تبنى البرلمان التشادي، أمس، مشروع قانون مثير للجدل حول مكافحة الإرهاب، أعد بعد الاعتداءات الدامية التي وقعت في نجامينا الشهر الماضي، ويثير قلقًا كبيرًا في صفوف المعارضة والمدافعين عن حقوق الإنسان.
وشهدت تشاد، التي تشارك في التحالف الدولي الإقليمي الذي شكل مطلع 2015 ضد المتشددين النيجيريين في بوكو حرام، هجومين انتحاريين خلال أقل من شهر. كما سبق للرئيس إدريس ديبي أن حذر في منتصف يوليو (تموز) الماضي، من أنه «لن يتراجع أبدًا» أمام المتمردين الذين ألحق بهم التحالف الإقليمي خسائر فادحة في بداية العام، لكنهم كثفوا هجماتهم من جديد في الأسابيع الأخيرة، حيث قتلت جماعة بوكو حرام قبل أيام ذبحًا عشرة من صيادي السمك على ضفاف بحيرة تشاد.
ويفترض أن تحل قوة مشتركة متعددة الأطراف للتدخل السريع، تشارك فيها نيجيريا والنيجر وتشاد والكاميرون والبنين، أي الدول المهددة من قبل بوكو حرام، محل التحالف الإقليمي قريبًا.
وينص مشروع القانون التشادي، الذي أقرته الحكومة في يونيو (حزيران) الماضي، على عقوبات بالسجن تصل إلى المؤبد، وتمديد مدة التوقيف الاحترازي إلى 15 يومًا يمكن تجديدها مرتين. لكن تعريف الإرهاب، الذي يعتبر فضفاضًا جدًا، يثير قلق المجتمع المدني التشادي الذي يخشى المساس بالحريات.
ويستهدف مشروع القانون في الواقع مرتكبي «الأعمال والتهديدات (اعتداءات واحتجاز رهائن...) التي تقوم بها منظمة لإيجاد جو من عدم الأمان، وممارسة ابتزاز للحكومة، أو تغذية كراهية حيال مجموعة، أو بلد أو نظام». كما يستهدف الأعمال التي تمس «بالسير النظامي للخدمة العامة».
وقالت الرابطة التشادية لحقوق الإنسان ونقابة مدرسي تشاد في بيان مشترك، إن هذا التعريف «يعرض منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية لأعمال قمع تحت غطاء الإرهاب».
وفي هذا الإطار، رأى صالح كيبزابو، زعيم كتلة المعارضة في البرلمان، أنه «عندما يحتل المتقاعدون الشارع أمام صندوق التقاعد للمطالبة برواتبهم، فإنهم قد يعاملون باعتبارهم إرهابيين. وحتى خطاب بسيط يمكن أن يعتبر إشادة بالإرهاب». أما النقطة الثانية التي تثير القلق في النص، فهي تمديد مدة التوقيف من 48 ساعة إلى 15 يومًا، ويمكن تمديدها مرتين من دون إذن من النيابة.
ورأت رابطة حقوق الإنسان والنقابات أن «هذه المهمة طويلة جدًا»، ويمكن أن تفتح الطريق «لطرق معاملة غير إنسانية ومهينة»؛ إذ قال كيبزابو إن «قوانين مكافحة الإرهاب رائجة جدًا حاليًا من تونس إلى ساحل العاج وتشاد».
وفي أجواء التهديد المتزايد من قبل المتشددين، تبنت دول عدة قوانين لمكافحة الإرهاب مثيرة للجدل، تنص على عقوبة الإعدام كما في تونس، أو تسمح بعمليات تنصت على الاتصالات الهاتفية كما في ساحل العاج.
وقال النائب المعارض نفسه: «لا أحد يؤيد الإرهاب»، لكن مكافحة بوكو حرام التي أسفر تمردها عن سقوط أكثر من 15 ألف قتيل في نيجيريا منذ 2009 وامتدت إلى الدول المجاورة تشكل «فرصة للحكومة التشادية». وأضاف موضحًا أن «هذا يسمح بتنظيم جهاز القمع قبل الانتخابات الرئاسية» المقررة في 2016.
وعززت السلطات التشادية بشكل كبير من الإجراءات الأمنية بعد الهجومين الانتحاريين في نجامينا في يونيو الماضي 3، الذي خلف 38 قتيلاً، وفي يوليو الماضي بـ15 قتيلاً وتبنته جماعة بوكو حرام.
وكنتيجة لذلك، منع ارتداء النقاب الذي يسمح للانتحاريين بإخفاء متفجرات، كما ازدادت عمليات الدهم والتفتيش، وتم توقيف المئات في الأشهر الأخيرة في نجامينا. وحتى قبل مجازر المتطرفين، كانت المنظمات الدولية للدفاع عن حقوق الإنسان تدين إدارة الرئيس ديبي الذي وصل إلى السلطة بانقلاب في 1990.
مشروع قانون لمكافحة الإرهاب يثير جدلاً كبيرًا في تشاد
ينص على عقوبات تصل إلى المؤبد.. وتمديد مدة التوقيف الاحترازي إلى 15 يومًا
مشروع قانون لمكافحة الإرهاب يثير جدلاً كبيرًا في تشاد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة