السعودية لعبت الدور الأكبر في استقرار أسواق النفط أثناء الغـزو العراقي

بعد خروج 5 ملايين برميل من نفط العراق.. أجبرت الرياض دولاً في أوبك على تعويض النقص

أضرار بيئية خلفها صدام مع انسحابه من الكويت
أضرار بيئية خلفها صدام مع انسحابه من الكويت
TT

السعودية لعبت الدور الأكبر في استقرار أسواق النفط أثناء الغـزو العراقي

أضرار بيئية خلفها صدام مع انسحابه من الكويت
أضرار بيئية خلفها صدام مع انسحابه من الكويت

بعدما انتهت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) من اجتماعها في آخر أيام شهر يوليو (تموز) من عام 1990 في جنيف، استقل وزير البترول السعودي هشام ناظر طائرته متجهًا إلى لوس أنجليس في الولايات المتحدة لقضاء إجازته هناك.
لم يكن يدور في خلد ناظر، الذي كان سعيدا بالاتفاق الذي توصلت إليه أوبك حينها بالدفاع عن سقف إنتاج 22.5 مليون برميل وأرضية أسعار قدرها 21 دولارا، أن التهديد العراقي وحشد القوات على الحدود الكويتية سيؤدي إلى احتلال لأراضي الكويت، ولهذا غادر وهو مطمئن أن لا شيء سيتغير في سوق النفط. لكن تقديرات ناظر لم تكن في محلها، إذ بعد أيام قليلة فقط من سفره اجتاح العراق الكويت يوم الخميس الثاني من أغسطس (آب) وانقلبت الأمور رأسًا على عقب بعد خروج ما بين 4.3 إلى 5 ملايين برميل من نفط العراق والكويت من السوق وارتفعت الأسعار في الأيام الأولى للغزو إلى نحو 26 إلى 28 دولارًا للبرميل، ثم واصل ارتفاعه ليصل إلى 46 دولارًا في أكتوبر (تشرين الأول) قبل أن يعاود الانخفاض. واليوم وفي الذكرى الخامسة والعشرين للغزو العراقي أعادت «الشرق الأوسط» الذاكرة إلى الوراء لفهم ما حدث في أوبك والسوق حينها وكيف حدث كل شيء وانتهى بسرعة.
وبالنظر إلى كل الأحداث فإن هناك حقيقة واحدة تبرز وهي أن السعودية لعبت أكبر وأهم دور في إعادة الاستقرار إلى السوق النفطية حينها، وأجبرت الدول في أوبك التي كانت تريد الإبقاء على الأسعار على الانصياع لصوت العقل وضخ كميات من النفط لتعويض الإنتاج. ومنذ أن بدأت صدمة الأسعار في الثاني من أغسطس كانت هناك دول في أوبك من بينها الجزائر التي كانت تترأس المنظمة في تلك السنة ويمثلها الوزير صادق بوسنة وإيران تعارض تمامًا مبدأ تعويض إنتاج العراق، إذ من مصلحتها الإبقاء على الأسعار عالية، خصوصا أن هذه فرصة ذهبية جاءت لهم من السماء.
ويحكي لـ«الشرق الأوسط» ممثل الكويت الوطني في أوبك حينها عبد الصمد العوضي جانبا مما حدث في تلك الأيام، ففي البداية اجتمعت أوبك في فيينا في غضون أسابيع قليلة عقب الغزو ومثل الكويت حينها في الاجتماع وزير المالية الشيخ علي الخليفة العذبي الصباح الذي كان وزيرًا للنفط في العام السابق للغزو.
ويقول العوضي: «لقد كان أمامنا مشكلة، فهناك نحو 5 ملايين برميل خرجت من السوق وكان يجب علينا تعويضها ولكن كانت هناك دول معارضة لهذا التوجه. وكانت حركة ذكية من السعوديين في جعل الكرة في الحديث في ملعب الكويت». ويضيف العوضي: «في ذلك الاجتماع قال الشيخ علي الخليفة إن هذه الأزمة هي مشكلة أوبك ويجب على أوبك أن تصحح الأوضاع، خصوصا أن عندنا طاقة إنتاجية فائضة محجوزة لا يتم استغلالها».
وخلال نفس الاجتماع قال وزير النفط الإيراني غلام آغازاده للصحافيين إنه لا يوافق على مقترح أوبك برفع الإنتاج، مقترحًا أن تقوم وكالة الطاقة الدولية بإطلاق مخزوناتها في السوق أولاً ثم تقوم أوبك برفع إنتاجها حتى لا يكون هناك مخزونات.
لكن الإرادة السعودية في أوبك حققت مبتغاها ووافق الجميع في الأخير على أن تتقبل أوبك فكرة رفع الإنتاج، إذ لم يكن لديهم أي خيار، فالسعودية كانت سترفع الإنتاج بمفردها حتى إن لم توافق أوبك.
وبالفعل بهرت السعودية الجميع، ففي خلال أسابيع قليلة رفعت «أرامكو السعودية» إنتاجها من 5 ملايين برميل يوميًا إلى 7 ملايين برميل يوميًا، وتمكنت فنزويلا والإمارات من رفع إنتاجهما كذلك ليصبح إجمالي الطاقة الداخلة إلى السوق 3.2 مليون برميل يوميًا. واستمرت السعودية في رفع الإنتاج بعد ذلك حتى وصلت إلى 8 ملايين برميل يوميًا.
ويقول العوضي الذي كان مسؤولاً عن تسويق النفط الكويتي في أوروبا: «لقد عوضت السعودية نحو 60 في المائة من النفط الذي تم فقدانه وعوضت باقي الدول المتبقية. ولكن كان يوجد لديّ تحدٍّ آخر وهو إيجاد مصادر نفط بديلة لمصافي الكويت المنتشرة في أوروبا». وكانت المصافي الكويتية في أوروبا تحصل على 60 في المائة حينها من النفط الخفيف بينما يشكل النفط الكويتي الذي يعتبر من الخامات المتوسطة النسبة المتبقية من خليط التكرير لهذه المصافي. ويقول العوضي إن السعودية قامت بتعويض كل الكمية التي احتاجت إليها المصافي الكويتية في أوروبا حتى عادت الكويت إلى الإنتاج مرة أخرى في عام 1991.
ويقول العوضي إن نائب وزير البترول الحالي الأمير عبد العزيز بن سلمان، الذي كان وكيلاً للوزارة حينها، لعب دورا كبيرا في احتواء الأزمة وكان داعمًا للكويت بشدة.
وانتهى الغزو بطبيعة الحال ولكن الضرر الذي لحق بالكويت لم ينتهِ كما يقول العوضي، إذ إن العراق دمر البنية التحتية النفطية للكويت بشكل كبير، فالمصافي كانت خرابًا والحقول تشتعل بلا توقف، والأدهى من هذا تدمير وغرق الجزيرة الصناعية التي بنتها الكويت لتصدير النفط والتي كانت طاقتها التصديرية 3.5 مليون برميل يوميًا حينها، وهي طاقة أعلى من قدرة البلاد الإنتاجية.
ولكن الكويت استعادت قوتها بسرعة وأظهر القطاع النفطي حينها مقاومة شديدة وعادت المصافي والحقول إلى الإنتاج بأسرع وقت.
وبعد مرور كل هذه السنوات يبقى سؤال مهم، وهو: هل كان غرض صدام حسين من دخول الكويت نفطيًا كما قال هو في كلمته الشهيرة «قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق»، في إشارة إلى اتهامه الكويت والإمارات العربية المتحدة بزيادة إنتاجهما وإغراق الأسواق، الأمر الذي تسبب بهبوط الأسعار وتراجع دخل العراق؟ أم كان اجتياح صدام حسين متعلقًا بإنتاج الكويت من حقل الرطاوي، وهو امتداد داخل الأراضي الكويتية لحقل الرميلة الضخم في العراق والذي كما يدعي العراقيون أنه تسبب بهجرة النفط إلى الجانب الكويتي؟
يقول العوضي إنه لا يتفق مع كل هذه الادعاءات والتخطيط لدخول الكويت مسألة أكبر من إنتاج الكويت فوق حصتها أو إنتاجها من حقل الرطاوي بصورة كبيرة ساعدت على هجرة النفط إلى الجانب الكويتي.
وبعد مرور كل هذه السنوات يتبادر إلى الذهن أو الذاكرة النفطية أمران عند الحديث عن الغزو في عام 1990؛ أولهما هو منظر الآبار النفطية المحترقة التي أضرم فيها الجنود العراقيون النار والتي حولت نهار الكويت إلى ليل لفترة طويلة قبل أن يتم إخمادها.
أما الشيء الثاني فهو تمكن أوبك من السيطرة على أسعار النفط ودفعها للهبوط رغم أن هناك دولتين نفطيتين خرج إنتاجهما بالكامل من السوق وهما العراق والكويت بفضل الدور الكبير الذي لعبته الطاقة الإنتاجية الفائضة للسعودية والتي لا تزال المملكة تحافظ عليها إلى اليوم.



«كوب 16» في الرياض: 35 قراراً لمكافحة التصحر

صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)
صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)
TT

«كوب 16» في الرياض: 35 قراراً لمكافحة التصحر

صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)
صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)

اختتم مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) اجتماعاته في الرياض، أمس، بالموافقة على 35 قراراً حول مواضيع محورية تسهم في الحد من تدهور الأراضي ومكافحة الجفاف.

وحقَّقت الدول في «كوب 16» تقدماً ملحوظاً في وضع الأسس لإنشاء نظام عالمي لمكافحة الجفاف مستقبلاً. كما تم التعهد بتقديم أكثر من 12 مليار دولار.

وأكَّد رئيس الدورة الـ16 للمؤتمر، وزير البيئة والمياه والزراعة السعودي المهندس عبد الرحمن الفضلي، في كلمة ختامية، التزام المملكة مواصلةَ جهودها للمحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. وأعرب عن تطلُّع المملكة لأن تُسهمَ مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزّز الجهود المبذولة في هذا الصدد.