دعا الأمير خالد الفيصل، مستشار خادم الحرمين الشريفين، أمير منطقة مكة المكرمة رئيس اللجنة الإشرافية لسوق عكاظ، أمس، المفكرين والإعلاميين والمثقفين السعوديين والعرب للمساهمة بفعالية إلى جانب المسؤولين لإزالة الضبابية التي تطبق على منطقة الشرق الأوسط، مؤكدا أن السياسة السعودية التي أخذت على عاتقها حمل رسالة الإسلام «لا تتبع أي تيارات أو أحزاب».
وفي لقاء مفتوح مع المفكرين والأدباء والمثقفين والإعلاميين المشاركين في فعاليات سوق عكاظ، خاطب الأمير خالد الفيصل الجميع، قائلا «علينا كمسؤولين إزالة الضبابية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط»، مؤكدا أن السعودية تعمل منذ قيامها وفق أحكام الشريعة الإسلامية، وأن «الإنسان السعودي يختلف عن غيره بشرف خدمة البيت الحرام». وشدد الأمير خالد الفيصل على أن «السعودية دستورها القرآن والسنة ولا تتبع أي تيارات أو أحزاب».
وأضاف الأمير خالد الفيصل - أمام ضيوف سوق عكاظ - أن «الإنسان السعودي يختلف عن غيره، حيث أسكنه الله بجوار بيته العتيق الذي يتوجه المسلمون إليه خمس مرات في اليوم والليلة»، قائلا «لو تخلفت دول العالم عن الإسلام فإن المملكة لن تتخلف عنه، مستمدة قيمها منه، فهو دين يستوعب التطور والاستفادة من مختلف العلوم». وأضاف «في هذه المرحلة من مراحل الأمم، خصوصا الأمة العربية والإسلامية، نجد أنه لا بد على المسؤولين أن يوضحوا برامجهم وسياساتهم وأعمالهم في هذه الضبابية التي تكسو منطقة الشرق الأوسط.. وأجد لزاما علي وعلى زملائي في المملكة الذين عاصروا هذه البلاد أن تكون الرؤية واضحة في مثل هذه الظروف، وواجب على كل إنسان على ألا يكون في ضبابية هذا العصر، هناك محاولات كثيرة تريد أن تتوهنا من خلال أعمال يخطط لها من الخارج والداخل».
وواصل الأمير خالد الفيصل قائلا: «بصفتي مسؤولا من مسؤولي هذه البلاد، وبالأخص في هذه المنطقة التي تعتبر مركز المسلمين من أنحاء العالم كافة، فيها قبلتهم ويقصدونها للحج والعمرة، أجد من واجبنا أن نحدد الأسس والقيم والمبادئ التي قامت عليها المملكة والمجتمع السعودي، فالدين الإسلامي يلزم بالاستفادة من كل مبادئ العصر ومكتسباته تقنيا وصناعيا وفي كل المجالات، فالإسلام صالح لكل زمان ومكان وليس دين تخلف كما يقال، فهو دين القوة والتسامح والعلم، والمملكة تسعى منذ اليوم الأول للتثقيف والتعليم والتصنيع، مؤمنة بأن الدين الإسلامي دين تقدم وعلم وعدالة وحق، وأدعو إلى تربية الأبناء على تعليم المبادئ والأسس الإسلامية ابتداءً من البيت والأسرة».
وكان الأمير خالد الفيصل قد خاطب ندوة الريادة المعرفية، التي أقيمت أمس ضمن فعاليات مهرجان سوق عكاظ، وهي ندوة تهتم بإبداع الشباب ومنجزاتهم، وتهدف إلى استثمار السوق ليكون إحدى قنوات التواصل الإيجابي من أجل تبادل الأفكار مع الشباب وعرض تجاربهم العلمية والعملية وتقييمها.
واعتبر الأمير الفيصل أن هذه الندوة «تأتي مواكبة لحرص السعودية على تفعيل خططها الاستراتيجية الوطنية، لتكون رائدة في التنمية القائمة على الاقتصاد المعرفي الذي أصبح لغة العصر، وضرورة حتمية لتوظيف الطاقة البشرية في الاستثمار الأمثل لمواردها المادية، بما يحقق التنمية الشاملة المتوازنة والمستدامة بالشراكة الفاعلة بين القطاعين العام والخاص».
وأعلن الأمير خالد الفيصل إطلاق جائزة جديدة ضمن جوائز سوق عكاظ السنوية تخصص لريادة الأعمال في الحقل المعرفي، وتضاهي في قيمتها المعنوية والمالية جائزة شاعر عكاظ. وقال الأمير خالد الفيصل: «كنا في سوق عكاظ وما زلنا نكرر أن هذا السوق ليس استظهارا للماضي فحسب، بل علينا أن نأخذ من الماضي أحسن ما فيه ونبني عليه ما ينفع حاضرنا ويفيد مستقبلنا، وقلت سابقا إن سوق عكاظ القديم كان يقدم آنية اللحظة في الفكر والثقافة والتجارة». وأضاف: «يجب أن نعيد هذا المفهوم ونضيف إليه ما يحقق لنا آمال الحاضر والمستقبل، ولذلك نحرص في سوق عكاظ سنويا على تحقيق قيمة مضافة، وفتح نافذة جديدة على المستقبل في المجالات الثقافية عامة والعلمية خصوصا، ليسهم ذلك في تقديم صورة مشرفة للنهضة الحضارية، التي تعيشها المملكة في المجالات الاجتماعية والعلمية والاقتصادية، وهي نهضة تخطو خطوات ثابتة لنقل مجتمعنا السعودي - إنسانا ومكانا - إلى مصاف العالم الأول المتحضر».
وزاد الأمير خالد الفيصل: «في سياق استشراف السوق للمستقبل خاصة في العلوم الحديثة والابتكارات والاختراعات، بادرنا منذ بداية إحيائه إلى إطلاق معرض (عكاظ المستقبل)، لتقدم فيه الجامعات والمؤسسات البحثية والتقنية آخر أبحاثها وابتكاراتها في جميع المجالات، كما أن مؤسسات التعليم العالي مدعوة لدعم وتطوير برامج ريادة الأعمال من أجل تأهيل الشباب وإكسابهم الكفاءات المعرفية والقدرات المهارية لطرح أفكار ابتكارية وإبداعات عملية تشجع ثقافة العمل الحر، وتدعم تحويل الأفكار المبتكرة إلى كيانات تجارية».
وأضاف: «تفتح هذه الندوة المجال للحوار بين المختصين والشباب الرواد لهذا الغرض، إضافة إلى أن هناك استراتيجيات أخرى تدعم هذا التوجه سواء في مجال تطوير التعليم، أو إنشاء وتبني مؤسسات الإبداع والموهبة».
وشهدت ندوة الريادة المعرفية ست ورقات عمل، تقدم بها الأمير الدكتور تركي بن سعود بن محمد آل سعود، رئيس مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، وأدارها الدكتور فواز سعد، عميد معهد الإبداع وريادة الأعمال بجامعة أم القرى، حيث أكد الأمير تركي بن سعود أن السعودية تحتل المركز الـ35 عالميا في مجال النشر العلمي بـ288 ورقة علمية، لافتا إلى أن التحول من اقتصاد البترول إلى اقتصاد المعرفة يأتي من خلال مساهمة البحث والتطوير والابتكار ونقل التقنية وتوطينها كمصدر أساس للثروة، وأن تبنى المنتجات والخدمات في المملكة على تقنية مطورة محليا ومنافسة عالميا.
وأوضح أن رؤية الخطة الوطنية للعلوم والتقنية والابتكار «معرفة» تعتمد على بناء مجتمع واقتصاد قائم على المعرفة ومنظومة وطنية للابتكار منافِسة عالميا، مشيرا إلى أن «السياسة الوطنية للعلوم والتقنية» التي أعدتها مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية بالتعاون مع وزارة الاقتصاد والتخطيط في السعودية، وأقرها مجلس الوزراء في عام 1423هـ، تمثل الرؤية المعتمدة للمملكة وتوجهاتها الاستراتيجية لوصولها إلى مصاف الدول المتقدمة في العلوم والتقنية والابتكار بحلول عام 1450هـ.
من جهته، تناول مستشار وزير الاقتصاد والتخطيط الدكتور أسامة المنصوري، خلال عرضه في الندوة، ما توليه السعودية من اهتمام كبير بقطاع العلوم والتقنية والابتكار وتطوير مخرجاته ضمن أولويات خططها التنموية، إذ تتشكل المنظومة الوطنية للابتكار من كيانات عدة من أهمها: مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة، جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، الجامعات الحكومية والخاصة، مراكز الأبحاث التابعة لمختلف الجهات، ورعاية الموهبة والابتكار.
وبيّن أن خطة التنمية التاسعة (1431 - 1435) شهدت تنفيذ معظم برامج الخطة الخمسية الموسعة الأولى «للسياسة الوطنية للعلوم والتقنية»، وتنفيذ الخطة الخمسية الأولى «للخطة الوطنية للاتصالات وتقنية المعلومات»، وأيضا تنفيذ الخطة الخمسية الأولى لاستراتيجية «رعاية الموهبة والإبداع ودعم الابتكار»، إضافة إلى التوسع الملحوظ في مراكز البحث والتطوير والابتكار التابعة للمؤسسات التعليمية المختلفة وغيرها من المؤسسات الحكومية والخاصة والشركات الصناعية.
ولفت المنصوري إلى ارتفاع نسبة الإنفاق على البحث العلمي من الناتج المحلي الإجمالي في المملكة من (0.4 في المائة) في عام 2010 إلى (3.2 في المائة) تقريبا العام الماضي، لتصبح السعودية الأولى في ذلك على المستوى العربي، وقد توزع هذا الإنفاق بنسبة 70 في المائة إنفاقا حكوميا و30 في المائة غير حكومي في العام المذكور.
وقال مستشار وزير الاقتصاد والتخطيط إن السعودية تبوأت المركز الأول في عدد براءات الاختراع على مستوى العالم العربي، حيث تعاظم عدد براءات الاختراع المسجلة للمملكة عالميا خلال خطة التنمية التاسعة وبفارق كبير عن الدول التي تليها، حيث سجلت نحو 45 في المائة من مجمل المسجل من العالم العربي مجتمعا، تليها الكويت بنسبة 14 في المائة، ثم مصر بنسبة 12 في المائة، وإن هذا التطور حصل بشكل خاص خلال خطة التنمية التاسعة. أما في النشر العلمي فقد ارتفعت إسهامات المملكة في نشر نتائج الدراسات والبحث والتطوير من أقل من (0.2 في المائة) من النشر العلمي العالمي في عام 2000 إلى نحو (0.5 في المائة) في عام 2012، أي بنسبة زيادة إجمالية تبلغ 150 في المائة، وتجاوز عدد الأوراق والدراسات العلمية المنشورة في المملكة في عامي 2012 و2013 نحو 8000 دراسة.
خالد الفيصل يدعو المثقفين «لإزالة الضباب» خلال فعاليات سوق عكاظ
السعودية تحتل المركز الـ35 عالميًا في مجال النشر العلمي بـ288 ورقة علمية
خالد الفيصل يدعو المثقفين «لإزالة الضباب» خلال فعاليات سوق عكاظ
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة