًا إلى ما وقعته الجامعة من اتفاقيات في الماضي، بما فيها معاهدة الدفاع العربي المشترك.
وأشار العربي إلى أن الطلب الليبي (أمس) متسق تمامًا مع ما أكدته قرارات مجلس الجامعة العربية على مستوييه القمة والوزاري، وخصوصا القرار رقم 624 الصادر عن القمة العربية في شرم الشيخ حول ضرورة «توفير الدعم الكامل، بما فيه الدعم السياسي والمادي، للحكومة الشرعية الليبية، وتوفير المساعدات اللازمة لها لصون وحماية سيادة ليبيا، بما في ذلك دعم الجيش الوطني حتى يستطيع مواصلة مهمته الرامية إلى القضاء على الإرهاب وبسط الأمن في ليبيا».
ومن جانبه، كشف وزير الخارجية الليبي عن القدرات الجوية للجيش الليبي، وقال إنها محدودة للغاية وتقتصر على طائرتين فقط، واحد في بني غازي وأخرى في درنة، مؤكدا أنه لا يفشي «سرا عسكريا على العامة». وأوضح الدايري في كلمته أمام المجلس أنه «حينما توغلت (داعش) الإرهابية في سرت تم ظهور الفجوة»، متسائلا: «هل يمكن أن يستمر هذا الوضع وأن ننتظر شهرين أو ثلاثة أو أربعة حتى نتوافق على حكومة وفاق وطني وتستمر المذابح التي ترتكبها (داعش)؟»، متمنيا من الدول العربية تفعيل قرار القمة العربية الماضي المتعلق بالشأن الليبي. وأظهر أمس البيان الصادر في ختام الاجتماع غير العادي لمجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين، تحفظ الجزائر نسبيا على طلب الحكومة الليبية دعمها عسكريا في مواجهة تنظيم داعش الإرهابي وجرائمه المستمرة في مدينة سرت الساحلية بوسط ليبيا. وتم تذييل البيان الختامي للاجتماع بشرح لوجهة نظر وفد الجزائر حول المقصود من الفقرة الرابعة في نص البيان والمتعلقة بتأكيد الجامعة العربية على أن «الحاجة أصبحت أكثر إلحاحا في هذه الظروف العصيبة إلى التعجيل بوضع استراتيجية عربية تضمن مساعدة ليبيا عسكريا في مواجهة تنظيم داعش وتمدده على أراضيها». وقال الوفد الجزائري إن هذا يندرج ضمن السياق السياسي، وهو جزء من الحل التوافقي المنشود من قبل المجتمع الدولي باعتباره السبيل الوحيد لحل الأزمة الليبية». وكان المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته لكنه يدير الأمور في العاصمة الليبية طرابلس منذ أن سيطرت عليها ميلشيات فجر ليبيا المتطرفة العام الماضي، استبق هذا الاجتماع العربي ببيان حذر فيه مما وصفه بـ«التدخل في الشأن الداخلي الليبي وانتهاك سيادة الدولة الليبية».
ورأى أن «أي محاولة لمحاربة الإرهاب داخل ليبيا دون التشاور معه والحصول على الموافقة منه باعتباره السلطة الشرعية في البلاد، وما يسمى بحكومة الإنقاذ الوطني التابعة له، ستؤدي إلى إرباك المشهد وتعيق الحوار الذي قال إنه حقق خطوات متقدمة برعاية الأمم المتحدة».
ولفت البرلمان السابق غير المعترف به دوليا إلى أن «هناك أطرافا تحاول توظيف محاربة الإرهاب لمآرب سياسية»، لكنه لم يكشف هوية هذه الأطراف.
كما وجّه نوري أبو سهمين رئيس برلمان طرابلس رسالة إلى الأمين العام للأم المتحدة بان كي مون، دعاه خلالها إلى إرسال بعثة حقائق إلى ليبيا، داعيا الأمم المتحدة إلى الوقوف في وجه ما وصفه بالمحاولات الإقليمية المشبوهة والتي قال إنها «تريد أن تتخذ من محاربة الإرهاب ذريعة لتحقق أهدافها الخاصة». ودعا إلى ضرورة دعم الميلشيات المسلحة الموالية للبرلمان السابق، مشيرا إلى أن رئاسة الأركان العامة التابعة له قد أعلنت منذ زمن حربها على الإرهاب في سرت ومناطق أخرى في ليبيا. واعتبر أبو سهمين أن القوات المولية لمجلس النواب الذي يتخذ من مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي مقرا له، والتابعة للفريق خليفة حفتر القائد العام للجيش الليبي الذي وصفه بالضابط المتقاعد، لم تطلق رصاصة واحدة في وجه الإرهابيين. لكن مجلس النواب الليبي الذي يحظى بالاعتراف الدولي، أعلن في المقابل أنه سيطلب من الحكومة المؤقتة التي يترأسها عبد الله الثني أن تطالب الجامعة العربية رسميا توجيه ضربات محددة تستهدف تنظيم داعش.
ميدانيا، هددت قبلية الفرجان في سرت بأنه إذا لم يجرِ دعمهم من السلطات الشرعية فإنها ستلجأ إلى طرق أخرى لم تحددها لتوفير الدعم العسكري لمواجهة تنظيم داعش. وطلب أعيان القبيلة من مجلس النواب والحكومة وقيادة الجيش الليبي تقديم المساعدة والدعم العسكري لمواجهة تنظيم داعش الموجود بالمدينة.
من جهته، واصل تنظيم داعش تحديه للسلطات الليبية وأعلن عقب اقتحامه مقار قضائية في سرت، عن تحويلها إلى محاكم شرعية. وقالت مصادر محلية إن عناصر التنظيم سيطرت على مقرات المحاكم والنيابات العامة، بالإضافة إلى مقر مديرية الأمن الوطني، مشيرة إلى وجود عدد محدود من المحاكم والنيابات خارج سيطرة التنظيم الذي هيمن أيضًا على مقر محكمة سرت الابتدائية.
موافقة عربية بـ«الإجماع» على دعم ليبيا لمواجهة «داعش»
برلمان طرابلس يحذر الجامعة من التدخل.. وتحفظ جزائري «نسبي»

صورة لاجتماع سابق للجامعة العربية (أ.ف.ب)
موافقة عربية بـ«الإجماع» على دعم ليبيا لمواجهة «داعش»

صورة لاجتماع سابق للجامعة العربية (أ.ف.ب)
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة