واشنطن تفرج عن بولارد في نوفمبر المقبل ولن تسمح له بالمغادرة قبل 5 سنوات

قال محاميه إن إطلاق سراحه «غير مرتبط بالتطورات الأخيرة في الشرق الأوسط»

جوناثان بولارد
جوناثان بولارد
TT

واشنطن تفرج عن بولارد في نوفمبر المقبل ولن تسمح له بالمغادرة قبل 5 سنوات

جوناثان بولارد
جوناثان بولارد

قال محامون، أمس، إن هيئة العفو المشروط الأميركية، قضت بإطلاق سراح الجاسوس جوناثان بولارد، في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وقال محامي بولارد، وهو موظف مخابرات البحرية الأميركية السابق، الذي أدين بالتجسس لصالح إسرائيل، في بيان له، إن موكله الذي سيكمل حكما بالسجن مدته 30 عاما، على الرغم من الجهود التي بذلتها حكومات إسرائيل المتعاقبة لإطلاق سراحه، سيتوجب عليه البقاء في الولايات المتحدة لخمس سنوات، بموجب بنود إطلاق السراح.
وأوضح المحامي أن العفو عن موكله، غير مرتبط بالتطورات الأخيرة في الشرق الأوسط، في إشارة إلى أن القرار لم يخضع للضغوط الإسرائيلية التي لم تتوقف على امتداد سنوات طويلة، من استخدام قضية بولارد، ورقة ابتزاز أو مقايضة في موضوعي السلام في الشرق الأوسط، والنووي الإيراني. وجرت أحاديث كثيرة، أخيرا، حول رغبة واشنطن في الإفراج عن بولارد لقاء تخفيف الحملة التي شنتها حكومة نتنياهو على الرئيس الأميركي باراك أوباما وإدارته، خلال مفاوضات فيينا حول النووي الإيراني، وتواصلت بقوة بعد توقيع الاتفاق.
وجوناثان جاي بولارد، مواطن أميركي يهودي، اختار التجسس لصالح إسرائيل بمبادرته. وقام بتجنيده مسؤول كبير في الموساد (جهاز المخابرات الخارجية)، هو رافي إيتان، الذي أصبح فيما بعد، وزيرا في الحكومة الإسرائيلية. ومنذ أن تم ضبطه، بقي بولارد رمزا لليهودي الذي يفضل يهوديته ويغلبها على وطنيته الأميركية. لذلك اعتبره الكثير من القادة اليهود الأميركيين وصمة عار، وتجنبوا الحديث عنه. وحتى في إسرائيل، كانوا في البداية، يخجلون من تجنيده جاسوسا.
ولد جوناثان في عام 1954 في ولاية تكساس، لعائلة يهودية علمانية، الأب بروفسور في علم الأحياء المجهري، والأم ربّة منزل. في وقت لاحق، انتقلت الأسرة إلى إنديانا، وهناك انخرطت في حياة الجالية اليهودية وتقرب منها. وفي عام 1970، زار بولارد إسرائيل للمرة الأولى في معسكر لدراسات العلوم. في سنّ 25 قُبِل بولارد للاستخبارات البحرية الأميركية، بعد أن تمّ رفض طلبه للانضمام إلى صفوف وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (‏CIA‏). ويعود سبب رفضه إلى حقيقة أن اختبارات جهاز الكشف عن الكذب التي خاضها، كشفت عن وجود مشكلة في صدقه ومصداقيته. ومن المشكلات التي أثيرت من حوله في المحكمة لاحقا، هو أنه أخفى عن رؤسائه في الاستخبارات البحرية أنه كان قد رُفِض للانضمام إلى (‏CIA‏).
في تلك الفترة، كانت العلاقات بين المخابرات الإسرائيلية والأميركية فاترة، على الرغم من الاتفاقات الموقعة بينهما. وساور الإسرائيليين شك في أن الأميركيين يخفون معلومات قيمة عنهم في موضوع التسلح الإيراني ومواضيع أخرى في الشرق الأوسط. وعندما اكتشف بولارد في إطار عمله أن هناك معلومات مهمة يجب على إسرائيل أن تعرفها عن إيران والعرب، قدمها للضابط في سلاح الجو الإسرائيلي، أبيئام سيلع، الذي كان يمضي إجازة دراسية. وعلى مدى العام الذي مرّ منذ التقائهما نقلت بينهما وثائق كثيرة وذات قيمة. في كلّ يوم جمعة، كان يأتي بولارد إلى منزل خفيّ، وينقل الوثائق التي تمّ مسحها وإرسالها لإسرائيل. بهذه الطريقة تمّ نقل مئات الآلاف من الوثائق.
ومنذ تم ضبطه ومحاكمته، نفت إسرائيل أيّة علاقة مع الجاسوس. وخلال سجنه تقرب بولارد من الدين. وفي هذا الوقت تعرّف على زوجته الثانية، استر، التي لم تتوقف عن العمل من أجل إطلاق سراحه. لكن إسرائيل استمرّت بتجاهل بولارد، خوفًا من التسبّب بضرر آخر في علاقتها بالولايات المتحدة. في عام 1998 فقط، اعترفت بأنّه تصرّف كعميل لها، وكشف اسم الضابط الذي قام بتفعيله، إيتان، والذي قررت الإدارة الأميركية أنه شخصية غير مرغوب فيها لديها.
في السنوات الأخيرة، بدأت تنطلق في الولايات المتحدة، حيث اعتبر بولارد في البداية جاسوسًا خطرًا، أصوات تطالب بالإفراج عنه. قال وزيرا الخارجية السابقان جورج شولتس وهنري كيسنجر، إنه يجب الإفراج عن بولارد، وكذلك الأمر نائب الرئيس السابق دان كويل. بل إنّ المرشّح الرئاسي جون ماكين، الذي كان على مدى سنوات من كبار المعارضين للإفراج عنه، عبّر عن دعمه لإطلاق سراح بولارد.
ويأتي إعلان محامي بولارد، أمس، ليسحب من حكومة نتنياهو، ورقة ضغط لم تتوقف عن استخدامها.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.