وسط صمت دولي وعجز محلي عن مواجهة الأعمال الإرهابية التي يرتكبها تنظيم داعش في مدينة سرت الساحلية وسط ليبيا، واصلت عناصر التنظيم ارتكاب المزيد من الجرائم بحق سكان المدينة التي تعد مسقط رأس العقيد الراحل معمر القذافي.
وعلى الرغم من أن الحكومة الانتقالية التي يترأسها عبد الله الثني دعت، من مقرها المؤقت، في مدينة البيضاء شرق ليبيا، مجلس الأمن الدولي إلى التدخل الفوري لمنع ما وصفته بـ«المجازر الوحشية لتنظيم داعش في سرت، إلا أن إبراهيم الدباشي، مندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة، أبدى أمس نظرة تشاؤمية حيال إمكانية تدخل مجلس الأمن لوقف ممارسات (داعش) في سرت التي تبعد نحو 450 كيلومترا شرق العاصمة الليبية طرابلس».
وقال الدباشي من مقره في مدينة نيويورك لـ«الشرق الأوسط» إن «موقف مجلس الأمن واضح، ولن يوافق على أي طلب لتسليح الجيش الليبي قبل تشكيل حكومة وفاق وطني حتى لو احتل (داعش) كل ليبيا وقطع رؤوس كل الليبيين». واعتبر الدباشي في المقابل أن «سرت ليست مشكلة مجلس الأمن بل مشكلة الليبيين والعرب والمسلمين». وأضاف: «مجلس الأمن شجع على مذبحة سرت، ويُعتبر مشاركًا فيها. وكل ليبي يحمل السلاح ولم يهب لحماية أهل سرت ويتصدى للخوارج يعتبر جبانا ومشاركا في الجريمة وعليه أن ينتظر دوره عندما يصل داعش إلى بيته».
من جهتها، أعلنت غرفة عمليات «فجر ليبيا» عن تجهيز الشحنات في ميناء مصراتة، لدعم ومساندة من وصفتهم بـ«الثوار» في ثلاث مدن دفعة واحدة، وهي سرت وبنغازي ودرنة، مشيرة إلى أن كتيبة عسكرية تابعة لجيش الحكومة الموازية في طرابلس تستعد لدخول سرت والقضاء على «داعش» وما تبقى من أنصار القذافي، على حد تعبيرها.
وقال سكان في المدينة إن الأسر تغادر سرت بينما يبحث مقاتلو «داعش» عمن لديهم أسلحة. كما أفادت شبكة «سرت» الإخبارية بأن داعش أعدم 73 شابا بينهم أطفال لا تتجاوز أعمارهم 14 سنة، منهم 70 من قبيلة الفرجان، و3 شباب سلفيين من قبيلة ورفلة، رميًا بالرصاص على شاطئ منطقة يبعد بـ17 كلم غرب مدينة سرت. كما أشارت إلى أن عناصر «داعش» أحرقوا الجثث، ولفتت إلى أنهم قطعوا خدمة الإنترنت في سرت بهدف إخفاء حقيقة ما يجري.
وكان التنظيم المتطرف قد أقدم على صلب 12 شخصا أغلبهم من الجماعة السلفية في سرت، وفصل رؤوسهم عن أجسادهم، فيما تواصلت المعارك بين عناصر التنظيم ومسلحين من المدينة، مما دفع بدار الإفتاء إلى الدعوة لحمل السلاح ومقاتلة المجموعة المتطرفة.
وطلبت دار الإفتاء من السلطات الحاكمة في طرابلس نصرة أهالي سرت، كما طالبت الليبيين القادرين على حمل السلاح بالاستنفار العام.
واندلعت الاشتباكات مع إعلان وزارة الدفاع في الحكومة التي تدير العاصمة طرابلس عن انطلاق «عملية تحرير سرت من التنظيم الإرهابي»، وبعد مقتل شيخ سلفي يدعى خالد الفرجاني على أيدي التنظيم المتطرف.
من جهتها، نددت بعثة الأمم المتحدة بالهجمات التي شنها عناصر «داعش»، ورأت في بيان لها أنه في الوقت الذي اجتمعت فيه الأطراف الليبية الرئيسية في جنيف لعقد جولة حوار بغية إيجاد تسوية للأزمة في البلاد وإرسال رسالة وحدة قوية، قامت الجماعة الإرهابية مرة أخرى بشن هجماتها من أجل فرض حكمها بالترويع والإرهاب.
وقالت البعثة إنها حذرت مرارًا وتكرارًا من خطر «داعش» المتزايد والتهديد الذي تشكله هذه الجماعة على وحدة البلاد وعلى جميع الليبيين بغض النظر عن انتماءاتهم، معتبرة أنه قد أن الأوان قد آن لكي ينبذ الليبيون خلافاتهم ويتضافروا لمواجهة آفة «داعش». كما طالبت البعثة الأطراف الليبية على إتمام الاتفاق السياسي بشكل عاجل وتشكيل حكومة وفاق وطني يكون بإمكانها، بالشراكة مع المجتمع الدولي، التصدي لتهديد «داعش»، ومعالجة غيره من التحديات التي تواجه البلاد. واعتبرت أن الإرهاب أصبح يشكل تهديدًا إقليميًا متخطيًا الحدود الوطنية، ومسببًا الكثير من المآسي للشعوب، كما أعربت عن إدانتها لجميع الأعمال الإرهابية بما فيها عملية خطف وقتل مواطن كرواتي في مصر.
إلى ذلك، قالت وكالة الأنباء الموالية للسلطات الشرعية إن قوات الجيش الليبي والقوة المساندة من جهاز مكافحة الإرهاب تمكنت من هزيمة الجماعات الإرهابية إلى ما بعد «شارع 10» بمحور الصابري في مدينة بنغازي شرق البلاد. ونقلت الوكالة عن الناطق باسم جهاز مكافحة الإرهاب وصول مدرعات للجيش، ودعم عسكري للقوات المرابطة بمحور عمارة بوعشرين، مشيرا إلى تحركات لدعم قوات الجيش الليبي التابعيين لكتيبة «309» بمنطقة الصابري.
وهاجم مسلحو «داعش» القوات الموالية للحكومة الرسمية، فيما قال سكان ومسعفون إنهم قتلوا تسعة جنود ودمروا دبابة وثلاث مركبات عسكرية. كما أُصيب سبعة جنود في الهجوم الذي وقع قرب الميناء التجاري المغلق منذ أكثر من عام بسبب القتال، بينما قصفت طائرة حربية مواقع تابعة لـ«داعش» بعد أن جلبت القوات الحكومية تعزيزات.
واتهم المتحدث باسم عملية «الكرامة» الرائد محمد حجازي مدينة مصراتة بمد العناصر الإرهابية بحي الصابري في بنغازي بتعزيزات عسكرية عن طريق البحر، مشيرا إلى أن الجيش رصد أربعة مراكب صيد بحماية فرقاطة تركية تقوم بدعم الجماعات الإرهابية الموجودة في الصابري بالسلاح والمقاتلين. وأوضح حجازي في مؤتمر صحافي عقده أمس في بنغازي، أن قوات الجيش تتقدم بجميع محاور بنغازي، وأنها تصدت لمحاولة تسلل من الإرهابيين إلى الصابري.
ووصف حجازي ما يحدث في سرت بأنه «انتفاضة شعبية» ضد الجماعات الإرهابية التي قامت بقصف وحرق وتصليب شباب المنطقة، موضحا أن المدينة تعاني من سيطرة الفرع الليبي لتنظيم داعش منذ فترة طويلة.
وتشهد ليبيا منذ سقوط نظام القذافي في 2011 فوضى أمنية ونزاعا على السلطة تسببا بانقسام البلاد الصيف الماضي بين سلطتين، حكومة وبرلمان معترف بهما دوليا في الشرق، وحكومة وبرلمان موازيان يديران العاصمة. ووفرت الفوضى الأمنية الناتجة عن النزاع موطئ قدم لجماعات متشددة في ليبيا بينها الفرع الليبي لتنظيم داعش الذي طرد في شهر يوليو (تموز) الماضي من مدينة درنة الواقعة في أقصى الشرق الليبي إثر معارك خاضها مع جماعات مسلحة محلية مناهضة.
مندوب ليبيا: مجلس الأمن لن يتدخل حتى إذا احتل «داعش» ليبيا
التنظيم المتطرف يصعد جرائمه حرقًا وصلبًا لسكان سرت
مندوب ليبيا: مجلس الأمن لن يتدخل حتى إذا احتل «داعش» ليبيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة