تنضم وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني إلى الوافدين الأوروبيين إلى طهران الأسبوع المقبل لمناقشة آليات تطبيق بنود الاتفاق النووي الذي أبرم في منتصف الشهر الحالي بين القوى الست وطهران.
وأكد بيان صادر عن مكتب الوزيرة أمس أن موغيريني ستزور السعودية الاثنين، ثم طهران الثلاثاء، لإجراء محادثات حول علاقات البلدين مع الاتحاد الأوروبي والمسائل الدولية ومتابعة تنفيذ الاتفاق. وستلتقي الاثنين عددا من المسؤولين السعوديين، بينهم وزير الخارجية عادل الجبير، لبحث العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والسعودية والوضع في المنطقة بعد توقيع الاتفاق في 14 يوليو (تموز) في فيينا بين إيران ودول مجموعة «5+1» (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا).
كما ستتوجه موغيريني الثلاثاء إلى إيران، حيث ستلتقي وزير الخارجية محمد جواد ظريف، وستتناول محادثاتها بصورة خاصة عملية تطبيق الاتفاق التي ستواصل «لعب دور تنسيقي فيها»، بحسب البيان.
وتسعى دول منطقة الشرق الأوسط للحصول على ضمانات تؤكد التزام إيران بتعهداتها، وهي تعتبر أن الاتفاق الموقع في فيينا سيسمح بتوسيع نفوذ إيران المتهمة بالتدخل في العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين.
ولعب الاتحاد الأوروبي دور الوسيط بين الدول الكبرى الست وطهران خلال المفاوضات التي أفضت إلى هذا الاتفاق الرامي إلى ضمان الطابع السلمي للبرنامج النووي الإيراني. وينص الاتفاق، الذي رحبت به موغيريني معتبرة أنه «إشارة أمل للعالم أجمع»، على رفع تدريجي ومشروط للعقوبات الدولية المفروضة على إيران منذ عام 2006 لقاء ضمانات بعدم حيازة إيران السلاح الذري.
وبدوره، يزور وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إيران الأسبوع المقبل، ويلتقي الرئيس حسن روحاني. ورغم أن فابيوس كان من المتشددين خلال المفاوضات، فإنه نفى أن يكون هذا الموقف الحازم عائقا أمام الشركات الفرنسية الطامحة للعودة إلى السوق الإيرانية.
ومن جهته، قال هاينز فيشر، رئيس النمسا، في بيان يوم أمس، إنه سيزور إيران بين السابع والتاسع من سبتمبر (أيلول) ملتزما بوعد أطلقه قبل أشهر من التوصل إلى اتفاق نووي تاريخي بين طهران والدول الست الكبرى في وقت سابق من هذا الشهر.
وسيرأس فيشر وفدا نمساويا يضم وزيرين ورجال أعمال في زيارته التي تأتي بعد زيارات قام بها كل من وزير الاقتصاد الألماني ومسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي ووزير الخارجية الفرنسي إلى إيران. وكان فيشر، الذي يتولى منصبا شرفيا، قد قبل مبدئيا دعوة لزيارة إيران قبل أكثر من عام. وستكون هذه الزيارة هي الأولى لرئيس غربي إلى طهران منذ سنوات. ويذكر أن النمسا - وهي عضو محايد في الاتحاد الأوروبي - قد شكلت جسرا بين إيران وأوروبا على مدى فترات طويلة.
وفي سياق متصل، عصفت موجة انتقادات بنائب المستشارة الألمانية وزير الاقتصاد سيغمار غابرييل، وهو أول مسؤول غربي كبير يزور طهران بعد إبرام الاتفاق بهدف تعزيز العلاقات الاقتصادية بين ألمانيا وإيران. وبرر سيغمار غابرييل، أمس الخميس، زيارته إلى إيران متحججا بأن مسؤولين أوروبيين آخرين ينوون التوجه إلى هذا البلد قريبا. وقال الوزير الاشتراكي الديمقراطي: «أولا يجب تغليب التواصل على النزاعات. ثانيا، وزير الاقتصاد موجود لخدمة البلاد ومصالحها الاقتصادية»، موضحا أن ممثلي دول أخرى بينها فرنسا يستعدون للتوجه إلى إيران.
وزار غابرييل إيران برفقة وفد من الصناعيين من يوم الأحد الماضي إلى الثلاثاء، وكان بذلك أول مسؤول غربي بهذا المستوى يقوم بهذه الرحلة بعد الاتفاق النووي التاريخي الذي تم التوصل إليه بين طهران والدول الكبرى. ويفترض أن يسمح الاتفاق برفع تدريجي للعقوبات المفروضة على إيران التي تطال اقتصادها خصوصا، مما يفتح أبواب سوق تضم نحو 80 مليون مستهلك وتتمتع بإمكانيات استثمارية كبيرة في قطاعي الطاقة والبنى التحتية.
وأثار اندفاع الوزير الألماني تعليقات حادة من الإعلام الألماني، إذ كتبت صحيفة «فرانكفورتر الغماينه تسايتونغ» أن هذه الرحلة «السريعة بل المتسرعة» هي إشارة أعطيت لطهران بأن «الأوروبيين المبهورين بإمكانيات عقد الصفقات يتجاهلون الأزمات الإقليمية المستمرة حتى بعد الاتفاق».
أما صحيفة «سوددويتشه تسايتونغ» فكتبت أن «الوصول متأخرين ينم عن غباء، لكن الوصول في وقت مبكر جدا ينم عن غباء أكبر».
في المقابل، قال غابرييل إنه «يجب ألا نغفل أنه ما زالت هناك خلافات مع إيران»، مشيرا على وجه الخصوص إلى امتناع طهران عن الاعتراف بإسرائيل. وأضاف: «لكن علينا ألا نتجاهل أن العقوبات لها أسباب أخرى غير الخلافات المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني».
وأكد إيريك شفايتزر، رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة الألمانية، الذي رافق غابرييل في رحلته، أن وزير الاقتصاد «تحدث بإلحاح حول إسرائيل» مع كل محادثيه، و«عن حقوق الإنسان». كما وصف هذه الزيارة بأنها «خطوة أولى في طريق طويل»، يفترض أن تسمح لألمانيا التي كانت لفترة طويلة شريكا تجاريا مميزا لإيران، بعقد صفقات من جديد في هذا البلد.
ومع ترقب رفع العقوبات، يطمح الصناعيون الغربيون إلى دخول السوق الإيرانية والاستثمار فيها. وكانت مجموعات صناعية ألمانية وفرنسية قد أبدت اهتماما مبدئيا بالسوق الإيرانية، على غرار مجموعة «سيمنز» الصناعية، وبعض الشركات الفرنسية الكبرى مثل شركتي «بي إس إيه بيجو سيتروين» و«رينو»، ومجموعة «توتال» النفطية. كما أعلنت شركة «ساراس» الإيطالية لتكرير النفط، الخميس، على لسان مديرها العام داريو اسكافاردي، أنها على اتصال بإيران، وأنها «ستكون مستعدة لاستئناف استيراد الخام الإيراني حالما ترفع العقوبات عن طهران». وأكد اسكافاردي أن «إيران ستعود إلى السوق بنهاية العام، وأنها استخدمت الوقت الذي كانت فيه خارج سوق النفط بحكمة، حيث إنها قادرة على أن تضيف مليون برميل يوميا إلى المعروض في السوق على الفور عندما ترفع العقوبات».
وبحسب صندوق النقد الدولي، فإن الصين وكوريا الجنوبية هما حاليا المصدران الأساسيان لإيران، في حين تأتي فرنسا في المرتبة السابعة خلف ألمانيا وإيطاليا في ما يتعلق بالدول الأوروبية.
موغيريني وفابيوس يناقشان آليات تطبيق الاتفاق النووي في إيران الأسبوع المقبل
مسؤولون أوروبيون كبار يواجهون انتقادات حادة للتسرع في زيارة طهران
موغيريني وفابيوس يناقشان آليات تطبيق الاتفاق النووي في إيران الأسبوع المقبل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة