جيش جنوب السودان ينفي مزاعم المتمردين عرقلة إيصال المؤن لتجويع خصومه

جيش جنوب السودان ينفي مزاعم المتمردين عرقلة إيصال المؤن لتجويع خصومه
TT

جيش جنوب السودان ينفي مزاعم المتمردين عرقلة إيصال المؤن لتجويع خصومه

جيش جنوب السودان ينفي مزاعم المتمردين عرقلة إيصال المؤن لتجويع خصومه

نفى جيش جنوب السودان ما أعلنه المتمردون عن أنّ حكومة جوبا تفرض عليهم حصارًا وتمنع وصول المساعدات بهدف تجويعهم وارغامهم على الاستسلام قبل محادثات السلام لانهاء الحرب الاهلية الدائرة منذ نهاية 2013.
وقالت الامم المتحدة ومنظمات الاغاثة كذلك أنّ هناك تضييقا على وصول المساعدات حتى إلى مناطق باتت على شفير المجاعة.
ولكن المتحدث باسم جيش جنوب السودان فيليب اغير نفى تعطيل المراكب التي تعبر النيل للوصول إلى المناطق الشمالية التي تفتقر للطرق البرية، وتوجد فيها مناطق يسيطر عليها المتمردون بزعامة نائب الرئيس السابق رياك مشار.
وقال اغير اليوم (الاربعاء)، إنّه تم تحذير المراكب من التعرض لهجمات المتمردين؛ ولكن التقارير التي تحدثت عن منعها من الابحار هي مجرد دعاية لا تستند الى وقائع ملموسة".
ويتهم المتمردون الحكومة بقطع المؤن بهدف اضعافهم.
وقال المتحدث باسمهم جيمس قاديت في بيان إنّ «النظام يجوع هؤلاء السكان ويستخدم (التجويع) كسلاح إضافي في الحرب لقتل آلاف اخرى منهم. التذرع بأن قواتنا هاجمت البوارج التي كانت تحمل مؤن الاغاثة كاذب».
وكان مسؤول عمليات الاغاثة في الأمم المتحدة ستيفن اوبراين لفت خلال زيارة لجنوب السودان الشهر الماضي، إلى أنّه تم وقف السفن النيلية التي تحمل الطعام والمواد الطبية.
وكرر اوبراين أمس، التأكيد على الحاجة إلى تأمين «الوصول السريع ودون عقبات" للمساعدات، مذكرا بأنه حث الرئيس سلفا كير على «رفع أي قيود على الملاحة في النيل بصورة فورية».
وبدأت الحرب في جنوب السودان في نهاية 2013 عندما اتهم كير مشار بالتخطيط للانقلاب عليه، وتبعت ذلك دوامة من العنف واعمال الانتقام التي قسمت البلد الفقير وقبائله.
وامهل الوسطاء الافارقة والدوليون المتقاتلين حتى 17 اغسطس (آب)، لابرام اتفاق سلام بعد فشلهم سبع مرات في جعلهم يتلزمون بوقف اطلاق النار.
وحذر الرئيس الاميركي باراك اوباما أمس، كير ومشار من أنهم في حال فشلهم في التوصل إلى اتفاق فإن الولايات المتحدة ستتحرك وفق خطة اخرى وتعتبر هؤلاء القادة «عاجزين عن اقرار السلام».
واتهم المتمردون الحكومة بارتكاب جرائم «ابادة» وبالعمل على «تجويع السكان حتى الموت»، معتبرين أنّ تصرفاتها «ستفسد اجواء مفاوضات السلام» المرتقبة في اديس ابابا.
وكلفت محادثات السلام السابقة وإقامة اعضاء الوفود في فنادق اديس ابابا الفخمة ملايين الدولارات، في حين فشل كير ومشار في التوصل إلى اتفاق.
ويعيش 70 في المائة من سكان البلاد البالغ عددهم 12 مليونا في حالة عوز وهم بحاجة للمساعدات العاجلة بعد أن باتت مناطق بأكملها مهددة بالجوع، وفقا للأمم المتحدة في النزاع الذي خلف عشرات آلاف القتلى وشهد فظائع كثيرة.
وحذرت منظمات الاغاثة ومنها اطباء بلا حدود الشهر الماضي، من اعاقة الوصول إلى بعض المناطق الاكثر تضررًا وعدم القدرة على إيصال الطعام المخصص للاطفال الذين يعانون من الجوع بحيث بات الناس يعيشون «ظروفا غير انسانية».
وقالت الامم المتحدة إنّ طفلا من كل ثلاثة بات يعاني من نقص التغذية وإنّ 250 ألف طفل يعانون المجاعة.



للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
TT

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

سحب الفرنسيون من تشاد، الثلاثاء، مقاتلات عسكرية من طراز «ميراج 2000»، ليصبح البلد الأفريقي مترامي الأطراف والحبيس في قلب القارة السمراء، خالياً من أي مقاتلات فرنسية لأول مرة منذ أن نال استقلاله عن باريس قبل 6 عقود.

اليوم، أصبحت سماء تشاد هادئة من أزيز «الميراج» الفرنسية، وأغمضت العين الفرنسية التي ظلّت لعقود طويلة رقيباً لا يغفل على أرض تشاد الشاسعة، الممتدة من صحراء أوزو الحارقة شمالاً، وصولاً إلى أحواض بحيرة تشاد الرطبة في أقاصي الجنوب.

الطائرة التي تُمثّل فخر الصناعة العسكرية الفرنسية، ظلّت لسنوات طويلة صاحبة الكلمة الأولى في السماء التشادية، والسلاح الحاسم الذي تدخّل لقلب موازين السياسة أكثر من مرة، خصوصاً حين حاصر المتمردون القادمون من الشمال الرئيسَ الراحل إدريس ديبي في 2006 و2019.

بداية الرحيل

طائرة «ميراج» فرنسية وهي تغادر قاعدة «غوسي» التشادية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

في حدود منتصف نهار الثلاثاء، كان الجنود الفرنسيون في قاعدة «غوسي» العسكرية في عاصمة تشاد إنجامينا، يتبادلون الابتسامات الباهتة مع أقرانهم التشاديين، فطغت على أجواء الوداع حميمية مصطنعة، وهم يستعدون لركوب طائرات «الميراج»، في رحلة ذهاب دون عودة، نحو فرنسا.

رفع الطيار العسكري الفرنسي يده بتحية عسكرية صارمة، من وراء زجاج طائرته النفاثة، وألقى نظرة أخيرة، ثم حلّق عالياً لتكون بذلك بداية انسحاب فرنسي من بلد دخله أجداده مستعمرين مطلع القرن العشرين، أي قبل 120 عاماً.

الجيش الفرنسي قال في بيان مقتضب تعليقاً على سحب طائراته العسكرية، إن القرار جاء بعد أن قررت تشاد إنهاء العمل باتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا، يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف أن «وجود هذه الطائرات كان تلبية لحاجة سبق أن عبّر عنها الشريك (التشادي)».

فيما قال مصدر فرنسي إن وجود المقاتلات الفرنسية في تشاد لم يعُد مبرّراً بعد إنهاء التعاون العسكري بين البلدين، وأضاف أن «فرنسا تنهي نشر مقاتلاتها في قاعدة (غوسي) الجوية في إنجامينا. والجيش الفرنسي اتخذ قراراً بسحب طائراته الحربية».

رحيل تدريجي

وزير خارجية تشاد، عبد الرحمن كليم الله، نشر تغريدة مقتضبة على موقع «إكس»، قال فيها: «إنه بعد الانسحاب النهائي لمقاتلات (الميراج) الفرنسية وطائرة الدعم والإسناد، نفذت المرحلة الأولى من سحب القوات الفرنسية في تشاد».

كما نشرت الخارجية التشادية بياناً قالت فيه: «إن هذا الحدث يُمثل خطوة كبيرة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين» بخصوص مغادرة القوات الفرنسية، قبل أن تشير إلى أنه «سيتم الترحيل التدريجي للقوات البرية خلال الأسابيع المقبلة».

ويوجد في تشاد نحو ألف جندي فرنسي، كانوا موجودين بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع منذ عقود، وجرى تجديده عام 2019، ولكن تشاد قررت الشهر الماضي أن تنهيه من جانب واحد من أجل «تجسيد السيادة» على أراضيها.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية التشادية إن الشعب التشادي «يتطلّع إلى مستقبل تحظى فيه السيادة الوطنية بالاحترام الكامل، وتتولى فيه القوات المسلحة الوطنية بشرف وكفاءة الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها».

ولكنها في الوقت نفسه، شدّدت على «فكّ الارتباط (مع فرنسا) يتم بروح من الاحترام المتبادل والحوار البنّاء للحفاظ على العلاقات الثنائية بين تشاد وفرنسا في المجالات الاستراتيجية الأخرى ذات الاهتمام المشترك».

لجنة مشتركة

جنديان تشاديان خلال مناورات مع سلاح الجو الفرنسي (أرشيف الجيش الفرنسي)

ورغم أن البلدين لم يُعلنا أي تفاصيل حول الجدول الزمني لسحب القوات الفرنسية، فإن المصادر تؤكد تشكيل «لجنة مشتركة» تتولّى الإشراف على العملية، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول يوم الجمعة الماضي، دون إعطاء أي تفاصيل.

في هذه الأثناء، وصفت صحف فرنسية واسعة الانتشار من بينها «لوموند» ما يجري بأنه «صفعة موجعة» تتلقّاها فرنسا في بلد ظلّ لعقود يمثل حليفاً استراتيجياً في أفريقيا، واليوم يُعدّ آخر مركز نفوذ لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث سبق أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ويصر الفرنسيون على أن ما يحدث في تشاد مختلف عما جرى في دول الساحل الأخرى؛ حيث وقعت قطيعة تامة مع باريس.

ويقول مصدر وصفه الإعلام الفرنسي بأنه قريب من الملف: «إن التشاديين لم يطلبوا سحب القوات بشكل فوري، وبهذه السرعة»، وأضاف: «نحن من أراد التحكم في الانسحاب» تفادياً لأي مفاجآت.