أمين عام اتحاد المغرب العربي: المنظومة المغاربية في حاجة إلى إصلاح

بن يحيى يقول لـ («الشرق الأوسط») إن المتغيرات الإقليمية تحتم تعاونا فعالا يسرع من وتيرة الاندماج

حبيب بن يحيى الأمين العام لاتحاد المغرب العربي خلال مشاركته في أشغال الدورة الثالثة لمنتدى المقاولين المغاربيين بمراكش (تصوير: عبد الرحمان المختاري)
حبيب بن يحيى الأمين العام لاتحاد المغرب العربي خلال مشاركته في أشغال الدورة الثالثة لمنتدى المقاولين المغاربيين بمراكش (تصوير: عبد الرحمان المختاري)
TT

أمين عام اتحاد المغرب العربي: المنظومة المغاربية في حاجة إلى إصلاح

حبيب بن يحيى الأمين العام لاتحاد المغرب العربي خلال مشاركته في أشغال الدورة الثالثة لمنتدى المقاولين المغاربيين بمراكش (تصوير: عبد الرحمان المختاري)
حبيب بن يحيى الأمين العام لاتحاد المغرب العربي خلال مشاركته في أشغال الدورة الثالثة لمنتدى المقاولين المغاربيين بمراكش (تصوير: عبد الرحمان المختاري)

أقر حبيب بن يحيى، الأمين العام لاتحاد المغرب العربي، بحاجة المنظومة المغاربية إلى التعديل والإصلاح، بعد مرور ربع قرن على إطلاقها. وتمنى بن يحيى، في حديث أجرته معه «الشرق الأوسط»، على هامش انعقاد الدورة الثالثة لمنتدى المقاولين المغاربيين أخيرا في مراكش، أن تنعقد القمة المغاربية في أقرب الأوقات، ملاحظا أن السياق الدولي والمتغيرات الإقليمية تحتم تعاونا فعالا يسرع من وتيرة الاندماج المغاربي. وفيما يلي نص الحديث:
* كيف هو واقع اتحاد المغرب العربي؟ وكيف تقيمون مسار الاندماج والتكامل المغاربي في ظل المتغيرات الدولية والإقليمية الأخيرة؟
- نحن نعيش تبعات المتغيرات الدولية منذ سنوات، انطلقت، على الأقل، مع الأزمة الاقتصادية العالمية التي جاءت من أميركا إلى أوروبا، ثم كان لها وقع سلبي على دولنا ومنطقتنا، كما تزامنت مع الأزمة الأمنية العابرة للحدود، وعودة الإرهاب، وتنامي الفقر والبطالة، وغيرها، الشيء الذي يتطلب منا، نحن المغاربيين، أن نضع اليد في اليد في سبيل تعاون مشترك، يمنحنا فرصة أن نخرج ببرنامج عمل متفق عليه، يمكننا من تسريع الخطى نحو الاندماج والتكامل المغاربي. نتمنى أن يأتي ما تلا «الربيع العربي»، وما تمخض عنه من تغيرات دستورية، بنتيجة ليس فقط على المستوى القطري، بل أيضا على المستوى المغاربي، ومع شركائنا خارج المنطقة.
* ما تعليقكم على «المبادرة المغاربية للتجارة والاستثمار» التي جرى الإعلان عنها رسميا في ختام أشغال الدورة الثالثة من منتدى المقاولين المغاربيين، بمراكش، التي يعول عليها لأن تشكل خريطة طريق من أجل تكثيف التبادل التجاري ورفع مستوى الاستثمار بين البلدان المغاربية الخمسة؟
- نتوقع كل الخير من هذه المبادرة، التي تؤشر إلى أن هناك نضجا في التفكير وضبطا للتحديات ووضوحا في الرؤية بين أعضاء منتدى المقاولين المغاربيين، خاصة أرباب الشركات الذين نعول على أن تكون خطواتهم أسرع في سبيل رفع الشراكة المغاربية - المغاربية، حتى يكون لها وقع على التجارة البينية وعلى التعاون والأمن والاستقرار، أما السياسة فستأتي عندها نتيجة وليس بداية.
* جاءت التوصيات الصادرة عن أشغال منتدى المقاولين المغاربيين، بمراكش، على جانب كبير من الأهمية، ودعت بشكل خاص إلى ضمان حرية تنقل الأشخاص والبضائع والخدمات ورؤوس الأموال وإزالة الحواجز والصعوبات التي تعوق العمليات التجارية البينية. هل أنتم متفائلون بقدرة المغاربيين، كل في موقعه، على تنزيل هذه التوصيات على أرض الواقع في ظل الجمود السياسي؟
- هي توصيات مهمة اتخذت بعد حوار طويل ونقاش. هناك أفكار جديدة، خاصة في قطاعات لم نتمكن من النظر فيها والتعمق في تحليلها في الاجتماعات السابقة. سنعمل من جانبنا، في الأمانة العامة، على الانكباب عليها نقطة نقطة، قبل أن نمررها إلى مجلس الوزراء المختص في كل قطاع، ثم إلى مجلس وزراء الخارجية، وبعد ذلك مجلس رؤساء الحكومات.
* ومجلس الرئاسة؟ متى ستنعقد القمة المغاربية؟
- (مبتسما) ادعُ معنا أن تلتئم في أقرب الأوقات.
* باعتباركم أمينا عاما لاتحاد المغرب العربي، هل ترون أن التعامل مع السياسيين أصعب من التعامل مع الاقتصاديين؟
- لا أقول صعب ولا أقول سهل. لكل اختصاصاته، ومجال اشتغاله. السياسيون لديهم نظرتهم الخاصة للأمور. وقد كنا أخيرا في اجتماع وزراء الخارجية، حيث عملنا على حوصلة كل المحاولات التي يجري القيام بها على مستوى اللجان الوزارية المتخصصة، وتناولنا كل الأفكار وبسطنا مختلف الأوضاع في الدول المغاربية. السياسيون ينظرون نظرة شاملة إلى الأمور، تتناول أوضاع المنطقة وعلاقتنا مع كبار الدول، يرصدون ضعفنا في عدد من القطاعات وإمكانية تقديم بعض القطاعات لبعث شراكة مغاربية، نحن الذين اعتدنا الشراكة مع الأوروبيين، إلى درجة أن نحو 80 في المائة من مبادلاتنا تجرى معهم، فيما لا يتجاوز معدل التجارة البينية بين دولنا ثلاثة في المائة، وهي نسبة تبقى متدنية جدا، مقارنة بالنسب المسجلة على مستوى تجمعات إقليمية أخرى ليست لها مؤهلات وأسباب تكاملنا، حيث يبلغ المعدل 60 في المائة بين دول الاتحاد الأوروبي، و56 في المائة بين دول أميركا الشمالية، و23 في المائة بين دول جنوب وشرق آسيا، و19 في المائة بين دول تجمع الساحل والصحراء. إن من شأن الرفع من مستوى مبادلاتنا وتعاوننا أن يمكننا من كسب نقطتين في سلم التنمية، تنعكس على سوق العمل، الذي سيضمن خلق 40 ألف منصب شغل على مستوى كل دولة مغاربية.
* هناك دعوات لإصلاح المنظومة المغاربية وتفتيت سلطة مجلس الرئاسة بمنح صلاحيات للوزراء ولرؤساء الحكومات.
- فعلا، هذا واقع، وهو موضوع ورش نحن منكبون عليه، ولدينا لجنة مختصة بالمنظومة المغاربية تشتغل منذ سنوات. لدينا مقترحات بشأن تعديل المنظومة المغاربية، في أفق اقتراحها على مجلس وزراء الخارجية، وإن شاء الله، على القمة المغاربية عند انعقادها. نحن نعمل ونشتغل في إطار مسلسل يسعى لأن يركز على نقط القوة ويتجاوز نقاط الضعف التي قد تعتري المنظومة المغاربية، بشكل يخدم تفعيل الاتحاد ويحقق التكامل والاندماج، لما فيه خيرنا جميعا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».