التمديد الثاني لهدنة الزبداني يعكس إيجابية في المفاوضات

معلومات عن احتمال إطالتها حتى الثلاثاء والإعلان عن الاتفاق النهائي خلال أيام قليلة

التمديد الثاني لهدنة الزبداني يعكس إيجابية في المفاوضات
TT

التمديد الثاني لهدنة الزبداني يعكس إيجابية في المفاوضات

التمديد الثاني لهدنة الزبداني يعكس إيجابية في المفاوضات

أعلن يوم أمس عن تمديد وقف إطلاق النار في مدينة الزبداني السورية الواقعة في ريف دمشق الغربي وبلدتي الفوعة وكفريا في ريف محافظة إدلب بشمال غربي سوريا حتى بعد غد (الأحد)، وجاء الإعلان عن التمديد على وقع استمرار المفاوضات بين طرفي النزاع، في حين أشارت مصادر في المعارضة لـ«الشرق الأوسط» إلى إمكانية إطالة الهدنة حتى يوم الثلاثاء المقبل، وهو أمر رأت فيه إشارة إيجابية قد تؤدي إلى اتفاق نهائي خلال الأيام القليلة المقبلة. وفي غضون ذلك، وفي محاولة منه للضغط على النظام وحزب الله اللبناني المشرك في القتال بالزبداني قطع «مجلس شورى وادي بردى»، مياه عين «الفيجة» عن العاصمة دمشق ردا على الحملة العسكرية على المدينة، وفق ما أعلن في بيان له.
«المرصد السوري لحقوق الإنسان» أفاد أمس، بأنّ مفعول اتفاق وقف إطلاق النار لا يزال ساريًا في الزبداني ذات الغالبية السنية والفوعة وكفريا اللتين يقطنهما مواطنون من الطائفة الشيعية في ريف إدلب، مع مواصلة المفاوضات بين الجانبين حول بندين أساسيين ينصان على تأمين حافلات تقل مقاتلي «حركة أحرار الشام» الإسلامية إلى مناطق خارج الزبداني، وإدخال مساعدات إنسانية وغذائية إلى كفريا والفوعة.
وفي هذا الإطار، لفت أبو عبد الرحمن، وهو مقاتل في الزبداني، إلى أن الوضع لا يزال هادئا في المنطقة، بانتظار وصول التعليمات إلى المقاتلين. وذكر في اتصال مع «الشرق الأوسط» أن «كل ما نسمعه لغاية اليوم هو أن المفاوضات مستمرة، لكننا لم نر أي شيء ملموس لجهة إيصال المساعدات إلى المدنيين أو ما يحكى عن خروج المقاتلين». وفي حين أكد أبو عبد الرحمن قدرة مقاتلي المعارضة على المضي قدمًا في المعركة التي اختاروها، حذّر من الوضع الإنساني والحالة الصعبة التي تعاني منها العائلات داخل الزبداني المحاصرة منذ ثلاث سنوات وفي المناطق المحيطة التي هرب الآلاف منهم إليها.
وأوضح أن الحصار المفروض على المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة أثر سلبًا كذلك على المناطق الموالية التي انقطعت عنها الطريق أيضًا، كمناطق المعمورة وبلودان والروضة، إذ إن دخول المساعدات إليها سيؤدي بشكل تلقائي إلى فتح الطريق على الزبداني ومضايا. ورأى أبو عبد الرحمن أن وضع المدنيين الصامدين في الزبداني الذين يقدر عددهم بنحو 500 شخص، يكاد يكون أفضل حالا من أولئك الذين هربوا إلى المناطق المجاورة، والذين يقدّر عددهم بنحو 30 ألفًا. واعتبر أبو عبد الرحمن أن قرار قطع مياه عين الفيجة عن العاصمة خطوة جيدة قد تنعكس إيجابا على المفاوضات لصالح المعارضة، لافتًا إلى أن 80 في المائة من مياه العاصمة تؤمّن منها.
من جهة أخرى، ذكرت مصادر شاركت في المفاوضات أنها ركزت على الاتفاق على انسحاب مقاتلي المعارضة من الزبداني وإجلاء المدنيين من البلدتين الشيعيتين في الشمال الغربي. وأفاد مصدر من مقاتلي المعارضة «ليس هناك أي اتفاق نهائي بعد لكن المحادثات مستمرة»، فيما لفت مسؤول قريب من الحكومة السورية إلى أن المفاوضات تسير ببطء. هذا، وساعدت إيران التي تدعم حزب الله والرئيس السوري بشار الأسد في التوصل إلى وقف إطلاق النار، وكذلك تركيا التي تدعم الفصائل المعارضة. وقال المسؤول القريب من الحكومة السورية لوكالة «رويترز» إن من بين المواضيع التي نوقشت إنشاء ممر آمن للمقاتلين المصابين الذين يريدون مغادرة الزبداني ثم انسحاب جميع المقاتلين فيما بعد. وأضاف أن مقاتلي المعارضة قدّموا قائمة بأسماء المصابين الذين يريدون إجلاءهم في البداية.
جدير بالذكر أنه بوشر العمل بوقف إطلاق النار بين مقاتلي المعارضة من جهة وقوات النظام وحزب الله جهة ثانية يوم الأربعاء الماضي في الزبداني القريبة من الحدود مع لبنان والبلدتين الشيعيتين في ريف إدلب، لمدة 48 ساعة قبل أن يمدّد 24 ساعة إضافية. كما كان حزب الله وقوات النظام قد أطلقا ما سمياه «معركة السيطرة على الزبداني» في الرابع من شهر يوليو (تموز) الماضي، وشهدت المدينة منذ ذلك الحين اشتباكات عنيفة ومئات الغارات الجوية ومئات القذائف والصواريخ الثقيلة. كذلك كانت الزبداني محور حملة شنها جيش النظام وحزب الله على مدى أسابيع، بهدف إجبار مقاتلي المعارضة الذين ما زالوا يتحصنون بداخلها على الانسحاب، فيما كثفت المعارضة حملتها العسكرية على الفوعة وكفريا.
وفي أول رد فعل لها على قطع المعارضة مياه عين الفيجة، قامت قوات النظام بإغلاق جميع الحواجز المحيطة بوادي بردى وقطع الطرق المؤدية إلى العاصمة دمشق ومنع المدنيين من الدخول أو الخروج من المنطقة، بحسب ما أشارت إليه «شبكة الدرر الشامية».
في حين ذكر ناشطون أن مقاتلي المعارضة في وادي بردى زرعوا ألغاما حول العين لصد أي محاولة من جانب قوات النظام لفرض السيطرة عليها. وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن المعارضة في منطقة وادي بردى، بشمال غربي العاصمة السورية، تسيطر على عين الفيجة منذ فبراير (شباط) 2012. بل وسبق للمعارضة في وادي بردى أن قطعت إمدادات المياه عن دمشق لأربعة أيام في نوفمبر (تشرين الثاني) 2014 في محاولة للضغط على قوات النظام من أجل إطلاق سراح عدد من المعتقلين.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.