كشفت شواهد أوردها الباحث الدكتور إبراهيم العتيبي، السر الذي أكسب القضاة الاحترام في عهد مؤسس الدولة السعودية الحديثة، الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن، وأنهم كانوا على قدر كبير من الصلابة في إحقاق الحق من خلال قصص تشير إلى مثول الملك أمام القاضي وإصدار حكم ضده، وفي أحيان تشير إلى معارضة القضاة لأوامر الملك حتى لا تخرج عن أحكام الشرع.
واختار الباحث بعض هذه القصص، ومنها ما حصل من خلاف في عام 1922 بين أقرباء في تقسيم إرث، وكلف الملك عبد العزيز من يصلح بينهم، فأرسل ورقة الصلح للقاضي سعد بن عتيق ليصادق عليها، ولكن القاضي رفض التصديق ما لم يحضر أمامه المتصالحون، وأعاد الورقة مع المندوب قائلاً: «... إن صلحًا يا ولدي يحصل على من بيده السلطة قد يكون أحد الطرفين مغبونًا، ويخشى الاعتراف بغبنه». ولما حاول الملك عبد العزيز إقناع القاضي بأن الصلح تم بقناعة الورثة وبمعرفته هو شخصيًا أصر القاضي على موقفه، فاحترم الملك عبد العزيز رأي القاضي، وعندما استعاد الملك عبد العزيز الأحساء من العثمانيين أصدر أمرًا يحظر على المحاكم التعرض لحجج الاستحكامات التي صدرت في عهد العثمانيين، ولكن قاضي الأحساء عبد العزيز بن عبد الرحمن بن بشر نظر قضية رجل أعمى، أخذ عقاره ظلمًا في عهد العثمانيين، وحكم القاضي بإعادة العقار لصاحبه. إلا أن المتغلب على العقار اشتكى للملك عبد العزيز الذي كان موجودًا في الأحساء، فغضب الملك عبد العزيز وأنّب القاضي على تجاهله أمر منع نظر الإعلامات السابقة، وأمره بنقض الحكم، ولكن القاضي رفض نقض الحكم واستقال من القضاء لما أصر الملك عبد العزيز على نقض الحكم، وما لبث أن أعاد القاضي إلى عمله بعد ثلاثة أيام، ونفذ حكم القاضي نفسه.
وهناك قصة في هذا السياق تؤكد نزاهة القضاء واحترام الملك المؤسس لأحكامه، إذ حكم قاضي الرياض في 1919 على امرأة بالرجوع إلى بيت زوجها، ولكنها هربت إلى منزل أحد الأمراء طلبًا للحماية، ولما بلغ الملك عبد العزيز الأمر أمر بإنفاذ حكم الشرع وإلا فإنه شخصيًا سيقوم بدخول المنزل وإخراج المرأة لتنفيذ أمر الشرع.
وبعد وفاة الإمام عبد الرحمن في عام 1927 ادعى شخص أنه له في ذمة الإمام مبلغًا من المال وطالب الملك عبد العزيز بالوفاء عن والده، ولما طالبه الملك عبد العزيز بالبينة قال المدعي: «اذهب معي إلى الشيخ»، وذهب الملك معه بعد صلاة الفجر إلى منزل القاضي سعد بن عتيق، ولما عرف القاضي أن بينهما دعوى لم يدخلهما منزله، بل أجلسهما على الأرض أمام المنزل. وبعد أن انتهى الحكم لصالح المدعي، انصرف راضيًا، وهنا أدخل القاضي الملك عبد العزيز إلى منزله وقال: «... أنت الآن ضيفي».
الملك المؤسس وقف أمام القاضي وحكم ضده
قضاة يعارضون أوامره حتى لا تخرج عن أحكام الشرع
الملك المؤسس وقف أمام القاضي وحكم ضده
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة