دي ميستورا يقترح إنشاء «مجموعة اتصال» دولية حول سوريا

تشكيل «هيئة انتقالية» والتمسك بالحل العسكري.. من أعقد نقاط النقاش

دي ميستورا يقترح إنشاء «مجموعة اتصال» دولية حول سوريا
TT

دي ميستورا يقترح إنشاء «مجموعة اتصال» دولية حول سوريا

دي ميستورا يقترح إنشاء «مجموعة اتصال» دولية حول سوريا

اقترح وسيط الأمم المتحدة في الحرب الأهلية السورية أمس الأربعاء دعوة السوريين للمشاركة في مجموعات عمل تشرف عليها المنظمة الدولية لحل أربع قضايا كبرى في ظل عدم استعداد أطراف الصراع لإجراء مفاوضات سلام رسمية.
وأبلغ الوسيط ستيفان دي ميستورا أعضاء مجلس الأمن، أمس، أن المجموعات ستناقش قضايا تتعلق بالسلامة والحماية والسياسة والتشريع، بالإضافة لقضايا عسكرية وأمنية والمؤسسات العامة. وعلى مدار نحو ثلاثة أشهر تشاور دي ميستورا مع سوريين وقوى دولية وإقليمية بشأن كيفية تطبيق خريطة طريق للسلام من وحي «وثيقة جنيف» التي اتفقت عليها القوى الدولية في يونيو (حزيران) 2012 وتدعو لانتقال سياسي مع ترك دور الرئيس السوري بشار الأسد دون حل.
وقال دي ميستورا: «علينا السير في اتجاه جامع للسوريين نحو مرحلة انتقالية».. لكنه استدرك قائلا إنه «على الرغم من وجود أرضية مشتركة بين الأطراف السورية، فإننا يجب أن نتحلى بالصراحة مع أنفسنا.. هناك أسئلة بشأن تشكيل هيئة انتقالية، لا تزال من أعقد نقاط النقاش، ولا تزال أهم عناصر الانقسام في الوثيقة». وقال إن مؤسسات الدولة يجب أن تواصل عملها بقيادة يقبل بها الجميع.
وعبر دي ميستورا عن ثقته في أن مجموعات العمل ستكون بمثابة خطوة للأمام، لتطبيق وثيقة جنيف.
وقال أيضا أمام مجلس الأمن إنه «لا يوجد بعد توافق» حول انتقال سياسي في سوريا، وإن أطراف النزاع السوري لا تزال تبحث عن حل عسكري، إلا أن الأمم المتحدة «مجبرة» على مواصلة جهودها، فالمجتمع الدولي ملزم بإنعاش مسار المشاورات السياسية.
من جهته، قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لأعضاء مجلس الأمن أمس، إن عدد القتلى جراء أكثر من أربع سنوات من الصراع بلغ ربع مليون شخص على الأقل. واستقال وسيطان آخران سبقا دي ميستورا بسبب الفشل في مساعي إنهاء الحرب. وشدد الأمين العام للأمم المتحدة على أن بيان «جنيف1» هو الأساس الدولي الوحيد للتسوية في سوريا.
إلى ذلك، أعلن نائب الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ستيفن أوبراين أن نحو نصف سكان سوريا بحاجة لمساعدات إنسانية، مؤكدا عزمه زيارة دمشق الشهر المقبل لبحث تسهيل إيصال هذه المساعدات.
وقال إن أكثر من مليون سوري اضطروا عام 2015 وحده إلى النزوح. وذكر أنه يحتاج اليوم 12.2 مليون سوري حاجة ماسة إلى مساعدات إنسانية، وأنه قتل في سوريا منذ بداية الأزمة 220 ألف إنسان، حسب الأمم المتحدة.
وقال أوبراين خلال جلسة لمجلس الأمن الثلاثاء 28 يوليو (تموز) خصصت لبحث الوضع الإنساني في سوريا إنه في العام الماضي اضطر 7 ملايين و500 ألف سوري إلى النزوح الداخلي، مضيفا أن «نحو 4.5 مليون إنسان يعيشون في مناطق يتعثر للغاية الوصول إليها. ونحن نعلم أن نحو 420 ألف إنسان محاصرون بشكل كامل من قبل الأطراف المتنازعة».
وأكد أن «الأمم المتحدة وشركاءها تبذل كل ما تستطيع لمساعدة أكبر قدر من الناس، إلا أن الوصول إليهم صعب للغاية». ولفت إلى عزمه طرح هذه المسألة وغيرها من المسائل خلال زيارته سوريا الشهر المقبل. وكان المسؤول الأممي قد أعلن نيته زيارة دمشق شهر أغسطس (آب) المقبل لمناقشة تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية إلى المدنيين، لافتا إلى نيته زيارة حمص كذلك.
وقال أوبراين: «آمل أن تكون زيارتي لدمشق الشهر المقبل فرصة للتحاور بشكل بناء مع الحكومة» لتسوية المشكلات الأكثر خطورة والمتعلقة بإيصال المساعدات، والتي تعرقل العمليات الإنسانية وحصول السوريين على المساعدة التي هم في أمس الحاجة إليها.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.