11 ألف اعتداء نفذها مستوطنون ضد الفلسطينيين

في كثير من الأحيان تتم الاعتداءات بهدف الردع والترويع

فلسطيني يقفز فوق إطارات مشتعلة خلال المواجهات بين فلسطينيين وقوات الجيش الإسرائيلي بالضفة الغربية أمس (رويترز)
فلسطيني يقفز فوق إطارات مشتعلة خلال المواجهات بين فلسطينيين وقوات الجيش الإسرائيلي بالضفة الغربية أمس (رويترز)
TT

11 ألف اعتداء نفذها مستوطنون ضد الفلسطينيين

فلسطيني يقفز فوق إطارات مشتعلة خلال المواجهات بين فلسطينيين وقوات الجيش الإسرائيلي بالضفة الغربية أمس (رويترز)
فلسطيني يقفز فوق إطارات مشتعلة خلال المواجهات بين فلسطينيين وقوات الجيش الإسرائيلي بالضفة الغربية أمس (رويترز)

فتحت عملية الإرهاب على قرية دوما في الضفة الغربية، أمس، من جديد سجل الاعتداءات الاستيطانية على الفلسطينيين، التي بلغت وفقا لإحصائيات مؤسسات حقوق الإنسان نحو 11 ألف اعتداء، منذ سنة 2004.
فبالإضافة إلى الاعتداءات على الأراضي الفلسطينية ونهبها وإقامة بيوت استيطانية عليها، توجد بين المستوطنين مجموعات متطرفة تتحكم فيها عقلية البلطجية والعنف. يحرقون المزروعات، يعتدون على المواطنين في الطرقات، يقتحمون بلدات فلسطينية ويقذفون الحجارة على زجاج الشبابيك، يدخلون بأعداد كبيرة إلى البلدات ويغلقونها في وجه أصحابها وسكانها، يطلقون الرصاص فوق الرؤوس، يخربون ممتلكات، يعتدون على المساجد والكنائس والأديرة والمقابر. وفي مثل هذه الأيام من السنة الماضية، خطفت مجموعة مستوطنين الفتى المقدسي القاصر، محمد أبو خضير، وقام أفرادها بسكب الوقود على جسده وإحراقه حيا حتى الموت.
لقد اختار المستوطنون تنفيذ هذه الاعتداءات بدوافع مختلفة، أهمها ما يسمى بـ«الردع». والقصد بذلك تنفيذ عمليات اعتداء بهدف التخويف ودب الرعب. فعلى سبيل المثال يلجأون إلى عمليات استيطان في قلب الأحياء العربية في القدس الشرقية المحتلة. وهم يعرفون أن الفلسطينيين لا يطيقون تصرفاتهم ولا يرغبون في مجاورتهم، لذلك، ولكي يمنعوا الفلسطينيين من ترجمة غضبهم إلى فعل، يبادرون هم للاعتداء على الفلسطينيين.
مؤسسة «الميثاق» لحقوق الإنسان الفلسطيني، عرضت بعض النماذج لهذه الاعتداءات في مدينة القدس، في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي على النحو التالي:
* الطفل إبراهيم جميل غيث، من حي الثوري: تعرض الطفل إبراهيم (14 عامًا ونصف العام) إلى اعتداء من قبل أحد المستوطنين الذين يقطنون في بؤرة استيطانية في قلب حي الثوري. يقول إبراهيم إنه في يوم الأربعاء 18 يناير 2015، كان في طريقه إلى المدرسة صباحًا، ويحمل كيسًا للنفايات ليلقيه في الحاوية. عندما وصل إلى الحاوية ورمى الكيس، كان بجانبه مستوطن يرمي كيسًا هو الآخر. فوجئ إبراهيم بقيام المستوطن يصفعه بكفّ يده على وجهه ومن ثم بالقرب من أذنه اليمنى. ركض إبراهيم باتجاه المدرسة، ليجد بعد ذلك بلحظات أن المستوطن لحقه بسيارته في محاولة لدهسه. يقول إبراهيم: «ابتعدت عن السيارة، ومن ثم توقف المستوطن ونزل من السيارة مع 5 أولاد من جيلي تقريبًا، بدأوا بضربي على كلّ أنحاء جسدي لمدة دقيقة على الأقل، محاولين حملي ووضعي داخل السيارة، إلا أن الناس كانوا قد بدأوا بالتجمهر فأنقذوني وأعادوني إلى بيتي». نتيجة هذا الاعتداء، نقل إبراهيم إلى المستشفى بعد أن أغمي عليه، أظهرت الفحوص أنه يعاني من رضوض في جسده، ونصحه طبيب نفسي بمحاولة نسيان الحادث. يقول إبراهيم: «القصة ما خلصت، كثير بنزعج لما أتذكر الحادث، وكثير مرات بحلم بالمستوطنين بضربوا في، وبقوم أصرخ من النوم، وكثير بتذكر محمد أبو خضير، وصرت أتخيل انه كان ممكن يحرقوني لو خطفوني، وبطلت اطلع على المدرسة لحالي، إلا مع اخوي».
* الطفل محمد يوسف زكريا برقان، من حي الثوري. تعرض محمد (17 عامًا ونصف) في شهر فبراير (شباط) الماضي لاعتداء من قبل مجموعة من المستوطنين أثناء تجوله برفقة حصانه في وادي يأصول في منطقة سلوان، أسفر الاعتداء عن إصابته بطلقة في رجله وكسر في العظام. يقول محمد: «طلب مني أحدهم رفع يدي للأعلى، رفعت يدي ومن ثم قام أحدهم بإطلاق النار من مسدسه بالهواء، وعندها بدأت بالركض هربًا منهم». أثناء محاولته الهروب من المستوطنين سمع محمد صوتًا لإطلاق النار، ومن ثم وقع على الأرض، ومن ثم عاود الركض إلى أن تدحرج فوق أرض جبلية أدت إلى التواء في قدمه، ولم يستطيع حينها مواصلة الركض. يقول محمد: «بقيت واقعا مكاني نحو 40 دقيقة وأنا أنزف وأصرخ طلبا للمساعدة، وخلال هذه الفترة كان يغمي علي وأعود أصحو، حتى وجدني ابن عمي، وبعدها لم أفتح عيني إلا في المستشفى». مكث محمد في المستشفى أسبوعين، وأجريت له عملية وركب له في قدمه بلاتين ومسامير، ويحتاج لمواصلة المراجعات الطبية من حين إلى آخر.
* عائلة محمد صلاح محيسن، الحارة الوسطى، سلوان. يعيش محمد محيسن وزوجته وأطفاله الأربعة في عمارة تتكون من 6 شقق في الحارة الوسطى في سلوان، تسرب من بينها 5 شقق للمستوطنين في سبتمبر (أيلول) الماضي. يقول محمد: «منذ أن سكن المستوطنون في العمارة بدأت معاناتي أنا وأسرتي، نتيجة اعتداءات ومضايقات يومية من قبلهم، أولها إحداث ثقوب في سقف البيت عن طريق أرضية الشقة التي يسكنون فيها، وهذا الأمر أدى إلى تسريب مياه الصرف الصحي من بيتهم إلى بيتي، كما قاموا بسرقة عداد الكهرباء الخاصّ بشقتي». يقول محمد إن نشاطات وتحركات أبنائه اختلفت منذ أن استوطن المستوطنون في الشقق العلوية في العقار المسرب، فأصبحت زوجته ترافقهم في أحيان كثيرة إلى المدرسة، وأصبحوا يترددون في الخروج للعب في ساحة البيت خوفًا من اعتداءات المستوطنين، كما يتردد أهالي أصدقائهم في إرسالهم لزيارة أبنائه. إضافة إلى ذلك يذكر محمد أن المستوطنين يتعمدون إزعاج عائلته ليلاً، فيصحو أبناؤه على ضجيجهم في ساعات ما بعد الفجر، وتشعر طفلته الصغيرة (3 أعوام) بالذات بالخوف فتلجأ للنوم في حضن والدتها.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.