المعارضة السورية تخفف الضغط العسكري عن الزبداني

قصف بلدات شيعية في الشمال وفتح معركة شرق المدينة.. ومعركة القنيطرة قريبًا

صورة وزعتها وكالة «سانا» الرسمية بعد انطلاق الهجوم العسكري للنظام وحزب الله على الزبداني في الأسبوع الأول من الشهر الحالي (إ.ب.أ)
صورة وزعتها وكالة «سانا» الرسمية بعد انطلاق الهجوم العسكري للنظام وحزب الله على الزبداني في الأسبوع الأول من الشهر الحالي (إ.ب.أ)
TT

المعارضة السورية تخفف الضغط العسكري عن الزبداني

صورة وزعتها وكالة «سانا» الرسمية بعد انطلاق الهجوم العسكري للنظام وحزب الله على الزبداني في الأسبوع الأول من الشهر الحالي (إ.ب.أ)
صورة وزعتها وكالة «سانا» الرسمية بعد انطلاق الهجوم العسكري للنظام وحزب الله على الزبداني في الأسبوع الأول من الشهر الحالي (إ.ب.أ)

حركت فصائل المعارضة السورية ملف هجوم مقاتلي حزب الله اللبناني والقوات النظامية السورية على بلدة الزبداني، بإطلاق هجوم معاكس من الجهة الشرقية للمدينة، وقصف أربع بلدات شيعية في الشمال، بهدف تخفيف الضغط عن الزبداني بريف دمشق الغربي، وسط معلومات عن تحضيرات لفتح معركة في القنيطرة في جنوب سوريا أيضًا.
وأعلن مقاتلو المعارضة أمس، أنهم نفذوا هجومًا مباغتًا ليل الاثنين - الثلاثاء، أسفر عن السيطرة على ثلاثة حواجز في الجبل الشرقي المحاذي لبلدة بلودان: «واغتنام ما فيها وتدمير دبابتين وقتل الكثير من قوات الأسد والميليشيات الطائفية ولا يزال التقدم مستمرًا»، بحسب ما أفاد ناشطون. في حين، شهدت مدينة الزبداني قصفًا عنيفًا من الطيران والمدفعية والصواريخ، حيث «استهدف الطيران المروحي أحياء المدينة بأكثر من 28 برميلاً متفجرًا إضافة إلى أكثر من خمسة صواريخ فراغية من الطيران الحربي، فيما انهالت عشرات القذائف على أحياء المدينة منذ ساعات الفجر الأولى».
بدوره أكد «المرصد السوري» تحقيق قوات المعارضة تقدمًا في الجبل الشرقي، لافتًا إلى «معلومات عن استهداف آليات تابعة لحزب الله اللبناني وقوات النظام في المنطقة».
وقال مصدر معارض بارز في الجبهة الجنوبية لـ«الشرق الأوسط»، إن فصائل المعارضة في الجنوب، اتخذت قرارًا أول من أمس، بتخفيف الضغط العسكري عن الزبداني، ومؤازرتها، عبر فتح معارك أخرى: «بهدف إشغال قوات حزب الله والقوات النظامية»، مشيرًا إلى أن أحد الخيارات المطروحة «يتمثل في فتح معركة في القنيطرة» جنوب سوريا، التي يتمتع فيها حزب الله بحضور عسكري، بعد مشاركته في المعركة التي أفضت إلى استعادة نظام الرئيس السوري بشار الأسد مواقع عسكرية في مثلث جنوب دمشق - القنيطرة - درعا، في فبراير (شباط) الماضي.
وأشار المصدر إلى أن التواصل بين أفرقاء المعارضة في الجنوب، قضى أيضًا بدفع «جبهة النصرة» بتعزيزات عسكرية إلى الزبداني، بهدف المساعدة «لفك الحصار عنها، وتخفيف ضغط العمليات، وتقليص القصف على أحيائها»، لافتًا إلى أن «العمليات ضد القوات المهاجمة، ستتوسع لمنع النظام من السيطرة على الزبداني».
وتتصدر قوات من حزب الله اللبناني، طليعة الهجوم على مدينة الزبداني بريف دمشق الغربي، الحدودية مع لبنان.
وتزامن قرار المعارضة في الجنوب، مع حراك عسكري موازٍ في الشمال، وسط غياب معلومات عن تنسيق بين الطرفين، حيث شنت قوات المعارضة هجومًا مدفعيًا وصاروخيًا ضد أربع بلدات تسكنها أغلبية شيعية، بهدف الضغط على حزب الله لإيقاف هجومه ضد الزبداني، كما قال معارضون أمس.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس، بمقتل سبعة أشخاص، الاثنين، في أكثر من 300 قذيفة محلية الصنع صاروخية ومدفعية سقطت على بلدتي الفوعة وكفريا في محافظة إدلب في شمال غربي البلاد. ولم يعرف، بحسب المرصد: «ما إذا كان الضحايا مدنيين أم من عناصر قوات الدفاع الوطني» الذين يقاتلون في البلدتين. وأشار إلى «اشتباكات لأكثر من ثماني ساعات متواصلة في محيط البلدتين» حاول خلالها مقاتلون من فصائل إسلامية وجبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) دخول البلدتين.
وقال المرصد إن الفصائل الإسلامية وجبهة النصرة استأنفت أمس «استهداف مناطق في الفوعة وكفريا» ذات الغالبية الشيعية، بينما نفذ الطيران الحربي السوري أربع غارات على مناطق في محيط البلدتين.
وكانت عائلات متحدرة من الفوعة وكفريا موجودة في ضاحية السيدة زينب قرب دمشق، تظاهرت الاثنين، مطالبة بحماية سكان الفوعة وكفريا، حيث قطعوا الطريق الواصل إلى مطار دمشق الدولي مطالبين حزب الله اللبناني بإرسال دعم للدفاع عن البلدتين.
من جهتها، أصدرت «غرفة عمليات حلب» التي تضم مجموعة من الفصائل أبرزها حركة نور الدين الزنكي ولواء الحرية ولواء صقور الجبل، بدورها أمس، بيانا أعلنت فيه استهداف ثكنات القوات النظامية «والميليشيات الإيرانية في معسكري نبل والزهراء نصرة لأهلنا في الزبداني»، متوعدة بتكثيف الحملة. وأكد المرصد السوري سقوط أكثر من 160 قذيفة أول من أمس على البلدتين الواقعتين في محافظة حلب، ما تسبب بمقتل شخص والكثير من الجرحى.
ويقتصر وجود الشيعة في الشمال على بلدتي نبل والزهراء في ريف حلب الشمالي، وكفريا والفوعة في ريف إدلب. وتحاصر قوات المعارضة البلدات الأربعة، وغالبًا ما تندلع اشتباكات في محيطها. ويقول ناشطون سوريون إن عناصر من حزب الله اللبناني، موجودة في نبل والزهراء، وتخوض المعارك إلى جانب القوات السورية النظامية.
ويقيم في كفريا والفوعة نحو 20 ألف شخص، معظمهم مدنيون، يشكلون جزءًا من سكان البلدتين، إضافة إلى نازحين لجأوا إليها بعد معارك في مناطق محيطة، فضلاً عن مقاتلين مؤيدين للنظام.
وقال نائب «محافظ مدينة حلب الحرة» منذر سلال لـ«الشرق الأوسط»، إن الهجوم على نبل والزهراء: «جاء عفويًا نتيجة ضغوط شعبية، بينما كان الهجوم على الفوعة وكفريا مقررًا»، مشيرًا إلى أن الهجمات بريف حلب «هي بمثابة الإعلان عن تضامن مع أهالي الزبداني».
وأشار سلال إلى أن أولويات قوات المعارضة، كانت «استكمال الهجمات على مواقع النظام في مدينة حلب، قل أن تطرأ قضية الزبداني»، مضيفًا: «العمليات العسكرية ضد البلدات الأربع، لا تزال مقتصرة على القصف بمدفع جهنم والصواريخ».
وتحدث سلال عن «إرسال رسائل للنظام، لإيقاف الهجوم على الزبداني مقابل إيقاف القصف على البلدات الشيعية الأربعة في الشمال»، لافتًا في الوقت نفسه إلى أن بيانات إعلان المعركة في كفريا والفوعة ونبل والزهراء في الشمال، وأوضح بأنها رد على عملية الزبداني. وقال إن المقاتلين المعارضين «يعرفون أن مدنيين يسكنون أيضًا في كفريا والفوعة، وهو ما منعهم من دخولها بعد السيطرة على إدلب وجسر الشغور وأريحا ومعسكر المسطومة» قبل ثلاثة أشهر.
وبدأت قوات النظام وحزب الله اللبناني في الرابع من يوليو (تموز) الحالي، هجوما على مدينة الزبداني، آخر مدينة في المنطقة الحدودية مع لبنان لا تزال بيد المعارضة، يترافق مع قصف جوي عنيف. وتسببت المعارك المتواصلة بمقتل نحو سبعين مقاتلا من الطرفين. وتحاصر قوات النظام الزبداني منذ عام 2013.
إلى ذلك، طالبت وزارة الدفاع وهيئة الأركان في الحكومة السورية المؤقتة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، بالخروج عن صمته تجاه ما يجري في سوريا منذ ما يقارب الخمس سنوات من جرائم ممنهجة يرتكبها نظام الأسد بحق المواطنين، وجاء ذلك في بيان لوزير الدفاع سليم إدريس.
واعتبر إدريس أن ما تتعرض لها منطقة الزبداني خصوصًا وغيرها من مناطق سوريا، غزو خارجي إيراني، ينفذ بشكل واضح ومفضوح من قبل قوى إرهابية تقودها إيران وعملاؤها ضد الشعب السوري بالتعاون مع نظام الإجرام في دمشق، كما طالب مجلس الأمن الدولي بتحمل كامل مسؤولياته القانونية في وضع حد لجرائم النظام الإيراني والميليشيات التي تدعمها.
وأوضح إدريس أن منطقة الزبداني تتعرض منذ ما يزيد على أسبوعين إلى هجمة شرسة من قبل قوات النظام المجرم، مدعومة بالمرتزقة الإرهابيين من إيران وحزب الله الإرهابي وعناصر من لواء ذو الفقار الطائفي وغيرهم من عصابات التشبيح والإجرام، مضيفًا أن تلك الهجمات تترافق بغارات مكثفة لطيران النظام ومروحياته على المنطقة، حيث بلغ عدد البراميل المسقطة على البلدة أكثر من 600 برميل و300 صاروخ من مختلف الأنواع، وذلك بالتزامن مع استخدام الأسلحة البعيدة المدى.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.