القوات العراقية تستعيد منطقتين شمال شرقي الرمادي تبعدان كيلومترين عن مركزها

تضارب حول هويات ضحايا قصف حكومي على الفلوجة

شاحنتان تابعتان لتنظيم داعش دمرتا في قصف لطيران التحالف الدولي في منطقة الطاش جنوب الرمادي (أ.ب)
شاحنتان تابعتان لتنظيم داعش دمرتا في قصف لطيران التحالف الدولي في منطقة الطاش جنوب الرمادي (أ.ب)
TT

القوات العراقية تستعيد منطقتين شمال شرقي الرمادي تبعدان كيلومترين عن مركزها

شاحنتان تابعتان لتنظيم داعش دمرتا في قصف لطيران التحالف الدولي في منطقة الطاش جنوب الرمادي (أ.ب)
شاحنتان تابعتان لتنظيم داعش دمرتا في قصف لطيران التحالف الدولي في منطقة الطاش جنوب الرمادي (أ.ب)

سيطرت القوات الأمنية المشتركة العراقية أمس على منطقة عند الطرف الشمالي الشرقي من الرمادي، مركز محافظة الأنبار، بعد معارك ضارية مع تنظيم داعش قتل فيها أحد قادة التنظيم المتطرف البارزين.
وقال رئيس مجلس قضاء الخالدية علي داود، إن القطعات العسكرية دخلت إلى منطقتي الحامضية والبوعيثة، مضيفا في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن القطعات العسكرية حررت المنطقتين وأن المعارك أسفرت عن مقتل القائد العسكري للتنظيم في الحامضية والقيادي البارز في التنظيم الذي يدعى إبراهيم رشيد أبو ذعيان، مشيرا إلى أن «القوات الأمنية اعتقلت أحد المنتمين للتنظيم وهو وعد حكمت طلال شيخ عشيرة الملاحمة في الرمادي، أثناء محاولته الهروب من الحامضية».
وأشار داود إلى أن «القوات الأمنية مستمرة في تقدمها نحو مدينة الرمادي وأنها أحرزت تقدما باتجاه منطقة البوفرّاج شمال شرقي الرمادي وأجبر هذا التقدم عناصر تنظيم داعش على الانسحاب من المنطقة، فيما أحكمت القوات الأمنية الطوق على جميع المحاور المؤدية إلى مدينة الرمادي، استعدادا لبدء التوغل في المناطق التي يسيطر عليها داعش في مركز المدينة».
وتعد منطقة البوعيثة والحامضية من المناطق الاستراتيجية المشرفة على مدينة الرمادي وتكتسب أهمية المنطقتين بسبب وجود الخط الدولي البري السريع الرابط بين الأنبار وباقي محافظات العراق والذي يربط العراق بالحدود مع السعودية وسوريا والأردن، وكذلك لقربهما من وسط مدينة الرمادي حيث تبعد منطقة البوعيثة عن مركز مدينة الرمادي كيلومتيرن فقط ويربطهما جسر على نهر الفرات.
وفي مدينة الفلوجة، 50 كلم شرق الرمادي، كشف مصدر في قيادة عمليات الأنبار، عن مقتل سبعة من قادة تنظيم داعش بقصف مدفعي، وسط المدينة. وقال المصدر، إن «وحدة الصواريخ والميدان التابعة للجيش العراقي تمكنت من تحديد مقر لتنظيم داعش في حي نزال، وسط الفلوجة، وتم قصفه بالصواريخ والمدفعية وبدقة عالية، مما أسفر عن مقتل سبعة من قادة مجلس التنظيم الإرهابي». وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن «خمس عجلات مصفحة كان يستقلها قادة التنظيم تم تدميرها مع تفجير مخبأ كبير للأسلحة والصواريخ ومخزن للوقود في المكان ذاته».
وأكد المصدر استكمال المرحلة الأولى من عمليات محاصرة مدينة الفلوجة بعد المعارك التي خاضتها القوات الأمنية العراقية المشتركة ضد تنظيم داعش وتكبيده خسائر فادحة، وفرض طوق خانق على المدينة تمهيدا لاقتحامها خصوصًا مع وجود تنسيق مع أبناء العشائر في المناطق للمشاركة في عمليات تحرير الفلوجة، حيث ستوكل إليهم مهام وأهداف مرسومة، مضيفا: «قواتنا فتحت ممرات آمنة لغرض فسح المجال أمام الأهالي من المدنيين العزل للخروج من المدينة وتجنيبهم المخاطر».
وفي سياق متصل، تضاربت الأنباء بشأن نتائج القصف الجوي الذي يشنه الجيش العراقي على مواقع تنظيم داعش في الفلوجة. وأعلنت إدارة مستشفى الفلوجة التعليمي عن مقتل 9 أشخاص وإصابة 12 آخرين في قصف القوات الحكومية العراقية على المدينة. وقال الدكتور أحمد الشامي، رئيس الأطباء المقيمين في المستشفى، إن المستشفى استقبل صباح أمس «تسع جثث لمواطنين، بينهم طفل وامرأتان، و12 جريحا، بينهم أربعة أطفال وثلاث نساء، سقطوا إثر تعرض منازلهم لقصف بقذائف الهاون».
في المقابل، ذكرت مصادر أمنية مطلعة أن الطيران العراقي استهدف في الفلوجة مواقع لتنظيم داعش، مؤكدا أن من قتل وجرح جراء الغارة الجوية هم من عناصر التنظيم وليسوا من المدنيين. وقال مصدر أمني في الأنبار، إن «عمليات القصف على مدينة الفلوجة وأطرافها توقفت بشكل كامل وذلك لإعطاء فرصة لخروج أكبر عدد ممكن من المدنيين للمناطق الغربية الآمنة». وأضاف المصدر أن «عصابات (داعش) اتخذت من المئات من الأسر في الفلوجة دروعا بشرية لتجنب القصف على مواقعهم وأماكن وجودهم بالإضافة إلى انه تعمد على قصف مناطق وجود القوات الأمنية المحيطة بالمدينة من داخل الأماكن المأهولة بالسكان حتى تقول إن القوات الأمنية تقصف المدنيين في المدينة». وأكد المصدر أن «هنالك الكثير من المدنيين يقومون بتقديم المساعدة عبر الاتصال بالقوات الأمنية وإعطاء إحداثيات عن وجود عصابات داعش في المدينة، وأيضا قيام عدد منهم باستهداف نقاط التفتيش التابعة لهم داخل المدينة». وأشار إلى أن «عملية تحرير مدينة الفلوجة ما زالت قائمة، إلا أن القوات الأمنية ارتأت إيقاف القصف والتقدم لحين خروج أكبر قدر ممكن من المدنيين».
وفي ناحية البغدادي، 90 كلم غرب الرمادي، أعلن الشيخ مال الله العبيدي، رئيس المجلس البلدي للناحية، عن موافقة وزارة الداخلية العراقية على ضم 500 مقاتل من أبناء ناحية البغدادي وقضاء حديثة.
وقال العبيدي لـ«الشرق الأوسط» إن «من المقرر أن تبدأ تدريبات المتطوعين في قاعدة عين الأسد مطلع الأسبوع المقبل، تمهيدا لتشكيل فوجين من قوات الشرطة الاتحادية يشاركان في تحرير مدينة هيت والمناطق المحيطة بناحية البغدادي وقضاء حديثة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.