110 كيلومترات عمق المنطقة الآمنة ولا تشمل مدينتي حلب وإدلب

ستوجد فيها «شرطة مجتمعية».. وغياب للفصائل التي تحمل أسلحة ثقيلة ومتوسطة

110 كيلومترات عمق المنطقة الآمنة ولا تشمل مدينتي حلب وإدلب
TT

110 كيلومترات عمق المنطقة الآمنة ولا تشمل مدينتي حلب وإدلب

110 كيلومترات عمق المنطقة الآمنة ولا تشمل مدينتي حلب وإدلب

لن تبدأ قوات المعارضة السورية التخطيط للتعامل مع المنطقة الآمنة عسكريًا، قبل طرح القضية بشكل رسمي على طاولة التباحث السياسي والعسكري، لكن الثابت، أن وجود إدارة مدنية في منطقة آمنة تتحدث التسريبات الأميركية عن تحضيرات لإنشائها، يحتم «جعلها منطقة خالية من السلاح، كي لا تتعرض لاستهداف بذريعة وجود مسلحين»، كما قال قياديون في المعارضة السورية لـ«الشرق الأوسط».
والمنطقة الآمنة، تمتد على نحو 50 كيلومترًا من الشريط الحدودي السوري مع تركيا، من جرابلس الخاضعة لسيطرة «داعش» الملاصقة للضفة الغربية لنهر الفرات، باتجاه مدينة أعزاز الحدودية أيضًا، وتتضمن معبرًا حدوديًا رئيسًا مع تركيا. أما عمق المنطقة الآمنة، فيمتد إلى حدود 68 ميلاً (110 كيلومترات) داخل الأراضي السورية، وتشمل ريف حلب الشرقي، وريفها الشمالي، شمال المدينة. وبحسب مصادر بارزة في الائتلاف الوطني السوري، فإن مدينة حلب «لن تكون ضمن نطاق المنطقة الآمنة، كذلك لن تكون مدينة إدلب، وريفها، ضمن هذه المنطقة».
وتسعى المعارضة السورية لإنشاء إدارة مدنية في هذه المنطقة، مما يعني أن الفصائل العسكرية، لن يكون لها وجود فيها، بل ستعتمد الإدارة المدنية على عناصر من الشرطة، سيكونون بالتأكيد من عناصر «الشرطة المجتمعية» التي بدأت عملها في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، منذ فترة بعيدة.
وتقول مصادر الائتلاف لـ«الشرق الأوسط»، إن الفصائل العسكرية التي تحمل أسلحة ثقيلة ومتوسطة «لن يكون لها وجود داخل هذه المنطقة، بل ستنحصر مهمتها في الدفاع عنها، ومواصلة قتالها لتحرير سائر المناطق»، مشيرة إلى أن «ما يُحكى عن وجود فصيل معين دون غيره في المنطقة (في إشارة إلى حركة أحرار الشام)، يتنافى مع طبيعة المنطقة الآمنة التي يجب أن تكون خالية من السلاح، باستثناء السلاح الفردي الذي يحمله عناصر الشرطة»، مؤكدة أن «هذا ما سنعمل على إبلاغه للأمم المتحدة، كي توفر لنا الحماية، وتمنع النظام من استهدافنا بذريعة وجود مسلحين».
ولم يتحدد بعد الشكل الجغرافي الواضح للمنطقة الآمنة في سوريا. ففي حين تقول مصادر الائتلاف إن المنطقة ستمتد إلى الريف الغربي لمدينة حلب، وتحدّها الضفة الغربية لنهر الفرات شرقًا، يبدو أن العمق قد يصل أكثر من حدود من الفرات باتجاه الجنوب، فضلاً عن أن العمق الذي تحدثت عنه الصحف الأميركية (110 كيلومترات) يتخطى هذه الحدود. ولا تملك المعارضة، حتى هذا الوقت تصورًا عن حدود المنطقة الآمنة.
المجلس العسكري التابع للجيش السوري الحر، بدوره، لم يناقش خطة لمواكبة هذا التطور، «قبل طرح مسألة إنشاء المنطقة الآمنة على الطاولة بشكل واضح»، كما قال عضو المجلس العسكري أبو أحمد العاصمي لـ«الشرق الأوسط». وقال إن الخطة «قد تشمل أيضا منطقة آمنة أخرى على الحدود الجنوبية»، وذلك استنادًا لتصورات سابقة، وإلى «كلام (الرئيس السوري بشار) الأسد عن الأولويات».
وأعرب العاصمي عن اعتقاده أن المنطقة الآمنة في الجنوب «بات واقعًا، بعدما كانت تتم مناقشته بشكل غير صريح».
وستكون المنطقة الخارجة عن سيطرة الأكراد، هي المخصصة للمنطقة الآمنة. ويحكم الأكراد اليوم السيطرة على الشريط الحدودي مع تركيا، بدءًا من نهر دجلة في أقصى شمال شرقي سوريا، وصولاً إلى شرق نهر الفرات (الفاصل بين كوباني وجرابلس)، ولا تقطعها إلا سيطرة القوات الحكومية السورية على معبر القامشلي مع تركيا.
ومن كوباني، تنقطع حدود السيطرة من جرابلس إلى صوران أعزاز (شمال حلب)، التي يسيطر عليها «داعش»، فيما تسيطر قوات الجيش السوري الحر و«جبهة النصرة» على مساحة من الشريط الحدودي تمتد من معبر أعزاز، وصولاً إلى الحدود الإدارية لعفرين (ثاني أكبر المدن الكردية في سوريا). وتمتد سيطرة الأكراد على تلك البقعة الحدودية من عفرين إلى جبل الأكراد، تقطعها قرى تابعة لريف إدلب، تسيطر عليها قوات المعارضة السورية، فيما يحتفظ النظام بسيطرته على معبر كسب، في شمال غربي البلاد.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».