حين فتحتُ النافذة رأيت رتل الدبابات كطابور نمل متجه إلى قطعة سكر

عبد الوهاب الحمادي
عبد الوهاب الحمادي
TT

حين فتحتُ النافذة رأيت رتل الدبابات كطابور نمل متجه إلى قطعة سكر

عبد الوهاب الحمادي
عبد الوهاب الحمادي

في بداية صيف، كنت مستلقيا في فسحة بين النعاس والنوم. انتهيت من قراءة قصة علي بابا وأتبعتها السندباد، واستعدت مسلسله الكارتوني. مر بي أبي وهو يهم بالخروج، سألني: إلى أين تود أن نسافر؟ بلا تردد أجبت: بغداد! ضحك ولم يعقب.
بعد عامين من ذاك السؤال، عاد الصيف بكل حمولته الثقيلة. صيف علمتُ يقينا أننا لن نهرب منه إلى أي عاصمة باردة أو رطبة أو ساخنة فبيتنا جديد والميزانية لا تسمح بهكذا رفاهية. لذا لذت في صباح باكر بمكتبتي الصغيرة، وفي ركن منها جلست منتظرا بداية البث التلفزيوني ومسلسلات الكارتون.
لم يبدأ البث، أرجعته لخلل ما، صوت ضوضاء من فتحة التكييف ظننتها عطلا.
وقفت أنظر عبر النافذة للشارع الرئيسي أمامي. شارع يمتد من البحر شرقا مرورا بمنزلنا وحتى الجهراء في الشمال البعيد. رتل دبابات ومجنزرات وسيارات نقل جنود تترى أمام ناظري، كطابور نمل خرج من مخبئه متجها لقطعة سكر. هذا الرتل ما زال يترى في ذاكرتي ويهدر حتى اليوم.
دخل أبي، وسمعته يتصل ثم يخاطب أمي، اقتربت لأعرف سبب رجوعه المبكر على غير عادته. لقد دخل علي بابا والأربعون حرامي ومعهم بغداد والسندباد يقودهم على صهوة دبابة لا بساط سحري. في تلك اللحظة صار الزمان سائلا، ذاب كل المعمار الذي تراكم في الذاكرة عبر السنين غدا شمعا هلاميا، تحيا الأمة العربية، صدام هو الحارس، البوابة الشرقية، تحرير الفاو، الطفل في المغارة، سأحرق نصف إسرائيل. بدأت ليالي ألف كابوس وكابوس.
كانت سبعة أشهر تعادل سنينا لا تنتهي، احتلال، قتل، اغتصاب، حرق، تدمير، سرقة، تشريد، وغيرها. ثم يأتي آخر ليقول: ما حدث لا يقارن بشيء مما حدث لأولئك القوم أو أولئك، وهو لا يدري أن النسبية العددية التي يحملها سترجع إليه بطرق شتى، بعضها مضحك.
الألم، نسيه البعض وتناساه آخرون، لكنه صنع لمن عايشه واكتوى بناره ذاكرة رعب لا تنمحي. من سينسى من حمل الدفوف فرحا بهذه الوحدة؟ من سينسى من رفض الاستعانة بقوات خارجية ثم جاءه زمن لو عرض عليه الشيطان المساعدة لتشبث به؟ من سينسى المثقفين العرب الذي كتبوا عن قبائل «الأبوروجينز» وكل شيء ولم يتلفتوا لعائلة ماتت في الصحراء من الظمأ؟ هناك الكثير ممن سينسون نار حرائق النفط، ونقاط السيطرة في الشوارع، المشردين في العواصم، جريدة «النداء»، حي القدس، الحكومة المؤقتة: «صدام اسمك هز أميركا». وهناك ذاكرة تقاوم النسيان بالكتابة. الكتابة التي يستحثها سؤال وإجابة متعلقة بـ«ماذا تبقى؟».. وكل شيء ولا شيء.

* روائي كويتي



غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر
TT

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

تشهد منطقة الباحة، جنوب السعودية، انطلاقة الملتقى الأول للأدب الساخر، الذي يبدأ في الفترة من 22-24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وينظمه نادي الباحة الأدبي.

وأوضح رئيس النادي، الشاعر حسن الزهراني، أن محاور الملتقى تتناول «الأدب الساخر: المفهوم، والدلالات، والمصادر»، و«الاتجاهات الموضوعية للأدب الساخر، والخصائص الفنية للأدب الساخر في المملكة»، وكذلك «مستويات التأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظيراتها العربية»، و«حضور الأدب الساخر في الصحافة المحلية قديماً وحديثاً»، و«أثر القوالب التقنية الحديثة ومواقع التواصل في نشوء أشكال جديدة من الأدب الساخر محلياً»، و«سيميائية الصورة الصامتة في الكاريكاتير الساخر محلياً».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وشارك في صياغة محاور الملتقى لجنة استشارية تضم: الدكتور عبد الله الحيدري، والدكتور ماهر الرحيلي، والقاص محمد الراشدي، ورسام الكاريكاتير أيمن يعن الله الغامدي.

وكشف الزهراني أن النادي تلقى ما يزيد على 40 موضوعاً للمشاركة في الملتقى، وأقرت اللجنة 27 بحثاً تشمل؛ ورقة للدكتورة دلال بندر، بعنوان «حمزة شحاتة... الأديب الجاد ساخراً»، والدكتور محمد الخضير، بعنوان «الخصائص الفنية في الأدب الساخر عند حسن السبع في ديوانه ركلات ترجيح - دراسة بلاغية نقدية»، والدكتور صالح الحربي، بعنوان «المجنون ناقداً... النقد الأدبي في عصفورية القصيبي»، والدكتور عادل خميس الزهراني، بعنوان «الصياد في كمينه: صورة الحكيم في النكت الشعبية بمواقع التواصل الاجتماعي»، والدكتور حسن مشهور، بعنوان «الكتابة الساخرة وامتداداتها الأدبية... انتقال الأثر من عمومية الثقافة لخصوصيتها السعودية»، والدكتورة بسمة القثامي، بعنوان «السخرية في السيرة الذاتية السعودية»، والدكتورة كوثر القاضي، بعنوان «الشعر الحلمنتيشي: النشأة الحجازية وتطور المفهوم عند ابن البلد: أحمد قنديل»، والدكتور يوسف العارف، بعنوان «الأدب الساخر في المقالة الصحفية السعودية... الكاتبة ريهام زامكة أنموذجاً»، والدكتور سعد الرفاعي، بعنوان «المقالة الساخرة في الصحافة السعودية... الحربي الرطيان والسحيمي نموذجاً»، والدكتور عمر المحمود، بعنوان «الأدب الساخر: بين التباس المصطلح وخصوصية التوظيف»، والدكتور ماجد الزهراني، بعنوان «المبدع ساخراً من النقاد... المسكوت عنه في السرد السعودي»، والمسرحي محمد ربيع الغامدي، بعنوان «تقييد أوابد السخرية كتاب: حدثتني سعدى عن رفعة مثالاً»، والدكتورة سميرة الزهراني، بعنوان «الأدب الساخر بين النقد والكتابة الإبداعية... محمد الراشدي أنموذجاً». والدكتور سلطان الخرعان، بعنوان «ملخص خطاب السخرية عند غازي القصيبي: رؤية سردية»، والدكتور محمد علي الزهراني، بعنوان «انفتاح الدلالة السيميائية للصورة الساخرة... الرسم الكاريكاتوري المصاحب لكوفيد-19 نموذجاً»، والكاتب نايف كريري، بعنوان «حضور الأدب الساخر في كتابات علي العمير الصحافية»، والدكتور عبد الله إبراهيم الزهراني، بعنوان «توظيف المثل في مقالات مشعل السديري الساخرة»، والكاتب مشعل الحارثي، بعنوان «الوجه الساخر لغازي القصيبي»، والكاتبة أمل المنتشري، بعنوان «موضوعات المقالة الساخرة وتقنياتها عند غازي القصيبي»، والدكتور معجب الزهراني، بعنوان «الجنون حجاباً وخطاباً: قراءة في رواية العصفورية لغازي القصيبي»، والدكتور محمد سالم الغامدي، بعنوان «مستويات الأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظرياتها العربية»، والدكتورة هند المطيري، بعنوان «السخرية في إخوانيات الأدباء والوزراء السعوديين: نماذج مختارة»، والدكتور صالح معيض الغامدي، بعنوان «السخرية وسيلة للنقد الاجتماعي في مقامات محمد علي قرامي»، والدكتور فهد الشريف بعنوان «أحمد العرفج... ساخر زمانه»، والدكتور عبد الله الحيدري، بعنوان «حسين سرحان (1332-1413هـ) ساخراً»، ويقدم الرسام أيمن الغامدي ورقة بعنوان «فن الكاريكاتير»، والدكتور يحيى عبد الهادي العبد اللطيف، بعنوان «مفهوم السخرية وتمثلها في الأجناس الأدبية».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وخصص نادي الباحة الأدبي جلسة شهادات للمبدعين في هذا المجال، وهما الكاتبان محمد الراشدي، وعلي الرباعي، وأعدّ فيلماً مرئياً عن رسوم الكاريكاتير الساخرة.

ولفت إلى تدشين النادي 4 كتب تمت طباعتها بشكل خاص للملتقى، وهي: «معجم الأدباء السعوديين»، للدكتورين عبد الله الحيدري وماهر الرحيلي، وكتاب «سامحونا... مقالات سعد الثوعي الساخرة»، للشاعرة خديجة السيد، وكتاب «السخرية في أدب علي العمير» للدكتور مرعي الوادعي، و«السخرية في روايات غازي القصيبي» للباحثة أسماء محمد صالح.