توعدت قوات المعارضة السورية في الغوطة الشرقية، بالردّ على «واحدة من أكبر المجازر التي وقعت في دوما» بريف دمشق أمس، معلنة أن الردّ «سيتناسب مع حجم المجزرة»، مشددة على أنه «ليس بالضرورة أن يكون في الغوطة الشرقية» حيث قتل نحو مائة شخص، معظمهم مدنيون، في قصف جوي نفذته الطائرات الحربية السورية، مستهدفة منطقة يسكنها مدنيون في دوما، عاصمة الغوطة الشرقية.
وأثارت المجزرة، جملة ردود فعل دولية مستنكرة، إذ أعرب مدير العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة ستيفن اوبراين من دمشق عن «ذهوله» غداة وقوع المجزرة، فيما حملت المعارضة السورية المجتمع الدولي المسؤولية، متهمة إياه بـ«التواطؤ»، إذ دعا رئيس الائتلاف الوطني السوري خالد خوجة دول العالم إلى أن «تكف عن حماية قاتل الأطفال بشار الأسد وأن تكف عن حرمان السوريين من حق الدفاع عن حياة أطفالهم».
كما دانت الولايات المتحدة الاثنين «بشدة» الغارات «الوحشية» التي شنها النظام السوري الأحد على بلدة دوما في ريف دمشق وخلفت نحو مائة قتيل، منددة بـ«استخفاف النظام (السوري) بحياة البشر».
وكررت الخارجية الأميركية في بيان أن واشنطن «تعمل مع شركائها من أجل انتقال سياسي فعلي يقوم على التفاوض، بمعزل عن (الرئيس السوري بشار) الأسد».
وتعرضت مدينة دوما كبرى مدن الغوطة الشرقية الخاضعة لسيطرة المعارضة منذ العام 2012 لسلسلة غارات جوية شنها الطيران الحربي التابع للنظام السوري الأحد واستهدفت سوقا شعبية مكتظة بالسكان، وذلك قبل أيام من الذكرى السنوية الثانية لهجوم بالسلاح الكيميائي استهدف المنطقة ذاتها في 21 أغسطس (آب) 2013 وأوقع مئات القتلى.
ووثق «المرصد السوري لحقوق الإنسان» مقتل 96 شخصًا بينهم 3 مواطنات و4 أطفال على الأقل، وإصابة نحو 240 آخرين بجراح، إثر أربع غارات جوية استهدفت سوقًا مكتظة وسط البلد، مشيرًا إلى أن القوات النظامية نفذت 9 غارات جوية استهدفت دوما وحرستا وعربين في الغوطة الشرقية أمس، بعد غارات أول من أمس التي أسفرت عن وقوع هذا العدد الكبير من المدنيين.
وأكد مدير المرصد رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» أن هذه المجزرة «واحدة من أكبر المجازر التي ارتكبتها قوات النظام في الغوطة الشرقية، وتحديدًا في دوما التي تعد معقلاً لجيش الإسلام في ريف دمشق»، مشيرًا إلى أن المدينة «تعرضت منذ العام 2013 لأكثر من عشرين مجزرة، ذهب ضحيتها عشرات المدنيين».
وقال: إن دوما لم تدخل بمصالحات مع النظام حتى الآن، وهي عصية عليه».
وقال: إن النظام «لا يأبه لقتل المدنيين، ولا تردعه المجازر عن ارتكاب أخرى، وذلك يعود إلى غياب المجتمع الدولي، وقدرته على الردع».
وتوعدت فصائل المعارضة في ريف دمشق بـ«الرد على المجزرة، بما يتناسب مع حجمها، في أي مكان في سوريا»، كما قال عضو مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق محمد علوش لـ«الشرق الأوسط»، مؤكدًا أن الرد «ليس ضروريًا أن يكون في الغوطة».
ووصف علوش المجزرة بأنها «حدث كبير»، محملاً المسؤولية لما سماه «تخاذل المجتمع الدولي وأصدقاء نأوا بأنفسهم عن الجرائم». وقال: «شهدنا تحولات في كوباني بعد وقوع مجازر ارتكبها داعش، وكانت أقل وقعًا مما حدث اليوم، وكانت هناك مساعٍ دولية ودبلوماسية لإيجاد حلول للمسألة، بينما لم نُمنح المساعدة لرد مجازر النظام بحقنا».
وتكرر تحميل المجتمع الدولي المسؤولية، على لسان عدد من الناشطين والقياديين في المعارضة السياسية والعسكرية، إذ اتهم الائتلاف الوطني النظام بـ«تعمد» قتل المدنيين، منتقدا تقصير المجتمع الدولي.
وقال رئيس الائتلاف خالد خوجة في مؤتمر صحافي في إسطنبول أمس إن «جرأة النظام وتماديه في ارتكاب المذابح بحق المدنيين والتي تمتد لـ53 شهرًا متواصلا تعتمد على صمت دولي يصل إلى حد التواطؤ».
وأضاف: «من يسلح نظاما مثل هذا النظام ويحميه من المحاسبة في مجلس الأمن الدولي شريك في المسؤولية عن جريمة قصف مدنيين محاصرين ومجوعين منذ سنوات بالطائرات الحربية».
واستخدمت روسيا بصورة منتظمة حقها في الاعتراض (الفيتو) لعرقلة صدور قرارات عن مجلس الأمن تدين الأسد على خلفية قمعه للاحتجاجات الشعبية ضده.
واعتبر خوجة أن «من يعارض قيام مناطق آمنة للسوريين على أرضهم ويمنع تزويدهم بسلاح للدفاع عن أهلهم وأطفالهم فهو يرسل رسالة واضحة للنظام بأنه مسموح له ارتكاب ما يشاء من فظائع».
وقال: «على الأمم المتحدة، وعلى مجلس الأمن الدولي، وعلى الدول دائمة العضوية فيه، أن تعترف بحق شعب سوريا في الحياة وأن تكف عن حماية قاتل الأطفال بشار الأسد وأن تكف عن حرمان السوريين من حق الدفاع عن حياة أطفالهم».
وتعرضت مدينة دوما أمس لخمس غارات جوية على الأقل وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، مشيرًا إلى «ارتفاع حصيلة القتلى جراء مجزرة نفذتها طائرات النظام الحربية باستهدافها لسوق في مدينة دوما في غوطة دمشق الشرقية إلى 96 شهيدا على الأقل بينهم أربعة أطفال فيما أصيب 250 آخرون بجروح». وأضاف أن عدد القتلى «مرشح للارتفاع بسبب وجود جرحى في حالات خطرة».
وأورد المرصد في حصيلة أولية الأحد مقتل 58 شخصا قبل ارتفاع العدد ليلا إلى 82 شخصا.
وقال مصور لوكالة الصحافة الفرنسية في دوما، بأن الأهالي انصرفوا الاثنين إلى تشييع القتلى بعد أن حال القصف الجوي الذي طال موقع المقبرة دون تشييعهم الأحد. وأضاف أنه «بعد كل مجزرة يضطر الأهالي إلى دفن أربعة أشخاص فوق بعضهم البعض بسبب ارتفاع عدد القتلى».
وأوضح أن ما رآه في المدينة الأحد كان «أشد قسوة مما شاهده بعد قصف المدينة بالسلاح الكيميائي قبل عامين». وروى كيف أن سكان الحي المنكوب أصيبوا بحالة هستيريا وهم ينقلون الجرحى إلى مستشفى ميداني وكان عدد كبير منهم ملقى على الأرض لعدم وجود أسرة كافية.
وتزامنت الغارات الجوية على دوما الأحد مع وجود مدير العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة في دمشق، في زيارة هي الأولى له منذ توليه منصبه في مايو (أيار) خلفا لفاليري أموس.
وقال اوبراين خلال مؤتمر صحافي في دمشق: «هالتني أخبار الضربات الجوية أمس على وجه الخصوص» والتي «تسببت في سقوط عشرات القتلى من المدنيين ومئات الجرحى في وسط منطقة دوما المحاصرة في دمشق». وأضاف: «أصبت بالذهول من جراء التجاهل التام لحياة المدنيين في هذا الصراع»، مشددا على أن الاعتداء على المدنيين «غير قانوني وغير مقبول ويجب أن يتوقف».
وناشد المسؤول الأممي الذي يختتم الاثنين زيارته إلى دمشق «كل أطراف هذا النزاع الطويل حماية المدنيين واحترام القانون الإنساني الدولي».
وخلال الأيام القليلة الماضية تصاعدت حدة القتال في دمشق ومحيطها حيث تتحصن قوات النظام. وهاجم جيش الإسلام، بحسب ما أفادت وكالة «رويترز»، مواقع حكومية بحرستا يوم السبت. والأربعاء الماضي قتل سيل من صواريخ المعارضة 13 شخصا في دمشق وقتلت غارات لسلاح الجو السوري في منطقة قريبة بالغوطة الشرقية 31 شخصا حسبما أورد المرصد السوري.
وقال مصدر عسكري سوري بأن ضربات الأحد «كانت ردا على هجمات المعارضة في دمشق»، مضيفًا: «إذا كان هناك أي تصعيد باتجاه دمشق فسيكون الرد قويا وحاسما». ونفى المصدر استهداف المدنيين قائلا: إن الجماعات المسلحة سعت للتمركز في أحياء سكنية، لكن متحدثا باسم جيش الإسلام نفى هذا الزعم. وقال المتحدث إسلام علوش بأن قواته ليس لها أي وجود في المناطق السكنية.
واتهمت منظمة العفو الدولية الأربعاء قوات النظام السوري بارتكاب «جرائم حرب» ضد المدنيين المحاصرين في الغوطة الشرقية، محذرة من أن استمرار القصف والغارات الجوية يفاقم معاناة السكان.
هذا في الوقت الذي دان فيه المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، الاثنين الغارات الجوية التي تمت الأحد على سوق في بلدة دوما السورية، ما أسفر عن مقتل نحو مائة شخص.
وقال دي ميستورا، في بيان، بأن «قصف الحكومة لدوما أمس كان مدمرا، فالهجمات على المناطق المدنية وإطلاق قنابل جوية بشكل عشوائي وكذلك القنابل الحارقة أمر يحظره القانون الدولي». وأضاف: «من غير المقبول أن تقتل حكومة مواطنيها بغض النظر عن الظروف». وأشار إلى أن هجوم الأحد أعقب قصف دمشق الأسبوع الماضي من قبل جماعات المعارضة المسلحة، فضلا عن قطع إمدادات المياه، وهذه تدابير تؤثر في المدنيين وهي غير مقبولة.
وأكد دي ميستورا «يجب ضمان وصول المساعدات الإنسانية من دون قيد أو شرط ويجب أن يتوقف القتل، حل هذا الصراع لن يكون بطريقة عسكرية، كما تم إثبات ذلك في السنوات الأخيرة».
القصف الجوي يتواصل على دوما.. والمعارضة تتوعد بـ«رد يناسب حجم المجزرة»
واشنطن تدين «استخفاف» دمشق بـ«حياة البشر» بعد قصف دوما «الوحشي»
القصف الجوي يتواصل على دوما.. والمعارضة تتوعد بـ«رد يناسب حجم المجزرة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة