مثقفون عراقيون: أجواء الشتاء ترتبط بالسرد.. أما في الصيف فالقراءات مفتوحة

يرون أن القراءة عادة متصلة وليست موسمية

عبد الستار البيضاني و أطياف رشيد و علاء المفرجي و سمرقند الجابري
عبد الستار البيضاني و أطياف رشيد و علاء المفرجي و سمرقند الجابري
TT

مثقفون عراقيون: أجواء الشتاء ترتبط بالسرد.. أما في الصيف فالقراءات مفتوحة

عبد الستار البيضاني و أطياف رشيد و علاء المفرجي و سمرقند الجابري
عبد الستار البيضاني و أطياف رشيد و علاء المفرجي و سمرقند الجابري

لم تزل القراءة سيدة المشهد الثقافي العراقي، رغم سخونة أجواء الصيف التي زادت على الخمسين درجة مئوية، واضطراب الأوضاع الأمنية والسياسية في البلاد، يحرص مثقفون وأدباء ونقاد على إدامة صلاتهم بالكتاب باعتبارها إحدى أهم عاداتهم التي لا تتغير بالمناخات المعيشة والظروف السائدة، رغم تفضيل بعضهم لنوع ووقت خاصين من القراءات بحسب أمزجة الفصول وتقلباتها وما تمنحه لهم من خيارات، باعتبار القارئ الجيد لا يفرق بين المواسم، كونها فعلا إبداعيا تتعدى الترفيه وتزجية الوقت.
يقول القاص والروائي عبد الستار البيضاني: «القراءة عادة متصلة وليست موسمية، لكن هذا لا ينفي خضوعها لتأثيرات أمزجة الفصول؛ ففي فصل الصيف تنزع النفس البشرية للخروج إلى الفضاءات، بينما تميل في الشتاء إلى دفء البيت، لذلك فالصيف يأخذ من وقت القراءة، بينما يمنحها الشتاء وقتا أكثر. وقبل عصر الفضائيات كنا نؤجل قراءة الروايات الضخمة إلى الشتاء.. فليل الشتاء كان يعني في الغالب بطانية صوفية ورواية روسية!».
ويضيف: «منذ عملي في الصحافة والتزاماتي مع مؤسسات ثقافية كخبير، انتهت بالنسبة لي القراءة الممنهجة وطقوس الاختيار، لكني أحاول وضع أولويات للقراءة، لكن كل فترة أجد الكتب قد تكدست عند رأسي أو على مكتبي من دون أن يصل إليها الدور فأرحلها إلى رفوف مكتبتي لتأتي غيرها على لائحة الانتظار، لكن أفضل أوقات القراءة والكتابة لدي فترة الصباح، وخصوصا أيام الجمع والعطل.. حيث أكون قد قررت قراءة كتاب بعينه، أستيقظ مبكرا وأواصل القراءة طوال اليوم ولا أفعل شيئا سوى ذلك، وعندما أنهي قراءة الكتاب أشعر بانسجام روحي يجعلني مترفعا على شواغلي اليومية.. وكذلك الأمر مع الكتابة».
وآخر ما قرأه البيضاني كتاب يحمل عنوان «السجن الملعون» وهو مجموعة قصصية للكاتب اليوغوسلافي إيفو أندريتش الحائز على جائزة نوبل عام 1961.
وعن طقوسه في القراءة، فضل القاص والإعلامي حسين رشيد تعريف الكتاب أولا بالقول: «هو مجموعة أوراق يجمعها غلاف ملون تزينه لوحة فنية أو تخطيط، هذه الأوراق برائحتها الأريجة وحروف كلمتها بمثابة مفتاح سحري يفتح طيات العقل البشري وينير كل جوانبه وزواياه المعتمة، طبعا ما أقصده هنا الكتب الأدبية والعلمية والاجتماعية المرتبطة بالإنسانية والتقدم والتحضر والازدهار. وليست الكتب الأخرى السيئة والمسيئة، ففي حين قالوا خير جليس بالزمان كتاب، في وقتها كان هناك كتاب أو اثنان، أما الآن في جهاز الهاتف أخزن عشرات الكتب، والقراءة فن مثلما وصفها ألبرتو مانغويل مثلما هي غذاء روحي لا بد منه مثلما لا يمكن للنحلة العيش دون إنتاج العسل».
وعن الاختلاف ما بين قراءتي الصيف والشتاء، قال: «لا يوجد اختلاف كبير لكن أجواء الشتاء غالبا ما ترتبط بالروايات وكتب السرد. أما الصيف فالقراءات مفتوحة، وبالطبع الشعر هو القاسم المشترك في كل الأوقات. القراءة لا تحتاج إلى طقس معين فقط لحظة ربط نفسي وذهني مع الكتاب. أستمتع كثيرا بالقراءة أثناء السفر. أما آخر ما قرأت، فهو (كل البشر كاذبون) لألبرتو مانغويل، وكتاب (متعة المتخيل.. حوارات مع كتاب عالميين).. هذا فيما يخص الكتب أما القراءة اليومية الأخرى أثناء العمل وعبر التجوال في المواقع الإلكترونية غالبا ما تكون قصصًا قصيرة جدا مترجمة أو قصائد مترجمة وعراقية وعربية».
واختلفت القاصة والناقدة المسرحية أطياف رشيد مع القاص حسين بالقول إن «القراءة هي نفسها سواء في الصيف أو الشتاء، بالنسبة لي لا تتغير شهيتي لها.. وأنا لا أمسك قلمي للكتابة إلا إذا كانت الفكرة أو الصورة أو المشهد قد بدأ يتكون في فكري. عندها أبدأ بالكتابة، وتبدأ الفكرة بالنمو والتطور حتى تأخذ شكلها النهائي.. ولكن في كثير من الأحيان أشعر أن لا نهاية أو حد لتلك الفكرة أو المشهد. أشعر لو أنني أعدت قراءتها لأضفت شيئا جديدا، قرأت أخيرا رواية (الحمامة) لزوسكيند وهي رواية جميلة تهتم بتلك التفاصيل الصغيرة التي تحيط بنا، وتأثيرها، وكل تلك الخلجات التي تعتمل في الذات الإنسانية بسبب مخاوف قديمة زرعتها الظروف المحيطة».
أما الكاتب والشاعر جمال المظفر فقال: «طقوس الكتابة قد تختلف من كاتب لآخر.. هناك من يتفرغ للكتابة في أوقات محددة يعتكف لوحده ويمارس طقوسه، بينما هناك من ينتظر أن تداهمه الفكرة، فما إن يتلقفها حتى يبدأ بالشروع في تدوينها والعمل عليها، وقد تنتهي في اللحظة نفسها وقد يؤجلها إلى وقت آخر.. بالنسبة لي لا أعد نفسي للكتابة ولا وقت لها عندي باستثناء المقالة التي هي نتاج فعل أو رد فعل آني لا يستوجب تأجيلها.. أما القراءة فهي مفتوحة حسب أوقات الفراغ أو أهمية المنجز الأدبي الذي يقع بين يدي.. أستغل أحيانا أوقات الفراغ لقراءة الكتب النقدية والشعرية والقصصية رغم الأجواء غير الطبيعية التي نعيشها من انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة وارتفاع حرارة الجو، إلا أن القراءة تعد الغذاء الروحي الأهم لأدمغتنا التي نخرها الفساد السياسي».
علاء المفرجي الناقد السينمائي والكاتب، فيرى أن «القارئ الجيد لا يفرق بين المواسم بافتراض أن القراءة تتعدى الترفيه أو تزجية الوقت، القراءة فعل إبداعي آخر تماما كما النص المقروء.. والقراءة لدي طقس وضرورة أيضا، وقرأت أخيرًا كتاب (حديقة في بغداد) لإليزابيث هوريم، و(لا أبطال في طروادة) رواية الشاعر إبراهيم البهرزي.. الكتاب الأول يغوص في تفاصيل الحياة البغدادية بين عامي 2003 - 2006 من وجهة نظر الآخر، وهي الكاتبة الفرنسية السويسرية الأصل.. أما ما شدني لرواية البهرزي فهو أنها تناولت الجيل الذي أنتمي إليه خلال السبعينات بخلفية تاريخ اليسار العراقي خلال هذه الفترة». وعن مشاريعه «الصيفية» ذكر أنه يعكف حاليا على إنجاز كتابه «السيرة في السينما» الذي سيجد طريقه للطبع قريبًا.
«في الصيف أحب أن أقرأ الشعر»، هكذا قالت الشاعرة العراقية الشابة سمرقند الجابري، ووصفت الشتاء بأنه فاتح لشهيتها في السهر والقراءة معًا، وخصوصا قراءة الروايات، وأضافت: «قبل أيام بدأت إعادة قراءة رواية لميلان كونديرا (خفة الكائن التي لا تحتمل) فقد كنت قرأت الرواية بترجمة الكويت، والآن أقرأ الرواية ذاتها بترجمة لبنانية، حيث وجدت هناك فوارق في رؤية النص السردي وترجمته من شخص لآخر، فأنا أحب تلك الرواية ودفعني الفضول لقراءتها بترجمة دار أخرى، إذ حملت الترجمة الجديدة عنوان (كائن لا تحتمل خفته) وهي تتحدث عن الإحباط والخذلان في الحب، كما أن لها جانبا سياسيا يشابه ما مر به العراق من صراعات بعد تغير أنظمة الحكم فيه».



الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
TT

الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)

دعا الشاعر السوري أدونيس من منفاه في فرنسا الأربعاء إلى "تغيير المجتمع" في بلده وعدم الاكتفاء بتغيير النظام السياسي فيه بعد سقوط الرئيس بشار الأسد.

وقال أدونيس (94 عاما) خلال مؤتمر صحافي في باريس قبيل تسلّمه جائزة أدبية "أودّ أولا أن أبدي تحفّظات: لقد غادرتُ سوريا منذ العام 1956. لذلك أنا لا أعرف سوريا إذا ما تحدّثنا بعمق". وأضاف "لقد كنت ضدّ، كنت دوما ضدّ هذا النظام" الذي سقط فجر الأحد عندما دخلت الفصائل المسلّحة المعارضة إلى دمشق بعد فرار الأسد إلى موسكو وانتهاء سنوات حكمه التي استمرت 24 عاما تخلّلتها منذ 2011 حرب أهلية طاحنة.

لكنّ أدونيس الذي يقيم قرب باريس تساءل خلال المؤتمر الصحافي عن حقيقة التغيير الذي سيحدث في سوريا الآن. وقال "أولئك الذين حلّوا محلّه (الأسد)، ماذا سيفعلون؟ المسألة ليست تغيير النظام، بل تغيير المجتمع". وأوضح أنّ التغيير المطلوب هو "تحرير المرأة. تأسيس المجتمع على الحقوق والحريات، وعلى الانفتاح، وعلى الاستقلال الداخلي".

واعتبر أدونيس أنّ "العرب - ليس العرب فحسب، لكنّني هنا أتحدّث عن العرب - لا يغيّرون المجتمع. إنّهم يغيّرون النظام والسلطة. إذا لم نغيّر المجتمع، فلن نحقّق شيئا. استبدال نظام بآخر هو مجرد أمر سطحي". وأدلى الشاعر السوري بتصريحه هذا على هامش تسلّمه جائزة عن مجمل أعماله المكتوبة باللغتين العربية والفرنسية.

ونال أدونيس جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس وتحمل اسم شاعر كتب باللغتين الكتالونية والإسبانية.