سلطات طرابلس تلتزم الصمت حيال فضيحة تعرض ابن القذافي للتعذيب في سجونها

مصادر لـ {الشرق الأوسط}: قياديون في «الجماعة الإسلامية» يشرفون على التعذيب

الساعدى النجل الثالث للعقيد معمر القذافى كما يظهر في لقطات شريط فيديو أثناء تعرضه للتعذيب في سجن الهضبة بالعاصمة طرابلس ({الشرق الأوسط})
الساعدى النجل الثالث للعقيد معمر القذافى كما يظهر في لقطات شريط فيديو أثناء تعرضه للتعذيب في سجن الهضبة بالعاصمة طرابلس ({الشرق الأوسط})
TT

سلطات طرابلس تلتزم الصمت حيال فضيحة تعرض ابن القذافي للتعذيب في سجونها

الساعدى النجل الثالث للعقيد معمر القذافى كما يظهر في لقطات شريط فيديو أثناء تعرضه للتعذيب في سجن الهضبة بالعاصمة طرابلس ({الشرق الأوسط})
الساعدى النجل الثالث للعقيد معمر القذافى كما يظهر في لقطات شريط فيديو أثناء تعرضه للتعذيب في سجن الهضبة بالعاصمة طرابلس ({الشرق الأوسط})

لم تستطع السلطات الحاكمة غير المعترف بها دوليا في العاصمة الليبية طرابلس امتصاص فضيحة تسرب فيديو لقيام المسؤولين عن سجن لهضبة بالعاصمة بتعذيب عدد من لمعتقلين على رأسهم الساعدي النجل الثالث للعقيد معمر القذافي، على الرغم من إعلان النائب العام الموالي للسلطات في طرابلس أنه باشر التحقيق رسميا في ملابسات الواقعة.
والتزمت ما يسمى بحكومة الإنقاذ الوطني التي يترأسها خليفة الغويل الصمت حيال هذه الفضيحة التي انتشرت انتشار النار في الهشيم بين الليبيين في الداخل والخارج عبر مختلف وسائل الاتصال الاجتماعي.
وعقد الغويل اجتماعات مكثفة أمس مع عدد من الوزراء والمستشارين بخصوص الأزمة التي تمر بها البلاد، وفقا لما بثته وكالة الأنباء الموالية لحكومته، لكنه تجاهل على ما يبدو قصة تعرض السجناء في سجن رسمي يخضع لإشراف حكومته للتعذيب.
في المقابل، خرج المجلس الأعلى للقضاء في بيان عاجل مساء أمس ليقول إنه يطمئن الشعب الليبي بصفة خاصة والمجتمع الدولي عامة وجميع المؤسسات والمنظمات المحلية والدولية، أن القضاء الليبي يعمل بنزاهة واستقلالية وبعيدا عن كل التجاذبات السياسية والحزبية.
وكان المدعي العام في طرابلس قد أمر بفتح تحقيق في الفيديو الذي يظهر فيه تعرض الساعدي القذافي للضرب، وإجباره على الاستماع إلى صراخ مساجين آخرين، في غرف مجاورة.
وقال الادعاء إنه يحقق في أمر حراس غير محددي الهوية ظهروا في مقطع الفيديو وهم يضربون نجل القذافي، الذي تعرض أيضًا للضرب على الوجه أثناء استجوابه وبعدها ظهر وقدماه مقيدتان.
وخصصت السلطات الليبية غير المعترف بها دوليا مؤسسة الإصلاح والتأهيل (سجن الهضبة) في وسط العاصمة طرابلس، كمعتقل رسمي لإيواء كبار مسؤولي النظام السابق الذين تعتقلهم منذ نحو عامين، علما بأن السجن يخضع لحراسة مشددة.
وبينما تقول إدارة السجن إنه يتبع رسميا جهاز الشرطة القضائية، فإن مصادر غير رسمية أشارت لـ«الشرق الأوسط» إلى تورط عدد من قادة الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة وعلى رأسهم خالد الشريف وكيل وزارة الدفاع السبق، في الإشراف على عمليات تعذيب ممنهجة تدور خلف جداران السجن.
واستطاع عدد من الناشطين السياسيين والإعلاميين التعرف على وجوه بعض من شاركوا في تعذيب نجل القذافي وأكدوا لـ«الشرق الأوسط» أيضًا أن معظمهم من مساعدي الشريف.
وأظهر التسجيل المسرب الذي بثته صفحة غرفة عمليات ورشفانة المناوئة للسلطات في طرابلس، تعرض الساعدي للتعذيب بمحبسه في أحد سجون العاصمة الليبية طرابلس التي تسيطر عليها ميلشيات فجر ليبيا المتطرفة، بقوة السلاح منذ صيف العام الماضي.
وظهر الساعدي مرتديا زيا رياضيا أخضر اللون بينما يقوم أحدهم بوضع قطعة من القماش الأسود على عينه، بينما يظهر شخص آخر يتعرض للتعذيب ويصدر أصوانا تعبر عن ألمه.
وأمر أحدهم لاحقا الساعدي بالنزول إلى أرضية الغرفة قبل أن يقوم بمساعدة اثنين آخرين بضربه على قدميه بعد ربطها بآلة تعذيب خشبية (فلقة). ويبدو في الفيديو شخص يتحدث بصوت مرتفع وهو يوجه نجل القذافي إلى الحديث بشكل سلبي عن قبيلة ورشفانة، قبل أن يصفعه على مؤخرة رأسه.
ولم تشرح الغرفة كيفية تسرب الفيديو لها، لكنها قالت في المقابل إن تعذيب نجل القذافي وآخرين كان بهدف إجبارهم على الإدلاء باعترافات تحت الإكراه والضغط، كان يستهدف التمهيد لاجتياح ورشفانة العام الماضي.
وحثت منظمة «هيومان رايتس ووتش» على فتح تحقيق بعد انتشار الفيديو على شبكات التواصل الاجتماعي، وقالت في بيان «ينبغي على السلطات الليبية المسؤولة عن سجن الحدباء في طرابلس التحقيق فورا في المزاعم عن سوء معاملة يتعرض لها المعتقلون وبينهم الساعدي القذافي».
وطالبت المنظمة المدافعة عن حقوق الإنسان أيضًا بتوقيف: «الحراس وغيرهم من الأشخاص الذين يشتبه في تورطهم»، معربة عن «مخاوف جدية» حيال أساليب التحقيق المعتمدة.
وقال ناطق باسم بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا إن «التعذيب والأفعال القاسية وغير الإنسانية والمهينة ممنوعة كليا بحسب القانون الدولي، كما أن القانون الليبي يمنع كل أشكال التعذيب الجسدي والنفسي».
من جهتها، رأت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا أن ما حدث هو «أمر مرفوض ومجرم ويجب أن يقدم مرتكبوه إلى العدالة، وهو ما يرتقي لوصفه كجريمة تعذيب في حق السجناء، بالإضافة إلى تعرضهم إلى معاملة مهينة وتهديدهم بارتكاب أفعال مؤذية لهم، مقابل الإدلاء بمعلومات».
واعتبرت أن هذا «يعد تقويضًا حقيقيًا لفرص حصولهم على العدالة ومحاكمة عادلة أمام القضايا التي يواجهونها ويسقط مشروعية التهم الموجهة لهم».
وكان نجل القذافي قد ظهر في مقطع مصور خلال شهر أبريل (نيسان) من العام الماضي، بثته قناة تلفزيونية محلية تابعة لميلشيات فجر ليبيا وهو يدلي باعترافات عن تورطه في بعض أعمال العنف في مدينتي طرابلس وبنغازي، بالإضافة إلى حديثه عن علاقة مزعومة بمن وصفهم بمتمردي برقة الذين يسيطرون على مرافئ النفط في شرق البلاد.
وجرى اعتقال الساعدي الذي هرب إلى النيجر قبل سقوط نظام والده مقتله في شهر أكتوبر (تشرين الأول) عام 2011، حيث سلمته السلطات النيجرية إلى نظيرتها الليبية ضمن صفقة مالية وسياسية.
ويواجه الساعدي عدة اتهامات بقتل لاعب كرة قدم حين كان رئيسا للاتحاد الليبي للعبة إلى جانب جرائم أخرى، علما بأنه مارس (آذار) بشكل رسمي كرة القدم لفترة قصيرة في إيطاليا، واشتهر بعلاقاته النسائية المتعددة خلال فترة حكم والده الطويلة لليبيا والتي قاربت الـ42 عاما.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.