الجيش اللبناني يعزز جهوزيته القتالية لمواجهة خطر الحدود والعبث بالأمن الداخلي

مصدر لـ«الشرق الأوسط»: خطة التسليح من الهبة السعودية تسير وفق المرسوم لها

الجيش اللبناني يعزز جهوزيته القتالية لمواجهة خطر الحدود والعبث بالأمن الداخلي
TT

الجيش اللبناني يعزز جهوزيته القتالية لمواجهة خطر الحدود والعبث بالأمن الداخلي

الجيش اللبناني يعزز جهوزيته القتالية لمواجهة خطر الحدود والعبث بالأمن الداخلي

تتزامن الذكرى الـ70 لعيد الجيش اللبناني في 1 أغسطس (آب) الحالي، مع أربعة تحديات أساسية تواجهها المؤسسة العسكرية؛ التحدي الأول يتمثّل في مواجهة خطر المجموعات المسلحة على الحدود الشرقية مع سوريا، والثاني متابعة ملف جنودها المختطفين لدى «جبهة النصرة» وتنظيم «داعش» منذ سنة ويضع مسألة تحريرهم في أولوية اهتمامه، والثالث مسؤولية التصدي لأي عدوان إسرائيلي على الحدود الجنوبية، والرابع مهمة حفظ الأمن في الداخل والتصدّي لمحاولات ضرب الاستقرار.
وإذا كان الجيش متروكًا لقدره في مواجهة كل هذه الاستحقاقات بسبب انشغال السلطة السياسية بخلافاتها الداخلية، فإن هذه الخلافات لن تكون سببًا في إرباك الجيش، على حدّ وصف مصدر أمني، الذي أكد أن «الجيش يعرف تمامًا حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه، وهو يتصرف في هذه المرحلة على قدر هذه مسؤولية الوطنية». وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط»: «على الرغم من الإمكانات المحدودة للجيش، فإن المؤسسة تراهن في هذه المرحلة على مناعتها الذاتية، والاحتضان الشعبي غير المسبوق لها». جازمًا بأن «الجيش في أعلى حالات الجهوزية لمواجهة أي اعتداء على السيادة الوطنية، أو أي محاولة للعبث بالأمن الداخلي».
وإذ أشار إلى أن «العتاد الذي يملكه الجيش الآن لا يرقى إلى مستوى المهام الجسيمة والأخطار الكبيرة»، رأى أن «التسليح بات اليوم أفضل مما كان عليه في العام الماضي، والفضل في ذلك يعود إلى المساعدات التي قدّمتها دول صديقة للبنان، وبدء وصول الأسلحة الفرنسية ترجمة لهبة الثلاثة مليارات دولار التي قدمتها المملكة العربية السعودية لدعم الجيش اللبناني، التي تزيد من كفاءة الجيش ونجاح مهامه».
إلى ذلك، أكد مصدر عسكري لبناني، أن «قدرات الجيش القتالية تتعزز شهرًا بعد شهر، خصوصًا أن خطة التسليح من الهبة السعودية تسير وفق المرسوم لها من دون أي عراقيل سياسية أو مالية أو تقنية». وتحدث عن «أسلحة نوعية من صواريخ ومدفعية ورشاشات وآليات ثقيلة وذخائر متخصصة لاستعمالها في الظروف الصعبة والمناطق الجبلية، ستصل في وقت قريب إلى الجيش»، كاشفًا عن «تواصل مستمر بين لجنة متخصصة من الجيش وشركة (أوداف) المفوضة من الحكومة الفرنسية بإنجاز عقود التسليح وفق مقتضيات وحاجات الجيش اللبناني».
وعمّا يحكى عن معوقات سياسية تؤخر تسليح الجيش، أكد المصدر العسكري أن «لا شيء يعرقل مسار الهبة السعودية، صفقة تسليح بهذا الحجم والنوعية لا تنجز بأيام أو أشهر معدودة، بل تحتاج إلى تلزيمات وعمليات تصنيع لسلاح نوعي ومتطور يطلبه الجيش اللبناني لتعزيز قدراته القتالية، وهذه الأسلحة ستشكل بلا شك نقلة نوعية في عمل الجيش وقدراته القتالية والدفاعية لصدّ أي عدوان على لبنان، وهي تطبّق وفق خطة خمسية تسير على مراحل لا يمكن إحراقها أو استعجالها».
وتتركز مهام الجيش اللبناني حاليا على الجبهة الشرقية حيث يتصدى للمجموعات المسلحة التي تحتل قسما من الأراضي اللبنانية الحدودية على خلفية الأزمة السورية. وقد كانت لافتة الدعوة التي أطلقها أمس أهالي بلدة رأس بعلبك الحدودية الشرقية، إلى التجمّع اليوم الأحد عند مدخل البلدة، للمطالبة بـ«تحرير أرضنا المحتلة في جرود رأس بعلبك من المسلحين». وأوضح رئيس بلدية رأس بعلبك هشام العرجا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المسلحين يحتلون حاليا 150 كلم من أراضي رأس بعلبك وبالتحديد كامل الجرد الشرقي الذي يضم مقالع وكسارات وبساتين ومشاريع زراعية لأبناء البلدة الذين باتوا ومنذ فترة طويلة غير قادرين على الوصول إليها»، لافتا إلى أنّهم يطالبون الجيش الذي يحمي وسط البلدة بـ«القيام بعمليات هجومية لاستعادة قسم من الأراضي المحتلة وبعض التلال كي يتمكنوا من العودة إلى ممتلكاتهم وأرزاقهم». وأشار العرجا إلى أن «عمليات الجيش تتركز حاليا على صد أي محاولات تسلل لهؤلاء الإرهابيين أو تقدم باتجاه البلدة، لكن المطلوب اليوم أكثر من ذلك، بعدما تحول احتلالهم لأراضينا وكأنّه أمر واقع». وكانت بريطانيا أشرفت قبل نحو عامين في منطقة رأس بعلبك، على إنشاء 12 برج مراقبة يتمركز حاليا فيها عناصر الجيش لمنع سقوط البلدة بأيدي المسلحين.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.