تقرير مصري: «داعش» سعى إلى استقطاب قيادات عسكرية واستخباراتية تحت رايته

تضم شخصيات يمتلكون معلومات خطيرة حول مواقع حساسة في بلدانهم

تقرير مصري: «داعش» سعى إلى استقطاب قيادات عسكرية واستخباراتية تحت رايته
TT

تقرير مصري: «داعش» سعى إلى استقطاب قيادات عسكرية واستخباراتية تحت رايته

تقرير مصري: «داعش» سعى إلى استقطاب قيادات عسكرية واستخباراتية تحت رايته

كشف تقرير مصري عن سعي تنظيم داعش المتطرف إلى استقطاب قيادات أمنية وعسكرية واستخباراتية للانضمام تحت رايته. وذكر التقرير الذي أعده مرصد الفتاوى التكفيرية بدار الإفتاء في مصر، أن «التنظيم يسعى لمحاولة التأثير على بعض هذه القيادات لتقديم الدعم اللوجستي إلى (داعش) لكي تتحول لمرحلة جديدة، وهي القدرة على التأثير في تغيير الأوضاع السياسية».
وقال الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتي مصر، لـ«الشرق الأوسط»، إن «التقرير يؤكد أن هذه القيادات التي يسعى لها (داعش) هي من عدد من الدول العربية، خاصة من سوريا والعراق واليمن»، لافتا إلى أن «هذه الشخصيات، التي تحدث عنها التقرير وتم رصدها، لا توجد في الخدمة حاليا، بل قيادات سابقة، ويتم استقطابهم للحصول على المعلومات والخبرات الأمنية والعسكرية الكبيرة المتوفرة لديهم».
وكانت دار الإفتاء قد أنشأت مرصدا لفتاوى التكفير والآراء المتشددة للرد عليها بطريقة علمية منضبطة قصد مواجهة الإرهاب الذي يجتاح العالم، وقد أشارت الدار في تقريرها، الذي أطلقت عليه «إرهابيون: قراءة تحليلية في فكر الجماعات الإرهابية» أن «أولوية (داعش) في الوقت الراهن هي اتباع سياسة مد النفوذ، واكتساب أكبر قدر من الأراضي لبسط سيطرتها عليها، حتى لو جاء ذلك على حساب قتال التنظيمات الأخرى، التي قد تتلاقى معها في بعض الغايات، وهذا ما ظهر جليا في محاربة (داعش) لبعض الفصائل والكتائب الأخرى؛ لأنها تتصور نفسها دولة قائمة بذاتها، وقد اتضح ذلك في الحالة السورية».
وبهذا الخصوص قال مستشار مفتي مصر، إن «التقرير يكشف عن استراتيجية عمل (داعش) لتقوية صفوفها، والتي تقوم على تحقيق مجموعة من الأهداف التي تفرض بها قوتها؛ ومنها استقطاب مقاتلين من الأجانب، وليس من العرب، وذلك بفضل سهولة تجنيدهم واستخدام أوراقهم الثبوتية وسهولة تنقلهم؛ ومنها أيضا إعداد أطر بالدول العربية قادرة على القيام بأعمال انتحارية بعيدا عن أرض معاركها بهدف تحقيق أكبر قدر من الفوضى داخل أراضي باقي الدول المستقرة، وإشغالها عن محاربة (داعش)، وقد يقدم هذا مبررا لما يحدث في مصر في الآونة الأخيرة».
من جانبه، لم يستبعد اللواء طلعت مسلم، الخبير الأمني والاستراتيجي بمصر قيام «داعش» بضم قيادات عسكرية وأمنية سابقة تحت لوائه، بقوله: «إنها تبحث عن المعلومات والخبرة لتأكيد سيطرتها على مساحات أكبر خلال الفترة المقبلة». وأضاف موضحا: «لابد من التدخل لمنع (داعش) من استكمال هذا المخطط، الذي قد يكلف المنطقة العربية كثيرا، وخاصة أن هذه الشخصيات مدربة وتمتلك الخبرة ومعلومات خطيرة حول عدد من الدول، بحكم عمل هذه القيادات في مواقع حساسة ومهمة».
وأكد تقرير دار الإفتاء أيضا، أن «من أسباب قوة (داعش) هو عنصر التمويل، الذي يعد سابقة في تاريخ التنظيمات المتطرفة، إذ لم يحظَ أي تنظيم آخر بهذا الدعم من قبل لافتقاده بيئة تمويلية خاصة به؛ وتهريب النفط وتجارة الرهائن يعدان من أبرز عائدات التنظيم، بعد أن بسط (داعش) نفوذه على مناطق النفط والغاز التي تغطي كافة نفقاته، والتي تباع في دول مجاورة وبأسعار تنافسية وتشجيعية، في الوقت الذي تقيد فيه القوانين الدولية لمكافحة تمويل مثل هذه التنظيمات المتطرفة، وبالتالي فإن هذه التنظيمات تضمن لنفسها تفوقا استراتيجيا على أرض الواقع».
كما لفت التقرير إلى أن الأمر لم يعد يقف عند بيع النفط للحصول على الأموال الخاصة بالتنظيم، بل تطور إلى تعدد روافد التمويل من خلال عمليات الخطف وطلب الفدية للحصول على الأموال، ولجوء «داعش» إلى وسائل تحويل الأموال التي يصعب ملاحقتها قانونيا، خاصة في البلدان الإسلامية، والتي يمكنهم الحصول عليها باستخدام وسطاء من دول مجاورة.. لذلك فإن هذا الدعم المادي الضخم ضمن لها القوة التي تجعلها تمكث فترة كبيرة أمام التحالفات الدولية؛ لكن بمجرد انقطاع هذه الدعم وتجفيف منابعه يمكن القضاء عليهم في وقت قصير جدا، حسب واضعي التقرير.
ولمح مصدر أمني مصري لـ«الشرق الأوسط» أمس، إلى أن «الإغراء المادي هو الذي يدفع بعض هذه القيادات الأمنية والاستخباراتية في هذه الدول للانضمام إلى (داعش)، وليس الاقتناع بأهداف ومبادئ التنظيم وأغراضه التوسعية».
وأطلقت دار الإفتاء على «داعش» اسم «دولة المنشقين عن (القاعدة) في العراق والشام»، في حملة دولية أعلنتها منتصف أغسطس (آب) الماضي، كما دشنت الدار صفحة على «فيسبوك» للرد على شبهات التنظيم، وأفتت بأن ما يقوم به «داعش» من ترويع للآمنين وتدمير للممتلكات العامة والخاصة ونهبها، لا يمت للإسلام بصلة.
وكشف التقرير المصري عن أن تلك التنظيمات تعتمد في تحقيق مكاسبها وبسط سيطرتها على بعض المدن والبلدان على اللعب على وتر الصراعات والنزاعات الآيديولوجية والطائفية والمذهبية؛ بل والعشائرية، والتي كانت سببا في سيطرتها على مساحات كبيرة من الأراضي السورية والعراقية من خلال تنظيم داعش؛ بل إن ذلك ضمن له حرية الاتصال والتواصل بين المناطق التي يسيطر عليها، وشكل جغرافية سياسية خاصة به للانطلاق لدول أخرى لا تقل أهمية عن تلك التي تقع تحت سيطرته؛ وقد ترجم ذلك من خلال العمليات النوعية التي تمثلت في تفجير المساجد الشيعية والكنائس والمعابد والأضرحة والمقامات وغيرها.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.