سلفا كير يحذر من اندلاع حرب جديدة بسبب مقترحات وساطة «الإيقاد»

ضابطان أعفاهما زعيم التمرد في جنوب السودان يعلنان عن تمرد جديد ضد جوبا والحركة المسلحة

سلفا كير يحذر من اندلاع حرب جديدة بسبب مقترحات وساطة «الإيقاد»
TT

سلفا كير يحذر من اندلاع حرب جديدة بسبب مقترحات وساطة «الإيقاد»

سلفا كير يحذر من اندلاع حرب جديدة بسبب مقترحات وساطة «الإيقاد»

أعلنت مجموعة متمردة جديدة بقيادة ضابط كبير تم إعفاؤه من قبل زعيم المعارضة المسلحة في جنوب السودان نائب الرئيس السابق رياك مشار عن انشقاقها وقيادة تمرد آخر ضد جوبا ومقاتلة فصيله السابق. وأكدت المجموعة عن رفضها محادثات السلام الحالية، وهذا يعني إضافة جديدة إلى الحرب الأهلية التي اندلعت قبل 20 شهرًا، في وقت يواجه وفدا التفاوض في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا صعوبات في إحداث اختراق للمحادثات الحالية منذ الجمعة الماضي مع اقتراب الموعد الذي حددته وساطة «الإيقاد» بالتوقيع على اتفاق ينهي النزاع الدموي في هذه الدولة التي استقلت حديثًا. وقال قائد التمرد الجديد جاتكوث قاكواث أمس في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه عن انشقاق زعيم المعارضة المسلحة نائب رئيس جنوب السودان السابق رياك مشار، مشيرًا إلى أنه ومعه مجموعة كبيرة من القادة وصفهم بالأقوياء سيقاتلون مشار وحكومة جنوب السودان في آن معًا، مشددًا على رفضه لمحادثات السلام الحالية في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا. وقال: «أنا والقائد بيتر قاديت نحن في حالة حرب الآن ضد الرئيس سلفا كير ميارديت والرفاق السابقين في الحركة التي يقودها رياك مشار.. سنخوض حربا ضدهما». وتابع: «سلفا كير ورياك مشار هما رمزا الكراهية وقادا الانقسام في البلاد.. هما سبب أزمتنا»، معتبرًا أن مشار باحث عن السلطة. وقال قاكواث إن المحادثات الحالية في أديس أبابا هدفها تقاسم السلطة مع مشار، واصفًا زعيم المعارضة المسلحة رياك مشار بالباحث عن المناصب. وأضاف: «ما يتم في أديس أبابا ليس هو السلام الذي نريده لأن ما يتم هو صفقة بين كير ومشار ولعودة الأوضاع كما كانت قبل ديسمبر (كانون الأول) 2013.. نحن لم نقاتل من أجل ذلك»، مشددًا على أن «مجموعته لن تحترم السلام الذي سيتم توقيعه وأنه لن يكون شرعيًا». ويعتقد مراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن إعلان فصيل جديد من قبل المقاتلين الأقوياء من أمثال جاتكوث قاكواث وبيتر قاديت (منشق عن الحركة المسلحة التي يقودها رياك مشار) ستضعف موقفه التفاوضي في المحادثات الحالية، إلى جانب أن القائدين ينتميان إلى قبيلة (النوير) التي ينتمي إليها مشار، وتوقع المراقبون مزيدا من الانشقاقات في صفوف التمرد مما يطيل أمد الحرب، ويشير هؤلاء إلى أن قاديت وقاكواث هما ضمن القائمة السوداء التي أعلنها مجلس الأمن الدولي الشهر الماضي لارتكابهما انتهاكات واسعة خلال الحرب التي اندلعت قبل أكثر من عام، وقد اتهم قاديت بإسقاط مروحية تابعة للأمم المتحدة في أغسطس (آب) 2014 التي قتل فيها ثلاث من أفراد طاقمها الروسي، كما تقول الأمم المتحدة إن قاديت كان وراء الهجوم الذي تم في أبريل (نيسان) 2014 على مدينة بانتيو في ولاية الوحدة الغنية بالنفط وأنه ارتكب مذابح مروعة ضد المدنيين. وقد حذر ضابط كبير في جيش جنوب السودان (فضل حجب اسمه)، لـ«الشرق الأوسط» من بوادر تمرد جديد من داخل المعارضة المسلحة بقيادة رياك مشار بانقسام قادة من المتمردين، بعد إعفائه قائدين كبيرين من حركته وهما بيتر قاديت وقار كواث، ورأى أحد قادة الجيش الحكومي أن هناك اتجاها من الذين فصلهم مشار لقيادة تمرد آخر في الوقت الذي تبحث فيه الأطراف في المحادثات الحالية في أديس أبابا عملية السلام، مشيرًا إلى أن مقترحات «الإيقاد» لن تحل الأزمة بل ستزيدها لأن المسودة المقدمة تمهد لاندلاع تمرد جديد.
في وقت انتهى لقاء قمة في مدينة عنتيبي الأوغندية جمعت رئيسها يوري موسيفيني، ونظيره الكيني أوهورو كيناتا إلى جانب رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريام ديسالين ووزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور الذي ينوب عن رئيس بلاده عمر البشير الذي تلاحقه مذكرة توقيف من قبل المحكمة الجنائية الدولية رغم تعهدات كمبالا بعدم اعتقاله، وبحثت القمة الأزمة في جنوب السودان والتي حثت أطراف النزاع على ضرورة التوصل إلى اتفاق سلام وفق المقترحات التي قدمتها «الإيقاد».
وسبق أن انعقدت قمة بحضور الرئيس الأميركي باراك أوباما أواخر شهر يوليو (تموز) الماضي مع هؤلاء الزعماء في أديس أبابا وحذر من هناك رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت ونائبه السابق رياك مشار من إجراءات أكثر تشددًا دون أن يفصح عنها في حال عدم توقيعهما اتفاق السلام النهائي الذي أعده الوسطاء بحلول السابع عشر من أغسطس الماضي.
وكان رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت قد حذر في رسالة وجهها إلى رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي مريام ديسالين من إمكانية أن تندلع حرب جديدة أكثر دموية في جنوب السودان إذا ما حاول وسطاء «الإيقاد» فرض السلام بالقوة، وجدد كير تحفظاته حول مسودة اتفاق السلام التي دفعها الوسطاء للطرفين في الخامس والعشرين من يوليو الماضي وسط ضغوط دولية كبيرة عليهما للتوقيع على اتفاق السلام بحلول السابع عشر من أغسطس الحالي.



الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
TT

الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)

في وقت تسحب فرنسا قواتها من مراكز نفوذها التقليدي في الساحل وغرب أفريقيا، وتبحث عن شركاء «غير تقليديين»، يحتدمُ الجدل في نيجيريا حول السماح للفرنسيين بتشييد قاعدة عسكرية في البلد الأفريقي الغني بالنفط والغاز، ويعاني منذ سنوات من تصاعد وتيرة الإرهاب والجريمة المنظمة.

يأتي هذا الجدل في أعقاب زيارة الرئيس النيجيري بولا تينوبو نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى فرنسا، والتي وصفت بأنها «تاريخية»، لكونها أول زيارة يقوم بها رئيس نيجيري إلى فرنسا منذ ربع قرن، ولكن أيضاً لأنها أسست لما سمّاه البلدان «شراكة استراتيجية» جديدة.

وتمثلت الشراكة في اتفاقيات تعاون هيمنت عليها ملفات الطاقة والاستثمار والمعادن، ولكنّ صحفاً محلية في نيجيريا تحدّثت عن اتفاقية تسمحُ للفرنسيين بإقامة قاعدة عسكرية داخل أراضي نيجيريا، وذلك بالتزامن مع انسحاب القوات الفرنسية من دول الساحل، خصوصاً تشاد والنيجر، البلدين المجاورين لنيجيريا.

لا قواعد أجنبية

ومع تصاعد وتيرة الجدل، تدخل الجيش النيجيري ليؤكد أن ما يجري تداوله بخصوص «قاعدة عسكرية» أجنبية فوق أراضي نيجيريا مجرد «شائعات»، نافياً وجود خطط للسماح لأي قوة أجنبية بإقامة قاعدة عسكرية في نيجيريا.

وتولّى قائد الجيش النيجيري، الجنرال كريستوفر موسى، بنفسه مهمة الرد، فأوضح أن «زيارة الرئيس بولا تينوبو الأخيرة إلى فرنسا، وُقِّعت خلالها عدد من الاتفاقيات الثنائية، لم تشمل السماح بإنشاء قواعد عسكرية أجنبية في نيجيريا».

وكان قائد الجيش يتحدّث خلال حفل عسكري بمقر وزارة الدفاع في العاصمة أبوجا، بمناسبة تغيير شعار القوات المسلحة النيجيرية، وقال إنه يوّد استغلال الفرصة لتوضيح ما جرى تداوله حول «قاعدة عسكرية أجنبية» في نيجيريا. وقال: «لقد أوضح الرئيس بشكل لا لبس فيه أن ما تم توقيعه هو اتفاقيات ثنائية تتعلق بالتجارة، والثقافة، والتقاليد، والتعاون، والاقتصاد، ولا وجود لأي شيء يتعلق بقاعدة عسكرية أجنبية».

وأوضح الجنرال موسى أن الرئيس تينوبو «يدرك تماماً عواقب مثل هذا القرار، ويعلم أن من واجبه حماية نيجيريا، ومن ثم، لن يسمح مطلقاً لأي قوة أجنبية بدخول نيجيريا»، ولكن قائد الجيش أكد: «سنستمر في التعاون بشكل ثنائي من خلال التدريب المشترك وإرسال ضباطنا كما هو معتاد، ولكن إنشاء قاعدة عسكرية أجنبية في نيجيريا ليس ضمن خطط الرئيس».

كراهية فرنسا

ورغم تصريحات قائد الجيش، فإن الجدل لم يتوقف؛ حيث عَبَّر «تحالف جماعات الشمال»، وهو هيئة سياسية ناشطة في نيجيريا، عن إدانته قرار السماح للعسكريين الفرنسيين بدخول أراضي نيجيريا، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حين انتقد بشكل لاذع عقد شراكة مع فرنسا.

وقال التحالف: «إن القرار يتعلق باتفاقية ثنائية جرى توقيعها بين نيجيريا وفرنسا تمنح الأخيرة وصولاً غير مقيد إلى الموارد المعدنية في نيجيريا»، وذلك في إشارة إلى اتفاقية وقعها البلدان للتعاون في مجال المعادن النادرة.

المنسق الوطني لتحالف جماعات الشمال، جميل علي تشارانشي، اتهم الرئيس تينوبو بالسعي نحو «تسليم سيادة نيجيريا إلى فرنسا، والتغطية على ذلك بمبررات مضللة»، ثم وصف ما يقوم به تينوبو بأنه «مناورة دبلوماسية مكشوفة».

الناشط السياسي كان يتحدث بلغة حادة تجاه فرنسا؛ حيث وصفها بأنها «دولة عدوانية؛ تدعم وتمول تفكيك المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)»، قبل أن يحملها مسؤولية «جو الحرب الذي تعيشه منطقة غرب أفريقيا».

وخلُص الناشط السياسي إلى أنه مصدوم من «إمكانية أن تخضع نيجيريا، بتاريخها الفخور بالدفاع عن السيادة الأفريقية، لتأثير أجنبي، نحن نرفض ذلك، وسنعارضه بشدة»، على حد قوله.

شراكة مفيدة

الرئيس النيجيري بولا تينوبو لدى حضوره حفل تنصيب رئيس تشاد في ندامينا 23 مايو (رويترز)

في المقابل، ارتفعت أصوات في نيجيريا تدافع عن تعزيز التعاون والشراكة مع فرنسا، وعدّت الحديث عن «قاعدة عسكرية» محاولة للتشويش على الطموحات الاقتصادية للبلدين.

في هذا السياق، قال المحلل السياسي النيجيري، نيكسون أوكوارا: «إن العالم يتّجه بسرعة نحو نظام متعدد الأقطاب، وإعادة صياغة التحالفات التقليدية، وهذا الواقع الجديد يتطلب من نيجيريا الاصطفاف مع شركاء يقدمون فوائد استراتيجية دون التنازل عن سيادتها».

وأضاف المحلل السياسي أن «فرنسا، رغم تاريخها غير الجيد في أفريقيا، فإنها تمنح لنيجيريا فرصة إعادة التفاوض على العلاقات من موقع قوة؛ حيث تواجه فرنسا معضلة تراجع نفوذها بشكل مطرد في الساحل وغرب أفريقيا».

وشدّد المحلل السياسي على أن نيجيريا يمكنها أن تربح «مزايا اقتصادية كبيرة» من الشراكة مع فرنسا، كما أكّد أنّه «مع تصاعد التحديات الأمنية في منطقة الساحل، يمكن للخبرات والموارد العسكرية الفرنسية أن تكمل جهود نيجيريا لتحقيق الاستقرار في المنطقة».

تعاون عسكري

التعاون العسكري بين فرنسا ونيجيريا عرف صعوداً مهماً عام 2016، حين وقع البلدان اتفاقية للتعاون العسكري والأمني، خصوصاً في مجالات الاستخبارات، والتدريب والإعداد العملياتي.

في الفترة الأخيرة، بدأ الحديث عن رغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تعزيز هذا التعاون، وهو الذي عمل لستة أشهر في السفارة الفرنسية في أبوجا، حين كان طالباً في المدرسة الوطنية للإدارة. وبوصفها خطوة لتطوير التعاون العسكري بين البلدين، أعلن الجنرال حسن أبو بكر، قائد القوات الجوية النيجيرية، الأسبوع الماضي، أن بلاده تستعد للاستحواذ على 12 طائرة من طراز «ألفاجيت» مستعملة من القوات الجوية الفرنسية، ستتم إعادة تشغيل 6 منها، في حين ستُستخدم الـ6 أخرى مصدراً لقطع الغيار.

ورغم أنه لم تعلن تفاصيل هذه الصفقة، فإن نيجيريا أصبحت خلال السنوات الأخيرة «زبوناً» مهماً للصناعات العسكرية الأوروبية، وسوقاً تتنافس عليها القوى المصنعة للأسلحة، خصوصاً سلاح الجو الذي تراهن عليه نيجيريا لمواجهة خطر الإرهاب في غابات حوض بحيرة تشاد، أقصى شمال شرقي البلاد.