عراقيل تعترض مشاورات ولد الشيخ في القاهرة رغم التفاهمات الإيجابية

إفشال هجوم للحوثيين وقوات صالح على مأرب.. وتقدم متواصل للمقاومة في لحج وأبين

مقاتلون من المقاومة يتجمعون أمام «نقطة العلم» الواقعة في المدخل الشرقي لمدينة عدن بعد طرد المتمردين منها أمس (رويترز)مقاتلون من المقاومة يتجمعون أمام «نقطة العلم» الواقعة في المدخل الشرقي لمدينة عدن بعد طرد المتمردين منها أمس (رويترز)
مقاتلون من المقاومة يتجمعون أمام «نقطة العلم» الواقعة في المدخل الشرقي لمدينة عدن بعد طرد المتمردين منها أمس (رويترز)مقاتلون من المقاومة يتجمعون أمام «نقطة العلم» الواقعة في المدخل الشرقي لمدينة عدن بعد طرد المتمردين منها أمس (رويترز)
TT

عراقيل تعترض مشاورات ولد الشيخ في القاهرة رغم التفاهمات الإيجابية

مقاتلون من المقاومة يتجمعون أمام «نقطة العلم» الواقعة في المدخل الشرقي لمدينة عدن بعد طرد المتمردين منها أمس (رويترز)مقاتلون من المقاومة يتجمعون أمام «نقطة العلم» الواقعة في المدخل الشرقي لمدينة عدن بعد طرد المتمردين منها أمس (رويترز)
مقاتلون من المقاومة يتجمعون أمام «نقطة العلم» الواقعة في المدخل الشرقي لمدينة عدن بعد طرد المتمردين منها أمس (رويترز)مقاتلون من المقاومة يتجمعون أمام «نقطة العلم» الواقعة في المدخل الشرقي لمدينة عدن بعد طرد المتمردين منها أمس (رويترز)

يواصل المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، لقاءاته في القاهرة مع عدد من الأطراف اليمنية والعربية لبحث التطورات في اليمن، وقالت مصادر مقربة من تلك اللقاءات، في اتصالات لـ«الشرق الأوسط» من صنعاء، إن اللقاءات والاتصالات التي يجريها ولد الشيخ في القاهرة تحاول كسر الجمود الذي ساد، أخيرا، وتشمل كل الأطراف تقريبا، وإن المساعي تنصب على كيفية إحياء العملية السياسية من جديد بعد فشل مشاورات جنيف و3 هدن إنسانية، كانت لتمهيد الطريق نحو استئناف التفاوض بين الأطراف المتنازعة. وكشف مصدر وثيق الاطلاع لـ«الشرق الأوسط» عن وجود تفاهمات حول مشاريع اتفاقات بشأن وقف القتال والانسحاب، في ظل ما تطرحه الأمم المتحدة بشأن وجود مراقبين عرب في اليمن، وأعرب المصدر عن تفاؤل كبير بشأن التوصل إلى اتفاق، في وقت قريب، بشأن تلك التفاهمات، لكنه أكد أن هناك عقبات وعراقيل تعترض سير المشاورات والاتصالات التي تجري في القاهرة، وقال المصدر إن التطورات الميدانية التي شهدتها جبهات القتال، أخيرا، عكست نفسها، بشكل كبير، في طبيعة طروحات كل الأطراف، إضافة إلى أن ضمن الملفات التي يعتقد أنها شائكة، ما تطرحه بعض الأطراف الجنوبية بشأن المرحلة الجديدة في الجنوب، حيث توجد في الساحة اليمنية فصائل للحراك الجنوبي تنادي بفصل جنوب البلاد عن شمالها منذ انطلاقة الحراك عام 2007. وأعرب مصدر جنوبي في الخارج لـ«الشرق الأوسط» عن اعتقاده أن «القناعة تزايدت لدى الجنوبيين بضرورة الانفصال عن الشمال، بعد الاجتياح الثاني لقوات علي عبد الله صالح للجنوب، وفي المرة السابقة عام 1994 تحالف مع الإخوان المسلمين، واليوم تحالف مع الحوثيين، والجنوب هو المستباح أرضا وإنسانا»، حسب تعبير المصدر.
ميدانيا، يستمر التصعيد في جبهات القتال في اليمن، فقد واصلت القوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي والمقاومة الشعبية الجنوبية، تقدمها في جبهتي لحج وأبين، وشهد اليمن سلسلة من التطورات العسكرية المتصاعدة في معظم جبهات القتال، وقالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» إن قوات هادي تواصل تمشيط مدينة الحوطة، عاصمة لحج، والقرى المجاورة لها، من الميليشيات الحوثية، وإن معظم مدن وبلدات المحافظة باتت تحت سيطرة تلك القوات، في الوقت الذي تستمر فيه المواجهات في محيط «قاعدة العند» لاستعادة السيطرة عليها.
وفي محافظة أبين، باتت «نقطة العلم»، الواقعة في المدخل الشرقي لمدينة عدن، تحت سيطرة المقاومة وقوات هادي، في حين تشهد مديرية لودر أعنف المواجهات بين الطرفين، وتجري المواجهات في داخل مدينة لودر لتطهيرها من عناصر الميليشيات الذين أقاموا بعض المواقع عقب طردهم من «جبل يسوف»، وقالت مصادر محلية في مديرية لودر لـ«الشرق الأوسط» إن المدينة تشهد قتالا عنيفا، بعد أن تقدمت إليها قوات هادي، وإنه جرى أسر عدد من المقاتلين الحوثيين في تلك الجبهة، وبين الأسرى أطفال، في الوقت الذي تستمر فيه المواجهات في «جبل - عقبة ثرة» الاستراتيجية، وهي طريق جبلي استراتيجي يستخدمه الحوثيون وقوات صالح للإمدادات العسكرية المرسلة من صنعاء نحو المحافظات الجنوبية والشرقية.
وفي جبهة محافظة مأرب، كثف المسلحون الحوثيون والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح هجومهم على المحافظة، وذلك بغية اقتحام عاصمتها، وأكدت مصادر قبلية لـ«الشرق الأوسط» أن القوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي والمجاميع القبلية المناوئة للحوثيين، تواصل تصديها لتلك الهجمات، وقالت المصادر إن قتالا ضاريا شهدته المحافظة النفطية الهامة أدى إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف الطرفين، وبين قتلى القوات المهاجمة نجل علي أبو حليقة، رئيس اللجنة الدستورية في مجلس النواب (البرلمان)، وهو ضابط في القوات الخاصة ومن الموالين للرئيس السابق صالح، ووصفت مصادر محلية هجوم الحوثيين على مأرب بأنه كان كبيرا، وأكدت أنه فشل في تحقيق أهدافه، في حين واصل طيران التحالف الجمعة غاراته على مواقع الحوثيين في صعدة وحجة ومأرب.
في السياق ذاته، صعدت مقاومة آزال هجماتها التي تستهدف الميليشيات الحوثية وقوات صالح، وقالت مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط» إن مسلحي المقاومة نصبوا كمينا لدورية من ميليشيات الحوثيين وقوات صالح في منطقة خارف، وأسفر الكمين عن مقتل 13 مسلحا حوثيا ومقتل أحد عناصر المقاومة، وفي وقت لاحق، قال المكتب الإعلامي لمقاومة آزال إن كمينا نصب لدورية أخرى في مديرية ريدة، أسفر عن مقتل 4 وإصابة 2 من المسلحين الحوثيين، وتبنت مقاومة آزال، أخيرا، قرابة 11 عملية في محافظة عمران قتل وجرح فيها العشرات، إضافة إلى عمليات أخرى في العاصمة صنعاء وذمار.
في موضوع آخر، قالت مصادر في محافظة حضرموت إن سبعة من الجنود اليمنيين قتلوا وجرح نحو 50 آخرين أمس في هجوم انتحاري نفذه مسلحون يعتقد بانتمائهم لتنظيم «القاعدة في جزيرة العرب». وذكر شهود عيان في حضرموت لـ«الشرق الأوسط» أن سيارتين مفخختين هاجمتا موقعا عسكريا في وادي سر بمنطقة وادي حضرموت أو حضرموت الداخل، ثم أعقب اقتحام الموقع بواسطة سيارتين عسكريتين هجوم بالقذائف واشتباكات مع الضباط والجنود التابعين للقوات العسكرية الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي في حضرموت، ويعد هذا الهجوم الأكبر والأول من نوعه الذي يستهدف قوات الجيش اليمني في جنوب شرقي البلاد، منذ هاجمت مجاميع مسلحة من تنظيم القاعدة مدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت في الثاني من أبريل (نيسان) الماضي، وسيطرت على المدينة بعد انسحاب القوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح من المحافظة. وخلال الأشهر الأربعة الماضية قتل عدد من قادة التنظيم البارزين، بينهم زعيم التنظيم السابق ناصر الوحيشي (أبو بصير) في غارات جوية لطائرات من دون طيار يعتقد أنها أميركية، واستهدفت تجمعات عناصر التنظيم في حضرموت، وقالت مصادر خاصة في حضرموت لـ«الشرق الأوسط» إن تنظيم القاعدة شرع، في الآونة الأخيرة، يتوسع في وادي حضرموت. ولمحت المصادر إلى أن تحركات التنظيم في الوادي توحي بمخطط للسيطرة على مديرياته، كما هو الحال مع مناطق ساحل حضرموت.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.