ساركوزي يزرع ألغامًا بين تونس والجزائر وليبيا.. بعد لقائه السبسي وأعضاء حكومته

مليونا سائح جزائري يتراجعون عن زيارة تونس

قائد السبسي لدى استقباله ساركوزي بحضور وزيرته السابقة رشيدة داتي والمستشار الدبلوماسي للرئيس السفير خميس الجهيناوي («الشرق الأوسط»)
قائد السبسي لدى استقباله ساركوزي بحضور وزيرته السابقة رشيدة داتي والمستشار الدبلوماسي للرئيس السفير خميس الجهيناوي («الشرق الأوسط»)
TT

ساركوزي يزرع ألغامًا بين تونس والجزائر وليبيا.. بعد لقائه السبسي وأعضاء حكومته

قائد السبسي لدى استقباله ساركوزي بحضور وزيرته السابقة رشيدة داتي والمستشار الدبلوماسي للرئيس السفير خميس الجهيناوي («الشرق الأوسط»)
قائد السبسي لدى استقباله ساركوزي بحضور وزيرته السابقة رشيدة داتي والمستشار الدبلوماسي للرئيس السفير خميس الجهيناوي («الشرق الأوسط»)

توقعت مؤسسات السياحة ووكالات الأسفار ووسائل الإعلام التونسية والجزائرية، أن يمتنع نحو مليوني سائح جزائري عن قضاء إجازاتهم في تونس خلافا لكل التصريحات التي سبق أن صدرت خلال شهر رمضان المبارك، والتي أعلن خلالها رسميون جزائريون وتونسيون أن السياح الجزائريين سيقبلون بكثافة على تونس فور عطلة الفطر، «تعبيرا عن التضامن مع تونس في معركتها مع الإرهابيين».
وقد حصل هذا «المنعرج» بعد إصدار منشور رسمي جزائري يمنع العسكريين والأمنيين، وعددهم يفوق المليون، من قضاء إجازاتهم في تونس «لأسباب أمنية». وقد ربط المراقبون بين هذا «المنع» والتصريحات «الاستفزازية» التي أدلى بها قبل أيام في تونس الرئيس الفرنسي السابق نيكولاس ساركوزي عن الجزائر وليبيا والإرهاب في المنطقة، وهي تصريحات عارضها غالبية الساسة التونسيين الرسميين والمعارضين والنقابيين. لكن عوض أن تساهم صور تنقلات ساركوزي والوفد الفرنسي الكبير المرافق له بين متاحف تونس وأسواقها في الترويج مجددا للسياحة التونسية في أوروبا ووسائل الإعلام التونسية والعربية، أصبح الجميع يتحدث عن «زرع ألغام بين تونس والجزائر وليبيا وفرنسا» بسبب تصريحات ساركوزي التي اعتبرتها الجزائر وتونس «تدخلا في الشؤون الداخلية للجزائريين» عندما وصف الأوضاع فيها بالغموض ودعا إلى «تدويل الملف الجزائري» و«إحالة ملف مستقبل الجزائر على الاتحاد من أجل المتوسط» في برشلونة.
وتسببت تصريحات ساركوزي في تونس في حملات إعلامية تونسية - جزائرية - ليبية ضده وضد «فرنسا الاستعمارية» كما شبهته بعض وسائل الإعلام في تونس بـ«بونابرت الذي يبحث عن مجد جديد للاستعمار السابق» على الرغم من تخصيص 90 في المائة من كلمة الرئيس الفرنسي السابق لإعلان الدعم لتونس في «مرحلة الانتقال الديمقراطي» التي تمر بها، التي وصفها بـ«التجربة السياسية السلمية النموذجية الناجحة الوحيدة في بلدان الربيع العربي».
كما توجه ساركوزي خلال خطبته في اجتماع نظمه حزب «النداء» الحاكم بانتقادات للزعماء الأوروبيين والغربيين بسبب «تقصيرهم» في دعم تونس اقتصاديا وتنمويا، وفي القضاء على الأسباب العميقة للتطرف والعنف السياسي والإرهاب، ومن بينها المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والبطالة والتهميش واختلال التوازن بين الجهات. ولم يقف ساركوزي عند هذا الحد، بل اعتبر أن «تونس كانت ستكسب معركتي التنمية السياسية والحرب على الإرهاب لو قدم لها الاتحاد الأوروبي 20 في المائة من المبالغ التي قدمها لليونان».
وعلى الرغم من هذه الجوانب الإيجابية في تصريحات ساركوزي الذي طالب الفرنسيين والأوروبيين بزيارة تونس ودعمها، لم يغفر له ساسة تونس والجزائر وليبيا انتقاداته «المبطنة» لساسة الجزائر وليبيا الحاليين. كما ردت عليه أطراف يسارية وأخرى إسلامية بقوة، مذكرة بـ«مسؤولياته في الإطاحة بالنظام الليبي وتوزيع الأسلحة وتدخلات الناتو في ليبيا وسوريا وتخريب الوطن العربي».
وشملت الانتقادات لـ«بونابرت الجديد» بالخصوص أولا، ما اعتبره عدد من الساسة التونسيين والجزائريين، مثل حمة الهمامي زعيم الجبهة الشعبية اليسارية، وراشد الغنوشي زعيم النهضة، وحسين العباسي أمين عام اتحاد نقابات الشغل، خوضا «في الشؤون الداخلية للشقيقتين الجزائر وليبيا»، لا سيما عندما وصف الأوضاع في الجزائر بالغامضة والمعقدة، ودعا إلى «معالجتها» في سياق الاتحاد من أجل المتوسط الذي أسسه ساركوزي، ويعتبر سياسيا في فرنسا وخارجها «ولد ميتا» بخلاف مؤسسات الاتحاد الأوروبي ومسار برشلونة الأورومتوسطي. ثانيا: إصداره تقييمات أمنية وسياسية وصفها البعض بـ«الارتجالية» عندما تحدث عن وجود خطر «داعش» على بعد 100 كلم عن تونس، وعندما اتهم المسؤولين الحاليين، مغاربيا ودوليا، بالتقصير والفشل في الحرب على «داعش» و«الإرهاب» و«البربريين».
لكن ردود الفعل العنيفة على زيارة الرئيس الفرنسي السابق إلى تونس وبعض فقراتها لم تتوقف عند انتقاد «تصريحاته التي أغضبت الجزائر وليبيا وأحرجت تونس»، بل شملت كذلك ساركوزي نفسه: اتهامات عنيفة لساركوزي بسبب تصريحاته عن الجزائر صدرت عن قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل وحركة النهضة في بلاغ وقعه رئيسها راشد الغنوشي شخصيا، إلى جانب بلاغات من عدة أحزاب ومنظمات يسارية صغيرة - مثل الحزب الاشتراكي اليساري بزعامة محمد الكيلاني ونوفل الزيادي - نظم بعضها مسيرة أمام سفارة الجزائر لدى تونس «تضامنا مع الجزائر».
اتهامات متنوعة لساركوزي من بينها تلك التي صدرت عن زعماء اليسار الراديكالي في «الجبهة الشعبية» وبالخصوص عن الناطق الرسمي باسمها حمه الهمامي والنائب القومي زهير المغزاوي. وقد اتهمت تلك الزعامات ساركوزي بالضلوع في «العداء للعرب وفي الإرهاب وبتحمل مسؤولية الحروب الأطلسية والدولية التي تسببت في الحروب الحالية في ليبيا وسوريا، وفي انتشار العنف السياسي ليشمل بلدانا مسالمة مثل تونس». وقد بلغ الأمر بالنائب عن حركة الشعب والقيادي في مجلس أمناء الجبهة الشعبية حد وصف ساكوزي بـ«الإرهابي الذي يرتدي ربطة عنق».
وصدرت تعليقات من داخل حزب النداء ومن ممثلين في البرلمان، مثل الصحبي بن فرج وبشرى بالحاج احميدة، وقد تباينت بين التبرؤ من كون الدعوة وجهت إلى ساركوزي باسم «النداء» وبين اتهام الرئيس الفرنسي السابق بـ«تحمل مسؤولية الخراب والدمار في ليبيا وما تسبب فيه من تشريد ملايين المواطنين الليبيين ودفعهم نحو الاقتتال». وتبرأ أمين عام حزب النداء محسن مرزوق في تصريح إذاعي من «تهمة» دعوته شخصيا لساركوزي والإعلان أن الرئيس الفرنسي السابق جاء إلى تونس في زيارة «رسمية»، وأنه طلب كتابيا زيارة الرسميين التونسيين ولقاء رئيس الدولة قائد السبسي، ورئيس البرلمان محمد الناصر، ونائبه الأول عبد الفتاح مورو.. وقد صدر بعد ذلك بيان رسمي من الحزب بتوقيع السيد محسن مرزوق يتبنى دعوة قسم العلاقات الخارجية في «النداء» لساركوزي. واعتبر هذا البيان «تطمينا» للجانب الجزائري باعتبار «ساركوزي لم يتلق أي دعوة رسمية من رئاسة الجمهورية والحكومة».
وفي المواقع الاجتماعية وبعض وسائل الإعلام التونسية والجزائرية وقع إبراز صورتين زادتا من إزعاج المتحمسين لزيارة ساركوزي: الأولى استقباله من قبل رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي في قصر قرطاج، لكن غاب عن كثيرين أن اللقاء وقع صباحا قبل خطبة ساركوزي بعد الظهر التي تطرقت للجزائر وليبيا بساعات، والثانية لعدد من أعضاء الحكومة التونسية بينهم وزير الداخلية ووزيرة الثقافة يسيران وراء ساركوزي وأمين عام حزب نداء تونس محسن مرزوق خلال جولة الرئيس الفرنسي السابق في الأسواق ونهج جامع الزيتونة وفي متحف باردو. والسؤال الذي فرض نفسه: إذا كانت الزيارة شخصية أو حزبية فلماذا وقع تشريك وزراء في الوفد المرافق له؟ لكن أمين عام حزب نداء تونس نفسه تبرأ في آخر المطاف من تصريحات ساركوزي عن الجزائر واعتبر أنها «لا تلزم إلا صاحبها»، واعتبر أن «الأهم هو المساهمة في إعادة الترويج للسياحة ولصورة تونس: الاعتدال والانفتاح، مهما كانت اختلافاتنا مع ساركوزي وغيره من القادة الأوروبيين». ملف معقد آخر يواجه الرئيس الباجي قائد السبسي وحكومة الحبيب الصيد.. في وقت يغرق فيه البلد في مزيد من المشكلات الاقتصادية.



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.