شاشة الناقد: الحل ليس هوليووديًا

من «ولاد رزق»
من «ولاد رزق»
TT

شاشة الناقد: الحل ليس هوليووديًا

من «ولاد رزق»
من «ولاد رزق»

«ولاد رزق» ليس أول فيلم مصري يسعى لتقليد أفلام الأكشن الأميركية.. لكن هل هذا هو حل للأزمة أم إضافة لها؟
* «أولاد رزق»
* التقييم: (**)
* إخراج طارق العريان
* إنتاج أفلام «الماسة للإنتاج الفني»
* ومن بطولة أحمد عز وعمرو يوسف وأحمد الفيشاوي وأحمد داود وكريم قاسم من بين آخرين،
* كان أحد أفلام عيد الفطر الذي استمر لفترة ما بعد الأعياد متبوئًا الرقم الأول بين كل الأفلام وحتى الأسبوع الماضي حسب موقع «السينما.كوم» في مصر.
هو، في أفضل أحواله، فيلم أكشن لجمهور عليه أن يعالج مسألتين، الأولى دفع ثمن تذكرة وصل إلى 25 جنيهًا، وهو رقم عالٍ بالنسبة للجمهور المصري، والثانية أن يؤمن بأن هذا الفيلم هو ما يريده. المسألة الثانية تمّ النظر إليها على أنها ليست إشكالاً على الإطلاق. فبالنظر إلى الإيرادات (آخرها نحو مليوني جنيه مع نهاية الويك - إند الماضي) استنتج المعنيون أن الجمهور فعلاً يريد هذا النوع وإن لم يكن هذا النوع فهذا الفيلم تحديدًا. لكن المسألة ليست على هذا النحو الهيّن ففي أحيان وظروف كثيرة ما يكون الفيلم المتوفر أقوى الأفلام المعروضة، لكن ذلك لن يعني أنه حل أزمة السينما مع جمهورها، أو أنه فيلم جيّد بالضرورة سيساعد في إعادة دقات قلب الأفلام النوعية.
إنه عن أربعة أشقاء قرروا، بعد وفاة والدهم، أن يتحدوا ويؤلّفوا عصابة من الأشرار - الأخيار. هناك شروط يضعها الأخ الأكبر من بينها عدم التجارة بالمخدرات وعدم استخدام القتل كوسيلة لأن ذلك حرام، كما لو أن الباقي بأسره حلال. هذا ما يقود إلى تصوير عمليات وتصوير ما بين العمليات: وقوع بعضهم في الحب. حفلات ساهرة. أوضاع اجتماعية وذلك قبل أن تتطوّر المسألة إلى صراع مزدوج واحد مع القانون، وفيه فاسدون، والآخر مع رئيس عصابة مخدرات، ما يقود إلى مواجهات وضعها المخرج - الكاتب في إطار بوليسي مستعينًا بالكثير من إيحاءات الفيلم التشويقي الأميركي.
ليس استيحاءات من مضامين تلك الأفلام وتوزيع الشخصيات وما تقوم به فقط، بل من أشكالها وإيقاعاتها. تشاهد الفيلم فإذا به يضرب في كل اتجاه صوتًا وصورة ويسعى لأن يكون الصدام هو التواصل الأول بينه وبين الجمهور. المخرج طارق الذي قدّم سابقًا أفلاما أفضل من بينها «الإمبراطور» (1990)، يريد الوثوب قدمًا عبر نقل أسلوب سرد أميركي وتمصيره بصرف النظر عما إذا كان يلتقي أو لا يلتقي مع البيئة المصرية. صحيح أن هذه البيئة معبّر عنها بالتصوير فيما يبدو الحارة التقليدية، لكن هذه البيئة لا تشكل أكثر من خلفية عامّة مستخدمة كموقع وليس ككاشف اجتماعي.
العريان ليس الوحيد الذي يحاول نقل نمط السرد الهوليوودي وشكله إلى السينما المصرية. قبل أشهر شاهدنا لشريف عرفة «الجزيرة 2» الذي استخدم الوسيلة ذاتها وأنجز النتيجة إياها: تغريب الفيلم المصري باسم التحديث.
المسألة هي أن هذا الضخ في شريان الفيلم المصري لن ينقذها. سيساعد شركة إنتاج الفيلم الناجح على تحقيق أرباح، لكنه لن يؤدي إلى مساعدة السينما المصرية العودة إلى تلك الفترة التي كانت فيها كل شركات الإنتاج تتقاسم السوق بنجاح.



8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.