قال حسين أمير عبد اللهيان، نائب وزير الخارجية الإيراني، أمس، إن «إيران ستقدم إلى الأمم المتحدة قريبًا خطة للسلام في سوريا حيث تسببت الحرب الأهلية في كارثة إنسانية وسمحت لتنظيم داعش بالسيطرة على أراضيه».
وتستضيف إيران، حليفة الرئيس السوري بشار الأسد، مسؤولين من سوريا وروسيا هذا الأسبوع لمناقشة سبل حل الصراع الذي راح ضحيته مئات الآلاف من الأشخاص.
وترتكز الخطة الإيرانية على مبادرة من أربع نقاط قدمها وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، للأمم المتحدة في العام الماضي. والنقاط الأربع، هي: الوقف الفوري لإطلاق النار، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، ووجود حماية دستورية للأقليات، وإجراء انتخابات تحت إشراف دولي.
ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن عبد اللهيان قوله: «ستقدم الخطة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بعد استكمال مناقشات مفصلة بين طهران ودمشق».
ويخشى جيران إيران من الدول العربية وقوى غربية كثيرة، ما تراه نفوذًا إيرانيًا متناميًا في المنطقة، خصوصًا مع اقتراب رفع العقوبات الاقتصادية التي كبلت نفوذها الاقتصادي والدبلوماسي.
وكثفت قوى إقليمية وغربية، ومنها تركيا والسعودية، جهودها أيضًا لحل الأزمة التي تسببت في تدفق هائل للاجئين وأدت إلى تفاقم خطر تنظيم داعش.
لكن بينما ترى كل الأطراف في التنظيم المتشدد تهديدًا، فإن واشنطن ترغب مع حلفائها في الإطاحة بالأسد كجزء من حل الأزمة السورية. أعيد الحل السياسي في سوريا والنقاش حوله إلى مربعه الأول، بعد اصطدام المقترحين الروسي والإيراني برفض المعارضة السورية التي لا تزال تصر على رحيل الرئيس السوري بشار الأسد، وتشكيل هيئة حكم انتقالي، بينما ظهرت مؤشرات على تباحث بالحل السوري بين موسكو وطهران ودمشق، أمس، عبر زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم إلى طهران، وعقده لقاءات منفصلة مع مساعد وزیر الخارجیة الإیرانی للشؤون العربیة والإفریقیة حسین أمیر عبد اللهیان، وممثل الرئیس الروسي لشؤون الشرق الأوسط نائب وزیر الخارجیة میخائیل بوغدانوف، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية «إرنا».
وتتبع لقاءات المعلم في طهران لقاءات من المقرر عقدها بين ممثلين عن الائتلاف الوطني السوري ومسؤولين روس في موسكو، الأسبوع المقبل. وصرح عضو الهيئة السياسية للائتلاف السوري المعارض بدر جاموس، لوكالة «سبوتنيك» الروسية، أن الائتلاف تلقى دعوة من الخارجية الروسية لزيارة موسكو في 12 - 13 أغسطس (آب) الحالي. وأوضح أنه «خلال اليومين المقبلين سيتم تأكيد موعد الزيارة حسب جدول رئيس الائتلاف ووزير الخارجية الروسي، وبالتالي سيتم وضع البرنامج وتحديد أسماء الأشخاص الذي سيتوجهون إلى موسكو».
وقال جاموس: «الدعوة محل ترحيب من الائتلاف»، مشيرا إلى أن «دور موسكو ومكانتها بإمكانهما الضغط على النظام السوري للقبول بالحل السياسي»، نافيًا أن تكون الدعوة موجهة إلى أطراف سورية أخرى، مضيفا: «سنستمع من الروس ونعرف ما لديهم وسنرحب بأي جهد للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية».
وجاءت زيارة المعلم إلى طهران بعد تقديم مقترحين، روسي وإيراني، لحل الأزمة السورية، أعلنت المعارضة السورية رفضهما، في وقت لم تتضح معالم المباحثات بعد، وسط اعتقاد يسود أوساط المعارضة السورية، بأنها لقاءات هادفة إلى إنتاج رؤية جديدة، بعد تعرض المقترحين للرفض المطلق.
واستبعد القيادي السوري المعارض برهان غليون أن تكون هناك تسوية منجزة، أو مبادرة نهائية، استوجبت زيارة المعلم إلى طهران بالتزامن مع وجود بوغدانوف، مؤكدًا لـ«الشرق الأوسط» أن مباحثات من عدة أطراف انطلقت»، موضحًا أن «الروس الذين رفضت فكرتهم للحل في سوريا حول إعادة تأهيل الأسد في مؤتمر الدوحة، يحاولون الآن التشاور مع شركائهم الإيرانيين والسوريين في كيفية الدخول في مفاوضات يكرسون فيها نفوذهم، ووفق أي آلية».
وشدد غليون على أن الاقتراح الروسي «لا يمكن أن تقبل به المعارضة السورية، كما أن الاقتراح الإيراني مضحك، لأنه يتجاهل الأزمة ومسبباتها».
وإذ أشار إلى أن «المباحثات لا تزال في بداياتها»، رأى أن الإيرانيين «انخرطوا في حوار لا ينطلق من قاعدة الدخول في تسوية، بل للبحث عن مدى إمكانية تحصيل مكاسب، ليست بالضرورة لصالح النظام، بل لصالح نفوذهم وميليشياتهم في سوريا، فضلاً عن مدى إمكانية تقسيم البلد وتحصيل حصتهم منها».
وتتضمن المبادرة الروسية الجديدة لحل الأزمة السورية الإبقاء على نظام الأسد، وتشكيل تحالف دولي إقليمي يضم النظام السوري، بهدف القضاء على تنظيم داعش. أما المبادرة الإيرانية فتتضمن، بحسب وكالة «فارس» الإيرانية، الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وإعادة تعديل الدستور السوري بما يتوافق وطمأنة المجموعات الإثنية والطائفية في سوريا، كما يقضي البند الرابع بإجراء انتخابات بإشراف مراقبين دوليين.
في هذا الوقت يجري المعلم في طهران سلسلة لقاءات، بينها محادثات مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف تتناول خصوصا الوضع في الشرق الأوسط، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية. وقالت الوكالة إن المعلم سيبحث مع المسؤولين الإيرانيين «العلاقات الثنائية والوضع الإقليمي والدولي».
وتتزامن زيارة المعلم مع وجود نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، في العاصمة الإيرانية، إذ أجرى محادثات مع نائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان تناولت «الوضع في سوريا والمنطقة».
ولا تحمل لقاءات مشابهة لتلك التي عقدت في طهران مؤشرات على أن المعارضة ستغير موقفها من رؤيتها للحل في البلاد، إذ أكد نائب رئيس الائتلاف السوري هشام مروة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الائتلاف «ينظر إلى الحراك السياسي على أنه لا يمكن أن يثمر حلا حقيقيا، من غير ضغط يمارسه المجتمع الدولي على الدول الداعمة للأسد ونظامه»، مشيرًا إلى أن تلك الدول «تمارس الهروب عبر تقديم مقترحات غير مقبولة».
وقال مروة إن طهران «تحاول تقديم مبادرات مستفيدة من تحسّن ظروفها الدولية لإعادة إنتاج شرعية النظام»، لافتًا إلى أن المبادرة الإيرانية «هي نسخة مكررة عن مبادرة طرحها الأسد نفسه في عام 2013، وانتقدها المجتمع الدولي وتعرضت للرفض من دول أصدقاء سوريا».
وأكد مروة أن «لا شيء الآن في الأفق، نظرًا لأن المباحثات حول الحل السياسي لا تزال في المربع الأول»، معربًا عن استغرابه من طروحات الدول الحليفة للنظام السوري «تفيد وكأن الثورة لا تزال في بداياتها، متجاهلة هذا الكم من الشهداء والدمار دخول عامل الإرهاب في البلاد، كما تتناسى بيان «جنيف 1» ومفاوضات «جنيف 2».
في غضون ذلك، نقل التلفزيون السوري عن وزير الخارجية وليد المعلم قوله أمس إن سوريا تدعم أي جهود للتصدي لتنظيم داعش إذا جرت بالتنسيق مع دمشق، لكنه حذر من خرق السيادة السورية. وقال المعلم: «نحن قلنا إننا مع أي جهد لمحاربة (داعش)، وذلك بالتنسيق والتشاور مع الحكومة السورية، وإلا فإنه خرق للسيادة السورية».
وكان المعلم أكد مساء الثلاثاء عقب لقائه مساعد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان أن «کل مبادرة ستتم ستکون بالتنسیق مع القیادة والمسؤولین السوریین».
بدوره أکد أمیر عبد اللهیان أن المحادثات بین الجانبین کانت «بناءة وإیجابیة»، مؤکدا أن إیران «تدافع وتقف بشكل قوي إلی جانب حلفائها کما أنها مستمرة فی سیاستها الداعمة للحکومة والشعب السوري». كما شدد علی أن «الحل الوحید للأزمة فی سوریا هو الحل السیاسي».
إلى ذلك، اجتمع وزير الخارجية الأميركي جون كيري، أمس الأربعاء، مع نظيره الروسي سيرغي لافروف على هامش اجتماع رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان) التي تضم عشر دول.
وقال مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأميركية دون الخوض في تفاصيل إن كيري ولافروف «سيناقشان سلسلة من القضايا محل الاهتمام المشترك» في اجتماع بالعاصمة الماليزية كوالالمبور.
وكان كيري قد عقد محادثات ثلاثية في دولة قطر مع لافروف ووزير الخارجية السعودي عادل الجبير لمناقشة الأزمة السورية يوم الاثنين الماضي.
وتحاول روسيا العمل على التقريب بين الحكومة السورية ودول المنطقة، بما فيها السعودية وتركيا لتشكيل تحالف لمحاربة تنظيم داعش الذي بسط سيطرته على مساحات واسعة من الأراضي في سوريا والعراق.
اجتماعات سورية ـ إيرانية ـ روسية من أجل «رؤية جديدة للأزمة»
موسكو تستضيف المعارضة الأسبوع المقبل
اجتماعات سورية ـ إيرانية ـ روسية من أجل «رؤية جديدة للأزمة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة