مصادر أفغانية تؤكد تعيين الملا منصور زعيمًا جديدًا.. وتنزع عنه لقب {أمير المؤمنين}

الحركة تتنصل من محادثات السلام مع كابل غداة الإعلان عن وفاة زعيمها

صلاة الغائب على زعيم طالبان الملا عمر في أحد مساجد لاهور (أ.ب)
صلاة الغائب على زعيم طالبان الملا عمر في أحد مساجد لاهور (أ.ب)
TT

مصادر أفغانية تؤكد تعيين الملا منصور زعيمًا جديدًا.. وتنزع عنه لقب {أمير المؤمنين}

صلاة الغائب على زعيم طالبان الملا عمر في أحد مساجد لاهور (أ.ب)
صلاة الغائب على زعيم طالبان الملا عمر في أحد مساجد لاهور (أ.ب)

أكدت حركة طالبان في أفغانستان، يوم أمس، وفاة زعيمها الملا محمد عمر «بسبب المرض» غداة صدور إعلان بهذا الصدد عن الحكومة الأفغانية، دون أن تحدد تاريخ وفاته ولا اسم خلفه. وأشار البيان الذي أصدرته الحركة إلى أن «قيادة الإمارة الإسلامية (وهو الاسم الذي تطلقه الحركة على نفسها) وعائلة الملا عمر تعلنان وفاة مؤسس وزعيم (طالبان) نتيجة المرض».
ومن جهة أخرى، أكّد قياديان أفغانيان حضرا اجتماعا لأهم الشخصيات في حركة طالبان الأفغانية أن مجلس شورى «كويتا» للحركة عقد جلسة عاجلة، مساء أمس، لانتخاب خليفة له بعد تأكيدها لخبر وفاة الملا عمر زعيم طالبان السابق. وبعد مشاورات مطولة وجلسات لم تخل من خلافات شديدة، تم انتخاب الملا أختر منصور، نائب الملا عمر سابقا وكبير مستشاريه، أميرا جديدا لطالبان. ذلك وأفادت تقارير صحافية محلية انتخاب سراج الدين حقاني، زعيم «شبكة حقاني»، نائبا أول للزعيم الجديد مما قد يعكس نبذ الخلافات بين طالبان وشبكة حقاني التي استقلت شيئا ما عن طالبان في السنوات الماضية. كما أشارت تصريحات مسؤولين في طالبان رفضوا الكشف عن هوياتهم إلى وجود خلافات شديدة داخل الحركة بين قائدين بارزين هما الملا منصور والملا ذاكر قيوم حول خلافة الملا عمر الذي أكدت الحكومة الأفغانية بأنه مات في أحد المستشفيات في مدينة كراتشي في شهر أبريل (نيسان) 2013.
وفي سياق متصل، أعلنت السلطات الباكستانية الخميس إرجاء الجولة الثانية من محادثات السلام بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان غداة الإعلان عن مقتل زعيمها التاريخي الملا محمد عمر. وكان مسؤولون في كابل ذكروا هذا الأسبوع أن الحكومة الأفغانية ستبدأ التفاوض على وقف إطلاق النار مع طالبان، ابتداء من اليوم في الأراضي الباكستانية.
كما ذكرت وزارة الخارجية الباكستانية في بيان أنه «بسبب معلومات تحدثت عن مقتل الملا عمر والغموض الناجم عنه، أرجئت الجولة الثانية من مفاوضات السلام الأفغانية». وأضاف البيان أن «باكستان والبلدان الأخرى الصديقة لأفغانستان تأمل في أن تواصل قيادة طالبان مفاوضات السلام من أجل التوصل إلى سلام دائم في أفغانستان»، متّهما «قوى خبيثة» لم يسمّها بأنها تريد عرقلة عملية المصالحة.
في المقابل، أعلنت حركة طالبان أمس أنه «لم يتم تبليغها» بعقد دورة جديدة من محادثات السلام مع الحكومة الأفغانية في نهاية الأسبوع الحالي. وأوضحت الحركة في بيان باللغة الإنجليزية نشرته على موقعها الإلكتروني يوم أمس أن «وسائل الإعلام تنشر معلومات حول انعقاد محادثات سلام قريبا جدا (...) في الصين أو في باكستان»، مؤكدة أن «مكتبنا السياسي لم يتم تبليغه بالعملية».
واتفق الطرفان، خلال جولة رسمية أولى من محادثات السلام بين مسؤولين أفغان وممثلين عن حركة طالبان في بداية الشهر الحالي، على اللقاء مجددا خلال أسابيع من الجولة الأولى. ولقيت المبادرة إشادة دولية، حتى أن مسؤولين أفغانا تعهدوا بممارسة ضغوط من أجل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار خلال الجولة الثانية من المحادثات التي كان من المفترض عقدها اليوم.
وأكّد بيان من الرئاسة الأفغانية صدر الأربعاء أن «أرضية المباحثات اليوم مؤهلة أكثر من أي وقت مضى»، ودعت جميع المتمردين إلى الانضمام إلى عملية السلام، فيما شكك الكثير من قادة طالبان الميدانيين في شرعية مفاوضي الحركة، ما ألقى الضوء على الانقسامات داخل الحركة.
إلى ذلك أثار صعود فرع تنظيم داعش في أفغانستان انقساما داخل حركة طالبان مع إعلان بعض مقاتليها الولاء لهذا التنظيم المتطرف الذي يسيطر على مناطق واسعة من سوريا والعراق. وكانت حركة طالبان حذرت مؤخرا تنظيم داعش من التوسع في منطقتها، إلا أن ذلك لم يمنع بعض مقاتليها من الانشقاق عنها متأثرين بالتقدم الذي حققه التنظيم المتطرف بقيادة أبو بكر البغدادي، وخصوصا في ظل غياب الملا عمر.
وأثار تأكيد خبر وفاة الملا عمر وسرعة تعيين الملا منصور من طرف قيادات الحركة، إن ثبتت صحّته، استغراب بعض الخبراء المتتبعين للشأن الأفغاني. واعتبر بيتر آر نيومان، زميل في معهد الدراسات الحربية في جامعة «كينغز كوليج» البريطانية، أن تأكيد نبأ وفاة أحد أكثر الشخصيات المطلوبة من طرف السلطات الأميركية فشل ذريع للاستخبارات الغربية، وهدر لإمكانياتها ومضيعة للوقت.
وبدوره استبعد فيليكس كيوهن، كاتب صحافي وأحد مؤلفي كتاب «العدو الذي خلقناه: أسطورة طالبان»، في حديثه مع «الشرق الأوسط» أن تتم عملية نقل السلطة من الملا العمر إلى الملا منصور بسهولة، مشيرا إلى أن ذلك قد يؤدي إلى تفاقم الخلافات الداخلية وتقويض الوحدة. وأضاف كيوهن: «لم تعلن طالبان بشكل رسمي (إلى حد الآن) عن تعيين الملا منصور خلفا للملا محمد عمر.. ولا أعتقد أن تكون القيادات قد توصلت لهذا القرار في يوم واحد، خاصة أن الملا عمر توفي منذ سنتين تاركا الحركة دون زعيم فعلي».
وواجهت «طالبان» في السنوات الماضية خلافات داخلية شديدة أدّت إلى «تمرّد» بعض الفصائل عن القيادة المركزية واستياء البعض الآخر من غياب رمز قيادي حاضر. وأكّدت إيميلي وينتر - بوثام، باحثة في المعهد الملكي لدراسات الأمن والدفاع البريطاني وخبيرة في حركة طالبان، لـ«الشرق الأوسط» أن تعيين الملا منصور خلفا للملا عمر، إن ثبتت صحته، يبعث برسالة «الاستمرارية» في سياسات الحركة إذ كان كبير مستشاريه ونائبه الأول. وتتابع: «رغم أن الملا منصور لا يعد رمزا موحّدا لمختلف فصائل الحركة كما كان سلفه، فإنه سيتبع نفس السياسات التي نهجتها الحركة في السنوات الماضية، بما فيها محادثات السلام مع الحكومة الأفغانية». وفي ظل غياب الملا عمر عن فعاليات الحركة في السنوات الماضية، اعتبر الملا منصور القائد الفعلي للحركة منذ فترة وبالتالي «فإن تعيينه زعيما جديدا قرار منطقي للغاية» وفق تحليل وينتر - بوثام.



إحصاء 336 اعتداءً ضد الصحافيين في 3 سنوات من حكم «طالبان» في أفغانستان

خلال احتجاج نظمته حركة «طالبان» في أفغانستان (رويترز - أرشيفية)
خلال احتجاج نظمته حركة «طالبان» في أفغانستان (رويترز - أرشيفية)
TT

إحصاء 336 اعتداءً ضد الصحافيين في 3 سنوات من حكم «طالبان» في أفغانستان

خلال احتجاج نظمته حركة «طالبان» في أفغانستان (رويترز - أرشيفية)
خلال احتجاج نظمته حركة «طالبان» في أفغانستان (رويترز - أرشيفية)

أفادت الأمم المتحدة، الثلاثاء، بأنها سجّلت 336 اعتداءً على صحافيين وعاملين في وسائل إعلام منذ عودة «طالبان» لحكم أفغانستان في أغسطس (آب) 2021، منددةً بـ«الرقابة» و«القيود الصارمة للوصول إلى المعلومات».

وأكدت بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان ومكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف، أنهما اطّلعا على «256 حالة توقيف واحتجاز تعسفي، و130 حالة تعذيب وسوء معاملة، و75 حالة تهديد أو ترهيب».

وفي التقرير المعنون «حرية وسائل الإعلام في أفغانستان»، نددت الأمم المتحدة بـ«التحديات المتزايدة التي يواجهها الصحافيون والموظفون في مجال الإعلام والمؤسسات الإعلامية في أفغانستان، الذين يعملون في بيئة من الرقابة والقيود الصارمة للوصول إلى المعلومات»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأضافت روزا أوتونباييفا، رئيسة بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان، أنه يتعيّن على الصحافيين التعامل مع «قواعد غير واضحة بشأن ما يمكنهم وما لا يمكنهم تغطيته، ويتعرضون للترهيب أو الاحتجاز التعسفي بسبب ما يُعدُّ انتقاداً».

من جهته، دعا مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، إلى حماية الصحافيين الذين «يُطلعون الجمهور على الأحداث التي تؤثر في حياتهم اليومية» و«يضمنون شفافية السلطات وتحملها مسؤوليتها».

وقال حياة الله مهاجر فراحي، نائب وزير الإعلام: «إن كل وسائل الإعلام يمكن أن تعمل» في أفغانستان، ما دامت تحترم «القيم الإسلامية ومصالح البلاد وثقافتها وتقاليدها».

مع ذلك، فإن القانون الجديد بشأن «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، الذي يهدف إلى التطبيق الصارم للشريعة الإسلامية، يثير قلقاً لدى الصحافيين، ويخشون من أن يؤدي هذا القانون إلى اختفاء صور الكائنات الحية وأصوات النساء من وسائل الإعلام.

عندما عادت حكومة طالبان إلى السلطة، كان لدى أفغانستان 8400 موظف في مجال الإعلام، من بينهم 1700 امرأة. أما الآن فلا يوجد سوى 5100 موظف، من بينهم 560 امرأة، وفق مصادر من القطاع.

وأُغلقت عشرات وسائل الإعلام، وتراجعت أفغانستان خلال 3 سنوات من المركز 122 إلى المركز 178 من أصل 180، في مؤشر حرية الصحافة، الذي تصدره منظمة «مراسلون بلا حدود».