الشاباك يعتقل قائدًا استيطانيًا لتأييده حرق الكنائس

يعالون أيد لكنه «وازن» موقفه بإغلاق الحرم الإبراهيمي أمام المسلمين 24 ساعة

بنتسي غوبشتين (إ.ب.أ)
بنتسي غوبشتين (إ.ب.أ)
TT

الشاباك يعتقل قائدًا استيطانيًا لتأييده حرق الكنائس

بنتسي غوبشتين (إ.ب.أ)
بنتسي غوبشتين (إ.ب.أ)

اعتقلت الشرطة الإسرائيلية الناشط اليميني اليهودي المتطرف، بنتسي غوبشتين، لساعات عدة، أمس، بغرض استجوابه حول التصريحات التي أعرب فيها عن تأييده حرق الكنائس في إسرائيل، وقوله إنه يتوقع من الحكومة تطبيق سياسة من هذا النوع.
وجاء قرار استجواب غوبشتين، بعد أن توجه رؤساء الكنائس المسيحية في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزراء الأمن الداخلي والأديان والخارجية، مطالبين بالتدخل لحماية الكنائس، محذرين من أن أقوال غوبشتين، تشجع على المزيد من الاعتداءات على الكنائس وعلى رجال الدين المسيحيين أنفسهم أيضا.
وكانت تصريحات غوبشتين وردت خلال حلقة نقاش حول الشريعة اليهودية. وقد تم تنظيم الحلقة على خلفية تنفيذ العملية الإرهابية في دوما، التي حرق فيها مستوطنون يهود أربعة أفراد من عائلة دوابشة الفلسطينية وهم نيام، وكذلك على خلفية قيام متطرفين يهود، بحرق أجزاء كبيرة من كنيسة «الخبز والسمك» على ضفاف بحيرة طبرية في يونيو (حزيران) الماضي. وخلال حلقة النقاش، وجه الصحافي بيني رابينوفيتش، محرر صحيفة «يتد نئمان» المتدينة، سؤالا صريحا إلى غوبشتين إذا كان يؤيد حرق الكنائس. وبدأ غوبشتين جوابه بالقول إن الرمبام (يقصد الحاخام اليهودي موسى بن ميمون الذي عاش بين العرب في القرن الثاني عشر الميلادي)، قال إنه «ينبغي عليكم حرق (الكنائس)»، فهل أنت ضد بن ميمون أو مع بن ميمون؟
ورد عليه رابينوفيتش: «لا تتحدث معي عن بن ميمون، سألتك عن رأيك»، فأجاب غوبشتين: «بالطبع أؤيد ذلك».
بعد ذلك علق غوبشتين على التقارير التي تحدثت عن تأييده لحرق الكنائس بالقول: «القانون (اليهودي) الشرعي واضح: تفسير بن ميمون بأن على المرء حرق الوثنية. لا يوجد هناك حاخام واحد يشكك بذلك. أتوقع من حكومة إسرائيل تنفيذ ذلك». وقد خرجت الصحف الإسرائيلية يومها بمقالات تطالب باعتقال غوبشتين ومحاكمته على تصريحاته، باعتبارها دعوة صريحة للإرهاب، وبما أن الرجل يقود منظمة يهودية كبيرة وغنية (لهافاه)، يسير وراءها ألوف المتعصبين، فمن شأنها أن تقود إلى ترجمة فعلية لهذا الإرهاب. ولذلك طالبوا بإدخال منظمته إلى القائمة السوداء للمنظمات المحظورة. لكن الحكومة امتنعت عن ذلك والشرطة قررت أنه لا يوجد ما يستدعي اعتقال الرجل، معتبرة أقواله جزءا من حرية التعبير. وخلص تقرير للشاباك، إلى عدم وجود أدلة كافية لاعتبار «لهافاه» منظمة محظورة. وقد شكل هذا التقرير ضربة لجهود وزير الدفاع، موشيه يعالون، لحظر المنظمة.
وعندها توجهت جهات مسيحية مقيمة في إسرائيل وفي أراضي السلطة الفلسطينية، إلى الحكومة الإسرائيلية معربة عن قلقها الشديد من هذه التصريحات. وقال المطران رياح أبو العسل، إن أكثر من 20 كنيسة وديرا ومقبرة مسيحية تعرضت للاعتداءات في السنوات الأخيرة، وبأعجوبة لم تقع ضحايا من الرهبان والراهبات. وتقدمت الكنيسة الكاثوليكية في إسرائيل، بشكوى رسمية إلى الشرطة على هذا التحريض. ورد غوبشتين، بأنه يترأس منظمة «لهافاه»، المناهضة لحقوق المثليين وعلاقات الزواج بين العرب واليهود، وأن منظمته تعمل بشكل قانوني، وأن كل شيء آخر يكون قمعا وكبتا لحرية الرأي. واتهم كلا من جهاز الشاباك ووزير الدفاع، موشيه يعلون، بمحاولة تلفيق التهم لـ«لهافاه» في محاولة لإحباط «عملها المقدس في إنقاذ بنات إسرائيل» من الزواج بعرب.
المعروف أن اثنين من نشطاء «لهافاه»، هما الأخوان شلومو وناحمان تويتو، أدينا في الشهر الماضي، بتهمة إشعال النار في مدرسة «ماكس راين يدا بيد» المقدسية، التي يتعلم فيها تلامذة يهود وعرب باللغتين.
من جهة ثانية، حاول وزير الدفاع، يعلون، إرضاء المستوطنين المتطرفين المقيمين في قلب مدينة الخليل، وذلك في سبيل «الموازنة» في المواقف. فهو يشعر بأنهم غاضبون عليه بسبب فرضه أوامر اعتقال إدارية على ثلاثة منهم يشتبه بأنهم يقفون وراء نشاطات الإرهاب. فقام صباح أمس، بزيارة إلى الحرم الإبراهيمي، وأصدر أمرا بإغلاقه في وجه المصلين المسلمين لمدة 24 ساعة، ووضعه تحت تصرف اليهود المحتفلين بالأول من شهر «ألول» (سبتمبر/أيلول حسب التقويم العبري).



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.