أعاد الطيران المباشر والسريع من منطقة الخليج إلى أستراليا الاهتمام السياحي بالقارة الأسترالية كوجهة سياحية جديدة توفر للسائح العربي الكثير من معالم الجذب المتنوعة من الشواطئ الخلابة إلى المدن الساحرة. ولا يحتاج المسافر إلى أستراليا إلى أكثر من أسبوعين لاستكشاف أهم مناطقها السياحية، وهناك الكثير من الزوار العرب الذين قاموا بالرحلة ويتطلعون لإعادتها مرات في المستقبل للتعرف على المزيد من مزايا أستراليا.
وكمثال على الطيران المباشر إلى أستراليا، تقوم «طيران الإمارات» برحلات يومية من دبي إلى أستراليا تشمل نحو 37 وجهة سفر مختلفة. وهي تدخل في شراكة مع شركة «كوانتاس» الأسترالية التي تغطي شبكتها الداخلية كل أنحاء أستراليا.
ولكن السفر إلى أستراليا يمكن من كل العواصم الخليجية باستخدام شركات الطيران الوطنية التي تسافر أيضا إلى مدن أستراليا دوريا. وتستغرق الرحلة المباشرة إلى أستراليا نحو 12 ساعة من منطقة الخليج وتستخدم بعض الشركات طائرات «إيرباص» العملاقة «إيه 380» أو «بوينغ 747» في رحلات المدى الطويل إلى أستراليا.
وفي الماضي كان البعض ينظر إلى أستراليا على أنها رحلة لمرة واحدة في العمر، ولكن الطيران الحديث جعل من أستراليا وجهة سفر سنوية أكثر قربا من بعض الوجهات السياحية في شمال أميركا وجنوبها.
ويمكن لرحلة واحدة إلى أستراليا أن تشمل الكثير من الوجهات التي تجمع بين لمدن والشواطئ والمعالم السياحية الأخرى. ويمكن تصور رحلة مثالية تجمع بين مدينة سيدني وصخرة أولورو الشهيرة والحاجز البحري الكبير للشعاب المرجانية في مدة لا تزيد على الأسبوعين. ويمكن إضافة رحلة بالسيارة بين مدينتي سيدني وملبورن لمدة أسبوعين آخرين عبر مسافة قيادة تصل إلى ألف كيلومتر.
* البداية في سيدني
* ويبدأ معظم سياح سيدني زيارتها بالتجول في كواليس دار الأوبرا الشهيرة على ضفاف البحر ثم صعود جسر هاربور وإلقاء نظرة على أبعاد المدينة وشواطئها من على ارتفاع 44 قدما فوق سطح الماء.
بعد ذلك يمكن ركوب سفن تعبر الخليج في رحلات مدتها 30 دقيقة إلى شاطئ مانلي، حيث تنتشر المطاعم ومحلات الهدايا على أرصفة الميناء الذي يتوجه إليه هواة التزلج على المياه وتحده سلسلة من التلال التي تحميه من عواصف جنوب المحيط الهادئ.
والى الجنوب تنتشر الشواطئ السياحية التي يعد شاطئ بوندي هو أشهرها. ويمكن تعلم رياضة التزلج على المياه على سطح مياه الخليج أو التنزه على الشاطئ بين بوندي وبرونتي. وإذا كانت هناك رغبة في الاستراحة بعيدا عن الشاطئ لفترة فيمكن زيارة متحف محلي للفنون المعاصرة.
وفي سيدني نفسها هنالك الكثير من المطاعم المنتشرة في أرجاء الميناء والمدينة تقدم فيما بينها الكثير من الوجبات التي يعد أفضلها الأسماك الطازجة. ولكن الأذواق تتنوع بين المطاعم لتقديم الكثير من الوجبات المتنوعة التي تتراوح بين المأكولات اللبنانية وحتى مطاعم السوشي اليابانية.
ويمكن قضاء يوم سياحي متميز في منطقة الجبال الزرقاء على بعد 30 ميلا غرب سيدني. وهي رحلة توفر مشاهد طبيعية تمتد إلى الأفق بين غابات أشجار الكافور وكهوف يمكن التجول داخلها بالزوارق وخطوط حديدية تمتد فوق مرتفعات ومنخفضات بزوايا حادة. وتنتشر في المنطقة المقاهي السياحية خصوصا في قرى مثل لورا وبلاك هيث وكاتومبا.
* جبال أولورو
* وبعد قضاء عدة أيام في سيدني يمكن الطيران لمدة أربع ساعات تقريبا إلى منطقة «رد سنتر» ومنها إلى جبال أولورو، وهي صخرة جيرية حمراء تعد من ملامح أستراليا الطبيعية وتمتد نحو ستة أميال. وهي تتوهج باللون الأحمر مع غروب الشمس. ويرنو السياح إلى مشاهدة الصخرة عن قرب من مقهى قريب اسمه «ديون هاوس» حول مشروبات باردة ووجبات خفيفة.
وبالقرب من الصخرة توجد رسوم تاريخية على جدران صخرية من قبائل سكان أستراليا الأصليين، وهم قبائل أبوريجيني، يعود تاريخها إلى نحو خمسة آلاف عام. كما يمكن زيارة محمية طبيعية اسمها «واتاركا ناشيونال بارك» وهي منطقة مليئة بالكهوف والوديان والغابات.
ويمكن بعد ذلك الطيران الداخلي إلى مدينة كيرنز السياحية في إقليم كوينزلاند، وهي توفر مناخا سياحيا هادئا ولكن شهرتها ترتبط بالحاجز المرجاني الكبير وهو شريط بحري مرجاني بحجم إيطاليا يمتد إلى داخل المحيط وتسكنه ملايين من الكائنات البحرية المختلفة ويعد من الوجهات السياحية الرئيسية في أستراليا.
وتقدم مطاعم محلية عدة وجبات أسترالية تشمل لحوم حيوان الكنغارو الذي تشتهر به أستراليا. ويمكن قضاء أربعة أيام في هذا المنطقة منها يوم في رحلة بحرية إلى جزيرة فيتزروي القريبة من الحاجز المرجاني. وهي جزيرة نظيفة بيئيا توفر رحلات دورية بالزوارق إلى الحاجز المرجاني. وهناك يمكن الغوص إلى السباحة بين الكائنات البحرية المختلفة ومنها سلاحف بحرية ضخمة تتخذ من المنطقة موطنا لها. وتتوفر للسياح رحلات بالطائرات الهليكوبتر فوق الحاجز المرجاني لمشاهدة أبعاده وألوانه الزاهية من الجو.
وللاستجمام يمكن التوجه إلى بورت دوغلاس وهو منتجع فاخر على مقربة 40 ميلا شمال كيرنز يوفر فترة استرخاء في مناخ مريح حتى موعد المغامرة التالية في منطقة دينتري التي توجد فيها أقدم غابة استوائية في العالم يقدر عمرها بنحو 135 مليون سنة. وهي توفر مأوى للكثير من المخلوقات الغريبة التي لا توجد في أي مكان آخر على سطح الأرض. ويمكن التجول في الغابة والمنطقة المحيطة عبر خط حديدي اسمه خطوط كوراندا يطوف بالغابة والكثير من الشلالات والوديان المحيطة لمدة ساعتين. ومن مدينة كوراندا يمكن العودة بالتلفريك الذي يمر فوق الغابات ويوفر محطتين للترجل والتجول فوق قمم الأشجار.
* رحلة سيارات
* وقد يجد السائح العربي ضالته في رحلات برية بالسيارات، وأفضلها يقع في أستراليا بين مدينتي سيدني وملبورن. وهي مسافة تصل إلى نحو ألف كيلومتر وتوفر رحلة متميزة بالسيارة على طرق جيدة وغير مزدحمة تمر بالكثير من القرى التاريخية والمشاهد الطبيعية. ويمكن تخطيط الرحلة على أسبوعين بحيث يمكن قضاء عدة ليالٍ في الفنادق المنتشرة على الطريق.
وهو طريق ساحلي يعرفه قليلون ولم يسمع عنه بعض سكان أستراليا أنفسهم. وتبدأ الرحلة مع نهاية آخر ضواحي سيدني الجنوبية والانطلاق منها إلى منطقة نيو ساوث ويلز شبه الخاوية من السكان. ويمر الطريق بالكثير من القرى التي بنيت على الطراز الإنجليزي العتيق مثل قرية كياما التي تقع بالقرب من فجوة في الصخور ترتبط في قاعها بالبحر وينطلق منها الماء بقوة اندفاع شديدة مثل النافورة بين الحين والآخر.
وبعدها يصل السائق إلى قرية مولي موك، وأشهر من فيها هو الشيف ريك شتاين الذي يملك فيها مطعما وفندقا ويقيم فيها بصفة دائمة. ويجب التوقف قليلا في هذه القرية من أجل تناول الطعام أو مشاهدة طلتها الساحرة على جنوب المحيط الهادي.
ثم يصل السائق إلى خليج جارفس باي الذي يبدو بشكل شبه دائري بشواطئ رملية وتلال خلفية وأشجار ونخيل. ويعد الخليج من مناطق الرياضات البحرية وصيد الأسماك، ومنه تنطلق رحلات أبعد إلى مشارف المحيط، حيث يمكن لركاب السفن مشاهدة الحيتان وهي تعبر المحيط في الفترة ما بين يونيو (حزيران) إلى نوفمبر (تشرين الثاني). ويوجد في لمنطقة أيضا أسماك القرش والدلافين. ويمتد الخليج لمسافة مائة ميل.
وعلى مشارف حدود إقليم فيكتوريا تقع عدة مطاعم مشهورة بالأكلات البحرية المتميزة خصوصا مع وجود شبكة أنهار ذات مياه نقية بالإضافة إلى مئات الأميال البحرية التي يجري فيها الصيد الطازج يوميا. ومع دخول إقليم فيكتوريا يجب التوقف قليلا عن منطقة «جيبسي بوينت» التي تقع وسط محمية طبيعية تحتوي على أكبر شبكة نهرية في أستراليا وتحتوي على مجموعات متنوعة من الحيوانات والطيور. ويقول من قضى ليلة في أحد فنادق المنطقة إن الصباح يبدأ بزقزقة الطيور البرية وسطوع الشمس في مناخ قريب جدا من الطبيعة.
وفي منطقة جيبسلاند التالية التي تماثل مساحتها دولة مثل بلجيكا ولكن بعدد سكان يماثل مدينة صغيرة يجد المسافر انه يتمتع بمساحات شاسعة شبه شاغرة. ويمكن قضاء بضع الوقت في هذه المنطقة وبالتمتع برحلات زوارق بحرية ورحلات استكشاف طبيعية. ويمكن اتخاذ منتجع ميتونغ مركزا في هذه المنطقة لأنه يضم عددا من الفنادق الجيدة والشقق السكنية والمطاعم والمقاهي.
ومع السفر جنوبا يبدأ الازدحام حول نقطة ويلسون برومنتوري التي تشبه جبل طارق بتل مرتفع يطل على المحيط يقع في وسط محمية طبيعية تتخللها شلالات الأنهار والغابات. وقبل ساعة تقريبا من الوصول إلى ملبورن تبدو منطقة مورننغتون جديرة بالتوقف فيها لبعض الوقت وهي منطقة طبيعية مقسمة مناصفة بين المحميات الطبيعية والمزارع والضواحي الريفية. وهي منطقة مشهورة بصناعة الجبن والشوكولاته.
ويمكن لشركات سياحية أن تقوم بتوفير جولة في أستراليا تشمل المدن والمناطق التي يريد السائح زيارتها. وتبدأ تكاليف زيارة لمدة أسبوعين بالطيران التجاري في الدرجات السياحية من نحو خمسة آلاف دولار. ولكن يمكن للسائح أن يختار إضافة بعض الفخامة في ترفيع درجات السفر والإقامة لقاء دفع مبالغ أكبر. ويمكن أيضا مد فترة السفر إلى أربعة أسابيع تتيح له مشاهدة المزيد من معالم أستراليا.
وتنقسم أستراليا إلى ستة أقاليم هي كوينزلاند في الشمال الشرقي وفيها تقع مدن كيرنز وبرسبن، وإقليم نيو ساوث ويلز جنوب كوينزلاند ويشمل مدينتي سيدني وكانبيرا. وفي أقصى جنوب القارة يقع إقليم فيكتوريا الصغير الذي يضم مدينة ملبورن ويقع بالقرب من جزيرة تاسمينيا وهي أكبر الجزر القريبة من أستراليا. وفي شمال وسط القارة يقع إقليم نورثرن تيريتوري الذي يضم مدينة داروين على ساحله الشمالي. وفي جنوب وسط القارة يقع إقليم ساوث أستراليا ويضم مدينة أديلايد. وأخيرا يقع إقليم ويسترن أستراليا في غرب القارة وأهم مدينة فيه هي مدينة بيرث. وتقع أستراليا بين المحيط الهادئ شرقا والهندي غربا وهي أيضا تطل على المحيط الجنوبي.
وتعد أستراليا هي سادس أكبر دولة في العالم من حيث المساحة، واكتشفها بحارة هولنديون في عام 1606، ودخلت بريطانيا في عام 1770 لكي تعلنها مستعمرة وترحل إليها المساجين لتعميرها. ولكن سكان أستراليا الأصليين سكنوها لفترة تزيد على أربعة آلاف سنة قبل وصول الأوروبيين إليها.