جدل بين ديمقراطيي الكونغرس حول الاتفاق النووي.. وتنامي جهود «اللوبيات» الإسرائيلية لعرقلته

لندن تخفف تحذيرات السفر إلى إيران

جون كيري لدى لقائه لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس يوم الخميس الماضي (أ.ب)
جون كيري لدى لقائه لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس يوم الخميس الماضي (أ.ب)
TT

جدل بين ديمقراطيي الكونغرس حول الاتفاق النووي.. وتنامي جهود «اللوبيات» الإسرائيلية لعرقلته

جون كيري لدى لقائه لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس يوم الخميس الماضي (أ.ب)
جون كيري لدى لقائه لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس يوم الخميس الماضي (أ.ب)

بينما دافع عدد من الديمقراطيين في الكونغرس علنًا عن الاتفاق النووي بين إيران والقوات الست، فضّل بعضهم عدم التعليق، أو استعمال عبارات مبهمة وغير واضحة، مثل: «سأصوت حسب ما يريح ضميري» أو «سأصوت بما يخدم الوطن». في الوقت ذاته، قال البيت الأبيض إن الرئيس باراك أوباما «لا يشك مطلقًا في تأييد الديمقراطيين في الكونغرس»، رغم تهديد اللوبي اليهودي القوي بـ«إسقاط كل عضو كونغرس يؤيد الاتفاق».
ونقل تلفزيون «فوكس» اليميني الذي يميل نحو معارضة الاتفاق، أول من أمس، تصريحات لقادة ديمقراطيين في الكونغرس تفيد بأنهم سيصوتون على الاتفاق حسب ما يخدم مصلحة البلاد، لا حسب مصلحة الحزب الديمقراطي، أو الرئيس أوباما.
ومن جانبه، قال السناتور بنجامين كاردين الديمقراطي والممثل لولاية ماريلاند: «ليست هذه مسألة عن الحزب الذي أنتمي إليه، ولا مسألة دعم الرئيس. لطالما سألت نفسي: ما هي مصلحة الوطن في هذه المسألة؟». ويبدو، حسب التقارير الصحافية التي صدرت الأيام الأولى بعد التوقيع على الاتفاق في فيينا، أن قادة الحزب الجمهوري كانوا متأكدين من حصولهم على عدد كاف من الأصوات للتصدي للاتفاق. وذلك بسبب ظهور معارضة قوية ومبكرة خلال المفاوضات النووية في العاصمة النمساوية. ويسعى الجمهوريون إلى الحصول على تأييد 13 من الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، وإجمالي 67 صوتًا لازمًا لإسقاط «فيتو» الرئيس أوباما المؤكد. وأكدت مصادر جمهورية أن ما يقارب 15 عضوًا ديمقراطيًا في مجلس الشيوخ «يظهرون شكوكًا» في الاتفاق. لكن، كان ذلك قبل أن يبدأ أوباما سلسلة اجتماعات في البيت الأبيض، فضلاً عن اتصالات تلفونية مع الديمقراطيين في الكونغرس. كما استبقت تكهّنات الجمهوريين اجتماع وزير الخارجية جون كيري، ووزير الطاقة إرنست مونيز، ووزير الخزانة جاك ليو، بأعضاء الكونغرس الأربعاء الماضي. وفي ظل الجدل العاصف والهجوم الذي بدا منسّقًا من جانب الجمهوريين، وجد بعض الديمقراطيين أنفسهم منحازين إلى الرئيس أوباما وإلى الوزراء الثلاثة الذين كلفهم بإقناع الكونغرس.
وعلى الرغم من ذلك، يظل الجمهوريون على موقفهم، حيث أكد السناتور جون باراسو الجمهوري والممثل لولاية وايومي في تصريح لتلفزيون «فوكس»: «توجد شكوك مشتركة من جانب الحزبين»، في إشارة إلى أن أصوات الديمقراطيين غير مضمونة.
ومن جانبه، قال السناتور توم كوتون (جمهوري، ولاية أركنسا)، وهو محارب سابق في حربي العراق وأفغانستان، لتلفزيون «إن بي سي»، إن الديمقراطيين «لا يمكن أن يقبلوا بثمن الاتفاق، حتى إذا قبلوا بالاتفاق». كما أشار إلى أن «القضية الأهم» هي أن أكثر من 150 مليار دولار كانت مجمدة في دول غربية، ستتاح لإيران حسب بنود الاتفاق. وأضاف: «تظل إيران الراعية الأولى للإرهاب، وتظل الأولى الخارجة عن القانون، وتظل الأولى المناهضة للولايات المتحدة». ثم تساءل: «أي شخص عاقل يظن أن الإيرانيين سيغيرون سلوكهم؟ أقول إن هذا ليس محتملاً، وذلك لأنه، قبل تسع سنوات فقط، كانوا يحاولون قتلي وقتل جنودي (في العراق)».
في المقابل، دافعت السناتور ديان فاينشتاين (ديمقراطية، ولاية كليفورنيا عن الاتفاق، وقالت في تصريحات لتلفزيون «سي بي إس»: «أعتقد أننا نملك فرصة واحدة.. ولا يمكن تجاهل حقيقة أن روسيا والصين والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وقعت جميعها على الاتفاق».
وحذرت فاينشتاين من أن الشركات الأميركية سوف «تخسر كثيرًا» ما إن رفضت الولايات المتحدة الاتفاق، وذلك لأن شركات دول أخرى، خاصة البريطانية منها والفرنسية والألمانية، سوف «تهرول» نحو إيران لعقد صفقات، وتأسس لها فروعًا. وأضافت: «يحتمل جدًا، وبصرف النظر عن تأييد أميركا للاتفاق، أن تنهي هذه الدول عقوباتها تجاه إيران، آجلاً أم عاجلاً». أما صحيفة «وول ستريت جورنال» فأشارت إلى أن جهود البيت الأبيض لإقناع الكونغرس بالموافقة على الاتفاق حققت «نجاحًا صغيرًا بعد نجاح صغير»، وذلك «رغم أن كثيرًا من الديمقراطيين يظلون باقين على الحياد، علنًا على الأقل». أما جريدة «واشنطن بوست»، فأكدت على وجود انقسام وسط يهود أميركا، بين معارضين ومؤيدين ومترددين. وذكرت أن من بين المترددين، واحدة من أكبر المنظمات اليهودية الأميركية، وهي رابطة معاداة التشهير (أي دي إل)، حيث قال رئيسها إبراهام فوكسمان: «قراناه (الاتفاق). لا نؤيده. لكن، يمكن إقناعنا به». وأضاف: «سنقدم سلسلة من الأسئلة لأعضاء الكونغرس، وسنطلب منهم سلسلة من الإجابات. في هذه المرحلة، نحن نعارض. توجد مخاطر كثيرة، وعلامات استفهام كثيرة. في نهاية المطاف، يجب أن يثبت الإيرانيون أننا نستطيع الاعتماد عليهم». كما قال إنه، عكس كثير من نقاد الاتفاق، لا يشكك في دوافع الرئيس أوباما، لكنه يعترض على قول أوباما أنه «إما الاتفاق أو الحرب». وسأل فوكسمان: «هل هذا يعني أن الذين لا يريدون الاتفاق هم دعاة حرب؟» وأجاب: «هذا غير عادل بالنسبة لنا». وقال جيرمي بن عمي، رئيس منظمة «جي ستريت» المعتدلة، إنه يؤيد الاتفاق، لكنه يعي أن «المعركة ستكون تاريخية.. ستكون معركة الجيل». كما قال إن منظمته جمعت ما بين مليوني وثلاثة ملايين دولار لإدارة حملة دعائية في الكونغرس، وفي الإعلام، لصالح الاتفاق.
ومن جانب المعارضين، تتفوق أعداد وإمكانات المنظمات المعارضة للاتفاق في حملتها عن مثيلتها في قسم المؤيدين. وعلى رأس هذه، منظمة العمل السياسي الأميركي - الإسرائيلي (أيباك) التي قالت: «سنبذل كل ما نستطيع لإنقاذ المنطقة، وأصدقائنا، ومصالحنا، من مزيد من الإرهاب الإيراني». ويتوقع أن يرفع المعارضون الإسرائيليون من عدد زياراتهم إلى الولايات المتحدة لتعزيز مجهودات «اللوبي». ويذكر من بين هؤلاء: إسحاق هرتسوغ، زعيم حزب الاتحاد الصهيوني، الذي، رغم أنه في المعارضة، قال إنه سيتعاون مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لوقف ما اعتبره «الاتفاق الخطير».
ومن الجانب البريطاني، خفّفت لندن السبت تحذيراتها للرعايا البريطانيين الذين يريدون السفر إلى إيران، بعد أكثر من أسبوع على توقيع الاتفاق النووي بين طهران والقوى العظمى. وأعلنت وزارة الخارجية البريطانية: «ما زلنا ننصح بعدم زيارة بعض المناطق، ولا سيما الحدود مع العراق وباكستان وأفغانستان. لكننا ألغينا النصيحة السابقة التي كانت تقضي بالامتناع عن السفر إلى معظم أنحاء إيران إلا لسبب وجيه».
ومن جهته، قال وزير الخارجية البريطانية، فيليب هاموند: «نعتقد أن المخاطر تغيرت، ومرد ذلك جزئيًا إلى تراجع العداء مع حكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني».



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.