في الوقت الذي تلقى فيه رئيس الاتحاد الأوروبي الفرنسي ميشال بلاتيني الكثير من الدعم من اتحادات قارية وشخصيات رياضية مؤثرة للترشح لمنصب رئيس الاتحاد الدولي خلفا للسويسري جوزيف بلاتر، رفع الملياردير الكوري الجنوبي تشونغ مونغ - جون وتيرة التحدي بإعلانه دخول السباق إلى رئاسة الفيفا ووصف بلاتر بـ«آكل لحوم البشر» وبلاتيني بـ«أضحوكة» غير جديرة بالثقة، بينما حذر رئيس اللجنة الأولمبية الدولية الألماني توماس باخ من أن انتخاب رئيس جديد للفيفا لن ينهي مشكلات السلطة الكروية العليا الغارقة في فضائح الرشا والفساد.
وأعلن رئيس الاتحاد الأوروبي بلاتيني أول من أمس ترشحه رسميا لرئاسة فيفا لخلافة بلاتر المستقيل من منصبه إثر فضيحة فساد هزت المؤسسة الكروية.
ويبدو بلاتيني (60 عاما) مرشحا قويا في الانتخابات المقررة في 26 فبراير (شباط) عام 2016 ليصبح الرئيس التاسع للفيفا، خصوصا أنه لقي دعم 4 اتحادات هي أوروبا وآسيا وأميركا الجنوبية والكونكاكاف، فيما تبدو حظوظ المرشحين الآخرين قليلة جدا ومن بينهم تشونغ، نائب رئيس فيفا السابق الذي كشف أمس أنه سيعلن ترشحه رسميا الأسبوع المقبل، متعهدا بأنه في حال انتخابه لن يبقى على رأس السلطة الكروية العليا لأكثر من ولاية واحدة من أربعة أعوام.
وقال رئيس الاتحاد الكوري السابق ومالك القسم المهيمن من أسهم مجموعة هيونداي العملاقة: «بلاتيني إنسان جيد وأحبه كثيرا، لكن إذا أردتم معرفة رأيي فهل هذا الوقت المناسب لكي يتولى رئاسة الفيفا بعد سيب بلاتر.. فإني لا أعتقد أنها ستكون أنباء طيبة للمؤسسة ولبلاتيني أيضا.. للأسف فهو (ملوث) بشكل قاتل بسبب علاقاته السابقة ببلاتر، ولن يكون جيدا بالنسبة لفيفا، إنه نتاج النظام الحالي الفاسد».
وواصل: «هناك عدة تساؤلات حول إمكانية بلاتيني أن يجسد حقبة جديدة في فيفا أو أنه وحسب تلميذ بلاتر».
وبينما كان تشونغ يكشف عن خططه من أجل أن يصبح أول رئيس للفيفا من آسيا، أبدى الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم دعما مبطنا لبلاتيني.
وقال الشيخ سلمان في تصريحات إعلامية أمس: «بالتأكيد نحن تابعنا قرار بلاتيني بالترشح، وهو بالتأكيد مرشح فريد من نوعه يمكن أن يجلب الاستقرار والانتقال السلس إلى الوضع الطبيعي بالاتحاد الدولي خلال هذا الوقت الصعب».
وكانت آسيا معقلا من معاقل التأييد لبلاتر الذي قرر التنحي وسط أسوأ أزمة في تاريخ الفيفا بسبب مزاعم فساد طالت مجموعة من أبرز مسؤولي المؤسسة الدولية. وعدد الأصوات في قارة آسيا يجعلها مؤثرة جدا في عملية اختيار خليفة بلاتر في فبراير المقبل.
وترأس تشونغ الاتحاد الكوري الجنوبي لكرة القدم بين 1993 و2009 واستضافت بلاده خلال هذه الفترة كأس العالم في 2002 مع اليابان.
وخسر مقعده في اللجنة التنفيذية للفيفا في 2011 لصالح الأمير الأردني علي بن الحسين حليف بلاتر وقتها. وبينما تتردد دعوات بضرورة ضخ دماء جديدة في الفيفا قال تشونغ إن رحيله عن الاتحاد الدولي قبل أربع سنوات يجعله مرشحا مثاليا.
وأضاف: «نحتاج إلى دماء جديدة في الفيفا، لكننا نحتاج أيضا إلى الاستمرارية مع إجراء تغييرات. مغادرتي للفيفا قبل أربع سنوات كانت نعمة». وتابع: «أعرف الفيفا جيدا ولدي خبرة طويلة في إدارة شؤون اتحاد وطني. لم تتح لبلاتيني هذه الخبرة ولذلك أرى أنني مؤهل لإحداث تغييرات، وفي الوقت ذاته الحفاظ على قوة الفيفا».
وقال تشونغ إنه يتعين على بلاتر الرحيل الآن، معبرا عن خوفه من أن يسعى المسؤول السويسري إلى عرقلة حملته نظرا لأنه كان من المعارضين له خلال 17 عاما قضاها نائبا لرئيس الفيفا.
وأوضح تشونغ: «أهم إصلاح للفيفا هو إجراء انتخابات نزيهة.. ولضمان ذلك يتعين على الرئيس بلاتر والأمين العام غيروم فالكه التنحي على الفور». وتابع: «أخشى أن يكون لدى بلاتر خطة لعرقلة حملة ترشحي للمنصب، لكن إذا حاول الإضرار بحملتي فإنني سأقاتل».
وكان فالكه قد لمح إلى أنه سيترك منصبه فور اختيار خليفة لبلاتر. ويجب على المرشح أن يحظى، على أقله، بدعم خمسة من الاتحادات الأعضاء الـ209 في فيفا، وأن يحصل أيضا على الضوء الأخضر من لجنة الأخلاقيات في فيفا. وأمام الراغبين في الترشح حتى 26 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل للتقدم إلى المنصب، أي قبل أربعة أشهر عن موعد الانتخابات.
وتشونغ ليس الشخص الوحيد الذي يتهجم على بلاتيني منذ أن أعلن الأخير ترشحه؛ إذ تعرض رئيس الاتحاد الأوروبي لانتقاد عنيف من الأمير الأردني علي بن الحسين؛ فبعد أقل من ساعة على إعلان بلاتيني ترشيحه رسميا، هاجم رئيس الاتحاد الأردني الذي خسر الانتخابات الأخيرة على رئاسة الفيفا أمام بلاتر، النجم الدولي الفرنسي السابق، مناشدا وضع حد لثقافة «الترتيبات السرية».
وقال الأمير علي في بيان رسمي: «بلاتيني لا يصلح للفيفا. يستحق أنصار كرة القدم واللاعبون أفضل من ذلك. انغمس الفيفا في الفساد (...). إن ثقافة الترتيبات السرية ووراء الكواليس يجب أن تتوقف».
وأضاف: «الفيفا بحاجة إلى قائد مستقل بعيد عن ممارسات الماضي». وأوضح الأمير علي الذي كان مساندا من قبل الاتحاد الأوروبي للعبة في معركته ضد بلاتر في أواخر مايو (أيار) الماضي، وفرض الدور الثاني على الأخير بحصوله على 73 صوتا قبل أن ينسحب، أنه سيقوم بـ«استشارة» الاتحادات الوطنية «الأسبوع المقبل» حول «ما هو أفضل لمصلحة كرة القدم» دون ذكر المزيد عن نياته.
ومن المفارقة أن بلاتيني شخصيا كان من أبرز الداعمين للأمير علي في حملته الأخيرة ضد بلاتر.
ويمر الاتحاد الدولي بالأزمة الأكثر خطورة في تاريخه منذ اعتقال 7 أعضاء في لجنته التنفيذية في 27 مايو الماضي في زيوريخ قبل ثلاثة أيام من إعادة انتخاب بلاتر لولاية خامسة، ووجهت السلطات الأميركية اتهامات لتسعة من مسؤولي اللعبة، غالبيتهم تقلدوا مناصب في الفيفا، إضافة إلى خمسة من المديرين التنفيذيين في مجال الإعلام والتسويق الرياضي في فضيحة رشا تشمل 150 مليون دولار تمت على مدار 24 عاما.
ورأى رئيس اللجنة الأولمبية الدولية الألماني توماس باخ أن انتخاب رئيس جديد للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لن ينهي مشكلات السلطة الكروية العليا الغارقة في فضائح الرشا والفساد.
ورفض باخ في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية من كوالالمبور التعليق على ترشح رئيس الاتحاد الأوروبي الفرنسي ميشال بلاتيني لخلافة بلاتر، لكنه أكد أن على جميع المرشحين لهذا المنصب التركيز على مبدأ «الشفافية»، وقال: «هذا الأمر ينطبق على كل مرشح. يجب تطبيق هذا الأمر (الشفافية) بشكل خاص لأن مشكلات فيفا لن تنتهي مع انتخاب رئيس جديد في فبراير المقبل».
وواصل: «يحب أن تحصل الإصلاحات في هيكلية فيفا، يجب تحسين الشفافية، يجب أن نشهد تغيرا في الهيكليات. انتخاب الرئيس لن يكون كافيا وحده».
ولم يشأ باخ أن يتحدث عن المعركة المتوقعة على رئاسة فيفا، قائلا: «لا أريد التعليق على انتخاب رئيس اتحاد. ليس من شأني الحكم في هذا الموضوع». وكان باخ قد تحدث في اليوم الأول من الجمعية العمومية لاتحاد الكرة يوم 27 مايو الماضي عشية انتخاب بلاتر لولاية خامسة ودعا حينها إلى الإصلاحات، ثم تطرق بعد الانتخابات والاعتقالات التي قامت بها السلطات السويسرية عن أن «الكشف على كل شيء يمكن أن يكون مؤلما ولكنه قطعا ضروري».
وقارن باخ حينها بين ما يعيشه فيفا وفضائح الرشا التي هزت اللجنة الأولمبية الدولية، قائلا: «قبل 15 عاما، بفضل هذه الطريقة نجحت اللجنة الأولمبية الدولية في استعادة مصداقيتها»، مشيرا إلى أنه ليس هناك مقارنة مع «حجم» الفضيحة التي تضرب فيفا. وكانت الحركة الأولمبية تزعزعت بفضيحة رشا خلال منح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية إلى سولت ليك سيتي الأميركية عام 2002. وقال باخ: «نحن نعرف، بحكم خبرتنا أن الكشف عن كل شيء سيكون مؤلما، ولكنه قطعا ضروري. شاهدنا ذلك في تاريخنا. فقط بقيامنا بذلك استعادت اللجنة الأولمبية الدولية مصداقيتها».
ومن المتوقع أن تشهد الأيام القليلة المقبلة تصاعدا بين المتنافسين على رئاسة الفيفا من أجل الفوز بأصوات الجمعية العمومية التي تضم 209 اتحادات موزعة على الشكل التالي: أوروبا تضم 54 عضوا لكن جبل طارق لا تستطيع التصويت لأن الفيفا لم يعترف بها رسميا، أفريقيا (54)، آسيا (46)، الكونكاكاف (35)، أوقيانيا (11)، وأميركا الجنوبية (10 أصوات).
وكان رئيس الاتحاد الألماني لكرة القدم فولفغانغ نيرسباخ قد أعرب عن دعم اتحاده المطلق لترشح بلاتيني، وهو الأمر الذي سلكه أيضا رئيس الاتحاد الإنجليزي غريغ دايك.
وقال نيرسباخ: «على أرض الملعب كان بلاتيني قائدا مميزا ومنذ 2007 قاد الاتحاد الأوروبي بشكل جيد جدا وهو ضامن لبقائه في موقعه لأربع سنوات أخرى. لقد أظهر قدراته مع الاتحاد الأوروبي في قيادة منظمة كبرى. يعرف كرة القدم عن ظهر قلب ولم يفقد شغفه للعبة».
وتابع عضو اللجنة التنفيذية في الاتحادين الدولي والأوروبي: «تبقى بعض الأمور التي لا نتفق عليها. مثال على ذلك أن بلاتيني يدرك أن آراءنا كانت مختلفة في التصويت لملف قطر لاستضافة مونديال 2022، لكن ذلك لم يعق عملنا الجيد والتقدير المتبادل بيننا». وأضاف: «يمكنني التأكيد على أنه يلقى دعمنا الكامل. هذا رأي جامع لكل أعضاء الاتحاد الألماني».
في المقابل قال دايك رئيس الاتحاد الإنجليزي: «نساند بلاتيني في ترشحه، نرتبط بعلاقات وطيدة معه ونتمنى أن يتمتع بمساندة دولية لقيادة فيفا جديد خلال أصعب الفترات التي مرت به في تاريخه». وتابع: «نتفهم أنه سيكون هناك الكثير من المرشحين مما سيؤدي إلى منافسة قوية وصحية، لا ينبغي لنا مع ذلك أن نقلل من التحدي الذي سيكون أمام أي شخص سيقود هذه المؤسسة التي تلطخت سمعتها كثيرا. يجب إعادة النظر في هيكل الفيفا كله وتغييره جذريا».